المراجعة في الملعب... تحرك حكومي تجاه مدرس خصوصي في مصر (فيديو)

4 آلاف طالب في مراجعة مادة الجيولوجيا بصالة رياضية والقبض على المدرس

صورة من مقطع الفيديو المتداول للمدرس فى الصالة الرياضية
صورة من مقطع الفيديو المتداول للمدرس فى الصالة الرياضية
TT

المراجعة في الملعب... تحرك حكومي تجاه مدرس خصوصي في مصر (فيديو)

صورة من مقطع الفيديو المتداول للمدرس فى الصالة الرياضية
صورة من مقطع الفيديو المتداول للمدرس فى الصالة الرياضية

مع بداية موسم امتحانات الثانوية العامة في مصر، اليوم (الاثنين) والتي تشكل «كابوساً» بالنسبة الأسر المصرية كونها مصيرية في تحديد مستقبل الطلاب، إذ يتم على أساس نتيجتها تحديد الكلية التي سيتخصص بها الطلاب في المرحلة الجامعية.

وفي الوقت الذي تفاقمت فيه أزمة الدروس الخصوصية في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، ومع انتشار الظاهرة في مصر وسيطرتها بشكل يبدو كاملاً على تلك المرحلة، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أغرب تجمع لمراجعة مادة الجيولوجيا قدمها المدرس في صالة مغطاة رياضية تابعة لوزارة الشباب والرياضة المصرية ويقام فيها مباريات دوري كرة السلة.

ورصد المقطع المصور، حضور ما يقرب من أربعة آلاف طالب وطالبة وكأنهم في مباراة نهائية، في صالة حسن مصطفي بالسادس من أكتوبر (محافظة الجيزة)، حيث يتحدث مدرس مادة الجيولوجيا بأعلى صوته عبر مكبر الصوت من منتصف الصالة ويشرح لتلاميذه، وسط لافتات تحمل شعار «عافر فرح أهلك تستاهل».

الأمر الذي أثار دهشة الرأي العام في مصر وتداولته برامج التوك-شو الليلة الماضية، وألقت الأجهزة الأمنية بالجيزة القبض على المدرس، بعد تلقي اللواء محمد الشرقاوي، مدير الإدارة العامة للمباحث، إخطاراً، بتواجد 4 آلاف طالب في الثانوية العامة بصالة حسن مصطفى، بدائرة القسم، لمراجعة مادة الجيولوجيا. وتبين أن مدرس المادة يُدعى (ماجد. م)، يمتلك صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ومنصة «يوتيوب»، لم يحصل على الموافقة من الجهات المعنية بتجميع الطلاب والتحصل على 85 جنيهاً من كل طالب نظير حضور المراجعة. وألقي القبض على المدرس عقب انتهاء المراجعة وانصراف الطلاب، وتولت النيابة التحقيق، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام محلية.

وعلى صعيد ذي صلة، أصدرت وزارة الشباب والرياضة المصرية بياناً لها عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وقال محمد الشاذلي المتحدث الرسمي باسم الوزارة، إنه تقرر إحالة المسؤولين عن الصالة الواقعة في السادس من أكتوبر للتحقيق، وكذلك وقف المدير التنفيذي للصالة عن العمل لحين انتهاء التحقيقات الرسمية.

وأضاف أن القرار جاء على إثر «السماح لمعلم جيولوجيا بإعطاء دروس خصوصية بالصالة صباح الأحد، في إطار تنمية موارد الصالة المغطاة، ولكن دون الرجوع للوائح القانونية الحاكمة والمنظمة لهذه الأمور».

وتبدأ اليوم الاثنين باختبارات المواد غير المضافة للمجموع النهائي، ثم تستأنف الامتحانات عقب إجازة عيد الأضحى، من 20 يونيو (حزيران) الحالي حتى 20 يوليو (تموز) المقبل.

وقالت وزارة التربية والتعليم، إن أعداد الطلاب المتقدمين لأداء امتحان شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة 745 ألف و86 طالباً، وعدد لجان النظام والمراقبة الموزع عليها طلاب الثانوية العامة على مستوى الجمهورية 11 لجنة و4 لجان إدارة و1981 لجنة سير و7 لجان تقدير على مستوى الجمهورية.

توغل الدروس الخصوصية

وتشهد مصر محاولات عدة للسيطرة على توغل الدورس الخصوصية في دراسة مرحلة الثانوية العامة في البلاد، وخلال السنوات الأخيرة اعتمد الطلاب بشكل يبدو أساسياً عليها مع انتشار ظاهرة «السنتر - مركز تعليمي خاص» وأثقلت تكاليف الدروس كاهل الأسرة المصرية مع زيادة تكلفة تغطيتها.

وكان الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني المصري، قد أعلن منذ عامين، عن عزم الوزارة «تقنين مراكز الدروس الخصوصية» (السناتر). وحسب تصريحات سابقة للوزير: «تستحوذ الدروس الخصوصية على نحو 47 مليار جنيه من دخل الأسر». وقال عنها: «لا تراها الدولة ولا الوزارة»، في إشارة إلى «اتجاه قد يحدث مستقبلاً، بتحصيل ضرائب على هذه المراكز».

وتبسط الدولة نفوذها على العملية التعليمية، بموجب الدستور الذي ينص على أن «التعليم حق تكفله الدولة، وتشرف عليه وتنظم مراحله ومناهجه»... لكن يجمع كثير من الخبراء على أن حل معضلة التعليم في مصر يكمن في التحول من فكرة كون التعليم مسؤولية الحكومة إلى فكرة قومية للتعليم، وضرورة مساهمة جميع القطاعات ومن بينها القطاع الخاص في تطويره وتحسين جودته، باعتباره قضية أمن قومي.

شبح الأسر المصرية

ومع بدء الموسم السنوي تعلن الأسر المصرية بداية لـ«معسكرات المعاناة» مع الامتحانات، بكل ما تحمله من توتر وأرق وإرهاق لكاهل الأسر المصرية. وفي تجهيزات تشبه دخول المعركة، تتغير الخريطة الاجتماعية والنفسية للأسرة المصرية، التي يدرس أحد أبنائها في تلك المرحلة الحرجة، فتقل الزيارات الأسرية ويغلق التلفاز وأصوات الراديو طوال اليوم، ويكرس مصروف المنزل من أجل الخروج من المعركة بـ«مجموع كبير».

وتقول الدكتورة منى أبو طيرة، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، لـ«الشرق الأوسط»: «من المهم جداً أن نهتم ونبحث عن سبب اتجاه الأسر والمجتمع إلى تضخيم مرحلة الثانوية العامة في حياتهم، فهذا يرجع إلى أن الإنسان مصاب بالقلق بطبعه، ويبحث دائماً عن مهرب لمشكلاته اليومية والاجتماعية... فمن تعاني من مشكلات مع زوجها تصب اهتمامها على أبنائها، كما يرى البعض أن فرض حالات التضييق والاهتمام المبالغ فيه بالطلاب يبرهن على درجة اهتمامهم بأبنائهم بالشكل الصحيح... ولكنهم بذلك يؤثرون على صحته النفسية وعلى شخصيته التي تتبلور في تلك المرحلة».

وتضيف منى أبو طيرة: «أيضاً الاستعراض والتباهي بالنتائج، من نوعية أن ابنتي حصلت على 98 في المائة وابنة فلانة حصلت على 80 في المائة، يخضع إلى منافسة لا منطقية لا فائدة منها على قدر ضررها».

وتطمح منى أبو طيرة إلى تغير الوعي الاجتماعي لأهمية التعليم في مصر، وتقول إن «الثانوية العامة ليست منتهى الأمر، فالتجربة في مصر تقول إن الشهادة الجامعية بمفردها لا توفر فرصة عمل جيدة لصاحبها... فعلى الأسر أن تدعم أبناءها وتؤهلهم ببساطة لدخول سوق العمل، عبر الالتحاق بأعمال تدريبية خلال العطلات الصيفية، والاشتراك في أنشطة تناسب ميولهم وتنميها. فكل تلك الأمور تدعم ركائز شخصية الطالب وتنميها، لأننا دائماً ما نقع في فخ اسم ولقب الشهادة الجامعية، دون النظر إلى الفائدة التي عادت على أبنائنا مما يدرسون».

قوانين وضوابط

وعبر تاريخها الممتد منذ الربع الأول من القرن التاسع عشر، شهدت قوانين ومعايير دراسة «الثانوية العامة» في مصر أكثر من تغيير على مدى تاريخها الطويل، ومع اليوم الأول لبدء موسم جديد من ماراثون الثانوية العامة في مصر، تظهر تحديات جديدة تواجهها وزارة التعليم والحكومة المصرية، أبرزها مؤخراً التصدي لظاهرة الغش الإلكتروني، الذي انتشر بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبحت التقنية متوفرة للجميع. وأكدت الوزارة أنها ستتصدى لذلك بكل حسم، موضحة أن أي محاولة للغش ستواجه بكل صرامة.

وفي عام 2020 أقرت الحكومة المصرية قانوناً لتغليظ عقوبات «جرائم الغش أو الشروع فيه بامتحانات الثانوية»، وتضمنت العقوبات «الحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تزيد على 7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 200 ألف جنيه (الدولار الأميركي يساوي 47.47 جنيه في البنوك المصرية) لكل من طبع أو نشر أو أذاع أو روج بأية وسيلة أسئلة الامتحانات أو أجوبتها، أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية، بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات». ونصت المادة الثانية من القانون على «معاقبة كل من حاز بلجان الامتحانات هواتف محمولة أو أجهزة إلكترونية، بغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه». ويقضي القانون أيضاً «بحرمان الطالب الذي يرتكب غشاً أو شروعاً فيه من أداء الامتحان خلال العام نفسه، ويعد راسباً في جميع المواد».


مقالات ذات صلة

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

يوميات الشرق «الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
شمال افريقيا العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر تنفي صوراً متداولة حول تصميم جديد لجواز سفر مواطنيها

نفت القاهرة صوراً متداولةً على بعض مواقع التواصل الاجتماعي حول تصميم جديد لجواز السفر المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات البهارات في مصر كانت تستخدم في الماضي للتحنيط والعلاج (شاترستوك)

هل تأثرت توابل المصريين بالجاليات الأجنبية؟

«رشّة ملح وفلفل»، معادلة مصرية تعود إلى الجدات، تختصر ببساطة علاقة المطبخ المصري بالتوابل، والذي لم يكن يكترث كثيراً بتعدد النكهات.

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
شمال افريقيا سيارة إطفاء تعمل بعد إخماد حريق كبير في الموسكي بوسط القاهرة (رويترز)

حرائق متكررة في وسط القاهرة تُثير جدلاً

أعاد الحريق الهائل الذي نشب في بنايتين بمنطقة العتبة في حي الموسكي وسط القاهرة، وتسبب في خسائر كبيرة، الجدل حول تكرار الحرائق في هذه المنطقة

أحمد عدلي (القاهرة)

المغرب: مهنيو الصحة يتوعدون بشل المستشفيات مجدداً الأسبوع المقبل

من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)
من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: مهنيو الصحة يتوعدون بشل المستشفيات مجدداً الأسبوع المقبل

من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)
من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)

يعتزم مهنيو القطاع الصحي في المغرب مواصلة إضرابهم الوطني المفتوح حتى نهاية شهر يوليو (تموز) الحالي، وذلك بالقيام بمظاهرتين متتاليتين يومي الاثنين والأربعاء المقبلين، حسبما أورده موقع «لوسيت إنفو»، وصحف محلية.

وسيشمل الإضرابان، اللذان أعلنت عنهما الجامعة الوطنية للصحة، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، مختلف المؤسسات الصحية باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش. وستسطر الجامعة بحسب بيان لها، «برنامجاً نضالياً يلائم العطلة الصيفية لمعظم الموظفين والإدارات شهر أغسطس (آب)» الماضي، قالت إنه «سيتضمن حمل الشارة الاحتجاجية، وتنفيذ وقفات أسبوعية محلية، وإقليمية وفي مواقع العمل».

وكان المئات من موظفي الصحة قد احتشدوا يوم الخميس أمام مقر البرلمان في العاصمة الرباط، للاحتجاج من جديد ضد الحكومة، بعد أقل من 3 أيام على الاتفاق الذي وقعه وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد أيت الطالب، بتفويض من رئيس الحكومة مع النقابات.

وشمل الاتفاق الذي جرى توقيعه يوم الثلاثاء الماضي كلاً من «النقابة الوطنية للصحة»، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والنقابة الوطنية للصحة العمومية المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والنقابة المستقلة للممرضين، إضافة إلى الجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والجامعة الوطنية لقطاع الصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل، والمنظمة الديمقراطية للصحة المنضوية تحت لواء «المنظمة الديمقراطية للشغل».