السودان يؤكد أن روسيا ترغب في منفذ على البحر الأحمر

بوتين اعتذر عن عدم لقاء نائب البرهان

مرفأ بورتسودان على البحر الأحمر محل تجاذب دولي للحصول على موطئ قدم عليه (سونا)
مرفأ بورتسودان على البحر الأحمر محل تجاذب دولي للحصول على موطئ قدم عليه (سونا)
TT

السودان يؤكد أن روسيا ترغب في منفذ على البحر الأحمر

مرفأ بورتسودان على البحر الأحمر محل تجاذب دولي للحصول على موطئ قدم عليه (سونا)
مرفأ بورتسودان على البحر الأحمر محل تجاذب دولي للحصول على موطئ قدم عليه (سونا)

أعلن وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم أن روسيا ترغب في منفذ على البحر الأحمر، وأن بلاده لا تمانع في وجود «أصدقاء وشركاء» لها في سواحلها على البحر الأحمر. وأضاف وزير المالية السوداني، لتلفزيون «آر.تي» أثناء زيارته لروسيا، أن الفكرة المطروحة حول وجود روسي على سواحل السودان لا تعني وجود خبراء عسكريين أو قاعدة، مشيراً إلى أن الحديث يتركز على «نقطة خدمية تستطيع السفن الروسية من خلالها الوصول لسواحل البحر الأحمر، وترسي فيها وتحصل على ما تحتاج إليه من مواد التموين».

وأشار إبراهيم إلى أن السودان «لا يعترض على الوجود الروسي، لكن الاعتراض يأتي من جانب الغرب وأميركا وحلفائها»، مضيفاً أن ساحل السودان على البحر الأحمر «يسع الجميع إذا ما أرادت الولايات المتحدة شراء نقطة مماثلة».

وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم (رويترز)

وكانت مصادر سودانية رسمية قد تحدثت في الماضي إلى وسائل إعلام عن وجود مسودة اتفاق بين السودان وروسيا تمنح موسكو «مركزاً للدعم الفني واللوجستي العسكري» على ساحل البحر الأحمر في شرق البلاد. وفي المقابل، تنصّ مسودة الاتفاق على أن تقدم روسيا للجيش السوداني عتاداً حربياً، وفق بروتوكول منفصل. ووفق المصادر، فإن المسودة تنصّ أيضاً على ألا يتعدى الوجود الروسي 300 فرد، وألا يتعدى عدد السفن في نقطة الدعم الفني على البحر الأحمر 4 سفن.

في غضون ذلك، أعلن بيان لمجلس السيادة السوداني أن أسباباً طارئة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين حالت دون لقائه نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، وكلّف بوتين وزير خارجيته سيرغي لافروف بتسلم الرسالة الخطية الموجهة لبوتين من رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان.

وكان عقار قد أعلن قبل توجهه يوم الثلاثاء الماضي إلى روسيا، يرافقه وفد حكومي، أنه سيجتمع بالرئيس بوتين ويسلمه رسالة خطية من البرهان. وأضاف أن الاجتماع سيتطرق إلى أجندة أخرى في إطار تطوير العلاقات الثنائية «سيتم الإفصاح عنها في مقبل الأيام».

وجاءت زيارة الوفد السوداني إلى روسيا في أعقاب الزيارة التي أجراها نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، إلى مدينة بورتسودان في أبريل (نيسان) الماضي، برفقة وفد من وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين.

البرهان مستقبلاً المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف أثناء زيارة سابقة لميناء بورتسودان (سونا)

وأكد عقار لدى لقائه لافروف، يوم الجمعة، في مدينة سان بطرسبرغ، استعداد بلاده لتفعيل الاتفاقيات واللجان المشتركة السياسية والعسكرية بين البلدين لرسم خريطة طريق للوصول إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية. وأوضح إعلام مجلس السيادة أن نائب المجلس قدّم لوزير الخارجية الروسي شرحاً حول الأوضاع في السودان والتطورات في مسرح العمليات العسكرية.

وأكد عقار حرص السودان على تعزيز وترقية وتطوير العلاقات الثنائية مع روسيا في كل المجالات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية. من جانبه، أمّن لافروف على توفر الإرادة السياسية لدى الطرفين لتطوير وترقية العلاقات في كل المجالات، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.

وبحسب البيان السوداني، نقل لافروف تحايا بوتين للبرهان، معرباً عن شكره وتقديره للشرح الذي قدّمه عقار عن الأوضاع في السودان والتطورات على الأرض. ويضمّ الوفد السوداني إلى روسيا وزير الخارجية حسين عوض، ووزير المالية جبريل إبراهيم، ووزير المعادن محمد بشير. وتأتي الزيارة للمشاركة في الدورة 27 لمنتدى سان بطرسبرغ، الذي يعقد في الفترة من 5 إلى 8 يونيو (حزيران) الحالي.


مقالات ذات صلة

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

شمال افريقيا الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» دعوتها الأطراف السودانية إلى ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة لحياة ملايين المحتاجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

يلقى النزاع في السودان جزءاً ضئيلاً من الاهتمام الذي حظيت به الحرب في غزة وأوكرانيا، ومع ذلك فهو يهدد بأن يكون أكثر فتكاً من أي صراع آخر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

المبعوث الأميركي يحذر من تمديد الحرب في السودان إقليمياً

حذر المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو من احتمالات اتساع رقعة الحرب في السودان لتهدد دول الإقليم، وحمّل استمرار الحرب لـ«قوى سياسية سلبية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
أفريقيا وزير الصحة السوداني يبحث تنفيذ الاشتراطات الصحية لدخول مصر (الصحة السودانية)

تجاوب سوداني مع اشتراطات مصرية جديدة لدخول البلاد

أعلنت وزارة الصحة السودانية «ترتيبات الخدمات الخاصة بتوفير الاشتراطات الصحية لتصاريح السفر، من بينها توفير لقاحات شلل الأطفال لجميع الأعمار».

أحمد إمبابي (القاهرة )

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)
الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)
TT

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)
الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

يرى خبراء أن الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة، التي تتحدّث عنها الدولتان بانتظام.

يقول الباحث حسني عبيدي من مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الرواية الوطنية حول حرب الجزائر ما زالت مهيمنة (في البلاد)، وخلال حملة الانتخابات الرئاسية، الجزائريون حساسون تجاه هذه القضايا في خياراتهم السياسية الداخلية».

الرئيس الجزائري مع الوزيرة الأولى الفرنسية بالجزائر في 10 أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وأشار الرئيس المنتهية ولايته، عبد المجيد تبون، المرشح لولاية ثانية، إلى ذلك في ذكرى يوم المجاهد (قدماء المحاربين) في 20 من أغسطس (آب) الحالي، مذكّراً بالماضي الاستعماري لفرنسا التي «راهنت على إخماد ثورة الشعب بقوة الحديد والنار». وحسب عبيدي، سيتعيّن على تبون «تعديل خطابه الانتخابي إلى حدّ ما لحماية نفسه من الانتقادات المحتملة في السياسة الخارجية»، بعد «الفشل الذريع» لاستراتيجيته في التقارب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول قضايا الذاكرة بين البلدين، علماً بأن الرئيسين سبق أن قرّرا في صيف عام 2022 تشكيل لجنة مشتركة من المؤرخين لوضع حد لأزمة دبلوماسية كانت بدأت قبل عام تقريباً، بسبب تصريحات أدلى بها ماكرون، انتقد فيها «نظاماً سياسياً عسكرياً» في الجزائر «مبنياً على ريع الذاكرة».

الرئيسان الجزائري والفرنسي بمتحف الجيش بالعاصمة الجزائرية عام 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وتكمن المشكلة، وفقاً عبيدي، في أن ملف الذاكرة «لم يصل أبداً إلى السرعة القصوى، ولم يتمكّن من التحرّر من السلطة السياسية».

تفاقم الخلافات

في نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، أعلنت باريس دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية لإقليم الصحراء المتنازع عليه، ما سيوجّه، في رأي عبيدي، «ضربة جديدة لقضية الذاكرة»، ويهدّد بـ«إعادة إيقاظ جراح الماضي الاستعماري»، في ظلّ دعم الجزائر لجبهة البوليساريو الانفصالية. ومن هذه الجراح الاستعمار الفرنسي الطويل للجزائر منذ عام 1830، وتدمير بناها الاجتماعية والاقتصادية من خلال عمليات ترحيل جماعي، وقمع شرس لثورات عدّة قبل حرب الاستقلال الدامية، حيث يؤكد مؤرخون جزائريون أن الحرب بين 1945 و1962 أوقعت مليوناً ونصف مليون قتيل، بينما يتحدّث مؤرخون فرنسيون عن 500 ألف قتيل، بينهم 400 ألف جزائري.

صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

وقال المؤرخ حسني قيطوني لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه القضية «أصبحت محور خطاب يعود بانتظام، وتستغله السُلطتان بحسب متطلبات المرحلة ومصالح كل منهما». غير أن النزاع حول الذاكرة، حسب قيطوني، هو قبل كل شيء «قضية فرنسية فرنسية بحتة»، منذ أن تمّ نقل مختلف مكونات المستعمرة السابقة إلى التراب الفرنسي بعد الاستقلال سنة 1962. ويتعلق الأمر، حسب قيطوني، بـ«الأقدام السود (فرنسيو الجزائر الذين عادوا إلى فرنسا)، والحركي (قوات شبه عسكرية ساندت القوات الاستعمارية) وأحفاد المستعمرين (هاجروا إلى فرنسا من أجل العمل)، ولكل منهم علاقة مختلفة مع الماضي، وكل منهم يطالب بالاعتراف بمعاناته وتعويضات من الدولة» الفرنسية، ما يفتح الباب لنقاشات سياسية كبيرة، كما حدث عندما ندّد نواب الجمعية الوطنية رسمياً بقتل المتظاهرين الجزائريين في باريس في أكتوبر (تشرين الأول) 1962.

أعضاء لجنة الذاكرة خلال اجتماع لهم بالرئيس تبون نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وخلال عمل اللجنة المشتركة للمؤرخين، طلبت الجزائر من باريس إعادة جماجم قادة المقاومة في بداية الاستعمار، بالإضافة إلى قطع تاريخية ورمزية من القرن التاسع عشر، بما في ذلك قطع تعود للأمير عبد القادر المناهض للاستعمار (1808 - 1883). وأشارت أميرة زاتير، المستشارة في «مؤسسة الأمير عبد القادر»، إلى أن العديد من هذه القطع سُرقت عندما سقطت الزمالة (عاصمة الأمير المتنقلة مع قواته وحاشيته) في 16 من مايو (أيار) 1843، وعندما نُهبت مكتبته. وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه القطع «موجودة في متاحف في فرنسا، ووجودها هناك غير قانوني».

صورة أرشيفية لمظاهرات 08 مايو 1945 بشرق الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

وتطالب الجزائر أيضاً بإعادة وثائق الأرشيف الأصلي للفترة الاستعمارية (1830 - 1962)، التي تم نقلها إلى فرنسا بعد خروج القوات الفرنسية عام 1962، وكذلك تلك المتبقية من الفترة العثمانية، والتعويض عن الأعمال التي ارتكبتها الدولة المستعمرة السابقة، مثل التجارب النووية الـ17 التي أجريت بين عامي 1960 و1966 في الصحراء الجزائرية. وطالب مصطفى بودينة، رئيس الجمعية الوطنية للمحكوم عليهم بالإعدام في زمن الحكم الاستعماري، بأكثر من ذلك، قائلاً: «يجب الضغط على أعدائنا (فرنسا) للاعتذار وطلب الصفح عن جرائمهم الكثيرة». ويرى العديد من المؤرخين أن الاعتراف بالاستعمار، باعتباره «جريمة ضد الإنسانية»، سيكون أكثر ملاءمة أكثر، وهو المصطلح الذي استخدمه ماكرون خلال حملته للانتخابات الرئاسية في ولايته الأولى في 2017، ما أثار حملة انتقادات بين اليمين الفرنسي.