تحرير مغربي تعرض للخطف في تايلاند... وتفاعل واسع مع قضية «مغاربة ميانمار»

تحرير مغربي تعرض للخطف في تايلاند... وتفاعل واسع مع قضية «مغاربة ميانمار»
TT

تحرير مغربي تعرض للخطف في تايلاند... وتفاعل واسع مع قضية «مغاربة ميانمار»

تحرير مغربي تعرض للخطف في تايلاند... وتفاعل واسع مع قضية «مغاربة ميانمار»

عانق شاب مغربي نسمات الحرية بعد دفع عائلته فدية مالية إلى عصابات الاتجار بالبشر في ميانمار، بعدما تم خطفه وإجباره على العمل ضمن شبكات احتيال إلكترونية، وفقاً لما أعلنته أسرته، مساء الثلاثاء، لوسائل الإعلام المغربية.

وأفرج عن الشاب عقب أشهر من سقوطه ضحية لعصابات في ميانمار، بينما لا يزال مصير 5 مغاربة كانوا قد دفعوا الفدية في وقت سابق مجهولاً حتى الآن.

«مغاربة ميانمار»

ووقع عدد من الشبان والشابات المغاربة خلال الأشهر الماضية في قبضة مسلحين في جنوب شرقي آسيا يعملون في النصب والاحتيال على الشبكة العنكبوتية، أقنعوا ضحاياهم بمنحهم رواتب مغرية وفرص عمل وهمية في مجال التجارة الإلكترونية، مع عروض مربحة تشمل تذاكر الطائرة وتكاليف الإقامة.

وتفجر ملف الشباب المغاربة ضحايا الاتجار بالبشر في ميانمار عقب كشف شاب مغربي، بداية شهر مايو (أيار) الحالي، عن مأساة المغاربة الواقعين في قبضة عصابات تنقلهم من تايلاند إلى ميانمار، وقال في فيديو نشره على منصة «إنستغرام»، إن جماعات مسلحة وعصابات للاتجار بالبشر تحتجز عشرات الشبان المغاربة، وتجبرهم على العمل في تايلاند ضمن شبكات احتيال إلكترونية وتحتجزهم بمعسكر طاي شانغ بولاية كارين.

وأصبح ملف «مغاربة ميانمار» محط اهتمام الرأي العام المغربي الذي يتابع من كثب تطورات مصير الشبان والشابات ولغز اختطافهم، خاصة أن الضحايا لم يسافروا إلى تايلاند بهدف السياحة، بل تم تجنيدهم من داخل المغرب.

وتم تسليم الشاب المغربي المحرر لرئيس منظمة دولية في تايلاند يطلق عليها اسم «غلوبال أدفانس بروجيكتس Global Advance Projects» تنشط في مجال محاربة أشكال الاتجار بالبشر، وهو يخضع للرعاية الصحية والنفسية، في انتظار التنسيق مع السلطات الأمنية لعودته إلى المغرب.

عملية التجنيد بدأت من المغرب

وتمت عملية التجنيد انطلاقاً من المغرب بواسطة مواطنين يعملون وسطاء، بهدف تجنيد أكبر عدد ممكن من الشبان الذين يتولون فيما بعد إدارة عمليات الاحتيال والنصب عبر ملفات تعريف مزيفة، ومواقع للقمار والابتزاز عن طريق تهديدات بانتهاك الخصوصية.

وحسب المعطيات التي أعلن عنها بعض من عائلات ضحايا ميانمار والائتلاف الحقوقي المغربي الذي يضم أزيد من 20 منظمة غير رسمية في مؤتمرات صحافية أقيمت مطلع الشهر الحالي، فإن المحطة الأولى للهجرة قصد التجنيد تبدأ من المغرب في اتجاه ماليزيا، ومنها جواً إلى مدينة ماي سوت الواقعة على الحدود بين تايلاند وميانمار، المدينة معروفة بالأنشطة غير القانونية والمشبوهة، وتسيطر عليها ميليشيات مسلحة عرقية متمردة، تصول وتجول كما يحلو لها مستغلة حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة.

ووافق عشرات الشبان والشابات المغاربة على العمل في هذه الشركات مقابل أجر مغرٍ، وتمكن بعضهم من مغادرة مراكز الاحتجاز بعد دفعهم الفدية أو بعد نجاحهم في الفرار وتلقى أغلبهم تهديدات بالقتل.

ومن بين الحالات التي نجحت في العودة إلى المغرب، شابة تحمل اسم «مريم» التي عادت إلى مدينتها قبل أيام، رفقة شاب آخر من مدينة أكادير جنوب المغرب، وروت في حوار للتلفزيون المغربي ما عاشته من عذاب نفسي على الحدود بين ميانمار وتايلاند.

وتتابع السفارة المغربية في العاصمة التايلاندية بانكوك هذه القضية الأولى من نوعها من كثب، وأعلنت، في بيان عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وفي تصريح للسفير على القناة الأولى المغربية، أنها تواصلت مع السلطات المعنية في كل من تايلاند وميانمار، وأشارت إلى أنها تواجه بعض المشاكل على الأرض نتيجة لوجود هذه الشركات في مناطق يسيطر عليها متمردون مسلحون.

وتابعت السفارة أن «هناك مواطنين من جنسيات أخرى، خاصة من أفريقيا جنوب الصحراء من بين الضحايا».

كما أصدرت السفارة التايلاندية بالعاصمة المغربية الرباط بياناً صحافياً حول قضية مغاربة ميانمار، وقالت إنها على استعداد للتعاون مع سلطات الدول التي يتم اختطاف رعاياها في تايلاند.

وارتباطاً بالموضوع، ستعقد المجموعة الأفريقية في بانكوك وممثلو المنظمات الدولية، والمنظمة الدولية للهجرة، اجتماعاً تنسيقياً للتحرك من أجل تسهيل إطلاق سراح المواطنين الأفارقة.

وفتحت السلطات المغربية بحثاً قضائياً في الموضوع عهد به للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وأكد بلاغ صادر عن النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء، أنه تم الاستماع لبعض الضحايا وعائلات البعض الآخر منهم، ممن تقدموا بشكاوى في الموضوع.

ودعت النيابة العامة في بلاغها إلى توخي الحيطة والحذر تجاه محاولات الاستقطاب التي لا تزال جارية، وأيضاً بعض الوسطاء في المغرب والخارج، وأكدت أنها تواكب الأبحاث التي تقوم بها مصالح الشرطة القضائية للكشف عن الحيثيات والظروف التي صاحبت هذه القضية وضبط كل شخص مشتبه بتورطه في هذه الأفعال.

وطالب ائتلاف حقوقي مغربي بتدخل المؤسسات الحكومية للنظر في موضوع الاختطاف، ووجه رسالة لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، بالتدخل العاجل لفك لغز الاحتجاز.

يشار إلى أن لجنة عائلات ضحايا الاتجار بالبشر في ميانمار، خاضت وقفات احتجاجية عدة أمام ملحقة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج وأخرى أمام سفارة الصين بالرباط وعقدت ندوة صحافية بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالعاصمة المغربية.


مقالات ذات صلة

«تصفيات كأس العالم»: المغرب يكتسح الكونغو بسداسية نظيفة في أغادير

رياضة عربية فرحة منتخب المغرب تكررت 6 مرات بالحضور القوي أمام الكونغو في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026 (إ.ب.أ)

«تصفيات كأس العالم»: المغرب يكتسح الكونغو بسداسية نظيفة في أغادير

سجل أيوب الكعبي ثلاثية من الأهداف في فوز المغرب 6-صفر على مضيفه الكونغو في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم لكرة القدم 2026 في أغادير الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (أغادير)
شمال افريقيا المغرب يبدأ بيع منتجات مصنوعة من القنب الهندي في الصيدليات (غيتي)

المغرب يبدأ بيع منتجات مصنوعة من القنب الهندي

بدأت صيدليات المغرب في بيع منتجات مصنوعة من نبتة القنب الهندي، تشمل مكملات غذائية ومستحضرات تجميل، وذلك بعد الحصول على التراخيص اللازمة لتسويقها للمواطنين.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا صورة لنبتة القنب الهندي «الحشيش» - نيويورك 15 يوليو 2022 (رويترز)

بدء بيع منتجات «القنب الهندي» في الصيدليات المغربية

يبدأ المغرب رسمياً خلال الأيام المقبلة بيع مكملات غذائية ومنتجات تجميلية مصنوعة من القنب الهندي في صيدليات المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا عناصر من الشرطة المغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)

المغرب يضبط 18 طنا من الحشيش جنوبي الدار البيضاء

قالت الشرطة المغربية إنها ضبطت اليوم الاثنين 18 طنا من مادة الحشيش في صورتها الصمغية المعروفة في المغرب باسم «الشيرا» في منطقة سيدي رحال الساحلية.

شمال افريقيا رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش (الشرق الأوسط)

المغرب: حقوقيون يطالبون بوقف «اعتقالات السياسة والرأي»

طالب حقوقيون مغاربة حكومة بلادهم بوقف الاعتقالات السياسية واعتقالات الرأي في البلاد.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

مناشدات لحماية المدنيين في حرب السودان

امرأة تحمل طفلاً في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان في يناير 2024 (رويترز)
امرأة تحمل طفلاً في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان في يناير 2024 (رويترز)
TT

مناشدات لحماية المدنيين في حرب السودان

امرأة تحمل طفلاً في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان في يناير 2024 (رويترز)
امرأة تحمل طفلاً في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان في يناير 2024 (رويترز)

تباينت آراء عدد من الخبراء القانونيين والعسكريين، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بشأن الدعوة التي أطلقتها منظمة «هيومن رايتس ووتش»، وطالبت فيها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالعمل معاً للتدخل ونشر بعثة لحماية المدنيين من الحرب الدائرة في السودان.

ووفق أحدث تقرير لها، قُتل عشرات الآلاف في مختلف أنحاء البلاد في الهجمات المستمرة لأكثر من عام بين الطرفين المتحاربين، الجيش و «قوات الدعم السريع»، كما أجبر النزاع الملايين على الفرار داخلياً وخارجياً. ومع دخول الحرب مناطق جديدة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي قتل وجرح فيها مئات المدنيين جراء الاشتباكات العنيفة بين الأطراف المتحاربة، تزداد المخاوف من وقوع جرائم حرب وإبادة جماعية تستهدف مجموعات سكنية بعينها.

عناصر من وحدة «المهام الخاصة» بالجيش السوداني (أ.ف.ب)

إرسال بعثة أممية

وقال الخبير القانوني، معز حضرة، إن إرسال بعثة أممية لحماية المدنيين في السودان أمر إيجابي ومطلوب، لأن المتحاربين ومن يساندونهم ليس لديهم أدنى اهتمام بحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية إليهم. وأوضح حضرة أن الشعب السوداني المتضرر الفعلي من «حرب الجنرالات» التي دخلت عامها الثاني، والإصرار على حسمها عسكرياً نتيجته توسع القتال في مناطق جديدة. وأضاف حضرة أن مجلس الأمن الدولي لديه الصلاحيات في التدخل لإيقاف الحرب باعتبارها مهدداً للأمن والسلم في المنطقة.

ورأى الخبير العسكري أمين إسماعيل أن نشر قوات لحماية المدنيين تدخلٌ أمميٌّ، بدأت خطواته بفرض عقوبات على مسؤولين في الجيش و«الدعم السريع»، وتلى ذلك قرار الاتحاد الأفريقي تشكيل لجنة يقودها الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني للوساطة بين طرفي الصراع.

وقال إن المقترح يمكن أن يأتي في حال فشلت الوساطة الأفريقية في الجمع بين الأطراف السودانية، بعدها سيتجه مجلس الأمن والسلم الأفريقي إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار بالتدخل لأسباب إنسانية من أجل إنقاذ المدنيين. وأضاف أن المجتمع الدولي يتحدث فقط عن إقليم دارفور، ولا يذكر بقية المناطق في البلاد التي توسعت فيها الحرب، وهذا يعني أن التدخل الأممي يمكن أن يقتصر على دارفور، ويمهد عملياً لفصله.

عناصر من «قوات الدعم السريع» في شرق السودان (أ.ب)

حكم بالفشل

ورأى الخبير العسكري الذي كان قائداً للحامية العسكرية للجيش السوداني في الفاشر، أمين إسماعيل، أن البعثة المختلطة التي نشرت في دارفور عقب الحرب بين الجيش والحركات المسلحة قبل نحو 20 عاماً، لم تنجح في تحقيق أهدافها بحماية المدنيين. وقال إن أي تدخل لقوات أفريقية أو من أي دولة أخرى في دارفور سيكون مصيرها الفشل.

بدوره، قال رئيس مجلس أمناء هيئة «محامي دارفور» الصادق على حسن لـ«الشرق الأوسط»، إن إرسال بعثة أممية إلى السودان لحماية المدنيين يتطلب قراراً من مجلس الأمن الدولي بموجب البند السابع، لكن تقاطعات المصالح الدولية قد تقف حجر عثرة أمام إصداره. وأضاف أن مثل هذه البعثات تُكلف أموالاً طائلةً يقع العبء الأكبر لتوفيرها على الدول الأعضاء التي تساهم بالنسبة الأكبر في تمويل الأمم المتحدة.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة وعدداً من الدول الغربية لا يرغبون في طرح التدخل في الوقت الحالي، لكن قد يضطر المجتمع الدولي إلى اللجوء لذلك الخيار مع ازدياد وتيرة الحرب وقرب تحولها إلى حرب أهلية شاملة.