مصر تواصل المشاورات... وتترقب رد «حماس» على «هدنة غزة»

بيرنز إلى القاهرة من أجل المباحثات

صبي يحمل كيساً مملوءاً بالمواد التي تم انتشالها من أنقاض مدرسة ثانوية مدمرة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)
صبي يحمل كيساً مملوءاً بالمواد التي تم انتشالها من أنقاض مدرسة ثانوية مدمرة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)
TT

مصر تواصل المشاورات... وتترقب رد «حماس» على «هدنة غزة»

صبي يحمل كيساً مملوءاً بالمواد التي تم انتشالها من أنقاض مدرسة ثانوية مدمرة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)
صبي يحمل كيساً مملوءاً بالمواد التي تم انتشالها من أنقاض مدرسة ثانوية مدمرة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)

تزامناً مع اتصالات مصرية مكثفة تستهدف الاتفاق على «هدنة» في قطاع غزة، يتم خلالها تنفيذ صفقة لـ«تبادل الأسرى»، قال مصدر أمني مصري، لوكالة أنباء «رويترز»، الجمعة، إن «مدير المخابرات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، في القاهرة من أجل اجتماعات بشأن غزة».

ولم تسلّم حركة «حماس» بعد ردّها على مقترح الهدنة الذي نقله لها الوسطاء، بعد أن أعلنت الخميس، أنها تدرسه بـ«روح إيجابية»، علماً بأن الحركة تتمسّك «بوقف إطلاق نار دائم في حربها مع إسرائيل»، بينما تؤكد إسرائيل أنها لن تنهي الحرب قبل دخول رفح و«القضاء» على ما تبقى من حركة «حماس».

وتنتظر دول الوساطة؛ قطر ومصر والولايات المتحدة، ردّ حركة «حماس» على اقتراح هدنة لمدة 40 يوماً «يشمل الإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة وفلسطينيين في سجون إسرائيلية وزيادة المساعدات إلى القطاع».

وأعلنت «حماس»، الخميس، أن وفداً من الحركة سيزور مصر «في أقرب وقت لاستكمال المباحثات الجارية بهدف إنضاج اتفاق يحقّق مطالب وقف النار». وكان مصدر مصري قد أكد، الخميس، أن «هناك مشاورات مصرية لحسم بعض النقاط الخلافية بين الطرفين». وأضاف المصدر أن المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق على هدنة في قطاع غزة تشهد «تقدماً إيجابياً».

مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

ومنذ بداية الحرب، تمّ التوصل إلى هدنة لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، سمحت بالإفراج عن نحو 80 محتجزاً لدى «حماس» مقابل 240 أسيراً فلسطينياً لدى إسرائيل. ويسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، لإنجاز هدنة في غزة، لكن جولات المفاوضات الماراثونية لم تسفر عن اتفاق بسبب تمسك إسرائيل و«حماس» بمطالبهما.

وقالت مصادر مصرية مطلعة على سير المفاوضات، الجمعة، إن «القاهرة تبذل جهوداً مكثفة على محاور عدة لوقف الحرب في قطاع غزة، والحيلولة دون توسيع رقعة الصراع»، موضحة أن «تكثيف اللقاءات والاتصالات مع الأطراف المعنية يصب في صالح حشد موقف دولي داعم لوقف إطلاق النار».

وأكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، أن «الجهود المصرية متواصلة لتحقيق (هدنة في غزة)»، لافتاً إلى أن «مصر تواصل المشاورات لإزالة أي خلافات بشأن الاتفاق». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر تترقب رد (حماس) على المقترح المصري، وأن إنجاز اتفاق هدنة من عدمه أصبح مرتبطاً الآن بما سيتضمنه رد حركة (حماس)».

ووفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، «يبدو أن هناك محاذير بشأن الاتفاق؛ لكن هناك آمالاً بالتوصل إلى توافق، وألا تضع (حماس) شروطاً قد تستغلها إسرائيل لصالحها وترفض الاتفاق»، معرباً عن أمله في «أن يتجاوز الطرفان مصالحهما الشخصية من أجل التوصل إلى اتفاق».

إلا أن حسن قال إن «الأزمة في عدم وجود ثقة بين الطرفين، في ظل التصريحات التي تتصاعد كثيراً من الحكومة الإسرائيلية والتي تتعلق باجتياح رفح الفلسطينية مثلاً».

وسبق أن أكدت مصر أكثر من مرة رفضها «تهجير الفلسطينيين» داخل أو خارج أراضيهم، وعدّته «تصفية للقضية الفلسطينية». وازدادت المخاوف أخيراً من تنفيذ «مخطط التهجير» مع تهديدات إسرائيلية متكررة بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، يخشى أن تتسبب في دفع الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية.

إجلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

في سياق ذلك نقلت «القناة 12» في التلفزيون الإسرائيلي عن مصدر مقرب من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، الجمعة، قوله إن «السنوار لا يزال يطالب بضمانات لإنهاء الحرب، وهو ما ترفضه إسرائيل حتى الآن». وبحسب القناة، فإن «السنوار يريد التزاماً مكتوباً من أجل إنهاء غير مشروط للقتال». كما يطالب أيضاً «بألا تمنع إسرائيل الفلسطينيين الذين تم إطلاق سراحهم مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين من العودة إلى الضفة الغربية». كما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الجمعة، عن مسؤولين مصريين، أن إسرائيل أمهلت حركة «حماس» أسبوعاً لقبول مقترح الهدنة قبل أن تبدأ الهجوم على مدينة رفح. وذكرت الصحيفة، بحسب ما أوردت وكالة «أنباء العالم العربي»، أن «مصر عملت مع إسرائيل على مقترح معدل لوقف إطلاق النار قُدم لـ(حماس) الأسبوع الماضي». وذكر المسؤولون المصريون أن «حماس» تريد هدنة طويلة الأجل وضمانات من الولايات المتحدة بأن تحترم إسرائيل وقف إطلاق النار.

ولم يستبعد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق «وجود خلافات بين الطرفين»، موضحاً أن «(حماس) متمسكة بوقف شامل لإطلاق النار، وهو ما ترفضه إسرائيل، كما أن (حماس) تطالب بعودة النازحين إلى شمال غزة بلا تفتيش من قبل تل أبيب، وإسرائيل متمسكة بالإبقاء على الشريط الفاصل بين شمال وجنوب قطاع غزة لتفتيش العائدين إلى الشمال»، لكن أعداد «المُفرج عنهم أعتقد أنه لا مشكلة حولها».

إلى ذلك، أكدت وزارة الصحة المصرية، الجمعة، «تقديم 10 آلاف و628 جلسة دعم نفسي لـ927 وافداً من الفلسطينيين منذ اندلاع الأحداث في قطاع غزة، وذلك تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية بتوفير جميع الخدمات الطبية، للتخفيف من معاناة الفلسطينيين».


مقالات ذات صلة

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

المشرق العربي صبي جريح يجلس في مستشفى شهداء الأقصى عقب تعرضه للإصابة في غارة جوية إسرائيلية في مخيم البريج وسط غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «قوات الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الغزيون يكابدون الأمطار والبرد

تسبب الانخفاض الجوي الذي تشهده غزة، هذه الأيام، في زيادة معاناة سكان القطاع الذين يعانون أصلاً ويلات الحرب منذ 14 شهراً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.