ليبيا: «قضايا خلافية» تعترض اجتماع المنفي وصالح وتكالة بالقاهرة

أبرزها الميزانية العامة التي أقرها البرلمان وقوانين الانتخابات

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال لقاء سابق مع صالح والمنفي وتكالة (الأعلى للدولة الليبية)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال لقاء سابق مع صالح والمنفي وتكالة (الأعلى للدولة الليبية)
TT

ليبيا: «قضايا خلافية» تعترض اجتماع المنفي وصالح وتكالة بالقاهرة

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال لقاء سابق مع صالح والمنفي وتكالة (الأعلى للدولة الليبية)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال لقاء سابق مع صالح والمنفي وتكالة (الأعلى للدولة الليبية)

قال سياسيون ليبيون إن اجتماع رؤساء المجالس الثلاثة الرئيسية في ليبيا، وهم المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، والنواب بقيادة عقيلة صالح، والمجلس الأعلى للدولة برئاسة محمد تكالة، والمرتقب أن تحتضنه جامعة الدول العربية في القاهرة، يواجه قضايا خلافية عديدة.

رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في لقاء سابق مع المبعوث الأممي السابق عبد الله باتيلي (النواب)

وتأتي الجولة الثانية للقادة الليبيين بالقاهرة، التي لم يتحدد موعدها بعد، وسط خلاف حاد حول الميزانية، التي أقرها البرلمان لحكومة أسامة حماد بقيمة 90 مليار دينار ليبي، (الدولار يساوي 4.83 دينار في السوق الرسمية)، بالإضافة إلى استمرار خلافاتهم حول القوانين الانتخابية.

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

وقال رئيس حزب «تجمع تكنوقراط ليبيا»، أشرف بلها، إن الخلاف الجديد حول ميزانية حكومة حماد، وما قبله الخلاف حول بعض القوانين والقرارات، التي أصدرها البرلمان مثل تأسيس صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا في فبراير (شباط) الماضي «سوف يسهم في توسيع هوة الخلاف بين المجلسين». وأوضح بلها لـ«الشرق الأوسط» أن الخلاف على الميزانية، «يعني تصديراً للجانب الاقتصادي للأزمة، إلى جانب الخلاف السياسي حول القوانين الانتخابية، لافتاً إلى أن الصراع الراهن «هو على السلطة وإدارة الثروة».

ويرى بلها أن خلاف المجلسين حول القوانين الانتخابية، وتحديداً ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين للرئاسة، استنزف الكثير من الوقت خلال السنوات الماضية، مبرزاً أن «الخلاف في تلك القوانين، التي أعدتها اللجنة المشتركة (6+6)، يتعلق بربط إجراء الانتخابات التشريعية بالانتخابات الرئاسية».

محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة (إ.ب.أ)

وكان البرلمان الليبي قد أقر نهاية أبريل (نيسان) الماضي الميزانية العامة المقدمة من حكومة حماد، التي تصل قيمتها لـ90 مليار دينار ليبي (نحو 18.4 مليار دولار)، وهو الإجراء الذي رفضه المجلس الأعلى للدولة، مبرراً ذلك بكونه مخالفاً لنصوص الاتفاق السياسي الليبي، ورأى أن حكومة حماد «غير شرعية».

وتوقع بلها أن يحرص تكالة على إثارة خلاف الميزانية، وغيرها من القرارات والقوانين، التي يرى أن البرلمان قد اتخذها بشكل منفرد «من باب تقوية موقفه التفاوضي، وذلك قبل التطرق لأجندة اللقاء الأساسية المتعلقة بتفعيل ما اتفق عليه من بنود في الجولة الأولى لهذا الاجتماع، والتي عقدت في مارس (آذار) الماضي».

وكان الاجتماع الأول لرؤساء المجالس الثلاثة قد أسفر عن توافق على عدة بنود، وفي مقدمتها تشكيل لجنة فنية خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة للقوانين الانتخابية، التي انتهت إليها لجنة «6+6»، لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بها، ووجوب تشكيل «حكومة موحدة» للإشراف على العملية الانتخابية.

ويعتقد بلها أن تكالة «بات يمثل تياراً سياسياً داخل مجلسه، وفي الساحة الليبية عموماً، وذلك لرفضه أغلب قرارات ومخرجات البرلمان، بما في ذلك التعديل الـ13 للإعلان الدستوري، رغم إقرار الأخير من قبل الأعلى للدولة في عهد الرئيس السابق للمجلس خالد المشري».

ويعول بلها على «ثقل الدبلوماسية المصرية، ودور الجامعة العربية في تهدئة الأجواء، واستيعاب أي خلافات طارئة، أو على الأقل حصر النقاشات بتفعيل المخرجات المتفق عليها سابقاً».

من اجتماع مجلس النواب الليبي (المجلس)

بالمقابل، وصف عضو مجلس النواب الليبي، جلال الشويهدي، اعتراض تكالة على ميزانية حكومة حماد، وتأسيس صندوق تنمية إعادة إعمار ليبيا، وعدد آخر من القوانين التي أصدرها البرلمان، بكونه «مواقف سياسية لإرضاء أطراف أخرى بالداخل الليبي»؛ في إشارة لخصوم البرلمان السياسيين، وتحديداً حكومة الدبيبة.

واستبعد الشويهدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تتم إثارة تلك القضايا في الجولة الثانية من اجتماع رؤساء المجالس بالقاهرة»، مشدداً على أن إقرار الميزانية «حق أصيل لمجلسه»، وفقاً للاتفاق السياسي، وكذلك الإعلان الدستوري، «ولا علاقة للأعلى للدولة بها».

ويعتقد الشويهدي أن المعضلة الحقيقية من وجهة نظره أمام الاجتماع «لا تنحصر في القوانين، بل فيما نصت عليه من تشكيل حكومة موحدة تضطلع بإجراء الانتخابات، ما يعني إزاحة حكومة الدبيبة، وهو ما يرفضه قطاع من أعضاء الأعلى للدولة من المؤيدين أو المتحالفين معها».

عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة استبعد أن يطغى خلاف المجلسين حول الميزانية على جدول اجتماع القاهرة (الشرق الأوسط)

من جانبه، استبعد عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، أن يطغى الخلاف بين المجلسين حول الميزانية على جدول اجتماع القاهرة، متوقعاً أن تشهد المباحثات المرتقبة خلافاً غير هين في الرؤى بين تكالة وعقيلة صالح حول قضية تشكيل «حكومة موحدة». وقال إن صالح «يتطلع للشروع في تشكيل تلك الحكومة بأسرع وقت، قبل أو بالتوازي مع تشكيل لجنة مراجعة القوانين الانتخابية، فيما يرغب تكالة بمناقشة ملفها بعد انتهاء أعمال تلك اللجنة كافة».

وتخوف بن شرادة من استمرار عدم التوافق الدولي حول معالجة أزمة بلاده السياسية، ورأى أن ثمانية مبعوثين أمميين اختاروا «الحلقة الأضعف لتبرير فشلهم»، وذلك بـ«إلقاء اللوم على الأطراف الليبية، والادعاء بأنها ترفض الحلول، بدلاً من الإقرار بعجزهم عن التوفيق بين ما تطرحه موسكو وحلفاؤها، وما تطرحه واشنطن وحلفاؤها بوصفه حلاً للأزمة الليبية».


مقالات ذات صلة

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة ووزيرة العدل في حكومته المؤقتة (وزارة العدل)

ليبيا: مطالب بالتحقيق في وقائع «تعذيب» بسجن خاضع لنفوذ حفتر

أدانت حكومة «الوحدة» الليبية على لسان وزارة العدل التابعة لها، «استمرار ممارسات التعذيب والإخفاء القسري» في إشارة إلى تسريبات سجن قرنادة في شرق ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً وزير القوات المسلحة السنغالي (حكومة الوحدة)

الدبيبة يبحث تعزيز التعاون العسكري مع السنغال

قالت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة ناقش سبل تعزيز التعاون العسكري بين ليبيا والسنغال.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)

تسريبات «قديمة» لتعذيب سجناء تعيد مطالب فتح ملف المعتقلات الليبية

تداول ليبيون على نطاق واسع مقاطع فيديو قالوا إنها من داخل سجن «قرنادة» بمدينة شحّات بشرق البلاد وتظهر الاعتداءات على سجناء شبه مجردين من ملابسهم بالضرب.

جمال جوهر (القاهرة)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)
ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

يترقب الليبيون المرحلة الثانية من الاقتراع على المجالس المحلية، نهاية يناير (كانون ثاني) الحالي، في عملية تبدو «أكثر تعقيداً» من سابقتها التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بحسب «المفوضية العليا للانتخابات»، وسط تحديات أمنية تهيمن على المشهد الليبي، وفق مراقبين.

وجاء الإقرار الرسمي بأن المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية ستكون ساخنة من زاوية «لوجيستية»، خصوصاً مع «زيادة أعداد الناخبين ومراكز الاقتراع ثلاثة أضعاف ما كان بالمرحلة الأولى»، حسب تصريحات رئيس المفوضية عماد السايح، الذي لم يحدد موعد إجرائها بعد، لكنه رأى ضرورة «توفير الدعم اللازم لها».

رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات عماد السايح (مفوضية الانتخابات)

ومن المقرر أن تُجرى انتخابات المرحلة الثانية في 63 بلدية، منها 41 بلدية في المنطقة الغربية، و13 بلدية بالمنطقة الشرقية، إضافة إلى 9 بلديات في المنطقة الجنوبية، حسب قرار صادر عن المفوضية الأسبوع الماضي.

ويرصد المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية، كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة، وفي طليعتها طرابلس وبنغازي»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى رغبة المفوضية في «الذهاب بعيداً لإنجاز هذا الاستحقاق الانتخابي».

وفي 16 نوفمبر الماضي أجريت انتخابات المجموعة الأولى في 58 بلدية، شهدت إقبالاً كبيراً بلغ 74 في المائة من إجمالي عدد من يحق لهم التصويت، بحسب بيانات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

وفي المنطقة الشرقية، أعلن رئيس المفوضية عماد السايح عن بدء الاستعدادات للجولة الثانية من الانتخابات، بلقاء مع مسؤولي مكاتب الإدارة الانتخابية، واطمأن إلى استكمال « التحضيرات اللازمة لتنظيم الانتخابات وفق أعلى معايير الشفافية والنزاهة».

رئيس البرلمان عقيلة صالح لدى الإدلاء بصوته في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

وبخصوص الإجراءات الأمنية، أكد وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا، اللواء عصام أبو زريبة، أن «إدارة حماية وتأمين الانتخابات على أتم الاستعداد دائماً للتنسيق لإجراء أي اقتراع، من خلال غرف أمنية خاصة بها في المناطق كافة».

وبهذا الخصوص قال أبو زريبة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مستعدون للانتخابات دائماً، ونجدد نشاط منتسبينا من خلال عقد ورش العمل الخاصة بالشأن ذاته لرفع مستوى الأداء».

ومع ذلك، فإن ناشطين ومتابعين عبّروا عن مخاوف مما وصفوها بـ«توترات قبلية» في شرق ليبيا واكبت الجولة الأولى، الأمر الذي نفاه أبو زريبة قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه «صراع ديمقراطي تنافسي بين مكونات المجتمع، كون التركيبة السكانية قبلية».

في المقابل، يبدو التحدي الأمني أكثر وضوحاً في المنطقة الغربية، حسب متابعين، ومثال على ذلك فإنه من المقرر أن تُجرى الانتخابات في 5 دوائر انتخابية تابعة لمدينة الزاوية، علماً بأنها تشهد عملية عسكرية «مثيرة للجدل» ضد ما وصفتها حكومة غرب ليبيا ضد «أوكار مخدرات وتهريب وقود».

وازداد الغموض والتساؤلات بعد مظاهرات اندلعت في مدن بغرب ليبيا هذا الأسبوع، عقب بث اعتراف نجلاء المنقوش، في لقاء تلفزيوني بتفاصيل اجتماعها السري في إيطاليا، العام قبل الماضي، مع نظيرها الإسرائيلي، إيلي كوهين.

وفي هذا السياق، أبدى المحلل السياسي، أيوب الأوجلي، قلقاً مما عدّها «مجموعات مسلحة تأتمر بأمر قادة سياسيين يسيطرون على المشهد»، ولم يستبعد أن «تقف هذه المجموعات في وجه إجراء هذه الانتخابات، والاستفادة من الثغرات الأمنية لعرقلتها»، وفق رؤيته.

مسن ليبي يدلي بصوته في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

وقال الأوجلي إن عقد الانتخابات «سيبطل حالة القوة القاهرة، التي منعت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال 2021، ومن ثم يهدد استمرار هؤلاء القادة السياسيين في المشهد الليبي».

في مقابل التحديات السياسية أو الأمنية التي لازمت الحالة الليبية منذ 2011، تتمسك الأكاديمية والباحثة أمل العلوي بـ«بالتفاؤل»، استناداً إلى «نجاح المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، ووصول من يمثلون شرائح كثيرة إلى تمثيل ناخبيهم في المجالس، بما يعزز الاستقرار».

وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن نجاح الجولة الأولى هو «مدعاة للتفاؤل بالمضي خطوات عملية وجادة نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي يطمح لها كل الليبيين».

يُشار إلى أن الجولة الأولى من الاقتراع البلدي مضت على «نحو سلس ودون تسجيل خروقات بالمنطقة الغربية»، وفق وصف وزير الداخلية المكلف في حكومة غرب ليبيا، عماد الطرابلسي، ولقيت إشادة من نائبة المبعوث الأممي، ستيفاني خوري في لقاء مع الطرابلسي الشهر الماضي.

ووفق مراقبين، لا تبدو الصورة قاتمة في مجملها، إذ يراهن البعض على الدعم الدولي الواسع من قبل مجلس الأمن والبعثة الأممية، والدول الكبرى للجولة الأولى للانتخابات المحلية، وهو ما عدّه الأوجلي «بصيص أمل» نحو نجاح مساعي الاحتكام لصندوق الاقتراع.

جانب من عمليات الإشراف على نجاح الجولة الأولى من الانتخابات البلدية السابقة (مفوضية الانتخابات)

وعلاوة على ذلك، هناك أيضاً الدعم القبلي لهذه الانتخابات، وهو ما أظهره ملتقى رعاه المجلس الرئاسي الأسبوع الماضي لأعيان وحكماء ومشايخ ليبيين، رأوا في الاقتراع البلدي «مؤشراً على رغبة الليبيين في تحقيق الاستقرار».