رئيسة منظمة حقوقية سودانية: حوادث الاغتصاب في ازدياد ونطاقها الجغرافي يتسع

 مخيم نزوح في الغضارف (أ.ف.ب)
مخيم نزوح في الغضارف (أ.ف.ب)
TT

رئيسة منظمة حقوقية سودانية: حوادث الاغتصاب في ازدياد ونطاقها الجغرافي يتسع

 مخيم نزوح في الغضارف (أ.ف.ب)
مخيم نزوح في الغضارف (أ.ف.ب)

حذرت أميرة عثمان، رئيسة مبادرة «لا لقهر النساء»، من «أن أعداد النساء المغتصبات في السودان تزداد بشكل يومي، وعلى رقعة جغرافية أكبر، وأنهن يُستخدمن سلاحاً في الحرب»، وطالبت بالعمل على «التخلص من الوصمة الاجتماعية للمرأة التي تتعرض للاغتصاب».

وقالت لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، تعليقاً على توثيق «المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام» لحالات اغتصاب في مخيمات النزوح السودانية: «إن أعداد النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب والعنف الجنسي في زيادة كل يوم، لذلك يتعذر حصر الأعداد بشكل دقيق».

أميرة عثمان (مواقع التواصل)

وأضافت: «التطورات في ملف حالات العنف الجنسي تجاه النساء في حرب الخامس عشر من أبريل (نيسان) في السودان هي اتساع البقعة الجغرافية... وزيادة عدد المغتصبات، والولادات نتاج حالات الاغتصاب».

وكان «المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام» قد وثق سابقاً، حوادث تعرضت فيها 14 امرأة وفتاة من مخيمي «كالما» و«يوتاش» للنازحين داخلياً في ولاية جنوب دارفور، للانتهاك الجنسي، حسبما نشر على موقعه، وأن ستة منهن حملن بسبب عدم حصولهن على الرعاية الطبية، وخضعت ثلاث ضحايا لعمليات إجهاض.

وتتضارب الأرقام حيال حالات الاغتصاب، حيث أشارت لجنة الأطباء التابعة للبعثة الدولية لتقصي الحقائق ورصد الانتهاكات في حرب السودان إلى تسجيل 417 حالة على الأقل، بينما أفادت مجموعات حقوقية وطبية بأن العدد المسجل بلغ 370 حالة، حسب موقع «سودان تربيون».

من أحد مخيمات النزوح في الغضارف (أ.ف.ب)

وأوضحت أميرة عثمان، رئيسة المبادرة: «نحن حركة ضغط سياسية، والحالات التي تصلنا نرسلها لمنظمات شريكة هي التي تقوم بالتسجيل والحصر من نواحي قانونية؛ لضمان الحق في التقاضي لاحقاً، والنواحي الطبية والنواحي الاقتصادية».

وتحدثت الناشطة الحقوقية عن «معاناة النساء ممن تعرضن للاغتصاب في الإطار المجتمعي».

وقالت: «المشكلة الأساسية هي الوصمة الاجتماعية والفكرة الاجتماعية، فهذه يجب أن يتم العمل عليها على مدى طويل جداً داخل الدولة السودانية، بعد انتهاء الحرب، ونتمنى أن يكون ذلك قريباً».

وأضافت: «يجب العمل على المستوى الثقافي والاجتماعي لرفع الوصمة عن النساء السودانيات اللاتي تعرضن لهذا الحادث، ويكون العار عار المغتصبين، وهي وصمة يجب أن نضعها على جباههم هم».

أطفال نازحون (أ.ف.ب)

وعن التحديات التي تواجه مبادرة «لا لقهر النساء»، قالت رئيسة المبادرة: «القانون السوداني يسمح بالإجهاض قبل الشهور الثلاثة، لكن هناك عدداً كبيراً من الحالات يصل بعد مرور ثلاثة شهور (على الحمل)، ويكون الإجهاض في هذه الحالة أصعب، غير أنه أساساً هناك انهيار كامل في المستشفيات حتى في المناطق خارج النزوح، فيوجد مشكلة كبيرة جداً في نقص الأدوية والأطباء، وهذا يعرض حياة النساء للمخاطر».

وأكدت «عدم وجود السبل التي يمكن من خلالها رعاية هؤلاء النساء، وضرورة تسليط الضوء على معاناتهن؛ إذ لا يتوفر المأوى، ولا كهرباء ولا غذاء ولا صحة ولا مياه صالحة للشرب، ولا أدوات للنظافة، فكل ما يحدث هو مدعاة للموت».

وتابعت: «لا يوجد أماكن صحية ممكن أن تلجأ النساء إليها، فهناك انهيار كامل في المنظومة الصحية والخدمات العامة من مراكز شرطة وغيرها في كل الولايات».

كما أشارت رئيسة المبادرة إلى «عدم رغبة بعض ضحايا الاغتصاب في رعاية أطفالهن». وقالت: «هناك أيضاً أمهات رافضات تماماً لرعاية الأبناء..... هذه المشكلة كبيرة جداً، فهم أطفال رضع، والوضع أصلاً سيئ في المعسكرات خارج السودان أو داخل السودان أو في دولة تشاد».

نازحات يحضرن دورة تدريبية في أحد مخيمات النزوح في الغضارف (أ.ف.ب)

وطالبت أميرة عثمان المنظمات الدولية بالاهتمام بهؤلاء الرضع قائلة: «نداء لكل المنظمات الدولية التي تعمل على رعاية الأطفال، أن يحاولوا إيجاد مأوى للأطفال الرضع بالقرب من المعسكر أو حتى يعود السلام، ويتم دمجهم في المجتمع وتقديرهم واحترامهم، وهم ملائكة، ويجب أن يكونوا في وطنهم في السودان».

وكانت 68 منظمة نسوية، بما في ذلك «شبكة المساواة الجنسية» في غرب دارفور، وحملة «نساء ضد الظلم»، و«شبكة الإعلاميات السودانيات»، و«نساء مؤتمر البجا» المعارض، قد وقعت مذكرة في 19 مارس (آذار) تندد بتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في ولاية الجزيرة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، حيث «يستمر الترويع والنهب والتهجير القسري مع تعرض النساء هناك لانتهاكات جسيمة»، حسب موقع «سودان تربيون».

وأشارت المذكرة إلى استمرار حوادث الاغتصاب في مناطق الحرب في الخرطوم ودارفور، مع تواصل العنف الجنسي بناءً على النوع.


مقالات ذات صلة

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

عمر البشير خلال محاكمته بالفساد يونيو 2019 (رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.