حمدوك يدعو لمؤتمر مائدة مستديرة ويطالب بوقف فوري للحرب السودانية

قوى سياسية تطالب بحجب الاعتراف بحكومة بورتسودان وتشكيل حكومة منفى

جانب من المشاركين في المؤتمر (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في المؤتمر (الشرق الأوسط)
TT

حمدوك يدعو لمؤتمر مائدة مستديرة ويطالب بوقف فوري للحرب السودانية

جانب من المشاركين في المؤتمر (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في المؤتمر (الشرق الأوسط)

دعا رئيس «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية»، رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، لـ«عقد مؤتمر مائدة مستديرة» عاجل، للاتفاق على تنفيذ المبادئ الواردة في «إعلان نيروبي»، الذي وقّعه مع حركات مسلحة، وفي الوقت ذاته حضّ طرفي الحرب على وقفها على الفور، ودعا المجتمع الدولي لممارسة مزيد من الضغوط عليهما من أجل فتح المسارات الإنسانية.

وفي موازاة ذلك، طالبت «الجبهة الثورية» بتشكيل حكومة منفى، ودعت المجتمع الدولي لعدم الاعتراف بما سمتها «حكومة بورتسودان»،

وبدأت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الاثنين أعمال مؤتمر «تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية» السودانية، المقام تحت شعار «وحدتنا تصنع السلام»، بعد تأجيل لمدة يوم بسبب صعوبات لوجيستية حالت دون وصول أعضاء في المؤتمر بعد أن عرقلت السلطات السودانية مغادرتهم للبلاد واعتقلت بعضهم.

عبد الله حمدوك خلال المؤتمر (الشرق الأوسط)

و«تقدم» هو تحالف سياسي من أحزاب وقوى مدنية، وتكتلات سياسية، ولجان مقاومة، ونقابات ورجال أعمال ومزارعين ورعاة وتنظيمات دينية وأهلية، تكوّن في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتم اختيار رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك رئيساً انتقالياً له لحين انعقاد المؤتمر التأسيسي الذي استهلت أعماله الاثنين.

وقال حمدوك في كلمته للجلسة الافتتاحية، إن السودان يمر بأزمة «غير مسبوقة طوال تاريخه، وإن الشعب يتطلع إلى مبادرات لوقف الحرب»، وطالب الجيش وقوات «الدعم السريع» بوقف القتال فوراً، ودعا المجتمع الدولي للضغط عليهما للعودة للتفاوض؛ وفقاً لرؤية متكاملة للحل ولمسار الانتقال المدني الديمقراطي.

وأوضح حمدوك، أن مساعي «تقدم» لا تنطلق من كونه طرفاً في الحرب، وفي الوقت ذاته لا يقف على الحياد، بل تنطلق من الانحياز للجوعى والفقراء واللاجئين والنازحين والبرنامج الديمقراطي، بهدف الوصول لـ«وطن يسع الجميع»، وأشاد بـ«إعلان نيروبي»، ودعا لعقد «مؤتمر مائدة مستديرة» لمناقشة الأزمة السودانية من جوانبها كافة.

ووقّع حمدوك في 18 مايو (أيار) الماضي ما عرف بـ«إعلان نيروبي» مع رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» عبد العزيز الحلو، ورئيس «حركة جيش تحرير السودان» عبد الواحد محمد نور، كل واحد على حدة، وهما حركتان مسلحتان حاربتا الجيش السوداني منذ أكثر من عشرين عاماً، ولم توقعا اتفاق سلام مع الحكومة السودانية. ونصّ «إعلان نيروبي» على إنهاء الحرب، وتأسيس «دولة علمانية فيدرالية»، تفصل بين الدين والدولة، وتتيح «حق تقرير المصير» لشعوب السودان، حال عدم الاتفاق على بنود الإعلان في المائدة المستديرة المزمعة.

بعض المشاركين (الشرق الأوسط)

ودعا حمدوك طرفي القتال، «لفتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية، ومواجهة نذر مجاعة تهدد الملايين من أبناء وبنات شعبنا»، وقال: «هذه المجاعة إذا لم يتم تداركها، فسوف تؤدي إلى فقدان أضعاف مضاعفة من الأرواح، تفوق أعداد الذين قضوا تحت نيران الرصاص».

وناشد المجتمعين الدولي والإقليمي لتحمل مسؤولياتهما، والضغط على الطرفين المتصارعين للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط، ومنع استخدام الغذاء والدواء سلاحاً لقتل مزيد من المدنيين، والسعي الفوري الجاد لوقف الحرب وعودة الطرفين المتصارعين لطاولة التفاوض وفق رؤية متكاملة للحل، وقال: «نناشد باسم الإنسانية كل الأطراف المتصارعة أن يعودوا إلى رشدهم، وأن يتخذوا القرار الصحيح بالوقف الفوري لهذه المحرقة»، عادّاً استمرار الحرب «كارثة آنية وبعيدة المدى تزهق الأرواح، وتدمر الموارد، وتهدر إنسانية الإنسان».

وحذّر حمدوك من «تفشي تهديد خطاب الكراهية لوجود الدولة السودانية»، بقوله: «من المؤسف أنه مع تمدد الحرب تتعرض البلاد لمخاطر وجودية، مع تنامي خطاب الكراهية والعنصرية والجهوية، الأمر الذي يهدد بقاء الدولة السودانية، ولذلك وجب التصدي لمثل هذا الخطاب، وضرورة رفع الوعي، ومحاصرة العنصريين، ودعاة الفتنة بكل حزم وجدية».

وطالب دول الجوار ببذل مزيد من الجهود «لتضميد أنات اللاجئين، وتقديم ما يسندهم... وذاكرة الشعب السوداني ستحفظ ذلك».

وبدوره، دعا رئيس «الجبهة الثورية» الهادي إدريس في حديثه للجلسة الافتتاحية، المجتمع الدولي لعدم الاعتراف بـ«حكومة الحرب التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها»، وإلى تشكيل «حكومة منفى» تضطلع بمهامها في وقف الحرب وتقديم المساعدات للمتضررين.

وعدّ المتحدث باسم «لجان المقاومة» عبد الرحيم علي، انعقاد المؤتمر «خطوة متقدمة للبناء من أجل دولة تقوم ركائزها على العدالة والسلام والتغيير».

جانب من الحضور في المؤتمر (الشرق الأوسط)

ووصف عضو التحضيرية صديق الصادق المهدي في كلمته مشاركة «الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال»، وحزبي «الاتحادي الديمقراطي الأصل»، و«المؤتمر الشعبي» في أعمال المؤتمر التنسيقي لـ«تقدم»، بأنه «نجاح يؤكد صدق المساعي لتوحيد الجبهة المدنية العريضة».

ووفقاً لصديق، فإن من بين أعضاء المؤتمر البالغ عددهم 635 عضواً، هناك من أوقفه الجيش ومنع سفره، ومن تم توقيفه واحتجازه في منطقة القضارف الحدودية، إضافة لآخرين تم اعتقالهم في مدينة سنار للحيلولة دون مشاركتهم في المؤتمر.

وأعلنت ممثلة «القوى السياسية»، أسماء محمود محمد طه في كلمتها، تعهد الأحزاب والقوى السياسية «بإنشاء مركز للعدالة الانتقالية والسلام والديمقراطية، يعمل من أجل وقف الحرب، وتوصيل المساعدات الإنسانية».

ويهدف المؤتمر لبلورة «رؤية سياسية موحدة لوقف الحرب، واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي وأهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، وإعادة تأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة، وتوحيد القوى المدنية في جبهة موحدة للضغط على أطراف الحرب لوقفها».


مقالات ذات صلة

وزير خارجية فرنسا: الأزمة الإنسانية في السودان الأكبر في زمننا

شمال افريقيا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (رويترز)

وزير خارجية فرنسا: الأزمة الإنسانية في السودان الأكبر في زمننا

وزير الخارجية الفرنسي: «الأزمة الإنسانية في السودان تعد الأكبر في زمننا، والتدخلات الخارجية في الحرب الدائرة يجب أن تتوقف».

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا سودانيون فروا من العنف المتصاعد بولاية الجزيرة يستريحون في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

«الخارجية الفرنسية» تحث طرفي الحرب في السودان على وقف القتال

حثّ وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الذي زار مخيمات لاجئين سودانيين في تشاد، الخميس، طرفي النزاع بالسودان على وقف الأعمال القتالية والدخول في مفاوضات.

«الشرق الأوسط» (أدري (تشاد))
أفريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

إلى جانب الحربين اللتين تصدَّرتا عناوين الأخبار خلال عام 2024، في الشرق الأوسط وأوكرانيا، تستمر نزاعات لا تحظى بالقدر نفسه من التغطية الإعلامية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف بلاده مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار في أعقاب مباحثات أجراها في أسمرة مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة أن لجنة من وزارة التعليم المصرية ستزور بعض المدارس الأخرى لمراجعة قرار إغلاقها

أحمد إمبابي (القاهرة)

خوري: حان الوقت ليمسك الليبيون بزمام أمورهم

جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)
جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)
TT

خوري: حان الوقت ليمسك الليبيون بزمام أمورهم

جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)
جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)

وجّهت ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، رسائل عدة إلى المواطنين والساسة خلال زيارتها جنوب ليبيا. جاء ذلك بالتزامن مع احتضان أنقرة اجتماعاً، الخميس، اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» بهدف العمل على استقرار ليبيا، و«تقديم الدعم والمساهمة في تطوير الأنشطة المشتركة».

وزار وفد مشترك من وكالات الأمم المتحدة، مدينة سبها، مساء (الأربعاء) برئاسة خوري، التي قالت إن المنطقة الجنوبية «من بين أولويات الأمم المتحدة».

جانب من زيارة الوفد الأممي سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)

وأضافت خوري، التي هنَّأت البلديات على إجراء الانتخابات بنجاح، وأكدت دعم البعثة الثابت لهذه «الممارسة الديمقراطية»، أنه «حان الوقت لكي يُمسك الليبيون بزمام الأمور في حياتهم السياسية. ونحن نُشيد بالمشاركة الفعالة للدوائر الانتخابية الجنوبية في هذه الانتخابات، ولن ندَّخر أي جهد للعمل معكم جميعاً لدعم التماسك الاجتماعي والسلام الدائم».

والتقى الوفد الأممي مسؤولين مدنيين وعسكريين، وقيادات المجتمع المدني، وأفراداً من المجتمع المحلي في الجنوب لمناقشة القضايا المحلية الملحة، والمسارات المحتملة لتحقيق التنمية المستدامة والسلام الدائم. وناقش مع كبار المسؤولين العسكريين «تحسن الوضع الأمني في الجنوب وتحديات أمن الحدود»، مع الإشارة إلى «تفاني الأمم المتحدة المستمر في دعم انتقال ليبيا إلى السلام والاستقرار».

من جهتها، ناقشت خوري الوضع السياسي والأمني في الجنوب، وشجعت القادة المحليين على المشاركة في رسم مستقبل ليبيا في العملية السياسية التي تيسرها البعثة، التي أوضحت أن أكاديميين وبعض ممثلي المجتمع المدني بجامعة سبها طرحوا وجهات نظرهم بشأن القضايا ذات الأولوية التي يجب معالجتها في المحادثات السياسية، والتحديات الداخلية والإقليمية ودور الأمم المتحدة. فيما أكدت خوري أهمية الحوار الشامل، وبناء التوافق والمشاركة الهادفة، لا سيما من جانب النساء والشباب، في معالجة الاحتياجات قصيرة وطويلة الأجل.

كما سلطت الضوء على أهمية الإدارة العادلة والمنصفة للموارد والمعاملة المتساوية لجميع الليبيين. وقالت إن الأمم المتحدة «تنظر إلى هذه القضية بوصفها ذات أهمية قصوى لأي عملية سياسية ناجحة (...) والحفاظ على الحيز المدني والحقوق المتساوية في ليبيا أمر مهم لخلق نهج موحد لجميع الناس في ليبيا».

ورافق الوفد إينيس تشوما، نائب الممثل الخاص للأمين العام بالإنابة والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية. كما ضم ممثلين عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي، والمنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، والدائرتين السياسية والأمنية في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

وأطلع تشوما رؤساء وكالات الأمم المتحدة على التقدم المحرز في مشاريع التنمية، التي تدعمها الأمم المتحدة في المنطقة، حسب البعثة، موضحاً أن الجنوب الليبي «يتمتع بإمكانات هائلة، ونحن ملتزمون دعم التنمية المستدامة والاستقرار فيه، وذلك في إطار التعاون الإنمائي المستدام للأمم المتحدة للأعوام 2023-2025، الذي تم إعداده بالشراكة مع السلطات الليبية، لمعالجة التحديات في جميع أنحاء البلاد».

ونوهت البعثة إلى أن الأمم المتحدة «ستواصل العمل مع جميع الأطراف للتصدي للتحديات التي تواجه البلاد وتعزيز العملية السياسية الشاملة، مقترناً بدعمها للتنمية المستدامة وحقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد».

في غضون ذلك، قالت وزارة الدفاع التركية، الخميس، إنها استضافت اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» لمناقشة السلام والاستقرار والأمن في ليبيا، وتبادل الأفكار لتطوير الأنشطة المشتركة بين شرق ليبيا وغربها.

وقالت وزارة الدفاع التركية إنها استهدفت من وراء الدعوة لاجتماع اللجنة في أنقرة «العمل على ليبيا موحدة من خلال جميع مؤسساتها»، ورأت أنها «ستواصل دعمها للتعاون مع جميع شرائح ليبيا على أساس تفاهم موحد».

رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الليبي ملتقياً نظيره التركي على هامش منتدى البحر المتوسط في روما (المجلس)

في شأن ذي صلة، التقى رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي، يوسف العقوري، مع رئيس لجنة العلاقات بمجلس الأمة التركي، فوات أكتاي، على هامش فعاليات «منتدى البحر المتوسط» المنعقد في العاصمة الإيطالية روما.

ونقل عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب، الخميس، عن العقوري، قوله إن «تركيا دولة مهمة على الساحة الدولية، ونحن نتطلع لدعمها لاستقرار ليبيا»، موضحاً أن مجلس النواب شكّل لجنة للصداقة البرلمانية التركية، وينتظر الجانب التركي لتفعيل مجموعة الصداقة في مجلس الأمة التركي الخاصة بليبيا، من أجل تعزيز التعاون البرلماني على المستوى السياسي، بالإضافة إلى المستوى الفني للاستفادة من الخبرات التركية البرلمانية.

خلال استضافة وزارة الدفاع التركية اجتماعاً للجنة العسكرية الليبية (وزارة الدفاع)

وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، جدَّد العقوري دعوته الشركات التركية للعمل في ليبيا واستكمال مشاريعها، مقدماً شكره للجانب التركي على مساعدته المقدمة في أثناء الإعصار «دانيال».