الغلاء يُربك الأسر المصرية قبل عيد الأضحى

أسعار اللحوم والدواجن والملابس تواصل الارتفاع

مواطنون مصريون أمام أحد المنافذ الحكومية لشراء اللحوم بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي)
مواطنون مصريون أمام أحد المنافذ الحكومية لشراء اللحوم بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي)
TT

الغلاء يُربك الأسر المصرية قبل عيد الأضحى

مواطنون مصريون أمام أحد المنافذ الحكومية لشراء اللحوم بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي)
مواطنون مصريون أمام أحد المنافذ الحكومية لشراء اللحوم بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي)

أمسك الأربعيني أحمد حسن، جواله للتأكد مما أفادت به زوجته من «تبكير صرف رواتب شهر يونيو (حزيران) الجاري للموظفين العاملين في الدولة المصرية»، ومع التأكد من صحة الخبر، تهلل وجه الموظف الحكومي، الذي يعمل في إحدى الإدارات المحلية بمحافظة الشرقية (دلتا مصر)؛ لكون هذا التبكير سوف ينقذه من «ربكة» مصروفات عيد الأضحى، التي تتضمن شراء ملابس جديدة لأطفاله ولحوم العيد.

وأعلنت وزارة المالية المصرية خلال الأيام الماضية تبكير صرف رواتب يونيو بداية من الأحد المقبل بمناسبة ختام السنة المالية وحلول عيد الأضحى، وهو ما نال اهتمام قطاعات كبيرة من المصريين، الذين فرض عليهم قدوم العيد وارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والملابس «الدخول في (حسبة برما) و(ربكة كبيرة) لتدبير هذه الاحتياجات»، وفق ما تحدث به حسن.

ويستقبل المصريون عيد الأضحى هذا العام في ظل أعباء اقتصادية، بعد أن أرهق غلاء الأسعار مختلف فئات المصريين على مدار الأشهر الماضية، وبالتزامن مع ارتفاعات حالية في أسعار اللحوم، والدواجن، والملابس الجاهزة، التي يقبل عليها المواطنون قبل العيد.

وقال حسن: «نحرص على شراء اللحوم مهما كانت الظروف، فهو (عيد اللحمة) كما نطلق عليه، لكن ارتفاع أسعارها المبالغ فيه، والذي يتخطى 400 جنيه للكيلو في اللحوم البلدية، و500 جنيه للحم الضأن (الدولار الأميركي يساوي 47.47 جنيه في البنوك المصرية)، جعلني أشتري كميات قليلة وفق حدود راتبي؛ لأني مُطالب أيضاً بشراء ملابس جديدة لأطفالي الثلاثة، وهو ما يسبب لي ارتباكاً شديداً».

الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور محمد البهواشي، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المناسبات الأخيرة بداية من شهر رمضان ثم عيد الفطر، وصولاً إلى عيد الأضحى، فرضت على المواطن المصري تغيير نمط الاحتفال بها، نتيجة تقلص القدرة الشرائية له»، مؤكداً أن «غلاء أسعار اللحوم والملابس حالياً، دفع شرائح كبيرة من المصريين إلى الترشيد أو التخفف من بعض العادات الشرائية والطبيعة الاستهلاكية المرتبطة بعيد الأضحى»، مشيراً إلى «حدوث ربكة في أغلب البيوت المصرية بسبب الغلاء خاصة مع اقتراب العيد».

مصريون في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة (رويترز)

وبحسب رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة، مصطفى وهبة، فإن «هناك ارتفاعاً في أسعار اللحوم مع اقتراب عيد الأضحى، مقارنة بالعام الماضي، بسبب صعود أسعار الأعلاف ومستلزمات الإنتاج وتكلفة الشحن والعمالة وفاتورة الكهرباء». وأوضح في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، الخميس، أن هناك تراجعاً بنسبة 50 بالمائة في الإقبال على شراء اللحوم والأضاحي في الوقت الحالي؛ نظراً لتراجع القوة الشرائية للمواطنين. ووفق وهبة، فإن «سعر كيلو اللحم البلدي يتراوح بالأسواق في الآونة الأخيرة ما بين 370 و400 جنيه، ويسجل سعر كيلو اللحم السوداني 285 جنيهاً بالمنافذ الحكومية».

وتسعى الحكومة المصرية لتوفير احتياجات المواطنين من اللحوم قبل عيد الأضحى؛ إذ طرحت أضاحي العيد في المنافذ الحكومية بأسعار مخفضة أقل من سعر السوق، إلى جانب توفير اللحوم البلدية والسودانية ولحوم الضأن.

بالتزامن مع ذلك، ارتفعت أسعار الدواجن في مصر، مدفوعة بنفوق عدد كبير منها، بسبب تخفيف أحمال الكهرباء في البلاد، وارتفاع درجة الحرارة، و«سجلت أسعار الدواجن البيضاء، الجمعة، نحو 90 جنيهاً بالمزرعة، في حين تباع للمستهلك بسعر 95 إلى 100 جنيه للكيلو، ويسجل سعر البانيه (شرائح الصدور) ما بين 210 إلى 220 جنيهاً»، بحسب تصريحات رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة، عبد العزيز السيد لـ«الشرق الأوسط».

في ذات السياق، أفاد سكرتير شعبة الملابس الجاهزة في الغرفة التجارية بالإسكندرية، تامر رجب، خلال تصريحات متلفزة، الخميس، بأن «أسعار الملابس الجاهزة الصيفية هذا العام زادت بنسب تتراوح من 35 إلى 40 في المائة عن أسعار العام الماضي»، متوقعاً أن «تكون حركة البيع هذا العام خلال موسم عيد الأضحى أقل من العام الماضي بنسبة كبيرة».

وأشار الموظف الحكومي حسن إلى أنه مع ارتفاع أسعار اللحوم، لجأ إلى بعض العروض التي يقدمها الجزارون وكذلك المنافذ الحكومية، موضحاً أنه توجه إلى أحد المنافذ للاستفادة من عرض «3 كيلوغرامات ضأن - ماعز بسعر 780 جنيهاً بدلاً من 990 جنيهاً»، مبيناً أن «هذا العرض حلّ مشكلة اللحوم، في حين يتبقى شراء ملابس العيد»، التي سوف يخصص لها راتبه المُنتظر.

وهنا يرى البهواشي أن مثل هذه العروض التي تظهر هذا العام بكثرة، تأتي كمحاولات واجتهادات للتواؤم مع القدرة الشرائية للمواطن، كما أن أصحاب محال الجزارة يريدون الحفاظ على مبيعاتهم؛ لكون عيد الأضحى هو موسم البيع الأول لهم، وبالطبع تأثروا نتيجة تراجع الشراء من جانب المواطن، موضحاً أن «غلاء الأسعار دفع بعض الأسر إلى التراجع عن شراء ملابس العيد، والاكتفاء بما لديها من ملابس، وبالتالي أحدث ذلك مردوداً سلبياً على أسواق الملابس الجاهزة».


مقالات ذات صلة

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق «الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف».

نادية عبد الحليم (القاهرة)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة)، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)»، لتتمكن من تسلُّم أراضي المرحلة الأولى المخصصة للمشروع المشترك بين مصر والإمارات، الذي يستهدف تنمية وتطوير المنطقة.

ووجّه رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، السبت، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، شريف الشربيني، بمتابعة موقف تعويضات الأهالي والتعاون مع محافظة مرسى مطروح والجهات المعنية الأخرى «لسرعة الانتهاء من هذا الملف». وأكد مدبولي خلال جولة له بمدينة العلمين (شمال مصر)، السبت، أنه «لا بديل عن الالتزام بالمواعيد المحددة لبدء المرحلة الأولى من المشروع».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وذكر مدبولي خلال توقيع الاتفاق أن مدينة رأس الحكمة الجديدة ستقام على مساحة 170.8 مليون متر مربع، وستوفر كثيراً من فرص العمل، معتبراً أن مثل هذه النوعية من المشروعات «يمكنها المساهمة في تحقيق حلم مصر لجذب 40 أو 50 مليون سائح». ووفق إحصاءات سابقة لوزارة السياحة والآثار المصرية فإن «نحو 14.9 مليون سائح زاروا مصر العام الماضي».

وقال مدبولي في وقت سابق إن «مشروع تنمية وتطوير رأس الحكمة»، يعد أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر. وشدد حينها على أن المشروع «شراكة استثمارية وليس بيع أصول».

رئيس الوزراء المصري ووزير الإسكان خلال زيارة "العلمين الجديدة" (مجلس الوزراء المصري)

في غضون ذلك، عقد رئيس مجلس الوزراء المصري، السبت، عقب جولته بمدينة العلمين الجديدة، اجتماعاً مع عدد من المسؤولين، أكد خلاله «أهمية المشروعات الجاري تنفيذها في الساحل الشمالي». وقال إنها «تضع مصر على خريطة الاستثمار والسياحة العالمية»، مشيراً إلى أنه «إلى جانب المشروعات المهمة، التي يجري تنفيذها في مدينة العلمين الجديدة، فقد بدأ العمل الجاد تمهيداً للمرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة، الجاري تنفيذه بشراكة مصرية-إماراتية». ووصف مدبولي المشروع بأنه «متوقع أن يدر على الاقتصاد المصري موارد دولارية ضخمة خلال فترتي الإنشاء والتشغيل».

وكان المشروع قد جرى توقيعه في وقت شهدت مصر خلاله «فجوة دولارية». واعتبر خبراء ومراقبون وقتها (أي قبل تحرير سعر صرف الجنيه في مارس/ آذار الماضي) أن الحكومة تحتاج إلى «حلول عاجلة» لإحداث توازن بين السعر الحقيقي للجنيه، والسعر المتداول للدولار في «السوق السوداء».

مخطط مدينة "رأس الحكمة" (موقع خريطة مشروعات مصر)

من جانبه، استعرض وزير الإسكان المصري خلال الاجتماع مع مدبولي «ملف التعويضات» التي سيتم تقديمها للأهالي في منطقة رأس الحكمة، تمهيداً لتسليم أراضي المرحلة الأولى للجانب الإماراتي، لبدء تنفيذ المشروع. وأكد الوزير المصري أن التنسيق مع الجانب الإماراتي «يجري بشكل متسارع من أجل تسليم أراضي المرحلة الأولى». وعرض الوزير أيضاً الموقف التخطيطي لمشروع «السكن البديل لأهالي منطقة رأس الحكمة»، لافتاً إلى أن هذا المشروع «سيتم تنفيذه بما يلائم تطلعات سكان المنطقة».

وكانت الشركة «القابضة» الإماراتية (ADQ) قد ذكرت في وقت سابق أن مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة «يستهدف ترسيخ مكانة رأس الحكمة بوصفها وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر»، وفق بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».