ملاعب كرة القدم في بلدان المغرب العربي منبر لدعم الفلسطينيين

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)
TT

ملاعب كرة القدم في بلدان المغرب العربي منبر لدعم الفلسطينيين

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)

أصبحت مدرّجات ملاعب كرة القدم في بلدان المغرب الكبير منذ اندلاع الحرب في غزة، إحدى أبرز منصات التعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية، ومن المنابر القليلة التي يعبّر فيها شباب «الألتراس» عن غضبهم، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

في المغرب، تشهد العديد من المدن منذ اندلاع الحرب في غزة مظاهرات منتظمة كل أسبوع لدعم الفلسطينيين والمطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

ويجد هذا التضامن صداه في ملاعب الكرة، حيث ترتفع الأعلام الفلسطينية. ففي اليوم التالي للهجوم غير المسبوق الذي نفّذته حركة «حماس» من قطاع غزة على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) وتعهّدت إسرائيل على أثره بـ«القضاء» على «حماس»، ردّدت جماهير نادي الرجاء البيضاوي أنشودة «رجاوي فلسطيني».

وهو أحد أشهر الأناشيد التي أطلقتها مجموعات «ألتراس» هذا النادي المغربي الكبير في عام 2019 واشتهرت مذاك في العالم العربي. وتقول الأنشودة في أحد مقاطعها بالعامية المغربية: «الحبيبة فلسطين يا زينة البلدان قاومي، ربي يحميك».

أما في الجزائر العاصمة، فرفع مشجّعون لنادي المولودية في نوفمبر (تشرين الثاني) تيفو (لافتة تغطي مدرّج الملعب) عملاقاً لملثم فلسطيني كُتبت عليه عبارة «المولودية الثورية فداك يا أرض الثوار».

ويذكّر عالم الاجتماع المغربي المتخصّص في ظاهرة «الألتراس» عبد الرحيم بورقية بأن «القضية الفلسطينية توحّد الجميع، والألتراس يقفون بشكل عام إلى جانب المظلومين، فالتضامن مع فلسطين أمر بديهي بالنسبة لهم».

«واجب»

من أمثلة هذا التضامن، رفع مشجعون في الجزائر خلال شهر رمضان الماضي لافتة كتبوا عليها: «صاموا قبل شهر الصوم، جوع وظمأ في غزة كلّ يوم».

بينما رفع مشجّعون في تونس لافتة جاء فيها: «سننتقم للأطفال (الفلسطينيين)».

وحملت جماهير الوداد البيضاوي لافتة تحيي فيها «المقاومين في قلب الأنفاق»، في إشارة إلى مقاتلي حركة «حماس».

ويقول سيف، وهو أحد أعضاء «ألتراس زاباتيستا» المشجّعة لنادي الترجي التونسي، إن «القضية الفلسطينية جزء من من المواضيع التي تتشاركها مجموعات الألتراس، تماماً مثل التنديد بالفساد الرياضي والسعي للحرية».

ويستطرد رفيقه علي قائلاً: «أقل ما يمكننا القيام به هو توجيه رسالة» تضامن إلى الفلسطينيين، مؤكداً أن دعم «القضية الفلسطينية ليس أمراً يحدث فقط في المناسبات بل هو واجب».

ويقول شباب من «الألتراس» تحدثوا إلى الوكالة إنهم يشعرون بارتياح أكبر في مدرجات الملاعب للتعبير عن آرائهم.

ويرى عبد الرحيم بورقية، مؤلف كتاب «ألتراس في المدينة»، أن «الملعب يظلّ المكان الوحيد الذي يتمّ فيه التسامح مع التعبير بعواطف فياضة».

«الحقيقة تخرج من الملاعب»

ويتابع بورقية: «يبدو أن الشباب وجدوا في الألتراس منبراً ليسمعوا أصواتهم ويعبّروا بحريّة، رداً على شعورهم بالتهميش»، زيادة على كونها «فرصة لتكوين أنفسهم والمشاركة في عمل جماعي ملتزم».

ويقول مشجّع نادي مولودية الجزائر عبد الحميد: «نحن لا نمارس السياسة لكن الحقيقة تخرج من الملاعب (...) إنها صوت الأحياء الشعبية».

ويرى عالم الاجتماع التونسي محمد جويلي أن هؤلاء الشباب «يريدون أن يظهروا أنهم يفعلون شيئاً ما وأنهم يملكون رأياً، وليسوا مجرّد مجموعة من المشجّعين المتهوّرين».

مثل باقي أعضاء الألتراس الذين قابلتهم الوكالة، يدافع حمزة في الدار البيضاء عن نفسه بأنه لا يتوّرط في أي أعمال شغب، ويأسف لأن السلطات تقضي بأحكام تصل إلى السجن «لتهدئتهم»، وفق ما يقول.

وشهدت الملاعب في الأعوام الأخيرة أعمال شغب عدّة تسبّب فيها مشجّعو فرق مختلفة، انتهت بمحاكمات وعقوبات في حق النوادي.

لكن المشجّع الشاب يرى أن «ممارسة الكثير من الضغط على شباب لا يريدون سوى التعبير عن أنفسهم ليس الحلّ الجيد، بل هو حافز أكبر لهم»، مضيفاً: «لن نتوقف عن ترديد ما نريد وعن الغناء (لفلسطين)».


مقالات ذات صلة

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

شؤون إقليمية نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صاروخاً في مدينة نهاريا شمال إسرائيل في 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

فصائل عراقية تعلن تنفيذ هجومين بالمسيرات على جنوب إسرائيل

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، يوم أمس (الأحد)، مسؤوليتها عن هجومين بالمسيرات على مواقع في جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.