في وقت تحتفل مصر بالذكرى السنوية الثانية والأربعين «تحرير سيناء»، تسود مخاوف من نزوح الغزيين إلى سيناء، عقب تأكيدات إسرائيلية متكررة بقرب تنفيذ عملية على مدينة رفح الفلسطينية في أقصى جنوب قطاع غزة.
وجدد الرئيس عبد الفتاح السيسي التأكيد على «رفض مصر تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو أي مكان آخر، حفاظاً على القضية الفلسطينية من التصفية وحمايـة لأمـن مصـر القومي». وقال في كلمة وجهها للمصريين بمناسبة ذكرى «تحرير سيناء»، الخميس، إن موقفنا ثابت بـ«الإصرار والعمل المكثف لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودفع جهود إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة ليحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة».
وبينما تصاعدت حدة المخاوف من تداعيات اجتياح إسرائيلي محتمل لرفح، تداولت بعض رسائل الإعلام المصرية، مساء الأربعاء، تصريحات منسوبة إلى ما وصفته بأنه مصدر مصري مسؤول بـ«تصعيد مصري تجاه الخطط الإسرائيلية في رفح»؛ ووفق المصدر المصري فإن «أي خرق إسرائيلي لمعاهدة السلام وملاحقها الأمنية فسيتم الرد عليه من جانب القاهرة بشكل حاسم».
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، شدد على أن «هناك رفضاً عالمياً وليس فقط مصرياً لأي عمليات عسكرية في رفح، بعدّ هذه المنطقة الملاذ الآمن الأخير للفلسطينيين في قطاع غزة». وأضاف أن «معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، اتفاقية مستقرة لعقود طويلة ويلتزم بها الطرفان، وهناك آليات تتابع تنفيذ هذه الاتفاقية»، مشيراً إلى الوضع الإنساني المتأزم في قطاع غزة، والوضع الحرج في رفح الفلسطينية لوجود أكثر من مليون و400 ألف فلسطيني في هذه المنطقة، وعلى إسرائيل «توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين طبقاً لالتزاماتها بوصفها دولة احتلال وفقاً لاتفاقية جنيف».
وبشأن التحركات المصرية أوضح المتحدث باسم الخارجية، أن «المنطقة لا تتحمل مزيداً من التصعيد، ومزيداً من المعاناة الإنسانية»، لافتاً إلى أن «الممارسات الإسرائيلية منذ بداية الحرب على غزة وفي مدينة رفح الفلسطينية، تستهدف جعل قطاع غزة غير قابل للحياة، ومن ثم فنحن أمام استهداف للفلسطينيين ولتصفية القضية الفلسطينية، وكلها محاولات مرفوضة».
وأضاف أن «وجود توتر لا يعني أن مصر ليست على اتصال بجميع الأطراف لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، فمصر تتصرف بمبدأ المسؤولية وتقوم بدور الوساطة في محاولة لإيجاد حل لهذه الأزمة والخروج من الوضع المتوتر الحالي وتخفيف المعاناة عن الفلسطينيين».
كما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، عمن وصفته بمصدر مصري قوله، مساء الأربعاء، إن «الاتصالات التي تجريها مصر، الغرض منها، وقف الحرب في غزة والحيلولة دون امتدادها إقليمياً».
وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال لقاء رئيس مجلس النواب بالبحرين، أحمد بن سلمان المسَلَّم، مساء الأربعاء، أن «مصر تعمل من أجل تكثيف جهود الوساطة بين الجانبين، بهدف التوصل إلى حل للأزمة»، مشيراً إلى أنه «لولا هذه الجهود لازداد الوضع سوءاً في قطاع غزة».
وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوسيط في مفاوضات تستهدف تحقيق هدنة في قطاع غزة، وإتمام صفقة لتبادل الأسرى، لكن جهود الوساطة المستمرة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي لم تنجح حتى الآن في الوصول إلى اتفاق. وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد أكد في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية، أخيراً، أن «المحادثات مستمرة ولم يتم قطعها قط. وهناك أفكار مستمرة تطرح وسنستمر في ذلك حتى يتحقق الهدف».
وتحذر القاهرة بشكل متكرر من أي عملية عسكرية في «رفح». وحذر السيسي خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، مساء الأربعاء، من أي عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية، ومما ستسفر عنه من «تداعيات كارثية على الوضع الإنساني في القطاع، وكذا على السلم والأمن الإقليميين».
محابة الإرهاب في سيناء
إلى ذلك، أكد السيسي، الخميس، أن «سيناء التي تحررت بالحرب والدبلوماسية ستظل شاهدة على قوة مصر وشعبها وقواتها المسلحة ومؤسسات دولتها، ورمزاً خالداً على صلابة المصريين في دحر المعتدين والغزاة على مر العصور».
وذكر بمناسبة ذكرى «تحرير سيناء» أنه على مدار السنوات الماضية تعرضت مصر لاختبار جديد استهدف سيناء، و«خضنا حرباً شرسة ضد قوى الإرهاب والشر التي ظنت واهمة أن بمقدور عملياتها الإرهابية إضعاف عزيمتنا، لكن تحطم الشر، وقدم المصريون شهداء من القوات المسلحة والشرطة المدنية، لحماية سيناء بل ومصر كلها، من الإرهاب والتطرف».
وأوضح الرئيس المصري، أنه «كما كانت الحرب من أجل تحرير سيناء واجباً وطنياً مقدساً، وكذلك كانت الحرب من أجل تطهيرها من الإرهاب، فإن تنمية سيناء وتعميرها، واجب وطني مقدس أيضاً، واليوم تشهد سيناء جهوداً غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة في الصحة والتعليم والبنية الأساسية وجميع مقومات العمران والصناعة والزراعة، في إطار مشروع قومي ضخم».
وبموازاة الحديث عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، طرحت السلطات المصرية، الخميس، شققاً سكنية جديدة لمواطنيها في مدينة «رفح المصرية الجديدة»، سبق أن أثير الجدل بشأن احتمالية استضافة الغزيين فيها. وأعلن محافظ شمال سيناء، عبد الفضيل شوشة، فتح باب الحجز في المرحلة الأولى من المدينة التي تضم 272 بناية، على أن تستوعب المدينة كلها 75 ألف نسمة يتم تخصيص 80 في المائة منها لأهالي سيناء.
وكانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، قد دعت إلى «ضرورة إنهاء الحرب في غزة ووقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون، وضرورة محاسبة إسرائيل على ما تقوم به من انتهاكات ومنع تصدير السلاح إلى إسرائيل ومساعدة الفلسطينيين». وقالت خلال مؤتمر صحافي، الخميس، في القاهرة، إنه «لا يمكن للدول المجاورة وحدها مساعدة الفلسطينيين، ويجب على الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها في المساعدة الإنسانية للفلسطينيين»، مضيفة أنها قامت بـ«جمع الأدلة وتسجيل المواقف التي ترصد الانتهاكات الإسرائيلية في القطاع».