الجيش الموريتاني يبدأ مناورات عسكرية على الحدود مع مالي

رداً على توترات واعتداءات داخل مناطق الحدود المشتركة

الرئيس الموريتاني أكد رفضه أي اعتداءات على حرمة وكرامة المواطنين الموريتانيين (الشرق الأوسط)
الرئيس الموريتاني أكد رفضه أي اعتداءات على حرمة وكرامة المواطنين الموريتانيين (الشرق الأوسط)
TT

الجيش الموريتاني يبدأ مناورات عسكرية على الحدود مع مالي

الرئيس الموريتاني أكد رفضه أي اعتداءات على حرمة وكرامة المواطنين الموريتانيين (الشرق الأوسط)
الرئيس الموريتاني أكد رفضه أي اعتداءات على حرمة وكرامة المواطنين الموريتانيين (الشرق الأوسط)

يبدأ الجيش الموريتاني، مساء اليوم (السبت)، مناورات عسكرية على الحدود الشرقية مع مالي التي تشهد اضطرابات أمنية. وتأتي هذه المناورات العسكرية التي تستمر يومين، في ظل توتر حدودي في أعقاب إعلان الجانب الموريتاني اعتداء قوات من مالي ومسلحين من مجموعة «فاغنر» الروسية على مواطنين موريتانيين، وتأكيد الرئيس الموريتاني رفضه أي اعتداءات على حرمة وكرامة المواطنين الموريتانيين.

وقال مصدر حكومي إن هذه المناورات العسكرية يحضرها وزير الدفاع حننه ولد سيدي، ووزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين؛ حيث يقومان بزيارة للمناطق الشرقية على الحدود مع مالي. ويجري الجيش الموريتاني لأول مرة منذ سنوات مناورات عسكرية على الحدود الشرقية، في ظل عملية عسكرية يجريها الجيش المالي، ومجموعة «فاغنر» على الحدود، ضد الجماعات المسلحة والمتمردين. واستهدفت هذه العملية مناطق وقرى يقطنها موريتانيون؛ حيث تم اعتقال عدد منهم: «وتعرضوا للاعتداءات ومصادرة ممتلكاتهم» حسب روايات عدد من السكان.

وكان الناطق باسم الحكومة الموريتانية، الناني ولد اشروقة، قد صرح الخميس الماضي، بأن الحدود الموريتانية المالية: «غير مستقرة» وتشهد «عمليات كر وفر بين الجماعات المسلحة والسلطات المالية». وأضاف ولد اشروقة موضحاً أن «الجيش على استعداد تام للدفاع عن الحوزة الترابية، وسيكون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه المساس بحوزتنا الترابية عن قصد، وسنرد له الصاع صاعين»، وفق تعبيره. كما أكد أن «أي دخول للأراضي الموريتانية من أي جهة سيجد أمامه القوات المسلحة لردعه».

في سياق ذلك، أفاد مصدر عسكري بأن المناورات الأولى من نوعها في هذه المناطق الحدودية مع مالي تعرف مشاركة سلاح الجو والمدفعية وقاعدة الطيران المسيَّر في مدينة النعمة، حاضرة المحافظة الشرقية التي تبعد عن العاصمة نواكشوط بنحو 1200 كيلومتر؛ مشيراً إلى أن هذه المناورات تأتي «رداً على توغلات الجيش المالي وقوات (فاغنر) الروسية في عدد من القرى الموريتانية الحدودية، وترويعها للمواطنين الموريتانيين، واعتقال وتخريب ممتلكاتهم وإصابة مواطنين بجروح».

ووصل اليوم وزيرا: الدفاع حننه ولد سيدي، والداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، إلى محافظة الحوض الشرقي، للإشراف على فعاليات المناورات العسكرية. كما يوجد قائد الأركان العامة للجيش الفريق المختار ولد بله شعبان في المحافظة للغرض نفسه، وقد زار قائد الجيش الكتائب والتشكيلات العسكرية المنتشرة على الحدود مع مالي، بعد التوتر الحاصل في مناطق الحدود المشتركة.



اتهامات حقوقية للسلطات الليبية بـ«توظيف الخطاب الديني لتبرير القمع»

رفض حقوقي ليبي لاستخدام المنابر في التحريض على المعارضين السياسيين والقوى المدنية (متداولة)
رفض حقوقي ليبي لاستخدام المنابر في التحريض على المعارضين السياسيين والقوى المدنية (متداولة)
TT

اتهامات حقوقية للسلطات الليبية بـ«توظيف الخطاب الديني لتبرير القمع»

رفض حقوقي ليبي لاستخدام المنابر في التحريض على المعارضين السياسيين والقوى المدنية (متداولة)
رفض حقوقي ليبي لاستخدام المنابر في التحريض على المعارضين السياسيين والقوى المدنية (متداولة)

اتهمت منظمات ومراكز حقوقية ليبية وعربية السلطات المحلية في البلاد بـ«تعمد توظيف الخطاب الأمني والديني لقمع المعارضة»، وسط استنكار لـ«الصمت» على جرائم إخفاء قسري طاولت عدة نواب ونشطاء منذ الانفلات الأمني الذي ضرب البلاد.

وتشتكي الأوساط الحقوقية والسياسية في ليبيا من تعقب المدافعين عن حقوق الإنسان، ومنتقدي السلطة شرق البلاد وغربها، بالتوقيف والاعتقال، فضلاً عما تعانيه ليبيا من «ترد في ملف حقوق الإنسان» يتمثل في الأوضاع السيئة للسجون. غير أن الحكومات الليبية تقول إنها تنأى بنفسها عن هذا المسلك.

الناشط السياسي الليبي سراج دغمان (حسابات موثوقة على مواقع التواصل الاجتماعي)

واستنتجت ورقة بحثية أعدها «مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان» تحت عنوان «تبرير القمع» كيف أن السلطات الليبية «توظّف الخطاب الأمني والديني لقمع المعارضة»، موثقاً مجموعة من الوقائع في الفترة بين عامي 2020 و2024 قال إنها «تعكس هذا النمط من القمع».

ما ذهب إليه «مركز القاهرة» ونشره الثلاثاء، تضامن معه أحمد عبد الحكيم حمزة رئيس «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، رافضاً ما سمّاه بـ«تسييس الدين، واستخدامه لصالح أهداف وغايات لبعض المؤسسات أو التيارات».

ورأى حمزة في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «استخدام المنابر في ليبيا بكل أسمائها وتوجهاتها للنيل من المعارضة والقوى المدنية أمر مرفوض، كما أنه خلط في غير محله، ومساس بالحقوق السياسي والمدنية للمواطنين»، لافتاً إلى أن مثل هذه الأفعال «تحض على العنف ولا يمكن القبول بها».

أحد مساجد مصراتة (مواقع التواصل)

ويعتقد «مركز القاهرة» في ورقته البحثية، أن عمليات قمع المعارضة بمقتضى الخطاب الديني تتورط فيها «الأجهزة الأمنية أو الجماعات الدينية المسلحة المهيمنة، بالتحريض على النشطاء الحقوقيين والسياسيين، بل والزج بهم في السجون، وغلق مؤسساتهم، بدعوى تهديدهم للأمن العام أو مخالفتهم وعدائهم للدين وقيم المجتمع».

وتعاني ليبيا من الانقسام، إذ تتنافس فيها حكومتان وعدد من الكيانات المسلحة. وقد أدت هذه البيئة الانقسامية، وفق «مركز القاهرة»، إلى «إحباط جميع الجهود الدولية والمحلية المتطلعة للإصلاح».

ورغم التنافس والانقسام، يرى المركز، أن السلطات بشرق ليبيا وغربها تشترك في سمة رئيسية، وهي «الاستهداف المنهجي للنشطاء السياسيين والحقوقيين، وقمع كل أشكال المعارضة، سواء باستخدام الخطاب الديني أو المبررات الأمنية، بجانب توظيف الإطار القانوني القمعي للانتقام منهم».

خطورة هذا المشهد السياسي المعقد تتضاعف بعدما أعلنت «المفوضية الوطنية العليا للانتخابات» في 9 يونيو (حزيران) الحالي، بدء عملية تسجيل الناخبين لاستحقاق المجالس البلدية في 60 بلدية، بما في ذلك بلديات انقضت وأخرى مستحدثة تُدار حالياً بمجالس تسييرية.

وعبّر «مركز القاهرة» عن خشيته من تنامي القمع خلال الفترة الراهنة، كما سبق وحدث في انتخابات أغسطس (آب) 2020، وضرب مثلاً بالهجوم على مراكز الاقتراع في بلدية تراغن جنوب غربي ليبيا، وأخرى في بلدية القطرون، وإغلاقها ومنع إجراء الانتخابات فيها.

ويحذّر المركز من «أن بعض الأجهزة الأمنية إلى جانب فصائل مسلحة، تحظى بحضور متمكن في كل من شرق ليبيا وغربها، وأن الاندماج بين هذه الأجهزة وبين الجماعات المسلحة الكبرى أسهم في تعزيز قوتهما العسكرية بشكل كبير، وتنامي نفوذهما السياسي على الحكومات المتنافسة».

النائب الليبي المخطوف إبراهيم الدرسي (صفحته على فيسبوك)

ومن بين الانتهاكات الحقوقية التي شهدتها ليبيا اعتقال المواطن «ما شاء الله فرج» (37 عاماً)، الذي ينتمي إلى منطقة إجخرّة جنوب شرقي البلاد، من قبل الأجهزة في 19 يونيو الحالي.

وقال أحمد عبد الحكيم حمزة رئيس «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، إن اعتقال فرج جاء بعد ساعات من نشره مقطعاً مصوراً عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك» يُعبّر فيه عن استيائه من الأوضاع المعيشية والصحية والخدمية في منطقته.

حمزة وصف عملية الاعتقال بأنها «احتجاز تعسفي تم من دون أي أساس ولا مسوغ قانوني»، وعدّ ذلك «مخالفة واضحة وصريحة لقانون الإجراءات الجنائيّة الليبي».

وطالب حمزة السلطات الأمنية بـ«الإفراج الفوري وغير المشروط» عن المواطن الموقوف، والتحقيق في ملابسات الواقعة، وضمان محاسبة المسؤولين عنها، داعياً السلطات التنفيذيّة والأمنية لضمان احترام الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، والالتزام بالضمانات الدستورية والمعاهدات الدولية المتعلقة بذلك.

وفي السياق ذاته، أبدى حزب «صوت الشعب» الليبي استغرابه الشديد لما سماه «حالة التجاهل وعدم اللامبالاة» التي قال إنها «أصبحت واضحة من موقف الاتحاد الأوروبي، وسفرائه في ليبيا»؛ وفق قوله.

كما استغرب «حرص الاتحاد على حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، في حين يصمت على الجرائم السالبة للحريات والقمع والإخفاء القسري التي تتم في شرق وجنوب ليبيا بشكل يومي وممنهج».

سهام سرقيوة البرلمانية الليبية (يمين) قبل خطفها برفقة المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز (البعثة)

ولفت الحزب في بيانه، إلى استمرار اعتقال الشيخ علي أبو صبيحة، رئيس «المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان» (جنوب ليبيا)، واستمرار إخفاء النائب إبراهيم الدرسي، في مدينة بنغازي، وعدم فتح تحقيق في قضية اختفاء النائبة سهام سرقيوة، واغتيال الناشطة الحقوقية سلوى بوقعيقيص، وكثير من النشطاء.

وتساءل حزب «صوت الشعب»: «أين من يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان؟ وأين المنظمات التي تدعي ذلك سواء كانت محلية أو عربية أو أفريقية أو دولية؟»، مطالباً «المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان» بالاضطلاع بمسؤولياته القانونية والأخلاقية و«الانتصار لمبدأ القوة القانونية؛ وليس قوة الغابة».

ودخلت دار الإفتاء الليبية التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، على خط الوقفات الاحتجاجية، وموقف الدين منها، وقالت إنها «من حيث المبدأ حقّ مشروع، ومن الوسائل العصرية الفعّالة في المطالبة بالحقوق ورفع الظلم، وهي وسيلة تكون مشروعة بشرط أن يكون المقصد الذي تتم المطالبة به، مشروعاً»

واشترطت «الإفتاء» «ألا يؤدي الاحتجاج إلى مفسدة أعظم مِن المفسدة التي خرج من أجلها الناس، وأن يكون بالمظهر الحضاري اللائق»، وقالت: «لا يجوز أن تكون الاعتصامات بالاعتداء على الحقوق العامّة للناس، أو إقفال طرقاتهم، أو تعطيل المؤسسات الخدمية والحيوية»، وذلك في إِشارة إلى إغلاق معبر «رأس جدير» من قبل قوة مسلحة تابعة لمدينة زوارة الأمازيغية.