الرئيس سعيّد يُقيل مسؤولين كباراً بسبب حجب العلم التونسي

عدّ الخطوة «تطاولاً على الوطــن والشهــداء»

الرئيس سعيد مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني (الرئاسة)
الرئيس سعيد مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني (الرئاسة)
TT

الرئيس سعيّد يُقيل مسؤولين كباراً بسبب حجب العلم التونسي

الرئيس سعيد مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني (الرئاسة)
الرئيس سعيد مع رئيس الحكومة أحمد الحشاني (الرئاسة)

أمر الرئيس التونسي قيس سعيّد بحلّ اتحاد السباحة، وإقالة مسؤولين كبار، بمن فيهم المدير العام للوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات، إثر حجب العلم التونسي في تظاهرة رياضية دولية أقيمت أمس (الجمعة)، تبعاً لعقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا).

وبحسب تقرير لوكالة «الصحافة الفرنسية»، تداول نشطاء على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع، صوراً تظهر العلم التونسي، وقد تم إخفاؤه بقطعة قماش أحمر خلال بطولة تونس المفتوحة للماستر، المنظّمة من قبل الاتحاد التونسي للسباحة في المسبح الأولمبي برادس.

وزار سعيّد للمسبح، مساء الجمعة، وظهر في مقطع فيديو غاضباً، ورفع العلم وأدى النشيد الرسمي. وقال لاحقاً في اجتماع ضمّ رئيس الحكومة، أحمد الحشاني، وعدة وزراء: «هذا (العلم) لا مجال للتسامح معه، تونس قبل اللجنة الأولمبية وقبل أي لجنة أخرى». وتابع وهو يصرخ ويحمل العلم بين يديه: «هذا اعتداء ولا مجال للتسامح مع أي كان، ومهما كان».

وتابع سعيد بلهجة غاضبة، إن «حجب الراية التونسية فيه تطاول على الوطــن وعلى الشهــداء... فالراية التونسية مخضبة بدماء الشهداء».

كما شدد الرئيس سعيد على أن السلطة «للشعب التونسي، ولا مجال للمس بوحــدة الدولة»، من طرف من قال إنهم «ما زالوا يرتبون لذلك إلى حد اليوم في الكواليس، ويجتمعون في الخارج وفي الشقق الفاخرة والمقاهي»، واصفاً إياهم بأعــداء الوطــن.

وأضاف رئيس الجمهورية بنبرة تحذيرية: «لا تسامح مع من يعتقد أنه فوق القانون، أو يعتقد أن عمالته للخارج يمكن أن تشفع له صنيعه».

كما أكد رئيس الدولة خلال الاجتماع أن راية تونس «لن تترك، ولن تسلم إلا مرفوعة لأجيال مقبلة لترفعها عالياً في تونس وتحت كل سماء»، حسب تعبيره.

وبعد اجتماع الرئيس مع رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، أصدرت وزارة الشباب والرياضة ليل الجمعة - السبت، بياناً يقضي بحلّ الاتحاد التونسي، بعد أن أسدى سعيّد «تعليماته باتخاذ إجراءات فورية على المستويين الجزائي والإداري ضد المسؤولين عن واقعة حجب جدارية العلم الوطني».

كما أعلنت الوزارة إقالة المدير العام للوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات، والمندوب الجهوي للشباب والرياضة بمحافظة بنعروس المتاخمة للعاصمة تونس. وكانت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا) قد أكدت مطلع مايو (أيار) الحالي، عدم امتثال تونس للمدونة العالمية لمكافحة المنشطات، وأعلنت فرض عقوبات على البلاد.

وأوضحت المنظمة أن تونس لن تستضيف بطولات إقليمية أو قارية أو عالمية، ولن يُسمح برفع العلم التونسي في الألعاب الأولمبية والبارالمبية، حتى تعود البلاد إلى كنف الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات. وقالت «وادا» في البيان إن قرار عدم الامتثال «النهائي وبأثر فوري» ضد تونس، ناتج عن «عدم قدرتها على التطبيق الكامل لنسخة 2021 من المدونة العالمية لمكافحة المنشطات ضمن نظامها القانوني». وبعد القرار بأيام، أصدرت السلطات التونسية التعديلات القانونية، التي طالبت بها الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، لكن «وادا» لم تعلن رفع العقوبات المفروضة على تونس.



مصر: أدوية «ناقصة»... وبدائل «شحيحة»

صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)
صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)
TT

مصر: أدوية «ناقصة»... وبدائل «شحيحة»

صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)
صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)

يقف عماد عبد الحميد، وهو موظف حكومي في العقد الثالث، أمام «صيدلية الإسعاف» (حكومية) في وسط العاصمة القاهرة، من السادسة صباحاً لحجز دوره في طابور ممتد لمسافات؛ وذلك لصرف العلاج الشهري لوالدته المسنة التي تعيش معه في منطقة المرج (شرق القاهرة).

عبد الحميد يضطر إلى القدوم لـ«صيدلية الإسعاف» مرة شهرياً لصرف العلاج لوالدته، الذي لم يعد متوفراً منذ فترة في أغلب الصيدليات الخاصة. ما يشكو منه المواطن المصري يعاني منه أغلب المصريين في ظل أدوية أساسية «غير متوفرة» في الصيدليات الأخرى، وعدم وجود بدائل لها، بسبب أزمة الدولار التي شهدتها مصر خلال الشهور الماضية.

عبد الحميد قال لـ«الشرق الأوسط» إن الشهور الأخيرة شهدت ازدحاماً كبيراً وزيادة في الطوابير أمام «الإسعاف»، مع التشديد في إجراءات الصرف، رغم أن الأدوية كان يحصل عليها سابقاً من «معهد ناصر» (مستشفى حكومي)، لكن بعضها لم يعد متوفراً في المعهد، مما اضطره للذهاب إلى «صيدلية الإسعاف» للحصول على الأدوية الناقصة بموجب الروشتة الخاصة بوالدته.

و«صيدلية الإسعاف» لها أفرع في بعض المحافظات المصرية، وتتبع الشركة المصرية للأدوية، وتتوفر فيها الأدوية الناقصة، بالإضافة إلى الأدوية المدرجة باعتبارها مخدرة، بجانب الألبان الخاصة بالأطفال.

مقر للشركة المصرية لتجارة الأدوية في القاهرة (الشركة)

موقف عبد الحميد أمام «صيدلية الإسعاف» يتكرر مع آخرين يصطفون أمام الصيدلية الشهيرة على مدار اليوم للحصول على الأدوية الناقصة، التي «انضم إليها في الأسابيع الأخيرة (الأنسولين) لمرضى السكر، حيث يتم صرفه من (الإسعاف) مع نقصه الحاد في الصيدليات الأخرى»، بحسب عضو لجنة «الصحة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أحمد عبد اللطيف الطحاوي.

وقال الطحاوي لـ«الشرق الأوسط» إن الأدوية الناقصة لمرضى الأمراض المزمنة تُوفَّر من خلال «صيدلية الإسعاف»، بالإضافة إلى أدوية الأورام والعلاجات الكيميائية، مشيراً إلى «وجود

نقص في بعض الأدوية المستوردة من الخارج، بالإضافة إلى نقص حتى في الأدوية المصنعة محلياً».

وحمّل رئيس «شعبة الأدوية» باتحاد الغرف التجارية، الدكتور علي عوف، مسؤولية نقص الأدوية في البلاد إلى أزمة الدولار، وتغير سعر الصرف خلال مارس (آذار) الماضي، بعدما وجدت الشركات المصرية نفسها مطالبة بالحصول على الدولار من البنوك المصرية بمتوسط 50 جنيهاً، بعدما كانت تحصل عليه بمتوسط 31 جنيهاً، مما جعل الشركات مطالبة بسداد فوارق مالية كبيرة للبنوك، في وقت يتعين عليها بيع الأدوية بالأسعار نفسها المحددة سلفاً على سعر الدولار القديم؛ نظراً لأن الأدوية مسعرة جبرياً.

عوف قال لـ«الشرق الأوسط» إن إحدى الشركات الكبرى طُلب منها توفير فارق يصل إلى 300 مليون جنيه (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية) بشكل فوري، من أجل الإفراج عن المواد الخام الخاصة بها والموجودة في الجمارك. وهو أمر زاد من أعباء الشركات التشغيلية بصورة كبيرة، خصوصاً أن «البنك المركزي والبنوك المصرية لم تقدم أي تسهيلات لشركات الدواء، التي وجدت نفسها مطالبة، مع زيادة سعر الصرف، بضخ مزيد من الأموال، أو تقليل ما تقوم باستيراده، وبالتالي تقليل إنتاجها، الأمر الذي حدث بشكل مفاجئ وفوري».

كما أكد رئيس «لجنة التصنيع» بنقابة الصيادلة، الدكتور محفوظ رمزي، لـ«الشرق الأوسط» أن «مصانع الأدوية المحلية وجدت نفسها مطالبة بالاقتراض من البنوك بفائدة تصل إلى 25 في المائة سنوياً، من أجل تنفيذ عمليات الاستيراد للمواد الخام بجانب سداد فارق سعر الصرف»، منتقداً «عدم وجود تسهيلات بنكية استثنائية لقطاع الدواء، كان يمكن أن تساهم في توفير الأدوية بشكل أسرع للمواطنين».

وجود نقص في بعض الأدوية المستوردة من الخارج والمحلية (رويترز)

أما مدير مركز «الحق في الدواء»، محمود فؤاد، فقد انتقد «عدم تحرك الحكومة المصرية السريع مع ملف نقص الأدوية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمة تكررت بشكل مشابه لما حدث في عام 2017 بعد تحريك سعر الصرف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، ولجأت الحكومة آنذاك إلى «زيادة سعر الأدوية بشكل فوري، مما أتاح للشركات استئناف إنتاجها».

فؤاد أوضح أن عمليات الاستيراد التي تجري لكميات من الأدوية التي لا تُصنع محلياً «لا تتوفر إلا عبر منافذ (صيدلية الإسعاف) بأفرعها». لكن رئيس «لجنة التصنيع» بنقابة الصيادلة يرى أن «إتاحة الأدوية بشكل حصري من خلال (صيدلية الإسعاف) يشكل انتهاكاً لقانون حماية المنافسة، مع احتكار صيدليات محددة، حتى لو كانت تابعة للدولة المصرية، لتوزيع أصناف معينة من الدواء».

كما تحدث محفوظ رمزي عن نقص في الأدوية «رُصد سواء في الأدوية المصنعة محلياً أو المستوردة من الخارج». ويتوقع أن تحدث انفراجة كبيرة مع نهاية الشهر الجاري لأسباب عدة، منها «انتهاء تطوير خطوط إنتاج بعض مصانع الدواء المحلية التي استغرقت وقتاً أطول من المتوقع، بالإضافة إلى استيراد الأدوية من الخارج، والإفراج عن شحنات من المواد الخام التي تدخل في خطوط التصنيع».

وهنا أشار علي عوف إلى أن جزءاً من مشكلة الإحساس بنقص الأدوية يرجع إلى «طلب الحصول على الدواء باسم محدد، وليس بالمادة الفعالة مع وجود بدائل لغالبية الأدوية الناقصة بالأسواق؛ لكن بأسماء أخرى لا يقبل المرضى على شرائها».

إحدى الصيدليات داخل مستشفى حكومي في مصر (وزارة الصحة المصرية)

وخلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، «ضخ 10 مليارات جنيه لهيئة الدواء من أجل توفير الأدوية في الأسواق». كما تعهد في يوليو (تموز) الماضي بانتهاء الأزمة خلال ثلاثة أشهر، بعد الاتفاق مع ممثلي الشركات على زيادات تدريجية في أصناف الدواء التي تقوم بإنتاجها أو استيرادها من الخارج.

من جانبه، أكد عضو لجنة «الصحة» بالبرلمان «ضرورة توافر الأدوية بأسعار تناسب المرضى، وتأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي الخاص بهم، مما يفرض ضرورة وجود رقابة على الشركات لمنع التلاعب بأسعار الأدوية أو زيادتها بشكل كبير دفعة واحدة».

لكن رئيس «شعبة الأدوية» باتحاد الغرف التجارية أشار إلى أن «أحد مصانع الأدوية الشهيرة بلغت خسائره 121 مليون جنيه في النصف الأول من العام الجاري، مما يتطلب ضرورة وجود نظرة حكومية مختلفة للتعامل مع قطاع الدواء الذي يعاني من خسائر قد تؤدي إلى توقف مصانع عن العمل».