المجاعة تحاصر سكان الفاشر... وطفل يموت كل 12 ساعة

«منسقية النازحين»: الناس في دارفور يأكلون العشب والجراد

النيران تلتهم سوقاً للماشية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)
TT

المجاعة تحاصر سكان الفاشر... وطفل يموت كل 12 ساعة

النيران تلتهم سوقاً للماشية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)

وصف الناطق باسم «منسقية النازحين في إقليم دارفور»، آدم رجال، الأوضاع الأمنية والإنسانية في مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، بأنها أصبحت شديدة الخطورة، وأن الاشتباكات المتكررة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» تهدد بتفجرها في وقت وجيز، وحذر من حدوث ما أطلق عليه «الأسوأ» في الحرب بين الجيش و«الدعم السريع».

والفاشر هي آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور الشاسع في غرب البلاد التي لا تخضع لسيطرة «قوات الدعم السريع». واجتاحت «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها أربع عواصم ولايات أخرى في دارفور العام الماضي.

وقال رجال لـ«الشرق الأوسط»، إن عشرات الضحايا من المدنيين يلقون حتفهم بأسلحة المتقاتلين حول وفي المدينة، ما دفع الكثيرين منهم للهجرة خارج مدنهم وقراهم، إلى معسكرات النازحين بأعداد كبيرة.

وتحكم «قوات الدعم السريع» قبضتها على أربع ولايات في إقليم دارفور، ومناطق أخرى من شمال دارفور، وحال سقطت مدينة الفاشر يكون «الدعم السريع» سيطر بشكل كامل على الإقليم.

سوق مدمرة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور جراء المعارك (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأوضح رجال أن الوضع الإنساني في دارفور بصورة عامة «حرج جداً»، فالناس في معسكرات النازحين يموتون بسبب نقص الغذاء والجوع، وتابع: «لا أحد يأكل وجبة كاملة في اليوم، وغالب النازحين لجأوا إلى أكل الحشائش وأعلاف الحيوان ليبقوا على قيد الحياة، بينما يأكل آخرون الحشرات مثل الجراد».

وأوضح رجال أن المساعدات الإنسانية التي تصل معسكرات النازحين قليلة جداً مقارنة بأعداد النازحين، وقال: «معسكر أبو شوك الذي يضم أكثر من 70 ألفاً منذ حرب دارفور السابقة قبل عشرين عاماً، ارتفع عددهم إلى نحو 85 ألفاً بعد اندلاع الحرب بين الجيش و(الدعم السريع)».

وقال منسق النازحين إن طفلين على الأقل يلقيان حتفهما يومياً بمعدل وفاة كل 12 ساعة، في معسكر «كلمة» جنوب نيالا، بسبب الأمراض الناتجة عن سوء التغذية.

ويتم تسجيل 14 - 18 حالة إصابة يومياً وسط الأطفال، فضلاً عن تسجيل 3 حالات «إجهاض» يومياً وسط النساء في معسكر «أبو شوك».

وأشار رجال إلى أن أمراضاً «غريبة» بدأت تظهر وسط النازحين، دون وجود أطباء يقومون بتشخيصها، إضافة إلى انتشار الملاريا والحميات المجهولة، وسط مخاوف من تفشي وباء الكوليرا.

لاجئون سودانيون في مخيم زمزم خارج الفاشر بدارفور (أ.ب)

ويصاحب النقص الحاد في الغذاء نقص كبير في مياه الشرب في المعسكر، ويضطر الناس لشرب المياه الملوثة، ما يتسبب في عدد من الأمراض المعوية، مع انتشار واسع للإسهال. وطالب رجال كل من الجيش و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال الذي دفع فاتورته الشعب السوداني.

ودخلت الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» عامها الثاني، وحصدت أرواح أكثر من 15 ألف شخص وجرح آلاف، فيما يأمل السودانيون استئناف منبر جدة التفاوضي، ووضع حد لنهاية الحرب التي بسببها هجر أكثر من 8 ملايين مواطن منازلهم.

وفي وقت سابق حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من تعرض حياة مئات الآلاف من المدنيين للخطر حال تعرض مدينة الفاشر، لهجوم من «قوات الدعم السريع»، إذ فر إليها عشرات الآلاف من مناطق الحرب الأخرى، إضافة إلى الكثافة السكانية الطبيعية للمدينة الوحيدة من مدن دارفور التي تبقت بيد الجيش.


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.