مصر: دعوات لتركيز التشكيلة الحكومية الجديدة على البعدين «الاقتصادي والخدمي»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

مصر: دعوات لتركيز التشكيلة الحكومية الجديدة على البعدين «الاقتصادي والخدمي»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

في وقت يترقب فيه الشارع المصري الإعلان رسمياً عن التشكيل الحكومي الجديد برئاسة مصطفى مدبولي (رئيس الوزراء المكلف)، دعا اقتصاديون وبرلمانيون إلى ضرورة تركيز «التشكيل الوزاري» على البعدين «الخدمي والاقتصادي». وأشاروا إلى أن «الصعوبات التي يواجهها المصريون في خدمات عديدة، وتأثيرات الأزمة الاقتصادية بالبلاد، تقتضيان الاستعانة بأسماء جديدة بأفكار ومقترحات مختلفة عن الفترة السابقة».

وبحسب مراقبين، «تستهدف الحكومة المصرية اختيار عدد من الكفاءات وأصحاب الخبرات في التشكيل الوزاري المرتقب، للعمل على مواجهة تحديات ومشكلات يعاني منها المواطن، خصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والخدمي».

وكلف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مدبولي، الاثنين الماضي، بتشكيل حكومة جديدة من «ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة». وأعطت الأهداف التي حددها السيسي للحكومة الجديدة، أولوية «لملف بناء الإنسان المصري خاصة في مجالات الصحة والتعليم»، وتضمنت «مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق».

وواجه الاقتصاد المصري خلال الأشهر الماضية «أزمات بشأن صعوبة توفير النقد الأجنبي، أدت لتراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار لمستويات غير مسبوقة، قبل أن تتخذ الحكومة إجراءات استثنائية في مارس (آذار) الماضي، شملت الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج دعم موسع بقيمة 8 مليارات دولار، وتحديد سعر الصرف وفقاً لآليات السوق ورفع سعر الفائدة». (الدولار الأميركي يساوي 47.47 جنيه في البنوك المصرية).

وتشير بيانات البنك المركزي المصري إلى «تضاعف إجمالي الديون الخارجية المستحقة على مصر خلال السنوات الأخيرة، لتصل إلى 40.3 في المائة من نسبة الناتج المحلي الإجمالي»، و«يتعين على مصر سداد نحو 32.8 مليار دولار من إجمالي الديون الخارجية للبلاد خلال 2024»، وفقاً لـ«المركزي».

مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

ومنذ الإعلان عن تكليف الدكتور مصطفى مدبولي بتشكيل الحكومية الجديدة، يتفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المصرية مع «شكل الحكومة القادمة». ورأى الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع، «ضرورة تغيير وزراء في المجموعة الاقتصادية والخدمية». وأشار في تصريحات متلفزة، مساء الخميس، إلى «ضرورة اتخاذ الحكومة الجديدة إجراءات اقتصادية لتحسين مؤشرات الاقتصاد، من بينها تقليل أعباء الديون»، لافتاً إلى أن «الدين يستهلك ثلثي الموازنة العامة»، وطالب «بتخصيص وزارة للاستثمار».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال جهاز التعبئة والإحصاء المصري، إن «أسعار الطعام والمشروبات ارتفعت بنحو 40.5 في المائة، كما ارتفعت أسعار الملابس والأحذية 25.7 في المائة، والسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود 10.2 في المائة». وأشار الجهاز حينها إلى «تراجع نسب التضخم الأساسي بمصر إلى 31.8 في المائة على أساس سنوي في أبريل (نيسان) الماضي، مقابل 33.7 في المائة في مارس الماضي».

واتخذت الحكومة المصرية أخيراً قرارات لتقليل الدعم على بعض السلع الأساسية. ودخل قرار بيع الخبز المدعم بسعر 20 قرشاً للرغيف بدلاً من 5 قروش حيز التنفيذ مطلع الشهر الحالي، كما قررت الحكومة رفع تعريفة الاستهلاك لشرائح الكهرباء بنسب تتراوح بين 16 إلى 26 في المائة، وتحريك أسعار بعض المستحضرات الدوائية بنسب تتراوح ما بين 20 إلى 25 في المائة.

ودعا وكيل «لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب ياسر عمر، إلى «ضرورة أن يشمل التشكيل الحكومي الجديد وجوهاً جديدة من خبرات وكفاءات في الملفات الخدمية والاقتصادية»، مشيراً إلى «حاجة الحكومة لأفكار جديدة في هذه الملفات؛ لاستكمال مسيرة الإصلاح بها».

وطالب بضرورة «إعادة هيكلة بعض الحقائب الوزارية، خصوصاً في المجموعة الاقتصادية»، بحيث يتم «تخصيص وزارة للاستثمار وأخرى للصناعة، بجانب تطوير العمل في بعض الملفات الخدمية المهمة مثل الزراعة».

عمر رأى أن «تطوير العمل في هذه الملفات يساهم في تقليل فاتورة الاستيراد من الخارج، ويزيد من فاتورة الصادرات، وهو ما سينعكس إيجابياً على مؤشرات الاقتصاد»، مشيراً إلى أن «الحكومة بذلت جهوداً في إصلاح الملفات الاقتصادية والخدمية، وتحتاج للبناء على تلك الجهود في الفترة المقبلة»، مستشهداً بإشادة «صندوق النقد الدولي» بتحسن مؤشرات الاقتصاد المصري في تقريره الأخير.

المصريون يترقبون التشكيلة الجديدة للحكومة (الشرق الأوسط)

ووافق «صندوق النقد الدولي» على صرف شريحة دعم جديدة لمصر بقيمة 820 مليون دولار. ورأى أن «الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها مصر ساهمت في تحسين النظرة المستقبلية للاقتصاد، وتحسن في إتاحة النقد الأجنبي وتباطؤ التضخم»، بحسب بيان للصندوق، الخميس.

ورأى الخبير الاقتصادي المصري، وائل النحاس، أن «الجانب الاقتصادي سيكون محركاً أساسياً لتغييرات في حقائب المجموعة الاقتصادية»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأولوية في الاختيارات يمكن أن تكون لمن لديه القدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية، أو من يمتلك ظهيراً استثمارياً يعزز من فرص الاستثمار الأجنبي بمصر خلال الفترة المقبلة».

واستدل على ذلك «بما يتردد عن حزمة استثمارية قادمة تقدر بنحو 30 مليار دولار». وأضاف أن «الملف الخدمي سوف توليه الحكومة أهمية كبرى خلال الفترة المقبلة، لذا ستركز في التشكيل المرتقب على أفكار جديدة لتحقيق تقدم في هذا الملف».

وتحدث النحاس عن صيغة تقديم مدبولي استقالته للرئيس السيسي، ثم إعادة تكليفه بتشكيل حكومة جديدة. وقال إن هذا «يعني أن الحكومة الجديدة ستقدم برنامجاً مختلفاً عن الفترة الماضية، لإقراره أمام البرلمان، وفقاً للقواعد الدستورية». وتشترط المادة 146 من الدستور المصري «حصول الحكومة الجديدة على موافقة مجلس النواب، بأغلبية الأعضاء خلال ثلاثين يوماً على الأكثر».


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا من جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (الحكومة المصرية)

«النواب» المصري على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات

دخل مجلس النواب المصري (البرلمان) على خط أزمة أسعار خدمات الاتصالات في البلاد.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا. وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

الحكومة المصرية لإعداد مساكن بديلة لأهالي «رأس الحكمة»

تشرع الحكومة المصرية في إعداد مساكن بديلة لأهالي مدينة «رأس الحكمة» الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد).

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)
شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)
شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، مشيراً إلى أن أكثر من 3 ملايين طفل نزحوا داخل السودان وخارجه منذ بداية الصراع.

وأضاف التقرير أن واحداً من كل ثلاثة في السودان يعاني من نقص حاد في الأمن الغذائي.

وبحسب التقرير الذي نُشر على موقع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، أسفرت موجة العنف وانعدام الأمن الحالية عن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع.

وجاء في التقرير: «أُجبر أكثر من 7.4 مليون شخص على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان داخل السودان وخارجه، إلى جانب 3.8 مليون نازح داخلياً من الصراعات السابقة. يواجه السودان حالياً أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأهم أزمة نزوح للأطفال».

وأشار التقرير إلى أن النظام الصحي الهش بالفعل أصبح في حالة يرثى لها، مع تصاعد خطر تفشي الأمراض، بما في ذلك تفشي الكوليرا، فضلاً عن حمى الضنك والحصبة والملاريا.