من يقف وراء الهجمات بـ«المسيّرات المجهولة» في حرب السودان؟

ظهرت بعد خلافات بين قادة الجيش والإسلاميين

عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب مطلع الشهر في مدينة أم درمان بالخرطوم (رويترز)
عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب مطلع الشهر في مدينة أم درمان بالخرطوم (رويترز)
TT

من يقف وراء الهجمات بـ«المسيّرات المجهولة» في حرب السودان؟

عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب مطلع الشهر في مدينة أم درمان بالخرطوم (رويترز)
عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب مطلع الشهر في مدينة أم درمان بالخرطوم (رويترز)

للمرة الثالثة تستهدف «مسيّرات مجهولة» مدينة جديدة في السودان ظلت خارج نطاق الحرب الدائرة منذ أكثر من عام... وما يزيد الشكوك حول هدفها، أنه لم تخرج أي جهة لتعلن مسؤوليتها المباشرة أو غير المباشرة عنها، بما في ذلك «الدعم السريع».

وخلال أقل من شهر تعرضت ثلاث ولايات سودانية، وهي: القضارف، وعطبرة، ونهر النيل، التي لم تدخل في القتال الدائر بين طرفي الحرب، لهجمات بطائرات من دون طيار استهدفت مواقع عسكرية تابعة للجيش ومؤسسات حكومية رسمية.

والهجوم الذي حدث، الثلاثاء، على مقر القاعدة العسكرية بمدينة شندي بولاية نهر النيل (شمال البلاد)، تزامن مع زيارة كان قد بدأها قبل يوم القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان للولاية، ولم يغادرها حتى ساعة وقوع الهجمات.

ووفقاً للبيان الذي صدر عن قيادة «الفرقة الثالثة» التابعة للجيش ليل الثلاثاء - الأربعاء، فإنها تعاملت مع طائرة مسيّرة بالمضادات الأرضية وتم تدمير عبوتها المتفجرة، وسقطت باقي الأجزاء في مباني مطار الفرقة من دون أن تتسبب في أي أضرار أو إصابات بالأرواح والمعدات.

وأعلن بيان الفرقة أيضاً، إسقاط طائرة مسيّرة أخرى مجهولة المصدر بعد ساعة في المكان ذاته، من دون أن يوجه أي اتهامات لأي جهة.

وبعد ساعات من الهجوم على مدينة شندي، نقل إعلام مجلس السيادة السوداني، زيارة قائد الجيش البرهان، إليها وتفقده مستشفى (الجكيكة) في بلدة المتمة التي تبعد نحو 20 كيلومتراً عن المدينة.

ودرج قادة الجيش، عقب خروج البرهان ونائبه الفريق أول شمس الدين الكباشي من مقر القيادة العامة بوسط العاصمة الخرطوم إلى مدينة بورتسودان شرق البلاد، ومعهم القيادات العسكرية الأخرى، على التنقل عبر المروحيات الحربية.

ونفت مصادر رفيعة في قيادة «الدعم السريع» لـ«الشرق الأوسط» أي صلة لها «من قريب أو بعيد بالمسيّرات التي استهدفت الولايات الثلاث»، ما عزز الشكوك في «وجود طرف ثالث خفي وراءها».

وكان البرهان أبدى تذمره، من تصدّر «كتائب الإسلاميين» لمشهد الحرب، وقال إنه السبب «وراء إدارة كثير من الدول ظهرها للسودان».

وذكرت تقارير صحافية محلية، أن كتائب الإسلاميين، بقيادة الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي: «تسعي للسيطرة على الجيش، وبعض الفرق العسكرية في الولايات لقطع الطريق أمام أي محاولة لقادة الجيش للذهاب إلى طاولة المفاوضات مع الدعم السريع في منبر جدة».

ووفقاً لمصادر، فإن الهجوم على مقر الحامية العسكرية في مدينة شندي بالتزامن مع زيارة قائد الجيش للمدينة، هدفه «توجيه رسالة من القادة الإسلاميين فحواها أن بمقدورهم سحب البساط من قادة الجيش إذا قرروا العودة للتفاوض مع الدعم السريع».

مسلحون من أنصار المقاومة الشعبية الداعمة للجيش السوداني في القضارف بشرق السودان (أ.ف.ب)

وترجح التحليلات فرضية أن «المسيرات صادرة عن كتائب الإسلاميين، وأنهم ورغم قتالهم مع الجيش، فإن كتائبهم وأبرزها (البراء بن مالك)، تعد من أوائل القوات التي تدربت على المسيّرات الدرون، واستخدمتها ضد قوات الدعم السريع منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب، وهو الأمر الذي أكده قادة عسكريون في الجيش في مقاطع فيديو متداولة في وسائط التواصل».

يذكر أن خلافات حادة برزت إلى العلن بين قادة الجيش بشأن دور «المقاومة الشعبية المسلحة»؛ إذ طالب نائب القائد شمس الدين كباشي، بإخضاعها لإمرة الجيش، في حين رأى مساعد القائد ياسر العطا، أنه «لا سلطة لأي جهة على سلاح المقاومة التي يتقدمها أنصار النظام المعزول من الإسلاميين».

وبعد أيام من تلك الخلافات استهدفت «مسيّرات مجهولة» مناسبة حفل إفطار جماعي في رمضان أقامته «كتيبة البراء» في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات، من بينهم ضابط في الجيش على الأقل... وصمت الجيش عن التعليق على ذلك الهجوم، أو توجيه اتهام لقوات «الدعم السريع»، أو أي قوات أخرى.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)

ولاحقاً تعرضت مدينة (القضارف) عاصمة ولاية القضارف شرق البلاد لهجوم بمسيّرتين مجهولتين استهدفتها مباني السلطة القضائية، وراجت حينها أنباء تقول إن الهجوم «كان موجهاً لاستهداف عناصر من جماعة الإسلاميين يجتمعون بالمقر».

واستخدم طرفا الحرب المسيّرات من وقت باكر، لكن بحسب تقارير إعلامية «حصل الجيش على مسيّرات من إيران غيرت مسار القتال، ومكنته من استعادة أجزاء من مدينة أم درمان أكبر مدن العاصمة الخرطوم، بما في ذلك مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون».


مقالات ذات صلة

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة، وغازل عمداء البلديات بـ«الخدمات» من خلال إنهاء وتدشين عدة مشروعات في مناطقهم.

واجتمع الدبيبة في مقر الحكومة بطرابلس العاصمة مع 6 عمداء بلديات، هي الأصابعة وككلة والقواليش والمشاشية ويفرن والقلعة، بالإضافة إلى عدد من أعيانها، لمناقشة عدد من الملفات الخدمية والتنموية والاجتماعية.

وتحدث الدبيبة خلال اللقاء عن دعمه لملف التنمية المحلية واللامركزية، وإقرار عدد من اللوائح والقرارات المنظمة لهذا التوجه المهم، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود الوطنية للوصول بالبلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية، وفق قوانين عادلة ومتفق عليها، وإنهاء المراحل الانتقالية.

الدبيبة مع عدد من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

ووفقاً لمكتب الدبيبة، فقد استعرض رؤساء الأجهزة التنفيذية أهم المشروعات التنموية بالبلديات الحاضرة، ونسب الإنجاز الفنية والمشروعات المعتمدة في الخطة التنموية المقبلة.

ويأتي لقاء الدبيبة بعمداء البلديات الـ6، عقب يوم من لقائه أعضاء المجلس البلدي يفرن وعدداً من أعيان المدينة. وأثار خلال اجتماعه معهم ضرورة «توحيد الجهود الوطنية لإنجاز الدستور والقوانين الانتخابية العادلة، لتكون المرجعية الوطنية التي تتيح إجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية».

وخلال الاجتماعين حرص الدبيبة على توجيه أجهزة حكومته لإنجاز مشاريع معطلة بالبلديات، وقال في اللقاء الذي انتهى، مساء الخميس، إن «عمليات الإمداد المائي لبلديات الجبل تحديداً كانت من أولويات الخطة التنموية، ضمن مشروعات (عودة الحياة)، وما زالت مستمرة حتى استكمالها، تقديراً لظروف المنطقة واحتياجاتها لمياه الشرب».

كما وجّه الدبيبة «الأجهزة التنفيذية بإعطاء الأولوية في المشروعات التنموية لقطاعات المياه والصرف الصحي، والمرافق التعليمية والصحية، وإعطاء الأولوية للمشاريع الجارية لضمان استكمالها».

من جهة ثانية، تتواصل في ليبيا تداعيات إيقاف الدبيبة للقائم بالأعمال في السفارة الليبية لدى مصر، محمد عبد العالي، دون مزيد من الأسباب، لكنه كلف مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، السفير عبد المطلب إدريس، بتسيير مهام السفارة الليبية.

في غضون ذلك، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلسة رسمية، الاثنين المقبل، تُعقد في مدينة بنغازي، لمناقشة بنود جدول أعمال المجلس، حسب عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس.

الطاهر الباعور مستقبلاً سفير إيطاليا لدى ليبيا (خارجية الوحدة)

من جهته، التقى الطاهر الباعور، المكلف تسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، الجمعة، في مكتبه بطرابلس، سفير إيطاليا لدى ليبيا، جيانلوكا البريني، حيث أكد الجانبان على عمق العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين.

ونقلت الخارجية عن السفير «إشادته بمخرجات منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي، الذي عُقد بطرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ حيث نقل خلال اللقاء امتنان وتقدير رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، لنجاح هذا المنتدى.

وأكد الباعور مشاركته وتمثيل الوفد الليبي في «منتدى حوار المتوسط لبلدان البحر المتوسط»، الذي سيُعقد في روما على المستوى الوزاري، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.