سلطات بنغازي تطبّق قانون «الجرائم الإلكترونية»... وتتعقب «المتورطين»

قالت إنها ستعامل المخالفين «معاملة المجرمين»

وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب اللواء عصام أبو زريبة (المكتب الإعلامي للوزير)
وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب اللواء عصام أبو زريبة (المكتب الإعلامي للوزير)
TT

سلطات بنغازي تطبّق قانون «الجرائم الإلكترونية»... وتتعقب «المتورطين»

وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب اللواء عصام أبو زريبة (المكتب الإعلامي للوزير)
وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب اللواء عصام أبو زريبة (المكتب الإعلامي للوزير)

فعّلت السلطات الأمنية في شرق ليبيا تطبيق قانون «مكافحة الجرائم الإلكترونية»، على الرغم من تحذيرات جمعيات ومنظمات حقوقية محلية ودولية، عدّته «قمعياً»، وقالت إنها تستهدف أمنياً «المتورطين في استخدام شبكة المعلومات الدولية، ووسائل التقنية الحديثة بشكل غير مشروع».

مجلس النواب أصدر القانون رقم (5) لسنة 2022 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية رغم انتقادات حقوقية (النواب)

وكان مجلس النواب أصدر القانون رقم (5) لسنة 2022 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية، رغم انتقادات حقوقية محلية ودولية واسعة، وقد نص هذا القانون على أن «استخدام شبكة المعلومات الدولية ووسائل التقنية الحديثة مشروعة، ما لم تترتب عليه مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، أو الإساءة إلى الآخرين أو الإضرار بهم».

ومع تفعيل القانون، قال جهاز البحث الجنائي بشرق ليبيا، مساء (الخميس)، إنه أطلق حملة أمنية موسعة ضد «كل من يتورط في ارتكاب الأفعال المنصوص عليها في القانون»، محذراً من أنهم «سيعاملون معاملة المجرمين، وسيتم القبض عليهم وفقاً لصحيح القانون؛ حيث صدرت عدة أوامر ضبط على متورطين في مثل هذه الأساليب البذيئة».

كما أوضح الجهاز أن القانون، المكون من 53 مادة: «جرّم الأفعال الإلكترونية التي من ضمنها التشهير والسب، والقذف على مواقع التواصل الاجتماعي، والتلفظ بألفاظ لا تليق بتعاليم ديننا الإسلامي، أو تنافي عاداتنا وخصوصاً أمتنا الليبية».

الجهاز أوضح أن القانون المكون من 53 مادة جرّم الأفعال الإلكترونية التي من ضمنها التشهير والسب والقذف (رويترز)

ومع حديث مجلس النواب في 16 من فبراير (شباط) الماضي عن أنه بصدد تطبيق القانون، سارعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بدعوة الأول إلى إلغاء القانون، الذي عدّته «مقيداً لحرية التعبير»، ووصفته بأنه «قمعي».

وقالت المنظمة الدولية إن أربعة خبراء من «الأمم المتحدة» انتقدوا القانون، بعدّه ينتهك حقوق حرية التعبير والخصوصية، وتكوين الجمعيات، ودعوا إلى ضرورة «إبطاله».

وفي 17 من فبراير (شباط) الماضي اعتقلت السلطات الليبية امرأتين، إحداهما مغنية، والأُخرى صانعة محتوى على الإنترنت، بدعوى انتهاك هذا القانون، والإخلال بـ«الشرف والآداب العامة».

وقال حقوقي ليبي بشرق البلاد إن الهدف من تفعيل هذا القانون، رغم إصداره منذ أكثر من شهرين، يعود «لرغبة من في السلطة بالتصدي لمعارضيهم من المدوّنِين».

وأضاف الحقوقي الليبي لـ«الشرق الأوسط»، رافضاً ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أن جهاز الأمن الداخلي «توسع في اعتقال كل من يعبر عن رأيه كتابة، وينتقد السلطة الحاكمة، وأصبح لدينا عدد من النشطاء في المعتقلات»، مبرزاً أن «الالتزام بالقانون عموماً فرض على الجميع؛ لكن الغرض منه وطريقة تطبيقه هما الفارق».

ويهدف القانون، وفق مادته الثانية، إلى المساعدة على تحقيق العدالة والأمن المعلوماتي، وحماية الاقتصاد والنظام العام والآداب العامة، بالإضافة إلى حفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع لوسائل التقنية الحديثة.

وتسري أحكام القانون، بحسب المادة الرابعة، على أي من الجرائم المنصوص عليها فيه، إذا ارتكبت كل أفعالها أو بعضها داخل ليبيا، أو ارتكبت كل أفعالها خارج ليبيا، وامتدت نتائجها وآثارها لداخل ليبيا، ولو لم يكن الفعل معاقباً عليه في الدولة التي ارتكب فيها.

ويعاقب القانون طبقا للمادة (13) بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف دينار، ولا تزيد على 5 آلاف دينار لكل من اعترض نظاماً معلوماتياً بقصد الحصول على بيانات رقمية، أو للربط مع أنظمة إلكترونية أخرى. (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية).

وقالت حنان صلاح، المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»، وفق بيان سابق للمنظمة، إنه «ينبغي أن يتمتع الليبيون بالحق في حرية التعبير على شبكة الإنترنت أو خارجها. وليس من المقبول التعدي على هذا الحق باسم مكافحة الجرائم الإلكترونية».

ومن بين المواد التي أثارت انتقادات واسعة المادة الخاصة بـ«تعطيل الأعمال الحكومية»، إذ نصت على أنه «يعاقب بالسجن، وبغرامة لا تقل عن 10 عشرة آلاف دينار، ولا تزيد على 100 ألف دينار، كل من عطل الأعمال الحكومية أو أعمال السلطة العامة، أو قام بعرقلتها باستعمال أي وسيلة إلكترونية. ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أنتج أو زرع، أو حاز برامج معدة لهذا الاستعمال».

وزاد القانون المادة (37)، التي تتحدث عن «تهديد الأمن أو السلامة العامة»، وتضمنت العقوبة نفسها في المادة السابقة لكل من بث إشاعة، أو نشر بيانات أو معلومات تهدد الأمن والسلامة العامة في الدولة، أو أي دولة أخرى من خلال شبكة المعلومات الدولية، أو استعمال أي وسيلة إلكترونية أخرى، وهو ما عدّه منتقدو القانون «سلاحاً يرفع في وجه من يسعى لمعارضة السلطة حتى ولو بالطرق السلمية».

تتنافس سلطتان على الشرعية السياسية الوطنية والسيطرة في ليبيا، هما حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة ومقرها طرابلس، وحكومة «الاستقرار»، الإدارة المنافسة في شرق البلاد ومقرها شرق ليبيا، التي رشحها مجلس النواب في مارس (آذار) 2022، وتلقى دعماً واسعاً من الجيش «الوطني».


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

واقعة جديدة لفتاة تقفز من سيارة «تطبيق نقل ذكي» بمصر

الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)
الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)
TT

واقعة جديدة لفتاة تقفز من سيارة «تطبيق نقل ذكي» بمصر

الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)
الفتاة حبيبة الشماع ضحية أحد تطبيقات النقل الذكي (فيسبوك)

شهدت مصر واقعة جديدة لقفز فتاة من سيارة تابعة لأحد تطبيقات النقل الذكي أثناء سيرها، لتعيد إلى الأذهان وقائع سابقة في هذا الصدد، وضعت شركات النقل الذكي في مصر أمام مسؤوليات بسبب اشتراطات السلامة والأمان.

وكشفت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن ملابسات الواقعة التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، حول سقوط فتاة من سيارة خاصة بأحد تطبيقات النقل الذكي بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) وتعرضها لإصابات.

وذكرت الوزارة في بيان على صفحتها بموقع «فيسبوك»، أن فحص الواقعة المتداولة أفاد بأنه في تاريخ 26 يوليو (تموز) الحالي، أبلغت إحدى الفتيات التي تحمل جنسية دولة أفريقية بأنها حال استقلالها سيارة «تابعة لإحدى تطبيقات النقل الذكي» لتقلها من منطقة المهندسين إلى محل إقامتها بمنطقة بولاق الدكرور، حاول قائد السيارة التحرش بها، فألقت بنفسها من السيارة أثناء سيرها، مما أدى لإصابتها بسحجات وكدمات متفرقة بالجسم، وذكر البيان أن قائد السيارة فر هارباً.

وأضافت الوزارة أنه بعد تقنين الإجراءات، تمكنت الجهات المعنية من تحديد وضبط مرتكب الواقعة، وأنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية حياله، مع الإشارة إلى أنه حين ضبطه كان مصاباً (إثر تعديها عليه عقب محاولته التحرش بها)، وفق الوزارة.

وشهدت تطبيقات النقل الذكي أكثر من واقعة أدت لتحركات برلمانية تطالب بتقنين أوضاعها والتأكد من وسائل السلامة والأمان بها، بالإضافة إلى «دعوات سوشيالية» لمقاطعة هذه التطبيقات بعد تكرار الحوادث.

وكان القضاء المصري قد أصدر حكماً بالسجن 15 عاماً، على سائق يعمل لدى إحدى شركات النقل الذكي، وإلغاء رخصة القيادة الخاصة به، بعد إدانته بالشروع في خطف الفتاة حبيبة الشماع، في قضية اشتهرت باسم «فتاة الشروق»، وكانت قد قفزت من سيارة النقل الذكي في فبراير (شباط) الماضي، وذكرت لأحد المارة أن السائق كان يحاول اختطافها، وسقطت في غيبوبة لأيام إثر الحادث وتوفيت في مارس (آذار) الماضي.

كما وقع حادث آخر للفتاة نبيلة عوض التي صدر حكم قبل أيام لصالحها في قضية مشابهة ضد سائق لأحد تطبيقات النقل الذكي بالسجن المشدد 15 عاماً، بعد أن تعرضت لمحاولة خطف واغتصاب، مما أدى إلى إصابتها بجروح.

وتناول مجلس النواب المصري هذه القضية بعد أكثر من طلب إحاطة من أعضائه، وعقدت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالمجلس جلسة استماع في مايو (أيار) الماضي، لمسؤولين حكوميين وآخرين من ممثلي تطبيقات النقل الذكي.

وقال النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن هذه الجلسة قد خرجت بـ4 توصيات من شأنها ضمان عنصر الأمان لمستخدمي هذه التطبيقات، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه التوصيات تمثلت في «التأكيد على أن الشركات العاملة في مجال النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات هي شركات خدمات نقل وليست شركات عاملة في مجال التطبيقات الرقمية؛ وبالتالي فهي تعد ناقلاً، ومعنية بضمان سلامة الركاب، وهو التزام وجوبي لا تجوز مخالفته أو التحلل منه».

وأشار إلى أن «التوصية الثانية تلزم وزارة النقل بسرعة إنفاذ جميع أحكام قانون تنظيم خدمات النقل البري للركاب باستخدام تكنولوجيا المعلومات الصادر بالقانون رقم (87) لسنة 2018».

وتؤكد التوصية الثالثة «إلزام الحكومة بتعزيز سبل سلامة الركاب من خلال استحداث وسائل حماية إضافية، وبصفة خاصة مراقبة عملية النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات عبر الكاميرات والتسجيل الصوتي».

أما التوصية الرابعة بحسب رئيس لجنة الاتصالات بالنواب، فتشدد على «قيام جميع الشركات الراغبة في العمل بالمجال بتوفير مركز لخدمة العملاء لاستقبال الشكاوى وتسجيلها بشكل منتظم على أن تكون قاعدة بيانات الشكاوى مرتبطة إلكترونياً عند طلبها بأي وسيلة من الوسائل بوزارة النقل، وتقوم الوزارة بمتابعة التنفيذ».

وكان مسؤول بإحدى شركات النقل الذكي قال إنهم قد اتخذوا عدداً من الإجراءات عقب الحادثة الأولى لفتاة الشروق حبيبة الشماع، أولها استحداث زر استغاثة عاجلة (sos) على جميع تطبيقات النقل التشاركي، بالإضافة إلى إلزام السائقين بتقديم السجل الجنائي (فيش وتشبيه) بشكل سنوي، بالإضافة إلى فصل الراكب عن السائقين بألواح زجاجية داخل المركبات.

بينما ذكر رئيس جهاز النقل الذكي، سيد متولي، خلال جلسة الاستماع، أنه «ليس هناك ترخيص لشركات النقل الذكي، وأن هناك لجنة من الجهاز المركزي لتنظيم الاتصالات والنقل لتقنين أوضاع الشركات».