مصر: «مجموعات الغش» تعود مجدداً لامتحانات «الثانوية»

زعمت تسريب امتحاني «الإحصاء» و«الاقتصاد»... ووزارة التعليم تحقق

وزير التربية والتعليم المصري رضا حجازي داخل غرفة عمليات متابعة الامتحانات (التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري رضا حجازي داخل غرفة عمليات متابعة الامتحانات (التربية والتعليم)
TT

مصر: «مجموعات الغش» تعود مجدداً لامتحانات «الثانوية»

وزير التربية والتعليم المصري رضا حجازي داخل غرفة عمليات متابعة الامتحانات (التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري رضا حجازي داخل غرفة عمليات متابعة الامتحانات (التربية والتعليم)

عادت مجدداً «غروبات الغش» عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر إلى المشهد مع امتحانات الثانوية العامة، في وقت شددت فيه وزارة التربية والتعليم المصرية من إجراءاتها لمنع تسريب الامتحانات.

وادعت «مجموعات»، اليوم الأربعاء، تسريب امتحاني «الإحصاء» و«الاقتصاد»، فيما أكدت وزارة التعليم التحقيق في الواقعة. وجهزت الوزارة غرفة عمليات مركزية بمقرها في العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة) لـ«رصد صفحات ومجموعات الغش الإلكتروني على تطبيقات التواصل الاجتماعي»؛ حيث تتولى الغرفة إبلاغ الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، مع توافر قاعدة بيانات متكاملة لجميع المشاركين في اجتياز الامتحانات.

وبدأت امتحانات «الثانوية» الممهدة للتعليم الجامعي، الاثنين الماضي، باختبارات المواد غير المضافة للمجموع النهائي، وتستأنف عقب إجازة عيد الأضحى، من 20 يونيو (حزيران) الحالي وحتى 20 يوليو (تموز) المقبل. ويبلغ عدد الطلاب المتقدمين لأداء الامتحانات في «الثانوية» 745086 طالباً وطالبة، موزعين على الشعبتين العلمية والأدبية.

وزعم القائمون على مجموعات الغش، أو ما يصطلح عليه «غروبات الغش»، قدرتهم على تسريب الامتحانات رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية، فيما تدوولت بالفعل إجابات نموذجية على نطاق واسع، اليوم الأربعاء. لكن أنباء التسريبات تم نفيها من طرف المتحدث الرسمي باسم وزارة «التربية والتعليم»، شادي زلطة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن ما حدث «اقتصر على تداول لورقة الأسئلة الخاصة بامتحان الاقتصاد، بعد مرور أكثر من نصف وقت الامتحان»، مشيراً إلى أن الطلاب الذين قاموا بتصوير ورقة الامتحان «جرى ضبطهم بعد وقت قصير، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية».

جانب من أعمال مراقبة امتحانات "الثانوية" بمصر (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وخلال السنوات السابقة، أعلنت «التربية والتعليم» خططاً لمواجهة «الغش»، منها تركيب كاميرات مراقبة باللجان، وتقديم بلاغات للنيابة العامة بتهمة «الغش والإخلال بالامتحانات». أما هذا العام فقد اتخذت الوزارة مجموعة من الإجراءات المشددة للتصدي لـ«الغش»، من بينها تفتيش الطلاب خارج وداخل لجان الامتحانات (بالعصا الإلكترونية)، وكذا مراقبة اللجان بالكاميرات، ومنع اصطحاب الطلاب أجهزة إلكترونية داخل اللجان.

وأضاف زلطة موضحاً أن الطالب الذي يتم ضبطه في أثناء تصوير ورقة الامتحان، بعد تسلمها من المراقبين داخل اللجان الامتحانية «يجري إثبات الواقعة بحقه وإحالته للتحقيق، مع السماح له بتأدية باقي الامتحانات، وانتظار الإجراءات التي ستصدر بعد التحقيقات، والتي تصل إلى حرمانه من المادة، التي حاول تصوير ورقتها، والفصل عامين، وفق القانون المصري».

وبحسب بيان «التربية والتعليم»، اليوم الأربعاء، فإن «تداول» ورقة امتحان الاقتصاد جرى من خلال طالب بمحافظة الشرقية (دلتا مصر)، فيما جاء «تداول» امتحان «الإحصاء» من خلال طالبين في محافظتي كفر الشيخ (دلتا مصر) والقليوبية (المجاورة للقاهرة)، كما تم ضبط الجوّالات المستخدمة في تصوير الامتحانين.

وتظل «الثانوية» مرحلة فارقة في التعليم المصري، في ظل الاعتماد بشكل رئيسي على مجموع الدرجات من أجل التأهيل للجامعات المصرية.

وأكد متحدث وزارة التربية والتعليم «استمرار أعمال الرقابة بشكل صارم على جميع اللجان الامتحانية بمختلف أنحاء البلاد»، مشيراً إلى «قدرة الوزارة على الوصول بشكل سريع لمصدر تسريب، أو نشر أي ورقة من أوراق الامتحانات، في ظل إجراءات التأمين المشددة، المتبعة للحفاظ على سرية أسئلة الامتحانات».


مقالات ذات صلة

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

شمال افريقيا مقر دار الإفتاء المصرية (دار الإفتاء)

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

يناقش مؤتمر دولي لدار الإفتاء المصرية «مكافحة التطرف وخطاب الكراهية» وينطلق الاثنين لمدة يومين بأحد فنادق القاهرة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة.

أحمد عدلي (القاهرة)

هل يستمر الجيش السوداني برفض التفاوض إرضاءً لحلفائه دُعاة الحرب؟

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
TT

هل يستمر الجيش السوداني برفض التفاوض إرضاءً لحلفائه دُعاة الحرب؟

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)

دأب الجيش السوداني على رفض العودة للتفاوض مع «قوات الدعم السريع»، تحت ذريعة عدم التزامها بنص المادة (1/ج) من «إعلان جدة الإنساني» في 11 مايو (أيار) 2023، التي نصت على إخلاء المراكز الحضرية بما في ذلك «مساكن» المدنيين، واشترط تنفيذها قبل العودة لأي تفاوض، متجاهلاً جلوسه مع «الدعم» فيما عُرف بـ«جدّة 2» وتوقيعه معها بيان التزامات. فهل بالفعل ينطلق الجيش من موقف مبدئي أو يتخذ تلك المسألة ذريعة للتنصل من التفاوض إرضاء لأنصار استمرار الحرب؟

فمنذ بادرت وزارة الخارجية الأميركية في 23 يوليو (تموز) الجاري إلى دعوة الطرفين للعودة للتفاوض، في 14 أغسطس (آب) المقبل في جنيف، استعاد أنصار الجيش وتنظيمات الإسلاميين وحزب «المؤتمر الوطني»، نغمة الضغط على الجيش لرفض المشاركة في المفاوضات المزمعة.

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)

جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ توقيع إعلان جدة الإنساني، ووقتها كانت الحرب تدور في العاصمة الخرطوم فقط، أما لحظة إعلان المبادرة الأميركية فقد اتسع نطاقها ليشمل معظم ولايات البلاد ما عدا خمساً من ثماني عشرة ولاية، وسيطرت «الدعم السريع» على عدد كبير من قواعد الجيش ووحداته العسكرية، وألحقت به خسائر بشرية ومادية فادحة.

ظل الجيش يماطل في العودة للتفاوض لوقف الحرب، متجاهلاً المأساة الإنسانية الكبيرة التي تسببت فيها الحرب، واتساع نطاقها وخسائره الفادحة، مستخدماً «الالتزام» ببند واحد من «إعلان جدة» يلوح به كلما عادت سيرة التفاوض للتداول.

نصت المادة (1/ج)، على «اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة، لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مما يهدف إلى إخلاء المراكز الحضرية بما فيها مساكن المدنيين، فعلى سبيل المثال، لا ينبغي استخدام المدنيين كدروع بشرية».

«قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

وهو ما يعتبره المحلل السياسي محمد لطيف «عقبة» تجب إزالتها، منطلقاً من أن قضية منازل المدنيين هي نتيجة من تداعيات الحرب وليست سبباً فيها، ويقول: «لا يمكن تجاهل السبب والاتجاه لمعالجة النتيجة... الخطوة الأولى هي إيقاف الحرب».

ويرى لطيف أن «التمسك باستمرار الحرب لا علاقة له بمصالح الشعب، بل إن دعاة الحرب والمتمسكين باستمرارها يتخذون من هذا النص في (إعلان جدة)، ذريعة للحفاظ على مصالحهم». ويتابع: «أكرر، وكررتها أكثر من مرة، لا يوجد في (إعلان جدة) نص يلزم (الدعم السريع) بالخروج من منازل المواطنين».

وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أصدر مرسوماً بحل «قوات الدعم السريع» وإلغاء قانونها، وإعلانها «قوة متمردة على الدولة يتم التعامل معها على هذا الأساس»، الأمر الذي اعتبره لطيف «إنهاء لوجود تلك القوات القانوني والأمني والسياسي الذي نص عليه (إعلان جدة) في ديباجته».

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا (أرشيفية - الجيش السوداني)

ويتابع لطيف: «الالتزام بالإعلان يجب ألّا يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي لأطرافه، ولا يرتبط بأي عملية سياسية»، ويستطرد: «التذرع بالنص الوارد في الإعلان هو مجرد محاولات تشويش وتضليل للرأي العام»، ويقول: «هذه الذريعة أصبحت مثل (قميص عثمان) والفتنة الكبرى، ونحن في فتنة كبرى أيضاً وجد دعاتها ما يتاجرون ويزايدون به على الناس».

ويرى لطيف أن «النصّ الذي وقعه الجيش أكد شرعية (قوات الدعم السريع)، والتمسك به يقتضي الاعتراف بما ورد في النص»، ويتابع: «إذا كنت تتمسك بـ(إعلان جدة)، فهذا هو (إعلان جدة) والبند الأول منه يفترض أن تلتزم به».

ويضيف: «الجيش وقع على شرعية (الدعم السريع)، في (إعلان جدّة)، كمؤسسة منشأة بقانون صادر من البرلمان، وأمن على وضعها السياسي بوصف رئيسها نائباً لرئيس السلطة الانتقالية، وعلى شرعية وجودها الأمني في المعسكرات أو مواقع عسكرية».

ويسخر لطيف من ذريعة الجيش وأنصاره بالقول: «ليس هناك استسلام أكثر من هذا، هم يتحدثون أن (إعلان جدة) ألزم (الدعم السريع) بالخروج من مساكن المدنيين، ويتجاهلون أنه اعترف بشرعية (الدعم السريع)».

سودانيون فارون من بلدة سنجة جنوب شرقي السودان يستريحون في مخيم بعد وصولهم إلى القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

وتتذرع «الدعم السريع» من جهتها، بما عُرف بـ«بيان التزامات بناء الثقة» الموقع بين الطرفين في «جدة 2» بتاريخ 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، والذي نصت المادة (3) منه على آلية تواصل بين قادة الطرفين وإعادة احتجاز الهاربين من السجون، بما فيهم قادة النظام السابق، «وتحسين المحتوى الإعلامي وتخفيف حدة اللغة الإعلامية، واتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمؤججة للصراع»، وهو ما لم يلتزم أي من الطرفين به.

فهل يذهب الجيش إلى جنيف أو يخضع لابتزاز، وربما تهديد، دعاة استمرار الحرب من الإسلاميين الذين يرون في استمرارها استمراراً لوجودهم وسيطرتهم على الجيش والدولة، ويرون في وقفها هزيمة عسكرية وسياسية قد تخرجهم من الملعب نهائياً؟!