حذّرت الحكومة المصرية المزارعين من تجاوز المساحات المخصصة لزراعة الأرز، في 9 محافظات بالوجه البحري، مؤكدة أن مخالفة بعض المزارعين «تؤثر سلباً» على عملية توزيع المياه، بينما تتأهب البلاد لموسم «أقصى الاحتياجات المائية».
وتقترب مصر من خط «الشح المائي»، بنصيب يقارب 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، في وقت تتحسب فيه من تأثيرات «سد النهضة» الإثيوبي، على حصتها من مياه نهر النيل، والمقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً، ولا تفي باحتياجاتها.
ودعا الوزير سويلم، المزارعين، الخميس، إلى «ضرورة الالتزام بزراعة الأرز فقط في المناطق المصرح لها»، والمحددة بعدد من المحافظات وهي (الإسكندرية، والبحيرة، والغربية، وكفر الشيخ، والدقهلية، ودمياط، والشرقية، والإسماعيلية، وبورسعيد)، مؤكداً أن «الوزارة ملتزمة بتوفير المياه للمساحات المقررة».
وتحتاج زراعة الأرز إلى وفرة كبيرة في المياه، وفي إطار استراتيجية مصرية لترشيد استهلاك المياه، قلصت الحكومة المصرية مساحة الأرز المزروعة بشكل تدريجي منذ عام 2015، كما حظرت زراعته في محافظات الوجه القبلي.
وكانت المساحة المزروعة من الأرز مليوناً و400 ألف فدان عام 2015 - 2016، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بينما بلغت المساحة الإجمالية في السنوات الأخيرة أقل من 1.1 مليون فدان.
ووفق قرار وزاري صادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإنه مصرح بزراعة الأرز في مساحة إجمالية (724200) فدان، بالإضافة لمساحة 200 ألف فدان تزرع بسلالات الأرز الموفرة للمياه، ومساحة 150 ألف فدان تزرع على المياه ذات الملوحة المرتفعة نسبياً بشبكة الري والصرف والأراضي التي بـها مشاكل بالتربة بالمحافظات المصرح لها بزراعة الأرز بالدلتا.
وعدّ وزير الري، في بيان، أن «قيام بعض المزارعين بمخالفة القرار الوزاري وزراعة الأرز في غير المساحات المصرح بالزراعة يؤثر سلباً على عملية توزيع المياه بالمحافظة الواقع بها المخالفة»، وحذّر من توقيع «غرامة مالية» على المخالف.
وينادي عدد من الخبراء، الحكومة المصرية بإعادة النظر في تقييد زراعة الأرز، في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد. ووفق خبير الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، فإن «الأرز هو أهم محصول اقتصادي في مصر بعد تدهور القطن المصري طويل التيلة، ويمكن الاستفادة من تصديره بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي في السوق المحلية، الذي يحتاج لحوالي 5 ملايين طن سنوياً، أي إنتاج 1.1 مليون فدان».
وتواجه مصر تحديات كبيرة في الموارد المائية، فيما تترقب استعداد إثيوبيا لـ«ملء خامس» لبحيرة «سد النهضة»، الذي تقيمه منذ 2011، خلال الأشهر المقبلة، وسط تحذيرات من «أزمة مياه لمصر والسودان».
وقال سويلم، خلال مؤتمر بغداد الدولي للمياه، مطلع الأسبوع، إن «الممارسات الأحادية غير التعاونية» لإثيوبيا تشكّل «خرقاً للقانون الدولي» و«خطراً وجودياً» على أكثر من 150 مليون مواطن، في إشارة إلى عدد سكان مصر والسودان.
ووفق الوزير، فإن نصيب الفرد في مصر من الموارد المائية المتجددة يمثل نحو 50 في المائة من خط الفقر المائي العالمي (نصيب الفرد وفقاً للتعريف العالمي لخط الفقر المائي يبلغ 1000 متر مكعب سنوياً).
وأنفقت مصر 10 مليارات دولار (الدولار يعادل نحو 47.85 جنيه) خلال الخمس سنوات الماضية؛ لتعزيز كفاءة المنظومة المائية في مصر، كما أشار سويلم، الذي أوضح أن «السياسات الخاصة بإعادة استخدام المياه أسهمت بنحو 26 مليار متر مكعب من الموارد المائية غير التقليدية في التوازن المائي، كما تضطر مصر إلى استيراد نسبة كبيرة من غذائها بقيمة تبلغ 15 مليار دولار سنوياً، وهو ما يعادل 40 مليار متر مكعب من المياه على الأقل من المياه الافتراضية».