معارك مدينة نيالا السودانية أدت إلى مقتل أكثر من ألف مدنيhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5029610-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%84%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AF%D8%AA-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A3%D9%84%D9%81-%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A
معارك مدينة نيالا السودانية أدت إلى مقتل أكثر من ألف مدني
نازحون من الفاشر يموتون يومياً جراء شح الغذاء والدواء
مخزن طبي مدمّر في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بسبب القتال بين الجيش و«قوات الدعم السريع»... (أ.ف.ب)
الخرطوم:«الشرق الأوسط»
TT
الخرطوم:«الشرق الأوسط»
TT
معارك مدينة نيالا السودانية أدت إلى مقتل أكثر من ألف مدني
مخزن طبي مدمّر في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بسبب القتال بين الجيش و«قوات الدعم السريع»... (أ.ف.ب)
كشف والي جنوب دارفور المكلف، بشير مرسال، عن مقتل أكثر من ألف مدني بمدينة نيالا غرب السودان، جراء المعارك العنيفة التي دارت في المدينة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» منذ أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ووصف والى جنوب دارفور، خلال مقابلة مع «وكالة أنباء العالم العربي»، ما حدث في نيالا بأنه «تدمير ممنهج» للمدينة من خلال استهداف البنية التحتية فيها، وإتلاف ونهب الأسواق الرئيسية، إضافة إلى مقار الوزارات والمنظمات الإنسانية ومباني الجامعات.
كما اتهم، من داخل مقر إقامته المؤقت في بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر في شرق السودان، «قوات الدعم السريع» بشن «حملة اغتيالات» استهدفت كوادر الولاية، إلى جانب نهب عشرات الأحياء السكنية في عاصمتها نيالا. وقال: «باندلاع الحرب في نيالا، جرى استهداف كل الوزارات في بنيتها التحتية. وتم تدمير 6 وزارات تدميراً كاملاً، وبعضها تعرض للحريق، وأيضاً الجامعات حدث فيها إتلاف ونهب، بالإضافة لدور المنظمات. وجرى نهب 58 داراً للمنظمات في نيالا بولاية جنوب دارفور، وأيضاً تدمير كل الأسواق».
وأضاف: «في نيالا 193 حياً سكنياً؛ نهب منها نحو 180 منها، وجرى تدمير ممنهج ومقسم على الإدارات الأهلية الموالية ولم يبق شيء إلا تم نهبه، وهنالك اغتيالات أيضاً لبعض الكوادر النوعية في فعاليات الولاية. 1024 قتيلاً من المدنيين في هذه الحرب. تم نهب الممتلكات وكل شيء... تدمير كامل وممنهج». وأوضح مرسال أن هناك منظمات عدة تعمل حالياً على إيصال الأدوية إلى جميع المستشفيات والمراكز الصحية في الولاية، وسط محاولات من جانب وزارة الصحة الاتحادية في السودان لتوفير المساعدات المطلوبة.
من جانبه، حذر محمد الناير، المتحدث باسم «حركة تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد نور، يوم الاثنين، بأن عشرات النازحين من مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور إلى منطقة جبل مرة في وسط دارفور، يموتون يومياً جراء «سوء التغذية وانعدام الدواء».
وذكر الناير في حسابه على منصة «إكس» أن عشرات الأسر تصل يومياً من مدينة الفاشر إلى مناطق سيطرة الحركة في جبل مرة «عبر الشاحنات والدواب ومشياً على الأقدام في ظروف إنسانية قاهرة». وأضاف: «آلاف الأسر التي وصلت إلى مناطق سيطرة الحركة بجبل مرة تعاني الجوع والأمراض، لا سيما الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن، حيث يموت العشرات يومياً».
وتابع: «إننا أمام كارثة إنسانية حقيقية تستدعي التدخل العاجل من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية».
وأوضح الناير أن «حركة تحرير السودان» لم تستطع توفير الطعام والعلاج للنازحين إلى مناطق سيطرتها؛ «لأن هذه الأعداد المهولة فوق طاقة الحركة، لذا نناشد الضمير العالمي والإنساني والمنظمات الإقليمية والدولية التحرك الفوري لإنقاذ هؤلاء الضحايا قبل فوات الأوان».
ومنذ 10 مايو (أيار) الماضي، تدور معارك عنيفة بين الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه من جهة؛ و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى التي تفرض حصاراً محكماً على مدينة الفاشر في مسعى للسيطرة عليها بعد أن فرضت هيمنتها على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور.
حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.
دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.
فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.
بين الرفض والقبول
تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.
وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».
وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».
وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».
من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».
وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».
وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».
وسيلة للإلهاء
أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.
تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».
وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».
حماية الآداب العامة
غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».
وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.
وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».
وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».
ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».
واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».