البرلمان المصري لتشديد الإجراءات ضد شركات «النقل الذكي»

عقب تكرار حوادث «خطف وتحرش»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

البرلمان المصري لتشديد الإجراءات ضد شركات «النقل الذكي»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

يتجه مجلس النواب المصري (البرلمان) إلى تشديد الإجراءات ضد شركات «النقل الذكي» في البلاد، عقب تكرار حوادث «خطف وتحرش». ويستدعي البرلمان، الاثنين، مسؤولين من شركات «النقل الذكي» وآخرين من وزارة النقل المصرية على خلفية إحاطات مقدمة من بعض النواب بشأن «عمل هذه الشركات». وقال نواب، الأحد، إن «البرلمان سوف يحدد ضوابط جديدة للرقابة على هذه الشركات».

وخلال أسبوع واحد، ارتكبت 3 حوادث، اتهم فيها سائقون تابعون لهذه الشركات، منها «واقعة خطف سيدة ومحاولة الاعتداء عليها، وتعرض أخرى للتحرش، فيما كانت الواقعة الثالثة مرتبطة بتعرض طفل للتحرش خلال توصيله إلى منزله الكائن في مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)»، وهي الوقائع التي تنظرها النيابة العامة بشكل منفصل.

وقضت محكمة مصرية، الشهر الماضي، بمعاقبة سائق تابع لتطبيق «أوبر» بالسجن 15 عاماً، في واقعة وفاة «فتاة الشروق» الطالبة حبيبة الشماع، والتي ألقت بنفسها من السيارة على خلفية «محاولة اختطافها من السائق، الذي ثبت تعاطيه مواد مخدرة»، وفق التحقيقات في القضية.

ودفعت الوقائع المتكررة لـ«النقل الذكي» نواب البرلمان إلى تقديم عدة طلبات إحاطة لرئيس الحكومة المصري، وعدد من الوزراء لوضع «إجراءات عاجلة للأزمة»، آخر هذه الطلبات تقدم بها، الأحد، عضو مجلس النواب، النائب عبد المنعم إمام، حيث أكد في طلبه أن «تكرار المشكلات في شركات النقل الذكي، يدفع إلى ضرورة وضع ضوابط جديدة لهذه الشركات، بما يضمن الحفاظ على استمرار الخدمة، وتوفير سُبل الأمان للركاب». واقترح إمام «تأسيس قاعدة بيانات مشتركة للسائقين تضم معلومات عن السائقين الذين لديهم سجلات تحرش وعنف وأي جرائم أخرى، بحيث يُمكن للشركات التحقق منها قبل تعيين أي سائق جديد».

«تحرك مجلس النواب الآن يأتي استجابة للمواطنين عقب الحوادث التي رصدت بالفعل»؛ وفق عضو «لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات» بالبرلمان، مها عبد الناصر، التي أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «جميع الوعود التي حصلت عليها اللجنة من المسؤولين بالشركات، أو من وزارة النقل المسؤولة عن (النقل الذكي) لم تطبق حتى الآن». وأضافت أن هناك ضرورة ملحة من أجل تفعيل وتطبيق القانون المنظم لهذه الشركات بشكل واضح مع «الرقابة المستمرة، والالتزام بتنفيذ بنود القانون الخاص بهذه الشركات»، لافتة إلى أنه «رغم اجتماع البرلمان من قبل مع مسؤولين من هذه الشركات، ووزارة النقل، عقب واقعة (فتاة الشروق)، والتأكيد على ضرورة تفعيل نظام (الاستغاثة الطارئة) خلال الرحلات؛ فإن ذلك لم يحدث».

مصريون يطالبون بضوابط جديدة للرقابة على شركات «النقل الذكي» (الشرق الأوسط)

ونظام «الاستغاثة الطارئة» يعتمد على وجود خاصية في التطبيق تُمكن مستقل سيارة «النقل الذكي» من الاستغاثة بمسؤولي الشركة عبر الضغط على «زر» في التطبيق، مما يفيد بحدوث خطر يستلزم التدخل السريع، وهي استغاثة يفترض أن تجعل مسؤولي الشركة يقومون بالتواصل الفوري، خصوصاً في ظل تحديد موقع المركبة أثناء الرحلة، بحسب عبد الناصر.

كما رأى عضو مجلس النواب، النائب محمود عصام، أن «التحرك النيابي هدفه منع حدوث مثل هذه الوقائع التي تهدد سلامة المواطنين بشكل واضح»، لافتاً إلى أن «تكرار الحوادث خلال فترة زمنية وجيزة يشير إلى وجود خلل في منظومة تشغيل هذه الشركات». وأكد عصام لـ«الشرق الأوسط» أن المناقشة العاجلة، واستدعاء المسؤولين داخل البرلمان لمعرفة الأسباب التي أدت لهذه الخطوة «يعكسان سرعة التعامل مع الحوادث الأخيرة»، مشدداً على ضرورة أن تكون الخطوات التنفيذية سريعة، وبما يتناسب مع الانتشار الكبير لخدمات شركات «النقل الذكي» في البلاد.

ويحدد القانون المصري عدة اشتراطات للسلامة والأمان في تطبيقات «النقل الذكي»، من بينها حصول السائقين على تراخيص عمل بشركات النقل الذكي، والتزام الشركة بحسن اختيار السائقين خلقياً ومهنياً، والقيام بإجراء فحص مخدرات على عينة عشوائية شهرياً للسائقين، لا تقل نسبتها عن (0.5 في المائة).

عودة إلى عبد الناصر التي أكدت أن «القانون الحالي يكفل حال تطبيقه بشكل كامل إجراءات الأمن والسلامة كافة، الأمر الذي يتطلب دوراً أكبر من الأجهزة التنفيذية المصرية في مراقبة الالتزام بتنفيذ بنود القانون».


مقالات ذات صلة

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

شمال افريقيا طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

مع بداية العام الدراسي بمصر، في سبتمبر (أيلول) الماضي، تعهد وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، بالعمل على «عودة الانضباط في المدارس».

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي يستقبل وزير الخارجية والتعاون الإقليمي لجمهورية بوركينا فاسو (الخارجية المصرية)

مصر تُعمّق علاقاتها الأفريقية باتصالات ومشاورات متنوعة

تتواصل اتصالات ومشاورات مصرية - أفريقية بين مختلف جوانب القارة السمراء شملت جيبوتي شرقاً وبوركينا فاسو غرباً وجنوب أفريقيا والكونغو والكاميرون وسطاً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الري المصري خلال اجتماع متابعة موقف منشآت ومخرّات السيول في البلاد (مجلس الوزراء المصري)

القاهرة تواجه «أخطار سيول متوقعة» بمراجعة مشروعات المياه

شددت وزارة الري المصرية على «ضرورة تحديث البرامج الزمنية لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي خلال مؤتمر صحافي مع مديرة صندوق النقد الدولي (مجلس الوزراء المصري)

مصريون يتخوفون من «تعويم» جديد للجنيه وتصاعد الغلاء

أثارت تصريحات رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، حول «تطبيق سعر صرف مرن للجنيه» مخاوف مصريين.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا المشاركون في افتتاح «المنتدى الحضري» بمصر (الرئاسة المصرية)

مصر لتوسيع دورها في مشروعات إعادة إعمار «دول النزاعات» في المنطقة

تسعى الحكومة المصرية إلى استثمار استضافة القاهرة النسخة الثانية عشرة من «المنتدى الحضري العالمي» لتوسيع دورها في مشروعات إعادة الإعمار بالدول التي تشهد صراعات.

أحمد إمبابي (القاهرة)

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
TT

«الشيوخ» المصري لمناقشة «آليات الانضباط» بالمدارس

طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)
طلاب في طابور صباحي بإحدى المدارس المصرية (وزارة التربية والتعليم)

يعتزم مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) مناقشة سياسات الحكومة المصرية بشأن «آليات تحقيق الانضباط داخل المدارس»، خصوصاً عقب وقوع حوادث بين الطلاب أخيراً.

وأدرج «الشيوخ» على أجندته، الأحد والاثنين المقبلين، طلب أكثر من 20 عضواً، لمراجعة «الانضباط في مراحل التعليم قبل الجامعي»، في وقت رهن برلمانيون وخبراء تحقيق الانضباط داخل المدارس المصرية بـ«ضرورة تحقيق إصلاح شامل لمنظومة التعليم في البلاد».

فمع بداية العام الدراسي في مصر، نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، تعهد وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، بالعمل على «عودة الانضباط في المدارس، وتقليل الكثافات داخل الفصول الدراسية».

وتتزامن مناقشات «الشيوخ» مع حالة جدل أثيرت في البلاد عقب حوادث داخل مدارس، حيث شهدت إحدى المدارس الابتدائية بالقاهرة، الخميس، تعدي طالب على زميلته، ما أدى إلى «فقء عينها اليسرى»، وسبقت ذلك واقعة مأساوية شهدتها محافظة بورسعيد (شمال مصر) بقيام طالب في إحدى مدارس التعليم الفني بطعن زميله بسلاح أبيض، ما أدى إلى وفاته.

عضو مجلس «الشيوخ» المصري، النائبة هبة شاروبيم، تقدمت بطلب للمجلس، تمت تزكيته من أكثر من 20 عضواً لاستيضاح «سياسة الحكومة المصرية الخاصة بآليات تحقيق الانضباط في المدارس». وطالبت النائبة البرلمانية بضرورة «توضيح إجراءات الانضباط داخل المدارس، وغياب المعلمين، في ظل استمرار ما أسمته (التحايل على القوانين)»، إلى جانب «التعرف على إجراءات مواجهة ظاهرة (الدروس الخصوصية)، كما دعت لمناقشة الجدل المثار بشأن المناهج الدراسية، وخصوصاً التأثير السلبي الناتج عن إلغاء (مادة اللغة الأجنبية الثانية) من قوائم المواد الأساسية المضافة للمجموع في المرحلة الثانوية (التي تسبق الجامعة)».

وزير التعليم المصري خلال جولة بإحدى مدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

وأعلنت وزارة التربية والتعليم المصرية، في وقت سابق، سلسلة من الإجراءات الجديدة، تحت مسمى «خطة تطوير نظام التعليم»، تضمنت «انتظام العملية التعليمية، وحلّ إشكالية عجز المعلمين وضمان وجودهم داخل المدارس، ومكافحة (الدروس الخصوصية)»، إلى جانب «تخفيض عدد المواد الدراسية، في مرحلة الثانوية لتخفيف العبء على الطلاب».

عضو مجلس «الشيوخ» المصري، النائبة رشا إسحاق، ترى أن «مناقشة المجلس لإشكاليات التعليم والانضباط داخل المدارس ضروري الآن»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث من إجراءات حكومية، تدخل ضمن محاولات تطوير العملية التعليمية، لم يصل بعد إلى مستوى التطوير الفعلي للمنظومة». وطالبت بـ«ضرورة صياغة الحكومة استراتيجية واحدة لإصلاح التعليم، ينفذها الوزراء، بدلاً من إسناد أمر التطوير، وفقاً لسياسات كل وزير»، وشدّدت على ضرورة «منح ملف التعليم أولوية لتحقيق الانضباط وسدّ عجز المعلمين في المدارس»، مشيرة إلى أنه «إذا سارت الحكومة على نفس الطريقة، فسنجد العام المقبل، مدارس بلا معلمين أو إداريين».

وقدّر وزير التعليم المصري نسبة العجز في المعلمين داخل المدارس بنحو 655 ألف معلم، وأشار في تصريحات صحافية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى مواجهة الأزمة «بحلول فنية، والتوسع في تعيين معلمين جدد، والتعاقد مع معلمي الحصة (بشكل مؤقت)»، معتبراً أن تلك الحلول «ساهمت في حلّ العجز بنحو 90 في المائة بالمدارس الحكومية».

غير أن رشا إسحاق رأت أن تلك «الإجراءات غير كافية»، وقالت إن «التعاقد مع (معلمي الحصة) ليس حلاً واقعياً أو نهائياً، باعتبارهم خارج المنظومة التعليمية»، لافتة إلى أن «هذا الإجراء يفتح أبواب أخرى لظاهرة (الدروس الخصوصية)».

بداية اليوم الدراسي داخل مدرسة في مصر (وزارة التربية والتعليم)

في سياق ذلك، ترى الخبيرة التربوية المصرية، بثينة عبد الرؤوف، أن عودة الانضباط داخل المدارس مرهون بإصلاح شامل لمنظومة التعليم، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «شعارات الانتظام والانضباط حاضرة منذ سنوات، وهناك لوائح تنظمها داخل المدارس، غير أن التطبيق الفعلي لا يحقق تلك الأهداف»، وعدّت جولات وزير التعليم المصري الميدانية داخل المدارس «بعيدة عن الواقع، ولا تظهر حقيقة ما يحدث داخل المدارس».

ومنذ بداية العام الدراسي الحالي، أجرى وزير التعليم المصري سلسلة من الجولات بمحافظات مختلفة، لمتابعة سير الدراسة، كانت أحدثها جولة داخل مدارس محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، الأسبوع الماضي، تابع خلالها «انتظام حضور الطلاب، ومستوى تحصيلهم الدراسي، وانضباط المنظومة التعليمية»، وفق إفادة لوزارة التعليم.

واعتبرت الخبيرة التربوية أن «ضبط المنظومة التعليمية يبدأ بتحقيق أساسيات التعليم، وأهمها توفير العدد الكافي من المعلمين المؤهلين»، إلى جانب «بيئة تعليمية جيدة، بتوفير مدارس وفصول دراسية مناسبة، وإعطاء أولوية للأنشطة التعليمية داخل المدارس».