معسكر البرهان يرفض «العودة القسرية» إلى المفاوضات

عقار استنكر «التدخلات الأميركية»: لا نريد أن نساق كالأغنام

الفريق عبد البرهان في زيارة إلى أحد المستشفيات في ولاية القضارف يوم 10 أبريل (أ.ف.ب)
الفريق عبد البرهان في زيارة إلى أحد المستشفيات في ولاية القضارف يوم 10 أبريل (أ.ف.ب)
TT

معسكر البرهان يرفض «العودة القسرية» إلى المفاوضات

الفريق عبد البرهان في زيارة إلى أحد المستشفيات في ولاية القضارف يوم 10 أبريل (أ.ف.ب)
الفريق عبد البرهان في زيارة إلى أحد المستشفيات في ولاية القضارف يوم 10 أبريل (أ.ف.ب)

أعلن «مجلس السيادة» السوداني رفضه القاطع للعودة «القسرية» إلى المفاوضات مع «قوات الدعم السريع»، في سياق رده على طلب أميركي من رئيس «مجلس السيادة»، قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، أمره بالعودة للتفاوض، مستنكراً «التدخلات الأميركية» التي عدها «استخفافاً» بالدولة السودانية.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قد حث الفريق البرهان، خلال اتصال هاتفي به الثلاثاء، على استئناف عملية التفاوض عبر «منبر جدة»، كسبيل لا بد منه لوقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام مع «قوات الدعم السريع»، لكن الرد جاء سريعاً من نائب البرهان الذي رفض الطلب، قائلاً: «لا نريد أن نساق (إلى جدة) كالأغنام».

وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في بيان، بأن بلينكن والبرهان «ناقشا الحاجة الملحَّة إلى إنهاء النزاع في السودان بشكل عاجل، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط القتال، لتخفيف معاناة الشعب السوداني»، مضيفاً أن بلينكن عرض في الاتصال الهاتفي الذي استمر نحو نصف ساعة تطرق إلى «استئناف المفاوضات في (منبر جدة) والحاجة إلى حماية المدنيين وخفض الأعمال العدائية في الفاشر بولاية شمال دارفور».

وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن أبلغ البرهان بضرورة التوجه للمفاوضات (رويترز)

وتعد الفاشر، عاصمة ولاية دارفور، مركزاً رئيسياً للمساعدات في إقليم دارفور، غرب البلاد، حيث يعيش ربع السودانيين البالغ عددهم نحو 48 مليون نسمة، وهي العاصمة الوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم التي لا تسيطر عليها «قوات الدعم السريع». وأفادت منظمة «أطباء بلا حدود» أخيراً أن حصيلة القتلى في الفاشر ارتفعت إلى 134 شخصاً منذ بدء القتال في المدينة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» قبل أكثر من أسبوعين.

عقار: استخفاف بالسودان

ورغم إعلان المبعوث الأميركي للسودان، توم بيريللو، في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، أن السعودية ستستضيف في مدينة جدة محادثات سلام جديدة حيال الحرب في السودان خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، لم يحدد موعداً لذلك حتى الآن.

ورداً على بيان وزارة الخارجية الأميركية، ندد نائب رئيس «مجلس السيادة»، مالك عقار، بدعوة بلينكن للعودة «القسرية» إلى التفاوض مع «قوات الدعم السريع» في جدة. وقال في الجلسة الافتتاحية لـ«مؤتمر الصلح المجتمعي والسلام الدائم»، في مقر أمانة ولاية البحر الأحمر: «لن نذهب لمنبر جدة للتفاوض»، و«من يُرِد ذلك فعليه أن يقتلنا في بلدنا ويحمل رفاتنا إلى جدة».

نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار اعترض على الطلب الأميركي (إكس)

وشدد عقار على أن «المرحلة الراهنة لا تتحمل تدخلات»، مضيفاً: «يجب أن تكون الأولوية لوقف الحرب وتحقيق الاستقرار، ثم التوجه نحو التراضي الوطني عبر الحوار السوداني - السوداني»، وقال إن «بلينكن اتصل بالرئيس وقال له (يجب أن) تمشي (إلى) جدة». وبلهجة غاضبة أضاف عقار: «السودان لن يوافق على الذهاب إلى جدة، نحن لن نذهب كالأغنام»، عادّاً دعوة بلينكن للبرهان استخفافاً بالسودان.

وبلهجة قاطعة قال: «أقول لكم: نحن لن نمشي جدة، ولا غيرها، ليس لأننا لا نريد السلام، بل لأن السلام لا بد أن تكون له مرتكزات».من جهة ثانية، رحبت وزارة الخارجية السودانية باعتزام الحكومة المصرية عقد مؤتمر لجميع القوى السياسية السودانية في نهاية يونيو (حزيران) المقبل. وجددت، في بيان، الأربعاء، ثقة السودان، حكومة وشعباً، بالقيادة المصرية، وقالت إن «الدور المصري مطلوب في هذه المرحلة لكونه الأقدر على المساعدة للوصول إلى توافق وطني جامع بين السودانيين لحل هذه الأزمة».

وأضافت أن إنجاح هذه المساعي يتطلب «تمثيلاً حقيقياً للغالبية الصامتة من الشعب السوداني، التي تعبر عنها المقاومة الشعبية». وشددت الخارجية السودانية على أن يكون أساس المشاركة التأكيد على الشرعية القائمة في البلاد، وصيانة المؤسسات الوطنية، وعلى رأسها القوات المسلحة، ورفض إضعافها والتشكيك فيها.

البرهان ولعمامرة

والتقى رئيس «مجلس السيادة»، عبد الفتاح البرهان، الأربعاء، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة. ووفقاً لإعلام «مجلس السيادة»، ناقش اللقاء الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في معالجة الأزمة السودانية. وقال لعمامرة إن المهمة التي كُلّف بها من قبل الأمين العام «تشجيع الأشقاء السودانيين للوصول إلى حل سلمي للأزمة في السودان»، مضيفاً أن الأمم المتحدة تقوم بالتشاور مع كل الأطراف من أجل تقريب وجهات النظر والوصول إلى حل سلمي.

البرهان مستقبلاً المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة 14 يناير الماضي (وكالة السودان للأنباء)

وقال المبعوث الأممي إن اللقاء مع رئيس «مجلس السيادة» كان «مثمراً وبناءً وتم فيه استعراض المسائل القائمة»، مشيراً إلى أن البيانات التي صدرت من مجلس الأمن الدولي، ومن الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، تهدف إلى تفادي أي انزلاق نحو كارثة إنسانية لا تحمد عقباها في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.

وأضاف لعمامرة أن اللقاء تطرق أيضاً للمشاورات الجارية لاستئناف المفاوضات، وقال: «نحن في الأمم المتحدة نشجع المفاوضات ونتمنى أن يكتب لها النجاح».

وأعرب مبعوث الأمم المتحدة عن أمله في المساهمة الإيجابية من كل الشركاء الإقليميين والدوليين لضمان وقف إطلاق النار وتسهيل المساعدات الإنسانية، مشدداً على مضاعفة الجهود من أجل الوصول إلى حل سياسي من خلال حوار سوداني - سوداني كامل وشامل يتيح للشعب السوداني أن يقرر مصيره بنفسه.


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
TT

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

وافق مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الأحد، على رفع الحصانة عن وكيل لجنة الشباب والرياضة بالمجلس، النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت، الذي رحل في يوليو (تموز) الماضي، إثر معاناة من تداعيات أزمة قلبية مفاجئة، أرجعها في تصريحات تلفزيونية قبل وفاته لـ«مضايقات تعرَّض لها من بعض المسؤولين».

ويشغل دياب رئيس رابطة الأندية المصرية، وورد اسمه في التحقيقات بعدما ترددت مسؤوليته عن توريط اللاعب الراحل في أزمة قانونية، عبر تسهيل سفر رفعت للاحتراف في الخارج خلال فترة تجنيده، بالمخالفة للقواعد المعمول بها في هذا الشأن.

وتُوفي رفعت (30 عاماً)، في 7 يوليو الماضي، بعد معاناة مع المرض إثر سقوط مفاجئ في مباراة لناديه، مودرن سبورت، بالدوري المصري في مارس (آذار) الماضي. في حين أمر النائب العام المصري في أغسطس (أب) الماضي بـ«تحقيقات موسعة للوقوف على ملابسات الوقائع التي تعرَّض لها اللاعب قبل وفاته».

النائب دياب خلال حضوره جلسة لمجلس الشيوخ (مجلس الشيوخ)

وعقب ضجة واسعة بالقضية التي شغلت الرأي العام المصري، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أغسطس، بـ«تحقيقات موسعة في القضية لكشف ملابساتها ومحاسبة المسؤولين عنها»، وطالب الجهات المعنية بـ«حوكمة الإجراءات الخاصة بسفر الرياضيين للخارج في أثناء فترة التجنيد، بما يضمن تسهيل الإجراءات ووضوحها لتحقيق المساواة في التعامل مع ذوي الشأن».

وقال رئيس مجلس الشيوخ، المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، إن رفع الحصانة عن دياب جاء بناء على طلب النائب؛ من أجل استكمال إجراءات التحقيق في القضية، ووصف الطلب بـ«السابقة التاريخية»، كونه جاء بطلب دياب نفسه لاستكمال التحقيقات.

وعدّ عبد الرازق، في كلمته أمام الجلسة العامة، أن موقف دياب «يظهر التزاماً راسخاً بمبادئ العدالة واحترام القانون والمؤسسات القضائية»، مؤكداً أن «النائب لا يزال غير متهم بأي اتهام».

ووفق الخبير في الشؤون البرلمانية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، فإن رفع الحصانة يأتي في إطار رغبة النائب في الإدلاء بأقواله أمام النيابة العامة؛ لعدم قدرته على القيام بهذا الأمر من دون موافقة المجلس على رفع الحصانة، حيث تتطلب الإجراءات القانونية للاستماع لأقوال عضو البرلمان أمام النيابة العامة، ضرورة رفع الحصانة.

أحمد دياب (رابطة الأندية المصرية المحترفة)

وقال المحامي المصري محمد رضا لـ«الشرق الأوسط» إن النيابة العامة تقوم بتحديد موعد للاستماع إلى أقوال النائب بعد وصول قرار رفع الحصانة لمكتب النائب العام، للاستماع لإفادته بشكل كامل وتفصيلي، على أن يعقب ذلك اتخاذ قرار بشأنه.

وأضاف: «الاستماع إلى أقوال النائب في الواقعة يمكن أن يكون بصفته شاهداً، لكن إذا تبيَّن خلال التحقيقات تورطه في القضية فيكون من حق المحقق توجيه الاتهام واتخاذ قرار سواء بإخلاء سبيل النائب مع توجيه الاتهام أو حبسه على ذمة التحقيقات حال وجود ما يستلزم ذلك وفقاً للقانون».