قائد الجيش الجزائري يتابع تمريناً عسكرياً قرب الحدود مع المغرب

النشاط العسكري يتضمن أبعاداً سياسية متصلة بالتوتر الشديد بين البلدين

رئيس أركان الجيش خلال زيارته للناحية العسكرية الثالثة (وزارة الدفاع)
رئيس أركان الجيش خلال زيارته للناحية العسكرية الثالثة (وزارة الدفاع)
TT

قائد الجيش الجزائري يتابع تمريناً عسكرياً قرب الحدود مع المغرب

رئيس أركان الجيش خلال زيارته للناحية العسكرية الثالثة (وزارة الدفاع)
رئيس أركان الجيش خلال زيارته للناحية العسكرية الثالثة (وزارة الدفاع)

يبحث رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، منذ يومين الأوضاع الأمنية مع كبار الضباط العسكريين بمنطقة الجنوب الغربي، وتحديداً في تندوف، حيث مخيمات اللاجئين الصحراويين، وقرب الحدود مع المملكة المغربية.

وقالت وزارة الدفاع بموقعها الإلكتروني، اليوم الأربعاء، إن شنقريحة «أشرف على تمرين تكتيكي بالرماية الحقيقية» في منشأة عسكرية بـ«الناحية العسكرية الثالثة»، ومقرها الرئيسي تندوف، مؤكدة أن زيارة قائد الجيش إلى المنطقة «تندرج في إطار متابعة تنفيذ البرنامج القتالي لسنة 2023 - 2024».

رئيس أركان الجيش مع عساكر وحدة تابعة للمدرعات (وزارة الدفاع)

وكان شنقريحة جمع الثلاثاء الكوادر العسكريين بالمنطقة ذاتها، وألقى عليهم خطاباً، جاء فيه أن «الجاهزية التي نحرص على تحقيقها وتجسيدها ميدانياً على مستوى هذه الناحية المهمة، بمختلف تشكيلاتها العملياتية ووحداتها القتالية، يتطلب اكتسابها احترام مقتضيات التحضير القتالي الناجح والفعال، في أوسع صوره وأشكاله، ومختلف تفرعاته وتخصصاته».

قائد الجيش أثناء خطابه للكوادر العسكريين بجنوب غربي الجزائر (وزارة الدفاع)

وأوضح شنقريحة أنه «من بين عوامل القوة والنتائج الأكيدة والفاعلية الثابتة، التي قدرناها حق قدرها في الجيش الوطني الشعبي، ومنحناها رعاية خاصة، هو عامل التحضير القتالي بمعناه الشامل والمتكامل، الذي يمثل البوابة الرئيسية التي من خلالها يفتح المجال واسعاً أمام تحقيق التطور المنشود، والجاهزية المطلوبة، وتتجسد جودة الأداء العملياتي المتكيف مع طبيعة المهام المسندة».

وأشار قائد الجيش في خطابه إلى «التطورات الإقليمية الدولية»، مشدداً على أن الجيش «يحرص على اتخاذ خطوات مدروسة وعقلانية، أساسها المزاوجة بين اكتساب المهارة القتالية والاحترافية العالية». وقال بهذا الخصوص: «من أجل التكيف المستمر مع التطورات الحاصلة في محيطنا الإقليمي والدولي، ومواجهة التهديدات المستجدة بالفاعلية اللازمة، باشرنا تحضيراً شاملاً مسّ مختلف مكونات الجيش الوطني الشعبي، من خلال توفير مختلف الوسائل المادية والبشرية، تجسيداً لطموحنا في بلورة وتحديد المعالم الحقيقية للتطوير المستقبلي لقوام المعركة للجيش الوطني الشعبي».

رئيس أركان الجيش في لقاء سابق مع الرئيس عبد المجيد تبون (الرئاسة)

وحث شنقريحة العسكريين بالمنطقة على «تشديد الخناق على نشاطات التهريب والجريمة المنظمة بكل أشكالها»، مبرزاً أن "الخطوات المدروسة والعقلانية، التي نقوم بها، جعلنا منها في الجيش الوطني الشعبي سلوكاً يومياً يزاوج بين اكتساب المهارة القتالية والاحترافية العالية، من خلال التدريب المتواصل والتنفيذ الجيد لمختلف التمارين، وبين الإيمان بالقضية وروح الوفاء لعهد الشهداء، وتشبع القلوب والعقول بقيم الانتماء لهذا الوطن والتضحية في سبيل نصرته وعزته، والتشبث بواجب الذود عن كيانه ومصالحه الحيوية في كل الظروف والأحوال».

وبحسب مراقبين، فإن التمارين بالذخيرة التي أجريت بالمنطقة بحضور رئيس أركان الجيش، تتضمن أبعاداً سياسية ذات صلة بحالة التوتر الشديد بين المغرب والجزائر، التي قطعت علاقاتها مع الجار الغربي منذ صيف 2021، إثر اتهامه بـ«القيام بأعمال عدائية ضدها»، علماً أن الحدود البرية المشتركة بين البلدين مغلقة منذ 1994 بسبب خلافهما حول نزاع الصحراء.

في سياق ذي صلة، أعلنت وزارة الدفاع، الأربعاء، في بيان تضمن حصيلة أعمال القوات المسلحة بين 18 و23 أبريل (نيسان) الحالي، «القضاء على إٍرهابي يسمى خطار أمحمد ويكنى «إسماعيل»، واسترجاع مسدس رشاش وكمية من الذخيرة كانت بحوزته، من دون توضيح ظروف قتله ولا مكان العملية. كما لم يذكر البيان إن كان ينشط بمفرده أو ينتمي إلى جماعة مسلحة.

صورة أرشيفية لتمرين عناصر من قوات الجيش الجزائري (وزارة الدفاع)

وأفاد البيان ذاته بأن الجيش اعتقل ستة أشخاص بشبهة دعم الجماعات الإرهابية، في عمليات متفرقة عبر التراب الوطني، خلال الفترة نفسها. وشهدت الفترة نفسها في تمنراست وبرج باجي مختار وإن فزام (أقصى الجنوب)، اعتقال 140 شخصاً بشبهة «التهريب» عبر الحدود الجنوبية، كما صادر الجيش 34 مركبة تابعة لهم، و175 مولداً كهربائياً و75 مطرقة ضغط، و236 قنطاراً من خام الذهب والحجارة، بالإضافة إلى كميات من المتفجرات ومعدات تفجير، وتجهيزات تستعمل في عمليات التنقيب غير المشروع عن الذهب، وفق ما جاء في البيان العسكري.


مقالات ذات صلة

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
TT

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

أثار عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، حفيظة وغضب أنصار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وعدد من أطياف المجتمع الراغبين في السلطة، بعدما تعهّد «بعدم إعادتهم إلى حكم البلاد مرة ثانية».

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

وكان الدبيبة يلقي كلمة أمام فعاليات ختام «ملتقى شباب ليبيا الجامع» في مصراتة، مساء السبت، وتطرَّق فيها إلى «الذين يريدون العودة إلى السلطة»، مثل النظام السابق ومؤيدي «الملكية الدستورية»، بالإضافة إلى من يريد «العسكر»، وقال متحدياً: «لن يحكمونا».

ووجّه حديثه لليبيين، وقال: «هناك 4 مكونات هي أسباب المشكلة في ليبيا».

وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يوجه فيها الدبيبة انتقادات لاذعة لكل هذه الأطراف مجتمعة، من منطلق أن «الحكم في ليبيا يحدَّد بالدستور وليس بخشم البندقية».

حفتر في لقاء سابق مع عدد من قادة قواته ببنغازي (الجيش الوطني)

ودون أن يذكر أسماء أشخاص، قال: «هناك من يريد الحكم بالسلاح، وآخرون يتخذون من الدين شعاراً ويريدون السلطة، بجانب من يدعون للعودة إليها مرة ثانية؛ سواء الملكية أم نظام القذافي»؛ في إشارة إلى سيف الإسلام القذافي، وأنصار «الملكية الدستورية» الذين يستهدفون تنصيب الأمير محمد السنوسي ملكاً على البلاد.

واستطرد الدبيبة: «النظام العسكري لن يحكمنا مرة أخرى، ولا تفكروا فيمن تجاوز الثمانين أو التسعين عاماً وما زال يحلم بحكم ليبيا»؛ في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني.

وخرجت صفحات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موالية للنظام السابق، تنتقد الدبيبة، وتتهم حكمه بـ«الفساد»، رافضة تلميحاته بشأن المشانق التي كانت تُعلَّق بالمدن الرياضية إبان عهد القذافي. وذلك في معرض تعليقه على هتاف مجموعة من الشباب للقذافي، بعد خسارة منتخبهم أمام بنين في تصفيات «أمم أفريقيا».

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

وبجانب انتقاده النظم السابقة، التي قال إنها «تريد العودة لحكم ليبيا»، تطرّق الدبيبة أيضاً إلى من «يستخدمون الشعارات الدينية»، ومن «ينادون بحكم القبيلة».

وتحدّث الدبيبة أمام جموع الشباب في أمور مختلفة؛ من بينها المجموعات المسلَّحة، التي كرر رغبته في «دمجها في مؤسسات الدولة، ومنح عناصرها رواتب»، مذكّراً بأن عماد الطرابلسي «كان زعيم ميليشيا، والآن لديه مسؤوليات لحفظ الأمن والاستقرار بصفته وزيراً للداخلية في حكومتي الشرعية».

وللعلم، أتى الدبيبة إلى السلطة التنفيذية في ليبيا، وفق مخرجات «حوار جنيف» في 5 فبراير (شباط) 2021 بولاية مؤقتة مدتها عام واحد فقط، للإشراف على الانتخابات العامة، لكنه يؤكد عدم تخليه عن السلطة إلا بإجراء انتخابات عامة في البلاد.

محمد السنوسي يتوسط شخصيات ليبية من المنطقة الغربية (حساب محمد السنوسي على «إكس»)

وكثّف الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي لقاءاته بشخصيات ليبية في إسطنبول مؤخراً، ما طرح عدداً من الأسئلة حينها حول هدف الرجل المقيم في بريطانيا من مشاوراته الكثيرة مع أطياف سياسية واجتماعية مختلفة.

ومحمد الحسن هو نجل الرضا السنوسي، الذي عيَّنه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1956، وتُوفي في 28 من أبريل (نيسان) 1992.

ولوحظ أن السنوسي، الذي لم يزرْ ليبيا منذ كان صبياً، يكثّف لقاءاته في الخارج بشخصيات ليبية مختلفة، بعضها ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق؛ وذلك بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

ولا تزال شروط الترشح لمنصب الرئيس في ليبيا عائقاً أمام التوافق بشأن القوانين اللازمة للاستحقاق المؤجل، في ظل وجود معارضة بشكل كامل لترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين، والذين عليهم أحكام جنائية لهذا المنصب.