تشهد معظم مناطق القتال في السودان حالة من الهدوء الحذر، باستثناء مناوشات بالمدفعية بين أماكن تمركز الجيش وقوات «الدعم السريع»، وتراجعت العمليات العسكرية بشكل ملحوظ، شرق ولاية الجزيرة (وسط البلاد) منذ اشتباكات أول من أمس.
وحشدت «الدعم السريع» أعداداً كبيرة من المقاتلين حول مدينة الفاشر (غرب البلاد)، وفرضت عليها حصاراً من الجهات كافة مع توقعات بهجوم وشيك على المدينة، برغم التحذيرات الأممية من هجوم «الدعم السريع» على المدينة، ونشوب معركة محتملة في حاضرة ولاية شمال دارفور.
وقال شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» من شرق مدينة ود مدني (شرق البلاد)، إن حركة نزوح نشطة شهدتها القرى القريبة من مناطق المواجهة، تحسباً لعمليات عسكرية بين قوات الجيش القادمة من الفاو، والقضارف، و«قوات الدعم السريع» المتمركزة إلى الشرق من ود مدني، بعد توقف الاشتباكات بين الطرفين، ليل أول من أمس (الثلاثاء).
ويحاول الجيش استرداد ولاية الجزيرة بقوات قادمة من 3 محاور، وشهد محور الفاو من جهة الشرق اشتباكات عنيفة يوم الاثنين والثلاثاء الماضيين، تكبد فيها الطرفان خسائر فادحة، حققت خلالها قوات الجيش تقدماً طفيفاً، تجاه القرى الواقعة جنوب شرقي بلدة «الشبارقة» التي يتخذ منها «الدعم السريع» خط دفاع رئيسياً، يمنع تقدم الجيش وعبور جسر «حنتوب» على النيل الأزرق الذي يفصل بين شرق المدينة وغربها.
وباطّراد، يهاجم الجيش والحركات المسلحة الحليفة له «قوات الدعم السريع»، قادمين من ولاية القضارف شرق، بيد أنهم «فشلوا» في اختراق دفاعاتها الرئيسية، وخلال اليومين الماضيين قدّموا خسائر بشرية كبيرة، دون تحقيق تقدم يذكر، برغم استخدام الطيران الحربي لقصف تمركزات «الدعم السريع».
وقال الناشط محمد خليفة، على صفحته على «فيسبوك»، إن الجيش والحركات لم يستطيعوا التقدم لأن «الدعم السريع» تستخدم تكتيكات دفاعية تقوم على استخدام القناصة بكثافة، وإقامة خطوط دفاع قوية أمام القوات المهاجمة، فيما خيّم الهدوء على محور «المناقل»، وهي المدينة الوحيدة المتبقية تحت سيطرة الجيش، وفي الشمال الأوضاع هادئة، وكذلك لم يشهد المحور الثالث (محور سنار) من جهة الجنوب أي اشتباكات جدية، عدا مناوشات حول القرى الواقعة قرب مصنع السكر الواقع في الولاية.
وبحسب الشهود في ولاية الخرطوم، تبادل الجيش و«قوات الدعم السريع» القصف المدفعي العنيف بين مناطق تمركز قوات «الدعم السريع» في الخرطوم بحري، ومنطقة كرري العسكرية، شمال أم درمان، وهما ولايتان يسيطر عليها الجيش، طوال يومي الثلاثاء والأربعاء، دون حدوث اشتباكات مباشرة. ونقلت التقارير سقوط مقذوفات في عدد من أحياء المنطقة، دون تأكيد حدوث إصابات بين المدنيين، وظلت المنطقة حول مصفاة البترول في «الجيلي» ملتهبة، حيث يحاول الجيش والقوات الحليفة له استعادتها من «الدعم السريع» دون جدوى.
وفي ولاية شمال دارفور، واصلت «الدعم السريع» حشد مزيد من القوات حول المدينة، وفرضت عليها حصاراً مطبقاً من كل الجهات، وعادة ما ينفذ الجيش عمليات إنزال جوي معقدة لنقل الذخائر والمؤن لقواته والقوات الحليفة معها، بيد أن الأوضاع ظلت هادئة طوال يومي الأربعاء والخميس.
وتواصلت التحذيرات الأممية والغربية من اندلاع حرب في الفاشر، المدينة الوحيدة من إقليم دارفور المتبقية بيد الجيش، بعد أن كانت «الدعم السريع» قد سيطرت على 4 ولايات من إجمالي ولايات الإقليم الخمس.
ويخشى على نطاق واسع من كارثة إنسانية وحربية وخسائر بشرية كبيرة بين المدنيين، حال هجوم «قوات الدعم السريع» على «الفاشر»، لكن «الدعم السريع» تحيط المدينة بأعداد كبيرة، إضافة إلى طردها قوات «حركة تحرير السودان» الحليفة للجيش من منطقة «مليط» الحدودية (نحو 70 كيلومتراً شمال الفاشر).
ولجأت للفاشر كل «القوات الحكومية» وقوات الحركات المسلحة المساندة للجيش، بعد سيطرة الجيش على قواعده في «الجنينة، وزالنجي، ونيالا»، إلى جانب حركتي «العدل والمساواة» و«تحرير السودان»، فضلاً عن لجوء عشرات الآلاف إلى المدينة المحاطة أصلاً بمعسكرات اللاجئين منذ حرب دارفور 2003.