قبل ساعات من بدء امتحانات الثانوية العامة في مصر، وضعت الحكومة المصرية إجراءات مشددة وعقوبات صارمة للحد من وقائع «الغش» خصوصاً (الغش الإلكتروني) بمنع تسريب أوراق الامتحانات عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وبينما ثمّن برلمانيون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» إجراءات ضبط منظومة امتحانات «الثانوية» هذا العام، فإنهم أشاروا إلى أن تلك الإجراءات «لن تنهي وقائع (الغش)».
وتبدأ امتحانات «الثانوية»، الممهدة للتعليم الجامعي، الاثنين المقبل، باختبارات المواد غير المضافة للمجموع النهائي، ثم تستأنف الامتحانات عقب إجازة عيد الأضحى، من 20 يونيو (حزيران) الحالي حتى 20 يوليو (تموز) المقبل.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم خلال السنوات السابقة خططاً لمواجهة «الغش»، منها تركيب كاميرات مراقبة باللجان، وتقديم بلاغات للنيابة العامة بتهمة «الغش والإخلال بالامتحانات». واتخذت الوزارة هذا العام مجموعة من الإجراءات المشددة للتصدي لـ«الغش»، من بينها تفتيش الطلاب خارج وداخل لجان الامتحانات (بالعصا الإلكترونية)، وكذا مراقبة اللجان بالكاميرات، ومنع اصطحاب الطلاب أجهزة إلكترونية داخل اللجان.
وشدد وزير التعليم المصري، الدكتور رضا حجازي، قبل أيام، على «تنفيذ آليات تفتيش الطلاب بواسطة (العصا الإلكترونية)»، مطالباً «بمراجعة كاميرات المراقبة داخل اللجان، لرصد أي أعمال غش داخل اللجان، ورصد أية مخالفات في حينها».
و«العصا الإلكترونية» تُستخدم في الكشف عن الهواتف الجوالة أو الأجهزة الإلكترونية مثل السماعات، واستخدمتها «التربية والتعليم» منذ عام 2014 على أبواب المدارس أثناء دخول الطلاب، لكنها قررت هذا العام استخدامها داخل لجان الامتحانات.
الوزير حجازي من جانبه دعا أيضاً إلى حظر «دخول الملاحظين بالهواتف المحمولة»، وقال إن «تكثيف إجراءات تنظيم (الثانوية) تستهدف انضباط منظومة الامتحانات، وحصول كل طالب على حقه»، مؤكداً على بعض الضوابط من قبل المراقبين داخل اللجان، التي تتضمن «منع الغش بكل أنواعه، وعدم التجاوز مع الطلاب المخالفين، والتعامل معهم بحكمة وهدوء، وفقاً للوائح المنظمة لمواجهة الغش».
ولضمان توعية طلاب «الثانوية» بقواعد وضوابط ومحظورات عملية الامتحانات، قدمت وزارة التربية التعليم إرشادات للطلاب في فيديو عبر صفحتها الرسمية، الجمعة، تضمنت نصائح «الالتزام بإجراءات التفتيش باستخدام العصا الإلكترونية، وحظر حيازة الهواتف المحمولة»، وحذرت من بعض الممارسات داخل اللجان، من بينها «الغش والحديث بين الطلاب»، مؤكدة أن مخالفة الإجراءات ستعرض «الطالب لإلغاء الامتحان، أو المساءلة القانونية».
وترى عضو «لجنة التعليم» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة جيهان البيومي، أن «استخدام وزارة التربية والتعليم وسائل تكنولوجية حديثة لكشف وقائع الغش أو تسريب أوراق الامتحانات، يسهم في ضبط منظومة امتحانات الثانوية العامة»، وقالت إن «المختلف هذا العام هو تطبيق التفتيش بـ(العصا الإلكترونية) داخل لجان الامتحان».
وتحدثت البيومي عن مشاركة أكثر من وزارة لتشديد الرقابة داخل اللجان، وعدم السماح بدخول أي أجهزة إلكترونية يمكن استخدامها في تسريب ورقة الامتحان»، لكنها أشارت إلى أن «تقييم نجاح تلك الإجراءات لن يظهر إلا بعد انتهاء الامتحانات».
وتظل «الثانوية العامة» مرحلة فارقة في التعليم المصري، في ظل الاعتماد بشكل رئيسي على مجموع الدرجات من أجل التأهيل للجامعات المصرية.
وفي عام 2020 أقرت الحكومة المصرية قانوناً لتغليظ عقوبات «جرائم الغش أو الشروع فيه بامتحانات الثانوية»، وتضمنت العقوبات «الحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تزيد على 7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 200 ألف جنيه (الدولار الأميركي يساوي 47.47 جنيه في البنوك المصرية) لكل من طبع أو نشر أو أذاع أو روج بأية وسيلة أسئلة الامتحانات أو أجوبتها، أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية، بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات». ونصت المادة الثانية من القانون على «معاقبة كل من حاز بلجان الامتحانات هواتف محمولة أو أجهزة إلكترونية، بغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه، ولا تزيد على 10 آلاف جنيه». ويقضي القانون أيضاً «بحرمان الطالب الذي يرتكب غشاً أو شروعاً فيه من أداء الامتحان خلال العام نفسه، ويعد راسباً في جميع المواد».
في سياق ذلك أشادت الخبيرة التربوية بمصر، بثينة عبد الرؤوف، «بالإجراءات المشددة هذا العام من وزارة التربية والتعليم لمنع الغش وتسريب أوراق الامتحان»، إلا أنها أوضحت أنها «لن تمنع الغش بشكل نهائي»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في تحول (الغش) بالامتحانات لثقافة مجتمعية»، مؤكدة أن «التحايل على الإجراءات المطبقة داخل اللجان سيظل مستمراً، خصوصاً من أولياء الأمور وبعض الطلاب».
عبد الرؤوف لفتت إلى أن «إجراءات (التربية والتعليم) يمكن أن تقلل من المخالفات داخل اللجان»، لكن هناك ضرورة لـ«تغيير سلوك بعض الطلاب باللجوء إلى الغش في الامتحانات».