«الأوكار السرّية»... مقارٌ للاتجار في المهاجرين بليبيا

سلطات بنغازي «تحرر» 107 أشخاص بعد اعتقالهم 7 أشهر

عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرق ليبيا (جهاز البحث الجنائي)
عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرق ليبيا (جهاز البحث الجنائي)
TT

«الأوكار السرّية»... مقارٌ للاتجار في المهاجرين بليبيا

عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرق ليبيا (جهاز البحث الجنائي)
عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرق ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

داهمت السلطات الأمنية في مدينة بنغازي الليبية وكراً كان خاضعاً لإحدى عصابات الاتجار في البشر بمدينة الكفرة (جنوب شرق)، وحررت 109 مهاجرين غير نظاميين، في وقت أعلن فيه جهاز البحث الجنائي أن غرفة الطوارئ الأمنية المشتركة تمكنت من ضبط 120 مهاجراً آخرين في المدينة نفسها.

وتعد هذه المداهمة الأمنية واحدةً من عشرات العمليات، التي تكشف عنها الأجهزة بشرق وغرب ليبيا لـ«أوكار سرية»، يتم فيها تخزين المهاجرين المخطوفين. فيما يرصد حقوقيون ليبيون أن «جرائم عديدة ترتكب في هذه الأوكار، من بينها تعذيب المخطوفين، وإجراء صفقات لبيعهم».

وأوضح جهاز البحث الجنائي في ليبيا أن قوات الأمن في منطقة الجنوب الشرقي تمكنت من تحرير 109 مهاجرين غير نظامين، يحملون الجنسية الأفريقية كانوا محتجين في أحد المواقع، التي تتخذها إحدى العصابات الإجرامية وكراً لها في مدينة الكفرة.

وكان من بين من تم تحريرهم 10 أشخاص مصابين إصابات متفاوتة جراء إخضاعهم للتعذيب، الذي تعرضوا له داخل موقع الاحتجاز على أيدي الخاطفين، الذين طالبوا أهالي المختطفين بدفع فدية مالية لإطلاق سراحهم.

مهاجرون بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرق ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

وأبرز الجهاز أن قوات الغرفة المشتركة هدمت الوكر، الذي كانت العصابة تتخذه، مشيرة إلى أن من بين المحررين 39 امرأة و58 رجلاً، بالإضافة إلى طفلين.

ويرى حقوقيون ليبيون أن هذه الأوكار، التي تكشف عنها الأجهزة وتداهمها، «عادة ما تكون معلومةً لها، لكنهم يعلنون عن ذلك في أوقات معينة»، متحدثين عن «عمليات اتجار واسعة تجرى في المهاجرين بين العصابات، وأحياناً تتورط بعض الأجهزة في هذه التجارة».

ونشرت الإدارة العامة للبحث الجنائي مقطع فيديو لقواتها وهي تهدم المنزل، الذي كان المهاجرون محتجزين فيه. وتضمن مقطع آخر لقطات لمهاجرين وعلى أجسادهم آثار تعذيب. وشُوهد عمال إغاثة، وهم يحملون بعض المهاجرين نحو سيارة إسعاف.

وتبعد الكفرة عن العاصمة طرابلس حوالي 1712 كيلومتراً. وأصبحت ليبيا محطة عبور للمهاجرين الفارين من الصراعات والفقر إلى أوروبا، في طريق خطير عبر الصحراء والبحر الأبيض المتوسط، ​​بعد الإطاحة بمعمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011.

مهاجرون أفارقة أوقفهم جهاز خفر السواحل الليبية (الشرق الأوسط)

وتظهر إحصاءات الأمم المتحدة أن ليبيا الغنية بالنفط تؤوي 704369 مهاجراً من أكثر من 43 جنسية، حسب بيانات جُمعت من 100 بلدية ليبية في منتصف عام 2023.

وفي مارس (آذار) الماضي قالت المنظمة الدولية للهجرة إن إدارة البحث الجنائي عثرت على جثث 65 مهاجراً على الأقل في مقبرة جماعية بجنوب غرب ليبيا. وفي عملية ثانية، أوضح جهاز البحث الجنائي ليبيا أن غرفة الطوارئ الأمنية المشتركة ضبطت 120 مهاجراً في مدينة الكفرة، خلال توقيف سيارات كانت تقلهم إلى عصابة للاتجار بالبشر، بقصد تهريبهم إلى مكان قريب من البحر.

وتنشط في ليبيا عصابات متخصصة في تهريب المهاجرين غير النظاميين إلى دول أوروبا، ويدير أفرادها أنشطتهم بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية في صبراتة وزوارة والزاوية، والقرة بوللي.

وسبق أن قال «جهاز دعم الاستقرار» إنه داهم أوكاراً للمهاجرين في مدينة زوارة، وضبط عدداً منهم، ضمن حملة أمنية عدها «للحد من ظاهرة الهجرة غير المشروعة، ومكافحة توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا».


مقالات ذات صلة

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

شمال افريقيا المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الجدلَ حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

تتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.