«رادار الأسعار»... هل يحد من الغلاء في مصر؟

برنامج إلكتروني أعلنت الحكومة تطبيقه لضبط الأسواق

جانب من حملة تفتيش حكومية على أسعار السلع (وزارة التموين المصرية)
جانب من حملة تفتيش حكومية على أسعار السلع (وزارة التموين المصرية)
TT

«رادار الأسعار»... هل يحد من الغلاء في مصر؟

جانب من حملة تفتيش حكومية على أسعار السلع (وزارة التموين المصرية)
جانب من حملة تفتيش حكومية على أسعار السلع (وزارة التموين المصرية)

عقب الحديث عن تطبيق جديد أطلقته الحكومة المصرية باسم «رادار الأسعار»، وقالت عنه إنه «يستهدف ضبط الأسواق، عبر تمكين المواطن من معرفة مكان وجود السلع في محيطه الجغرافي بأقل سعر»، أُثيرت تساؤلات حول جدوى هذا التطبيق، وهل سيحد من الغلاء في البلاد؟

ووفق المتحدث باسم جهاز حماية المستهلك (جهاز حكومي تابع لوزارة التموين المصرية)، إسلام الجزار، فإن التطبيق سوف يساعد على «تعزيز التنافسية بين الشركات والمنتجين والموردين لرغبتهم في بيع السلعة بأقل سعر ممكن»، مؤكداً في تصريحات متلفزة، مساء السبت، أن «التطبيق سيتيح للمواطنين تدوين الأسعار ومشاركتها مع مستخدمين آخرين».

«الشرق الأوسط» قامت بتحميل التطبيق الجديد المتاح عبر «غوغل بلاي» و«أبل ستور»، والذي يتطلب التسجيل المسبق برقم الهاتف والبريد الإلكتروني، بينما لا يتيح التطبيق «سوى أسعار 7 سلع فقط»، ويعتمد على إتاحة الفرصة للمُستخدم بعد اختيار المحافظة التي يقيم فيها، لمعرفة سعر السلع ومكان وجودها بناءً على المعلومات التي وفرها مستخدمون آخرون، مع إمكانية الإبلاغ عن تغيير السعر أو عدم توافر السلع في المنفذ الذي حدده التطبيق، بجانب إمكانية تحميل صور للسلع من داخل المتجر، كما يتيح التطبيق للمواطنين المسجلين عليه، إمكانية تقديم الشكاوى فيما يتعلق بالسلع التي يوفر أسعارها.

وتعتزم الحكومة وفق إفادة لها في أبريل (نيسان) الماضي، «تفعيل التطبيق بشكل كامل الشهر المقبل، مع العمل على إطلاق تطبيق آخر لتلقي الشكاوى من المستهلكين».

قفزت أسعار السلع في مصر خلال الشهور الماضية وفق بيانات حكومية (وزارة التموين المصرية)

وبينما قال رئيس الأمانة الفنية لـ«اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع» في مصر، أسامة الجوهري، في تصريحات سابقة، إن اللجنة التي شكّلها رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، تعمل على «تدشين لوحة معلومات لمتابعة أسعار السلع، تقوم على ربط قواعد البيانات بالجهات المختلفة، وتشمل الإنتاج والاستهلاك والاستيراد والتصدير، مع التوسع في نطاق رصد أسواق الجملة، مع إطلاق تحذيرات قبل حدوث أي أزمات في الأسعار».

ترى عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، فريدة الشوباشي، أن «ما تقوم به الحكومة من خطوات ليست كافية حتى الآن للحد من الغلاء»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ضرورة للرقابة على الأسعار عبر استخدام الآليات والأدوات الرقابية الموجودة في القانون، مع توقيع عقوبات رادعة على المخالفين، وهو أمر لم نشاهده حتى الآن مع محتكري السلع، الذين قاموا باستغلال الأوضاع في الشهور الماضية، ورفعوا الأسعار بشكل غير مقبول».

الشوباشي أشارت أيضاً إلى أن التطبيق الجديد «يمثل إحدى الأدوات التي ستُمكّن المواطن من معرفة سعر تقريبي للسلعة ومكان توافرها بحسب مكان وجوده»، لكن الأهم أن «تظل الحملات الرقابية، للتأكد من توافر السلع ومنع تخزينها لدى كبار التجار لطرحها بأسعار أزيد مع تغير سعرها عالمياً».

أيضاً أشار الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور محمد الشوادفي، إلى أن «التطبيق الجديد وحده لن يكون سبباً مباشراً في خفض الأسعار أو نجاح الرقابة عليها، ولا بد من توافر السلع بما يضمن إتاحتها للجمهور بسعر مناسب، الأمر الذي يجب على الحكومة أن تعمل عليه بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة».

وفي مارس (آذار) الماضي، دخل قرار مجلس الوزراء المصري بإلزام البائعين بكتابة الأسعار على 7 سلع استراتيجية رئيسية حيز التنفيذ، ومن هذه السلع منتجات الألبان، والسكر، والأرز.

ووفق بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في مصر، فإن التضخم في أبريل الماضي «تباطأ إلى 32.5 في المائة على أساس سنوي مقارنة بـ33.3 في المائة في مارس الماضي».

عودة إلى الشوادفي الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الأسعار تتحدد وفق العرض والطلب مع انضباط مسارات ومنافذ التوسيع بما يستوجب تحركات حكومية واضحة لإنهاء هذه المشكلات، والعمل على زيادة الإنتاج لتوفير زيادة من السلع المعروضة بالأسواق، الأمر الذي سيؤدي لخفض الأسعار بشكل تلقائي».


مقالات ذات صلة

تحركات مصرية رسمية لـ«تحسين مناخ» الحريات قبيل «مراجعة جنيف»

شمال افريقيا اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان» بمصر (الخارجية المصرية)

تحركات مصرية رسمية لـ«تحسين مناخ» الحريات قبيل «مراجعة جنيف»

ناقشت «العليا الدائمة لحقوق الإنسان» (لجنة يرأسها وزير الخارجية المصري، وتشارك فيها وزارات وهيئات حكومية) إجراءات تنفيذ «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مقر دار الإفتاء المصرية (دار الإفتاء)

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

يناقش مؤتمر دولي لدار الإفتاء المصرية «مكافحة التطرف وخطاب الكراهية» وينطلق الاثنين لمدة يومين بأحد فنادق القاهرة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)

​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
TT

​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

أعادت الانفجارات التي شهدتها مدينة زليتن (بغرب ليبيا) إثر اندلاع النيران في مخزن للذخيرة مخاوف ومطالب المواطنين بضرورة إخلاء المناطق كافة من عتاد الميليشيات المسلحة، كما وجه رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، بسرعة فتح تحقيق في تلك الانفجارات.

وكانت انفجارات ضخمة متتالية هزّت زليتن الساحلية، فجر الجمعة الماضي، إثر انفجار المخزن الذي تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، الأمر الذي دفع المجلس البلدي لزليتن، إلى مطالبة الجهات الأمنية والعسكرية بـ«سرعة التعامل مع مخازن الذخائر وإبعادها عن المناطق المأهولة بالسكان».

انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في عام 2011 اتخذت التشكيلات المسلحة من بعض البنايات قواعد عسكرية، ودشنت بها مخازن للعتاد الذي تستخدمه كلما اندلعت اشتباكات على توسيع النفوذ.

وأمام ازدياد مخاوف الليبيين، قال أستاذ القانون والباحث السياسي، رمضان التويجر، لـ«الشرق الأوسط» إن ليبيا بصفتها دولة «بكل أسف تفتقر لمبدأ احتكار القوة العسكرية التي أصبحت موزعة على قبائل ومدن بعينها».

وتحوّل العتاد المخزّن لدى المجموعات المسلحة، وبعض المواطنين خارج إطار الدولة، إلى مصدر قلق للسلطات الليبية وللمواطنين أيضاً. وهو ما دفع «الأمم المتحدة» لدعوة الأطراف كافة إلى ضرورة إبعاده عن مناطق المدنيين، ودمج هذه التشكيلات في أجهزة الدولة الرسمية.

وعقب انفجار مخزن الكتيبة التي يطلق عليها أيضا «فرسان زليتن» بالمدينة الواقعة على بعد (150 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس)، ذكّر المجلس البلدي للمدينة بتكرار حوادث انفجار مخازن الذخائر في الفترة الماضية، معرباً عن «قلقه البالغ» حيال ذلك.

ودعا المجلس البلدي أيضاً الجهات الأمنية والعسكرية، إلى «تطبيق المعايير المتعارف عليها على تلك المخازن، بحيث يتم نقلها خارج المدن»، مشدداً على ضرورة «فتح تحقيق عاجل من قبل جهات الاختصاص، لتحديد أسباب هذه الظاهرة التي تكررت أكثر من مرة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكرارها».

وعادة ما تُحدث انفجارات مخازن العتاد خسائر في الأرواح وممتلكات المواطنين التي تجاور ديارهم، القواعد العسكرية للميليشيات المسلحة. وكانت مقاطع فيديو متداولة عقب حادث زليتن، أظهرت تدميراً في محيط «كتيبة العيان»، وهو ما أكده مدير فرع جهاز الإسعاف والطوارئ، الطاهر الشطشاطي.

وبث مواطنون ليبيون بالعاصمة مخاوفهم من تراكم هذه الأسلحة بالقرب من ديارهم، لوسائل إعلام محلية، وتتكرر المخاوف كلما اندلعت اشتباكات مسلحة.

من اجتماع سابق في طرابلس للدبيبة مع محمود حمزة آمر «اللواء 444 قتال» (حكومة الوحدة)

وبصفته وزيراً للدفاع بها، قالت حكومة «الوحدة»، إن الدبيبة أصدر تعليماته للمدعي العام العسكري باتخاذ الإجراءات، وفتح تحقيق في الانفجار الذي وقع فجر الجمعة بمدينة زليتن.

وأعلن في ليبيا عن إطلاق مبادرات عدة لجمع السلاح بداية من عام 2012، انطلقت أولاها بمدينتي طرابلس وبنغازي، تحت شعار «أمن بلادك بتسليم سلاحك». وفي فبراير (شباط) 2013 وضعت الولايات المتحدة مع ليبيا خطة سرية، تقضي بتوفير برنامج مخصص لشراء الأسلحة، وتحديداً الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، والمقدّر عددها بـ20 ألف صاروخ، لكن هذا الأمر لم يحدث.

وبمواجهة أزمة عتاد التشكيلات المتراكم في المدن الليبية، يرى التويجر، أن «عملية إخلائها لن تكون بالمطالبات، وإنما بتنفيذ عملي من الدولة، حينما تكون قوية»، ويعتقد أن هذا الأمر: «لن يتم في ظل الوضع القائم، ولن يتغير الحال أو تقوم الدولة بهذا الشكل».

وتعاني ليبيا من انقسام حكومي حاد منذ عام 2014، حكومة في العاصمة طرابلس بقيادة الدبيبة، وثانية برئاسة أسامة حماد، وتدير شرق ليبيا وبعض مدن الجنوب.

من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

وسبق أن أعلن عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، في 21 فبراير الماضي، أنه بعد مشاورات ومفاوضات، امتدت لأكثر من شهر، تم التوصل إلى «اتفاق مع الأجهزة الأمنية لإخلاء العاصمة بالكامل قريباً من بعض الأجهزة الأمنية».

ولم يحدد الطرابلسي حينها موعداً زمنياً لتنفيذ هذا التعهد، لكنه قال حينها إنه سيتم إرجاع كل هذه الأجهزة إلى ثكناتها، باستثناء الجهات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، على أن يقتصر العمل الأمني على «الداخلية»... وحتى الآن، لم يتم شيء من ذلك.

والميليشيات التي وصفها الطرابلسي بـ«الأجهزة الأمنية» هي: «جهاز قوة الردع»، و«جهاز الأمن العام»، و«الشرطة القضائية»، و«جهاز دعم الاستقرار»، و«اللواء 444 قتال»، و«اللواء 111»، بالإضافة إلى «قوة دعم المديريات».

وقال مصدر مقرب من حكومة «الوحدة الوطنية» إن النيابة العامة أُخطرت الأحد بطلب الدبيبة للتحقيق في تفجير مخزن الذخيرة، لكنه يعتقد «بعدم التوصل إلى نتيجة واضحة وحاسمة بشأن أي شيء يتعلق بمثل هذه الوقائع؛ لارتباط الأمر بتشكيلات وثيقة الصلة بالدبيبة».

ويلفت المصدر في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، إلى إن أزمة الميليشيات وعتادها «ستظلان صداعاً في رأس ليبيا ومواطنيها ما دام يستمد ساستها في عموم البلاد، قوتهم ونفوذهم من هذه التشكيلات المدعومة بسخاء».

يشار إلى أن «البرنامج الليبي للإدماج والتنمية»، الذي عرف بعد تأسيسه بـ«هيئة شؤون المحاربين»، قدم في السابق استراتيجية مفصلة لجمع السلاح، بالتعاون مع «المنظمة الدولية للعدالة الانتقالية». غير أن الوضع يراوح مكانه راهناً.