«الوحدة» الليبية تشكّل «قوة طوارئ» لحماية المقرات السيادية

توافق أممي - روسي حول توحيد الجهود لحلحلة الأزمة السياسية

TT

«الوحدة» الليبية تشكّل «قوة طوارئ» لحماية المقرات السيادية

أعلن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، إعادة هيكلة «قوة التدخل والسيطرة» بغرب البلاد، بعد اشتباكات مفاجئة في العاصمة طرابلس، بين عناصر «جهاز الأمن العام» التابع لها، بقيادة عبد الله الطرابلسي الشهير بـ«فراولة»، شقيق وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي.

عماد الطرابلسي وزير الداخلية المكلف في حكومة الدبيبة (الداخلية)

ورصدت وسائل إعلام محلية لقطات مصوّرة لهذه الاشتباكات، التي اندلعت مساء الاثنين، وسط الأحياء السكنية في الحي الإسلامي بمدينة طرابلس، وتوقفت (الثلاثاء)، دون معرفة أسبابها. لكن متحدثاً باسم «جهاز الأمن العام»، والتمركزات الأمنية فرع طرابلس، نفى صحة هذه الاشتباكات. وقال في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»: «ليست لنا علاقة بها».

ولم يعلق الدبيبة أو حكومته على هذه التطورات، لكنه أصدر، (الثلاثاء)، قراراً مفاجئاً بإعادة هيكلة «قوة التدخل والسيطرة»، وتُكلّف حماية السفارات والبعثات الدبلوماسية والمقرات السيادية، والتدخل لحماية المنافذ البرية والبحرية، مشيراً إلى أن من مهام القوة، التي يفترض أن تكون تبعيتها له وبرئاسته في حالات الطوارئ والنفير، وبذمة مالية مستقلة، مواجهة أي نشاط يخل بالأمن، واتخاذ ما يلزم لفرض السيطرة الأمنية.

وأوضح القرار أن هذه القوة تملك صلاحيات استخدام الوسائل المادية والفنية، التي تراها ملائمة لمهامها، وامتلاك واستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وما ترى لزومه لأداء واجباتها الأمنية.

في غضون ذلك، هدد اتحاد الطلبة بجامعة الزاوية بوقف الدراسة، وتنظيم وقفة احتجاجية؛ بسبب انهيار الوضع الأمني داخل الجامعة والمدينة، بعدما اختطف مسلحون مجهولون عضو هيئة التدريس بجامعة الزاوية، محمد كردمين، في أثناء توجهه لمنزله في المدينة، وطالبوا الأجهزة الأمنية بالتدخل.

في شأن مختلف، قالت السفارة الروسية، إن وفداً ضم عبد الله اللافي عضو المجلس الرئاسي، وطاهر الباعور المكلف تسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، ومحمد الحداد رئيس أركان القوات الموالية للحكومة، الذي يقوم بزيارة عمل رسميه لروسيا، بحث مساء الاثنين في العاصمة موسكو مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً تلك المتعلقة بالتعاون في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن.

وكان اللافي قد أكد في بيان مساء (الاثنين) ضرورة إنهاء حالة الانسداد السياسي في ليبيا، والتمهيد لانتخابات توافقية نزيهة في أقرب الآجال، لافتاً إلى أن الاجتماع ناقش أيضاً أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين، وأهمية الشراكة في عدد من المجالات الثنائية، مشدداً على أهمية وجود دور روسي إيجابي وبنّاء لصالح الاستقرار في ليبيا، وأهمية دعم عمل اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5). بالإضافة إلى تفعيل عمل اللجنة المشتركة، وبحث سبل استئناف عملها، وعودة الشركات الروسية إلى ليبيا، لا سيما في قطاعات النفط والغاز والبنية التحتية.

صورة وزعها السفير الروسي لاجتماعه مع خوري

كما أوضح اللافي أنه تم بحث دور البعثة الأممية، بعد استقالة رئيسها السابق عبد الله باتيلي، لافتاً إلى مناقشة سرعة تعيين مبعوث جديد، ودعم البعثة في تسيير العملية السياسية والأمنية في ليبيا.

ونقل اللافي عن لافروف استعداد بلاده لمواصلة الوقوف إلى جانب الليبيين، في كل ما يحقق مصلحة الشعبين والبلدين، كاشفاً عن مساعي بلاده لافتتاح قنصلية لها في بنغازي، والعمل على تعزيز العلاقات الثنائية، مشيراً إلى إطلاع الجانب الروسي على مستجدات ملفَي المصالحة الوطنية، والعدالة الانتقالية في ليبيا.

من جانبه، قال السفير الروسي، أيدار أغانين، إنه بحث خلال اجتماعه مع ستيفاني خوري، نائب المبعوث الأممي بالإنابة، العملية السياسية الليبية، والحاجة إلى توحيد الجهود بغرض إيجاد حل على أساس الإجماع الوطني.

من جهتها، بحثت منسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا، جورجيت غانيون، مع أعضاء بلدية درج (غرب) وممثلين عن النساء والشباب في المدينة، احتياجاتهم وسبل مواصلة الأمم المتحدة دعمها للمجتمعات المحلية.

وتحدث مسؤولو ومواطنو المدينة حول الحاجة إلى مزيد من المخصصات الحكومية لدعم قدرات المدينة على توفير الرعاية الصحية، والتعليم، والخدمات للشباب، وتمكين المرأة من المشاركة السياسية الفاعلة، وأشارت إلى أنها تفقدت المشروع الذي أنجزه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤخراً، بتركيب ألواح شمسية حتى يتمكّن سكان المدينة من الاستمتاع بأجوائها ليلاً. كما التقت عدداً من السيدات في مركز تدريب مخصص لرائدات الأعمال.

صورة وزعتها بلدية درج لزيارة الوفد الأممي

ونفى مجلس غدامس البلدي أن تكون زيارة البعثة الأممية، التي بدأت مساء الاثنين، برئاسة غانيون للمدينة، تستهدف بحث تشكيل حكومة موحدة، مؤكداً أن الزيارة تستهدف الوقوف على احتياجات المنطقة والمساهمة في تذليلها.

بدورها، أعلنت البعثة الأممية إطلاق برنامج انخراط الشباب، بهدف فهم التحديات التي يواجهونها، والمساعدة في إيصال أصواتهم في العملية السياسية محلياً ووطنياً، وتسليط الضوء على توصياتهم لحل قضايا المجتمع على أرض الواقع.

وقالت إنها ستنظم على مدى الأشهر الـ12 المقبلة ورشات عمل مع الشباب في جميع أنحاء البلاد لجمع أفكارهم بشكل فعال، وتطوير مهارات الشابات والشباب، ومساعدتهم في إيصال توصياتهم إلى صناع القرار.


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
TT

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

في خطوة مفاجئة، رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبعد قرار أسمرا المفاجئ طرد دبلوماسي سوداني، وهي خطوة عدّها محللون سياسيون تعبيراً عن العلاقات القوية بين البلدين، ورسائل لدول إقليمية بوقوف إريتريا إلى جانب الجيش السوداني.

وفي سياق آخر، علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر عليمة، أن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أوفد مسؤولاً رفيع المستوى إلى القاهرة، يحمل رسالة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لزيارة بورتسودان، وشملت الدعوات أيضاً الرئيس الإريتري آسياس أفورقي والأوغندي يوري موسيفيني.

واستقبلت القوات البحرية السودانية القطع الإريترية التي جاءت بتوجيهات من الرئيس أفورقي، للتأكيد على «وقوفه مع الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف التي تمر بها البلاد»، وتوطيداً للعلاقات الراسخة بين الشعبين، وفق مسؤولين عسكريين سودانيين. وكان في استقبال الوفد الإريتري كبار قادة القوات البحرية السودانية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت الحكومة الإريترية أن القائم بالأعمال السوداني، خالد حسن، شخصاً غير مرغوب فيه، وأمهلته 3 أيام للمغادرة، انتهت بالتزامن مع وصول بوارجها إلى بورتسودان.

وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، حسين الأمين، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، إن بلاده تنتظر توضيحاً من أسمرا على قرار طرد سفيرها.

ويتمتع الجيش السوداني بعلاقات جيدة مع أفورقي، وسبق وأشاد بمواقفه مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، بعدما هاجم زعماء دول عدد من الجوار السوداني، واتهمها صراحة بدعم ومساندة «قوات الدعم السريع» في الحرب ضد الجيش.

وقال رئيس وفد البحرية الإريترية في تسجيل مصور: «وصلنا في هذا الظرف الصعب لنؤكد أننا مع قضية السودان العادلة، ونقف دوماً مع قادة الجيش والبحرية والمشاة وسلاح الطيران»، مضيفاً: «نأمل في أن يتعدى السودان هذه المرحلة، وموقفنا ثابت في رفض التدخلات الأجنبية». وأكد المسؤول الإريتري تواصل العلاقات والزيارات بين البلدين التي تؤكد على الحلف الاستراتيجي القوي الذي يصب في مصلحة البلدين.

ويقول المحلل السياسي السوداني، صالح عمار، إن «العلاقة بين الرئيس الإريتري وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تطورت وقويت بشكل أكبر بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع»، مضيفاً أن «هذا الأمر معلن مسبقاً».

رسالة إلى إثيوبيا

وعدّ خطوة إرسال إريتريا قطعاً من سلاح البحرية إلى السواحل السودانية «رسالة في بريد إثيوبيا ودول إقليمية أخرى»، مفادها أن العلاقات بين إريتريا والسودان قوية، و«أنها على استعداد لحمايته». وأرجع صالح الموقف الإريتري إلى ما يتردد من مزاعم عن وجود علاقات وثيقة تربط إثيوبيا ودولاً أخرى بـ«قوات الدعم السريع»، وهو ما تراه يشكل خطراً عليها.

ويوضح المحلل السياسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن توتر العلاقات بين البلدين، الذي أدى إلى اتخاذ الحكومة الإريترية قراراً مفاجئاً بطرد السفير السوداني، جاء رد فعل على الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى بورتسودان، ولقائه قائد الجيش السوداني.

وقال إن «الموانئ السودانية على ساحل البحر الأحمر استقبلت خلال السنوات الماضية سفناً حربية وتجارية من روسيا وإيران وغيرهما من الدول في إطار التعاون المشترك مع السودان، لكن إريتريا ربما قصدت من هذه الزيارة في هذا التوقيت أن تشير إلى قوة تحالفها مع الجيش السوداني».

واستبعد أن يكون التحرك بتنسيق بين إريتريا وروسيا، أو ذا صلة بالصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر، منوهاً بأن إريتريا لن تقدم على أي فعل يمكن أن يلحق الضرر بحلفائها الأساسيين في الإقليم.

بدوره، رأى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن وجود القطع الحربية البحرية الإريترية ببورتسودان، في ھذا التوقيت، يعطي مؤشراً لمؤازرة الجيش معنوياً على الأقل في حربه ضد «الدعم السريع».

وقال: «منذ الطرد المفاجئ للقائم بالأعمال السوداني من أسمرا طرأت تطورات اتخذت طابعاً دراماتيكياً من خلال بث صور للقاء تم بين الرئيس آسياس أفورقي، وزعيم قبائل البجا السودانية، محمد الأمين ترك، وتبع ذلك بالطبع مباشرة زيارة البوارج الإريترية إلى ميناء بورتسودان».

وأضاف أن «ما يربط بين تلك الأحداث أنها جاءت في أعقاب الزيارة الغامضة لرئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد لبورتسودان». وأشار إلى أن «أسمرا بدأت تشعر بأنها مبعدة عن مساعي التسوية في السودان، وتحركها الأخير يعبر عن تململ ورفض لإبعادها عن الجهود الإقليمية والدولية الجارية حالياً على قدم وساق لإنجاح المبادرة الأميركية الساعية لإنهاء الحرب في السودان».