«الدعم السريع» تتوغل في الفاشر... ومستشفى المدينة يتوقف

قوات «حميدتي» تتهم الجيش بقتل 50 مدنياً في أم درمان

مستشفى مدينة الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع» (نشطاء سودانيون على «فيسبوك»)
مستشفى مدينة الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع» (نشطاء سودانيون على «فيسبوك»)
TT

«الدعم السريع» تتوغل في الفاشر... ومستشفى المدينة يتوقف

مستشفى مدينة الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع» (نشطاء سودانيون على «فيسبوك»)
مستشفى مدينة الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع» (نشطاء سودانيون على «فيسبوك»)

في الوقت الذي أعلنت فيه «قوات الدعم السريع» السودانية، عن توغلها في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، أفاد ناطق باسم الجيش السوداني بأن قواته والقوة المشتركة دحرتا الهجوم.

وتحاصر «الدعم السريع» الفاشر في مسعى للسيطرة عليها بعد أن أحكمت قبضتها على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور. وبموازاة اشتداد المعارك حول المدينة، قالت «منظمة أطباء بلا حدود» (الأحد) إن المستشفى الرئيسي في الفاشر الذي تدعمه تعرض للهجوم، وخرج عن الخدمة.

وأعلن مكتب المتحدث الرسمي للجيش السوداني، نبيل عبد الله (الأحد) أن قواته والقوة المشتركة (الداعمة له) دحرتا هجوماً لـ«قوات الدعم السريع» التي يقودها محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي)، على الفاشر، وكبّدتاها «خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وتسلمتا مركبات قتالية».

وقال حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، الذي تحارب قواته دعماً للجيش (الأحد) إن الفاشر «لن تسقط في أيدي (الدعم السريع) التي تسعى للسيطرة على المدينة». وفي بيان على «فيسبوك»، وجّه مناوي التحية إلى القوات التي تدافع عن المدينة، وقال: «أطمئن الشعب السوداني، وشعب دارفور بصورة خاصة، أنه ما دام هؤلاء الشباب يدافعون عن الفاشر، فلن تسقط حتى لو تحالفت كل الدول، بل ستكون مقبرة لهم في القريب العاجل».

وكان مناوي قد اتهم في مؤتمر صحافي، السبت، عقده بمدينة بورتسودان شرق البلاد، «الدعم السريع» بأنها تسعى لإسقاط الفاشر لصالح دولة لم يسمّها، تعهدت، وفق قوله، بأن «تواجه أي مقاومة بعد الاستيلاء على المدينة»، وعدّ مناوي أن «ما يجري في الفاشر محاولة للتطهير العرقي والإبادة الجماعية للمواطنين، وليس حرباً».

هجوم على المستشفى

بدورها، قالت «كتلة النازحين واللاجئين» بدارفور، إن مجموعة من «الدعم السريع» مدججة بالسلاح اعتدت بالأسلحة الثقيلة والخفيفة على المستشفى، ما أدى إلى إصابات متفاوتة وسط المرضى والكوادر الطبية.

ووفق مصادر محلية، فقد «تسللت قوة من (الدعم السريع)، واقتحمت المستشفى الجنوبي وسط الفاشر، واعتدت على المرضى والكوادر الطبية».

ويعد ذلك «أول تقدم كبير» تحققه «الدعم» منذ اندلاع القتال في الفاشر، الذي دخل شهره الثاني دون توقف، وبالتالي يهدد بالوصول إلى الفرقة العسكرية التابعة للجيش السوداني.

ونشر نشطاء على منصات التواصل صوراً من داخل المستشفى الجنوبي، وهو الوحيد الذي كان لا يزال يعمل في المدينة، ويظهر فيها تناثر الدماء بممراته.

مستشفى مدينة الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع» (نشطاء سودانيون على «فيسبوك»)

ووفق مصادر طبية ونشطاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن «المستشفى خرج كلياً عن الخدمة بعد الهجوم».

ونشرت منصات محسوبة على «الدعم السريع» أن قواتها تتقدم في الفاشر، وتقترب من «الفرقة السادسة مشاة» التابعة للجيش.

غارة أم درمان

في غضون ذلك، اتهمت «الدعم السريع» في بيان (الأحد) على منصة «إكس» الطيران التابع للجيش السوداني بتنفيذ غارة في العاصمة الخرطوم أسفرت، وفق «الدعم»، عن «مقتل أكثر من 50 مدنياً».

وقال البيان إن الطيران التابع للجيش «قصف بالبراميل المتفجرة سوق (قندهار) بمدينة أم درمان، التي تعد واحدة من كبرى مدن العاصمة الخرطوم، وأدى إلى مقتل أكثر من 50 مدنياً، وجرح العشرات، وأن غالبية الضحايا من النساء بائعات الأطعمة».

كما اتهمت «الدعم» الجيش بشن غارات مماثلة على بلدة الكومة في شمال دارفور، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين، وعبّر «المرصد الوطني لحقوق الإنسان» في السودان عن «حزنه الشديد» إزاء الغارات الجوية التي نفذتها مقاتلات الجيش في محلية الكومة.

وقال «المرصد» في بيان إن «المعلومات الأولية تشير إلى استهداف المدنيين بالبراميل المتفجرة التي تسببت في سقوط العشرات من الضحايا المواطنين».


مقالات ذات صلة

واشنطن تعلن تقديم 200 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان

شمال افريقيا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

واشنطن تعلن تقديم 200 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الخميس)، تقديم نحو 200 مليون دولار إضافية من المساعدات الغذائية والمأوى والرعاية الصحية للسودان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان في نواكشوط الأربعاء (الخارجية الموريتانية)

السعودية تطالب بوقف القتال في السودان وتنفيذ «إعلان جدة»

احتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط، اجتماعاً تشاورياً بين المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان، في إطار مساعي توحيد هذه المبادرات.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (مواقع التواصل)

مقتل وجرح العشرات من المدنيين في قصف على مدينة الفاشر

تعرضت مدينة الفاشر، الأربعاء، لقصف مدفعي وغارات جوية أدت إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى من المدنيين. وأدانت مسؤولة أممية الهجمات، وطالبت بوقف فوري لإطلاق النار.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا نازحون يستقلون حافلة من بورتسودان في شمال شرق السودان للعودة إلى ديارهم في مدينة سنجة الجنوبية في ولاية سنار (أ.ف.ب)

مقتل 10 مدنيين بهجوم لـ«الدعم السريع» في غرب السودان

قُتل عشرة مدنيين وأصيب 20 آخرون في قصف لـ«قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عَلم السودان ملصق بمدفع رشاش يتبع «قوات الدعم السريع» شمال الخرطوم (رويترز)

السودان... دولة واحدة بعملتين ومخاوف من تكريس الانقسام

عزز مُضي الحكومة السودانية في إجراءات التبديل الجزئي لعملات وطنية، مخاوف من تكريس الانقسام.

أحمد يونس (كامبالا)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)
النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)
TT

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)
النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

أعادت محادثات ليبية - إيطالية إلى واجهة الأحداث قضية خمسة لاعبين لكرة القدم ليبيين معتقلين في روما منذ تسعة أعوام، بعدما طالبت أسرهم بضرورة العمل على إعادتهم إلى البلاد.

وسعى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، خلال زيارته لروما نهاية الشهر الماضي، إلى فتح ملف السجناء الخمسة خلال مناقشاته مع وزير العدل الإيطالي، كارلو نوريدو.

وكانت محكمة إيطالية قد قضت في السادس من ديسمبر (كانون الأول) 2015 بالسجن 30 عاماً على اللاعبين الخمسة، وهم: علاء فرج الزغيد من نادي أهلي بنغازي، وعبد الرحمن عبد المنصف وطارق جمعة العمامي من نادي التحدي الليبي، واللاعب محمد الصيد من طرابلس، ومهند نوري خشيبة من طرابلس أيضاً، بتهم «الاتجار في البشر والهجرة غير المشروعة».

النائب العام الليبي والمدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

ومنذ ذلك التاريخ وقضية اللاعبين الخمسة تراوح مكانها، إلا أن صالح أعاد مناقشتها مؤخراً مع السلطات الإيطالية. وقال المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب إن السلطات الإيطالية دعت النائب العام لزيارة روما، بعد مباحثات عديدة أجراها صالح مع المسؤولين الإيطاليين بشأن ملف السجناء الليبيين في روما.

وتتباين أسباب توقيف اللاعبين الليبيين وحبسهم؛ فالسلطات الإيطالية وجهت إليهم اتهاماً بـ«الاتجار في البشر»، لكن أسرهم يؤكدون أنهم «كانوا يستهدفون الهجرة للاحتراف بأحد الأندية الأوروبية».

وبحسب رواية أسرهم، فإنهم «فشلوا في الحصول على تأشيرة سفر، فاضطروا إلى الهجرة غير المشروعة»، عن طريق ركوب أحد القوارب مع بعض المهاجرين في مدينة زوارة (120 كيلومتراً غرب العاصمة) إلى إيطاليا، مشيرين إلى أنهم سقطوا في يد السلطات الأمنية بمجرد دخولهم البلاد، وبعد أن خضعوا للمحاكمة حُكِم عليهم بالسجن 30 عاماً بتهمة «الهجرة غير النظامية والمتاجرة في بيع البشر».

ومع إعادة الحديث عن اللاعبين الخمسة، تحدث الحقوقي الليبي طارق لملوم عما سمّاه «استغلال قضية هؤلاء السجناء من بعض السياسيين» دون تسميتهم، وقال إنه «من الطبيعي أن يتعاطف الشخص مع أقاربه وأصحابه وبني جلدته في حال تعرضهم لأي ضيق، لكن من المهم نقل الصورة واضحة حتى يتمكن أي شخص، أو جهة، أو أي حكومة، من المساعدة».

ويعتقد لملوم أنه «ليس صحيحاً أن سبب الحكم على هؤلاء الخمسة هجرتهم بطريقة غير نظامية»، مشيراً إلى أن اتهام المحكمة في البداية لهم كان «الترويج للهجرة غير النظامية»، ثم «التسبب في وفاة 49 شخصاً كانوا في نفس القارب، وتم إجبارهم على البقاء في مكان مغلق، وماتوا بسبب الاختناق».

ونوّه لملوم بأنه حسب ما نشرته الصحافة الإيطالية، فإن المحكمة استندت على شهادات كثيرة لمهاجرين كانوا في نفس المركب أكدوا أن «الشبان الليبيين كانوا ضمن الأشخاص الذين منعوهم من الخروج، وتم إقفال المكان عليهم؛ مما تسبب في موت 49 شخصاً».

وأضاف لملوم موضحاً أن المحامين «استطاعوا إثبات أن الشبان الليبيين ليسوا مهرّبين، وأن هواتفهم لم تكن تحمل أي ترويج للهجرة مع أي مهرب، لكن القاضي اعتبر أن هناك نية للأذى كانت متوفرة، بسبب منع المهاجرين من الخروج من أسفل القارب، كما أن بعض الشهود أكدوا أن هناك أشخاصاً قاموا بضربهم ومنعهم من الحركة».

ونقل مكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، يوم الخميس، أن لقاءه مع المدعي العام لدى المحكمة العليا تمحور حول ترتيب تعاون قضائي بين النيابتين، تنتظم آلية إنفاذه بإبرام مذكرة تفاهم تتناول المسائل الجنائية ذات الاهتمام المشترك، مشيراً أيضاً إلى أن الاجتماع انتهى إلى «تخطيط ترتيبات نقل المحكومين الليبيين الذين توفروا على الشروط، وفق جدول زمني يمتد طوال الربع الأول من العام المقبل».

جانب من وقفة احتجاجية للإفراج عن اللاعبين الليبيين (صفحات لأسر اللاعبين)

وسبق أن تظاهرت عائلات وأصدقاء اللاعبين لمطالبة السلطات بالتدخل لسرعة الإفراج عن أبنائهم، ونددت بما سمّوه «صمت السلطات في البلاد على سجن أبنائهم».

وبعد سلسلة من الوقفات الاحتجاجية على مدار السنوات الماضية، ومخاطبة المسؤولين، لم تفقد أسر هؤلاء اللاعبين الأمل في بحث قضيتهم من جديد، واصطفوا في مظاهرة سلمية انضمّ إليها عدد من الرياضيين بأندية بنغازي، وتوجهوا بمطلب رسمي للسلطات في البلاد.