«اتحاد الشغل» التونسي يهدّد بإضراب عام بسبب «التدفق الكبير» للمهاجرين

تزامناً مع إعلان السلطات عن انتشال جثث 19 مهاجراً غير شرعي

مهاجرون أفارقة بعد بدئهم رحلة نحو سواحل إيطاليا انطلاقاً من شواطئ تونس (أ.ف.ب)
مهاجرون أفارقة بعد بدئهم رحلة نحو سواحل إيطاليا انطلاقاً من شواطئ تونس (أ.ف.ب)
TT

«اتحاد الشغل» التونسي يهدّد بإضراب عام بسبب «التدفق الكبير» للمهاجرين

مهاجرون أفارقة بعد بدئهم رحلة نحو سواحل إيطاليا انطلاقاً من شواطئ تونس (أ.ف.ب)
مهاجرون أفارقة بعد بدئهم رحلة نحو سواحل إيطاليا انطلاقاً من شواطئ تونس (أ.ف.ب)

هدّد الاتحاد الجهوي التونسي للشغل في مدينتي العامرة وجبنيانة بولاية صفاقس بشن إضراب عام؛ احتجاجاً على ما عدّه «تدفقاً كبيراً» للمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وتداعيات ذلك على الحياة العامة في الجهة.

وأصبحت المناطق الريفية في العامرة وجبنيانة وجهة الآلاف من المهاجرين، بعد فرض السلطات في 2023 قيوداً على تواجدهم في الشوارع والساحات العامة بمدينة صفاقس؛ بسبب أعمال عنف مع السكان المحليين.

وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الألمانية، فقد قال الاتحاد المحلي للشغل في العامرة وجبنيانة، في بيان له اليوم (الثلاثاء)، إنه «يتابع بانشغال شديد الوضع الاجتماعي المتردي منذ أشهر عدّة، على أثر توافد أعداد كبيرة لأفارقة جنوب الصحراء، وما نتج من ذلك من تبعات خطيرة في مختلف المجالات الصحية والبيئية والاجتماعية». وتابع البيان موضحاً: «تشير المعطيات والأحداث التي جدت في الأيام الأخيرة في العامرة وجبنيانة إلى تفاقم الأمر، والوصول إلى مرحلة العنف والاعتداء على الأشخاص والممتلكات الخاصة». وتنتشر خيام المهاجرين في الحقول ومزارع الزيتون في الجهة، ويتطلع أغلبهم إلى عبور البحر الأبيض المتوسط نحو الجزر الإيطالية القريبة عبر مهربي البشر. وبهذا الخصوص، قال الاتحاد إن رفض الأهالي في العامرة وجبنيانة الوجود المكثف للأفارقة «لا علاقة له بأي نظرة عنصرية»، مطالباً السلطات بـ«إيجاد حلول جذرية تضمن كرامة الوافدين الأفارقة من ناحية، والحق الطبيعي في الحياة الآمنة لعموم الأهالي من ناحية ثانية».

الرئيس التونسي مستقبلاً رئيسة الحكومة الإيطالية للتباحث عول أزمة الهجرة السرية (أ.ب)

وتجري إيطاليا عمليات تنسيق أمنية مكثفة مع تونس للحد من تدفقات المهاجرين عبر سواحلها. وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني خلال زيارتها تونس الأسبوع الحالي عن مساعدات بأكثر من 100 مليون يورو.

في سياق متصل، بدأت قوات الأمن التونسية، اليوم، تفكيك مخيمات مؤقتة لمهاجرين غير شرعيين، يحلمون بالوصول إلى أوروبا بالعامرة وجبنيانة التابعتين لولاية صفاقس. وقالت إذاعة «ديوان إف إم»، التي تبث من صفاقس: «تشهد مدينتا العامرة وجبنيانة من ولاية صفاقس حملة أمنية كبرى تنفذها مختلف أسلاك الأمن والحرس الوطنيين، حيث تمت إزالة خيام المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء». والعام الماضي رحّلت السلطات التونسية عدداً كبيراً من المهاجرين غير الشرعيين من مدينة صفاقس، بعد اندلاع اشتباكات مع الأهالي. وانتقل هؤلاء المهاجرون إلى العامرة وجبنيانة، ونصبوا خياماً في مزارع الزيتون بالجهة.

في غضون ذلك، قالت الإدارة العامة للحرس الوطني في تونس، اليوم، إن قواتها البحرية انتشلت جثث 19 مهاجراً غير شرعي قبالة سواحل صفاقس. وقالت في بيان إن أعمال البحث بإقليمي الحرس الوطني بصفاقس والوسط أسفرت خلال آخر 24 ساعة عن «انتشال عدد 19 جثة آدمية تمت إحالتها على بيت الأموات»، بحسب تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأصبحت سواحل صفاقس، التي تبعد نحو 150 كيلومتراً عن إيطاليا، منصة لانطلاق قوارب المهاجرين غير النظاميين الساعين للوصول إلى أوروبا، لكنها تنتهي في الكثير من الأحيان بغرق القوارب.


مقالات ذات صلة

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ«رويترز» إنه من المتوقع أن يتخذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عدة إجراءات تنفيذية في أول أيام رئاسته لإنفاذ قوانين الهجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب: لن يكون أمامنا خيار سوى تنفيذ «ترحيل جماعي» للمهاجرين غير الشرعيين

قال الرئيس الأميركي المنتخب إن قضية الحدود تعد إحدى أولوياته القصوى، وإن إدارته لن يكون أمامها خيار سوى تنفيذ عمليات «ترحيل جماعي» للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

تبدو ضفاف نهر يفصل بين المكسيك وأميركا شبه مهجورة، وغدت ملاجئ مخصصة للمهاجرين شبه خاوية، بعد أن كانت مكتظة سابقاً، نتيجة سياسات أميركية للهجرة باتت أكثر صرامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا السويد تعزز المساعدات للدول القريبة من مناطق النزاع في محاولة لخفض تدفق المهاجرين (إ.ب.أ)

الحكومة السويدية تخصص مساعدات إنمائية للدول التي يتدفق منها المهاجرون

أعلنت السويد أنها ستعزز المساعدات للدول القريبة من مناطق النزاع وعلى طرق الهجرة، في أول بادرة من نوعها تربط بين المساعدات الإنمائية ومحاولة خفض تدفق المهاجرين.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا مبنى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (رويترز)

القضاء الأوروبي يدين قبرص لإعادتها لاجئيْن سورييْن إلى لبنان

دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، قبرص لاعتراضها في البحر لاجئيْن سورييْن وإعادتهما إلى لبنان، دون النظر في طلب اللجوء الخاص بهما.

«الشرق الأوسط» (ستراسبورغ)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
TT

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)
يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

حذر ليبيون، اندمجوا في ورشة عمل نظمتها الأمم المتحدة، من تصاعد «خطاب الكراهية» في البلد المنقسم سياسياً، وذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة، مطالبين بالتصدي لهذه الظاهرة ومعالجتها خشية توسعها في المجتمع.

وقالت الأمم المتحدة إن الورشة التي عقدت عبر «الإنترنت» جاءت جزءاً من برنامج «الشباب يشارك» التابع لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وناقش خلالها، 24 مشارِكة ومشاركاً من جميع أنحاء البلاد «سبل مكافحة خطاب الكراهية السائد في ليبيا، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي».

وأعاد الانقسام السياسي الذي تشهده ليبيا راهناً «خطاب الكراهية» إلى واجهة الأحداث، وذلك على خلفية الصراع حول السلطة، ما يفتح الباب لمزيد من التجاذبات السياسية.

وأوضحت الأمم المتحدة أن المشاركين سلّطوا الضوء على «مدى كون خطاب الكراهية عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي، مع وجود خلط واسع النطاق بين ما يعدّ انتقاداً مشروعاً وبين ما يمكن وصفه بـخطاب كراهية»، ورأوا أن «الاستقطاب الحاد في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لعب دوراً كبيراً في تفاقم خطاب الكراهية وانتشار المعلومات المضللة في البلاد».

رئيسة بعثة الأمم المتحدة بالنيابة ستيفاني خوري في فعاليات سابقة بحضور ليبيات (البعثة الأممية)

وقالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية»، مضيفة أن «الاختيار الخاطئ لمفردات اللغة يمكن أن يتسبب في عواقب وخيمة».

وأكد المشاركون أن النساء والشباب «كانوا المستهدفين في خطاب الكراهية في معظم الأحيان، وأن بعضهم يتضرر بهذا الأمر في حياته اليومية»، مضيفين أن «من الصعب على الشباب، خاصة الفتيات، رفع أصواتهم من دون مواجهة العواقب».

ولا يقتصر «خطاب الكراهية» في ليبيا على وسائل التواصل الاجتماعي، وحديث المسؤولين، بل يتعدى ذلك إلى البرامج السياسية في الفضائيات المتعددة، بالإضافة إلى بعض المواقع الإلكترونية التي أُنشئت لترويج أفكار وبرامج على أساس جهوي.

وذكرت البعثة الأممية نقلاً عن أحد المشاركين أن «مكافحة خطاب الكراهية في ليبيا تمثل تحدياً كبيراً، حيث إن أغلب الصفحات التي تعج بهذا الخطاب وتنشره تتركز على منصة (فيسبوك)، وغالباً ما يديرها أشخاص مؤثرون». وأشار إلى أن «هذا الوضع يجعل التصدي لخطاب الكراهية أمراً صعباً ويشكل خطراً على الشباب».

وأوصى المشاركون في نهاية ورشة العمل بـ«معالجة خطاب الكراهية في مراحل مبكرة، وذلك من خلال التثقيف في المدارس حول منع التنمر والجرائم الإلكترونية وإلحاق الأذى بالآخرين»، مطالبين بـ«دعم السلطات لمكافحة هذا الخطاب وزيادة الوعي بالمخاطر المحيطة به بين الشباب من خلال مراكز الشباب والمجالس الشبابية».

واقترح المشاركون في ورشة العمل تنظيم حملات مناصرة لدعم تغيير في القوانين الليبية يهدف إلى تعريف خطاب الكراهية وضمان احترام هذه القوانين، كما دعوا لدعم المجتمع المدني واتحادات الطلبة ومنظمات تقصي الحقائق.

كما اقترحوا «العمل بشكل وثيق مع منصات التواصل الاجتماعي لتشخيص خطاب الكراهية في ليبيا ومواجهته»، بالإضافة إلى «دعم ضحايا خطاب الكراهية لبناء قدراتهم على التكيف والصمود وتعزيز الحوار»، ولفتوا إلى ضرورة «جمع مختلف المجتمعات المحلية معاً للتغلب على الحواجز وإزالة الانقسامات الاجتماعية».

وتشير البعثة الأممية إلى أن الهدف من ورشة العمل هو «جمع أفكار المشارِكات والمشاركين وتوصياتهم لإثراء عمل البعثة مع الشباب في جميع أرجاء ليبيا وإيصال أصوات أولئك الذين يتم في العادة استبعادهم لمن يجب أن يسمعها».

سفير الاتحاد الأوروبي نيكولا أورلاندو خلال لقائه ستيفاني خوري في طرابلس (البعثة)

وفي شأن آخر، دعت الأمم المتحدة في ليبيا إلى اتخاذ إجراءات لحماية وتعزيز حقوق المرأة، كما أطلقت «حملة 16 يوماً» لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات.

وقالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن هذه «حملة دولية سنوية تبدأ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، الموافق اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتنتهي في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتدعو الحملة، التي تجري تحت قيادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى اتخاذ إجراءات عالمية لزيادة الوعي وحشد جهود المناصرة ومشاركة المعرفة والابتكارات لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات إلى الأبد.

وتؤكد الأمم المتحدة في ليبيا، «دعمها الثابت لليبيين في إنهاء جميع أشكال العنف، بما في ذلك ضد النساء والفتيات. وندعو السلطات الوطنية والمحلية إلى معالجة أي شكل من أشكال العنف ضد النساء والفتيات بشكل عاجل وتعزيز حماية حقوق المرأة وتمكينها بما يتماشى مع الالتزامات الدولية لهذه السلطات».

ووفقاً للبعثة الأممية، توضح التقارير، الزيادة المقلقة للعنف عبر «الإنترنت»، بما في ذلك «التحرش والتهديد والابتزاز الجنسي»، خصوصاً ضد الناشطات والشخصيات العامة، «ما يبرز بشكل متزايد الحاجة إلى تعزيز حماية حقوق المرأة، بما في ذلك في الفضاء الرقمي».

وأوضحت المنظمة الدولية أنه «مع بدء حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، تود الأمم المتحدة في ليبيا أن تشيد بالتقدم المحرز من خلال التعاون بين الدولة وكيانات الأمم المتحدة في حماية وتمكين النساء والفتيات. وسنواصل العمل مع الحكومة والشركاء المحليين والمجتمع المدني لضمان أن تتمتع كل امرأة وفتاة في ليبيا بحقوقها الكاملة وأن تعيش في مأمن من العنف».

في السياق ذاته، دعا رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا السفير نيكولا أورلاندو مجلس النواب إلى اعتماد قانون «القضاء على العنف ضد المرأة» الذي أقرته لجنته التشريعية في 18 يناير (كانون الثاني) 2024.

وجدد أورلاندو «التزام الدول الأوروبية بدعم ليبيا لحماية النساء والفتيات من هذه الآفة العالمية»، وقال: «اكسروا حاجز الصمت. أوقفوا العنف. لا يوجد أي عذر للعنف ضد المرأة».