«هدنة غزة»: هل ينجح الوسطاء في حسم نقاط الخلاف؟

اجتماع أميركي - قطري - مصري بالدوحة

دخان يتصاعد في وقت سابق فوق خان يونس خلال القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في وقت سابق فوق خان يونس خلال القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: هل ينجح الوسطاء في حسم نقاط الخلاف؟

دخان يتصاعد في وقت سابق فوق خان يونس خلال القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد في وقت سابق فوق خان يونس خلال القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

بدأ الوسطاء في مفاوضات «هدنة غزة» ماراثوناً مليئاً بـ«عقبات» لرسم آليات إعادة المحادثات بين طرفي الصراع «حماس» وإسرائيل، وسط تساؤلات حول مدى نجاح جهود الوسطاء، بخاصة مع توالي المطالبات العربية والأميركية للطرفين بقبول مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن.

والآليات المطروحة على طاولة اجتماع أميركا وقطر ومصر في الدوحة الأربعاء، تراوحت بين «طلب الموافقة المسبقة من الطرفين، ووضع ضمانات للاستجابة، ورسم سيناريوهات للتنفيذ»، بينما ستكون نقطة الخلاف الرئيسية، هي مطالبة «حماس» بوقف دائم للحرب بمراحل محددة، وتمسك تل أبيب بأهمية أن يكون التوقف مرحلياً ومؤقتاً، بحسب مراقبين.

وأكد مصدر مصري، وصفته قناة «القاهرة الإخبارية» بـ«رفيع المستوى»، الأربعاء، «عقد اجتماع مصري - أميركي - قطري في الدوحة لبحث آليات إعادة مفاوضات الهدنة». ولم يتوقف طلب الوسطاء علناً من «حماس» وإسرائيل تقديم رد على مقترح بايدن، الذي يتضمن 3 مراحل، تبدأ بهدنة وتبادل رهائن وأسرى، وتنتهي بإعمار قطاع غزة.

معبر رفح (رويترز)

وأكد مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، أن واشنطن تنتظر رد «حماس»، غداة إعلان متحدث الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن الدوحة تنتظر «موقفاً واضحاً» من إسرائيل. بينما حضّ وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على «تجاوب الطرفين مع المقترح بشكل إيجابي ومرن».

هذا الإصرار على إتمام الهدنة من الوسطاء، يصاحبه حراك عربي ودولي وأميركي للدفع نحو وقف إطلاق النار؛ إذ طالب ثلاثي الوساطة؛ الولايات المتحدة وقطر ومصر، «حماس» وإسرائيل، الأحد الماضي، بقبول مقترح بايدن، وتلاه الاثنين، بيان خماسي عربي ضم السعودية وقطر والإمارات ومصر والأردن، دعا إلى إقرار الهدنة وفق مقترح بايدن.

ودفعت واشنطن، الأربعاء، بمدير «سي آي إيه»، ويليام بيرنز إلى الدوحة، وكبير مستشاري بايدن لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكجورك، إلى القاهرة لدعم ضغوط التوصل للهدنة، وفق ما ذكره موقع «أكسيوس» الأميركي. بينما يشهد مجلس الأمن الدولي، سباقاً آخر في هذا الصدد، ما بين مسودة مشروع قرار أميركي يدعم مقترح بايدن، يقابله مشروع فرنسي داعم لوقف إطلاق النار بغزة، بخلاف مشروع عربي محتمل ستطرحه الجزائر ويحصد تأييداً روسياً.

ورأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، أن طاولة الدوحة ستحمل «مناقشة لسيناريوهات تنفيذ مقترح بايدن، وستكون هناك أولويات عربية في تلك المحادثات تتضمن وقف إطلاق النار بغزة، وفتح معبر رفح بعد انسحاب إسرائيلي من الجانب الفلسطيني منه». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن العقبات التي ستواجه ماراثون المفاوضات تتمثل في «مراوغة إسرائيلية في التنفيذ؛ ما قد يؤدي إلى فشلها مرة أخرى».

ومنذ نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، عُقدت جولات مفاوضات غير مباشرة في باريس والقاهرة والدوحة، بشأن التوصل إلى هدنة تتضمن تبادل الأسرى، لم تسفر عن اتفاق مماثل لهدنة جرت أواخر العام الماضي، وشهدت تبادل عدد من الأسرى.

مبانٍ مدمرة بشمال غزة بعد قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

الخبير بالعلاقات الدولية في «مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور بشير عبد الفتاح، أكد لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الضمانات التي ستتم مناقشتها في ذلك الاجتماع لإنجاح المفاوضات». ويعتقد أن «اجتماع الدوحة فرصة مناسبة للتوصل لتهدئة، لكن المشكلة في نتنياهو، الذي يريد اتفاقاً مختزلاً لن تقبله (حماس)؛ لذلك الوساطة تناقش الترتيبات والضمانات وتحضّ الأطراف على إبداء مرونة».

وبدوره، يعتقد المحلل المختص بالشأن الأميركي، مايكل مورغان، أن اجتماع الدوحة محاولة لـ«رأب الصدع»، لجولات مفاوضات سابقة، في ظل ضغط كبير على نتنياهو من الداخل لإتمام صفقة الأسرى، معولاً على «ضغط موازٍ من واشنطن لإجباره على إتمام اتفاق». ويرجح أن «هناك نقاشات بخصوص ترتيبات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار والوصول لتوافق بين مطلب (حماس) وشروط إسرائيل بشأن الوقف الدائم والمؤقت لإطلاق النار»، متوقعاً لـ«الشرق الأوسط» أن «تشمل النقاشات الخروج الآمن لقيادات (حماس) من غزة أيضاً».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

شؤون إقليمية خدمات الطوارئ الإسرائيلية جنوب تل أبيب في موقع سقوط صاروخ حوثي أطلق على إسرائيل فجر السبت (رويترز)

إسرائيل تدرس خيارات الرد على الحوثيين

تجاوز صاروخ أطلقه الحوثيون الدفاعات الإسرائيلية التي فشلت في اعتراضه وسقط في تل أبيب أمس. وقال مسعفون إنَّ 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة نتيجة شظايا الزجاج،

علي ربيع (عدن) كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً في موقع غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مقتل 5 في غارة جوية على منزل بمخيم النصيرات وسط غزة

قال مسعفون لـ«رويترز»، اليوم السبت، إن خمسة أشخاص، بينهم طفلان، قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطيني يبكي طفله الذي قتل في غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

فصائل فلسطينية: وقف إطلاق النار في غزة بات «أقرب من أي وقت مضى»

أعلنت ثلاثة فصائل فلسطينية أنّ التوصّل لاتفاق مع إسرائيل على وقف لإطلاق النار في قطاع غزة بات «أقرب من أيّ وقت مضى».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
TT

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)
جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد، بما يضمن التمهيد لإجراء الانتخابات العامة بالبلاد.

وجاء الاتفاق، الذي توصّل له المجتمعون في مدينة بوزنيقة المغربية، بعد أيام قليلة من طرح المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، «مبادرة جديدة»، تستهدف كسر الجمود الراهن بالأزمة السياسية، والمضي قدماً نحو إجراء الاستحقاق الانتخابي المنتظر.

من جلسة سابقة لأعضاء المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

ووسط تباين ردود الفعل حول مخرجات اجتماع المجلسين، بين مرحّب بها، بوصفها «خطوةً لتجاوز الأزمة السياسية»، ومَن عدّها تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري، ومحاولة مكررة من البرلمان لإزاحة حكومة «الوحدة الوطنية»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، في ضوء تصاعد الخصومة بينهما، تركزت التساؤلات حول مدى إمكانية تفعيل مخرجات هذا الاتفاق، خصوصاً في ظل افتقاره لأي دعم دولي أو إقليمي.

بداية، يرى رئيس لجنة الشؤون السياسية بالمجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن اجتماع بوزنيقة التشاوري هو «امتداد لسلسلة اجتماعات سابقة، عقدها أعضاء بالبرلمان مع كتلة من أعضاء (الأعلى للدولة) في كل من تونس والقاهرة خلال الأشهر الماضية»، مشيراً إلى أنها «لم تسفر عن أي جديد، ولم يتم تنفيذ أي من مخرجاتها، التي تَقدَّمها أيضاً مقترح تشكيل حكومة جديدة، ودعوة البرلمان لفتح باب الترشح لرئاستها».

ويعتقد معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «الهدف الرئيسي لهؤلاء المجتمعين، الذين تجاوز عددهم 50 شخصاً، هو تغيير الحكومة القائمة بطرابلس، وليس العمل على الوصول للانتخابات»، لافتاً إلى أن بنود الاتفاق «تجاهلت الاعتراضات على القانونَين المنظِّمَين للاستحقاق الانتخابي». كما تم «التغافل عن سعي خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة المسائل العالقة بالقانونَين».

عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي (مجلس النواب)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة» ومقرها طرابلس، والأخرى مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.

ويعدّ ملف تشكيل «حكومة جديدة» من القضايا الخلافية بين القوى والأطراف الرئيسية في ليبيا، حيث يتمسّك البرلمان بضرورة تشكيلها بهدف إجراء الانتخابات، لكن في المقابل يرفض الدبيبة القوانين الانتخابية التي أقرّها البرلمان، ويصفها بأنها «غير عادلة»، ويطالب بقوانين تُجرى على أساسها الانتخابات، وبعدها يُسلِّم السلطة.

وانتقدت بعض الأوساط السياسية تغافل المجتمعين في بوزنيقة وجود نزاع منظور أمام القضاء، منذ 4 أشهر على رئاسة «الأعلى للدولة»، بين كل من خالد المشري ومحمد تكالة، ومعارضة الأخير لأي تقارب مع البرلمان قبل تعديل القوانين الانتخابية.

خالد المشري (المكتب الإعلامي للمجلس)

من جانبه، ذهب الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، إلى أن ما ورد في بنود اتفاق المجلسين في بوزنيقة من «تشكيل لجان مختلفة لوضع تقارير خلال شهر حول كيفية معالجة قضايا متجذرة، منها محاربة الفساد، وإعادة تكليف المناصب السيادية، يثير كثيراً من التساؤلات حول أهداف ونوايا المجلسين، قبل قدرتهما على تفعيل تلك المخرجات».

وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان المجلسان لا يهدفان للتشويش على مبادرة خوري، بالعمل على استنزاف الوقت لحين انتهاء مهمة البعثة في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، فهذا يعني أنهما عرقلا طيلة السنوات السابقة التوافق بينهما بشأن معالجة الملفات المصيرية، التي كانت سبباً في معاناة الليبيين». واستبعد التواتي أن يؤدي هذا الاتفاق «لتحقيق هدف المجتمعين، المتمثل في إزاحة حكومة الدبيبة؛ التي جاءت باتفاق سياسي برعاية أممية، وفي الأغلب لن تغادر دون اتفاق مماثل».

ليبيون عدّوا مخرجات اجتماع بوزنيقة تدشيناً لمسار مضاد لمبادرة خوري (البعثة)

بالمقابل، دافع عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، عن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه في المغرب، عادّاً أنه «سيقود البلاد نحو إجراء الانتخابات».

وقال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجان التي انتهى إليها الاتفاق بدأت عملها؛ وبعد شهر ستضع رؤيتها لمعالجة كثير من القضايا التي سبق أن عرقلت إجراء الانتخابات»، ومن بينها توفير الموارد لمشروع التعداد الوطني.

وانتقد الزرقاء ما يتردد حول أن مخرجات بوزنيقة «هي خطوة لعرقلة مبادرة خوري»، وقال موضحاً: «بالعكس من ذلك... الاتفاق بمثابة خطة داعمة للمبادرة. واجتماع ممثلي المجلسين يرسخ استعادة القوى الوطنية زمام المبادرة لحل الأزمة السياسية، بعيداً عن أي تدخلات دولية».

ورغم إقراره بوجود خصومة بين البرلمان وحكومة الدبيبة، فقد شدَّد الزرقاء على أن «الهدف الرئيسي للاجتماع هو إيجاد حكومة موحدة تمهِّد للانتخابات، ومن ثم ستزيح الدبيبة وأيضاً حكومة أسامة حماد».

وانضم الزرقاء إلى آراء كثيرين من أعضاء البرلمان، الذين اعترضوا على دعوة خوري لتشكيل لجنة استشارية لحلحلة القضايا العالقة بقانونَي الانتخابات، موضحاً أن القوانين التي أقرّها البرلمان «هي نتاج لجنة مؤلفة من أعضاء المجلسين، ومعظمهم شارك في اجتماع بوزنيقة، وتوافقوا حول مخرجاته، وهو ما يفنِّد الاحتياج للجنة جديدة».

وأوضح: «نفضِّل أن تركز البعثة في مساعدة الليبيين على الوصول للاستحقاق، عبر دعم حلول وطنية، لا المساس بقوانين تم إقرارها من سلطة تشريعية منتخبة، وصرَّحت المفوضية الوطنية للانتخابات بأنها قابلة للتنفيذ».