دعوات ليبية متجددة للعودة إلى دستور 1951 «لحل الأزمة السياسية»

وسط رفض أطراف موالية لنظام القذافي

السنوسي في لقاء سابق بإسطنبول مع قيادات نسائية ليبية (حساب السنوسي على إكس)
السنوسي في لقاء سابق بإسطنبول مع قيادات نسائية ليبية (حساب السنوسي على إكس)
TT

دعوات ليبية متجددة للعودة إلى دستور 1951 «لحل الأزمة السياسية»

السنوسي في لقاء سابق بإسطنبول مع قيادات نسائية ليبية (حساب السنوسي على إكس)
السنوسي في لقاء سابق بإسطنبول مع قيادات نسائية ليبية (حساب السنوسي على إكس)

تجددت الدعوات في ليبيا للعودة إلى إمكان تفعيل «دستور الاستقلال» الذي كان معمولاً به عام 1951، وذلك في ظل تعقّد الأزمة السياسية بالبلاد، على خلفية انقسام حاد بين حكومتين متنازعتين على السلطة.

ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، وانفلات الأوضاع في ليبيا الغنية بالنفط، لم تتوافق الأطراف السياسية على «خريطة طريق» تنهي الصراع الدائر بالبلاد، ما يدفع بعض الأطراف للتفكير في استدعاء «دستور الاستقلال»؛ لكن الأمر لم يخلُ من معارضة؛ لا سيما من قبل أنصار النظام السابق.

ودعا عدد من السياسيين، من بينهم عضوة الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، رانيا الصيد، إلى «العودة لدستور الاستقلال مع تعديله حسبما يتماشى مع متغيرات الزمن، ودون إهمال المكتسبات والحقوق التي تحصّل عليها الليبيون».

أنصار القذافي ينزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنظار النظام السابق)

وأرجعت الصيد ذلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مشروع الدستور الليبي: «الذي تم التصويت عليه في 29 من يوليو (تموز) 2017، ظل حبيس الأدراج ورهين قوانين الاستفتاء المعيبة، بعد استبعاده من فئة سياسية، ومماطلة وتسويف»، مشيرة إلى أن «الهيئة سبق أن قررت من خلال التصويت والتداول ضرورة العودة للشرعية الدستورية، في حال فشل المشروع المقترح».

وتم إنشاء الهيئة التأسيسية عام 2014، وهي تتألف من 60 عضواً، يمثلون أقاليم ليبيا الثلاثة بالتساوي، ويفترض أنها لا تتبع أي سلطة في البلاد، وانتهت بعد قرابة 3 سنوات من إعداد مسودة الدستور، ورفعته للسلطة السياسية لعرضه للاستفتاء الشعبي متى توافرت الظروف الملائمة؛ لكن ذلك لم يحدث حتى الآن.

أعضاء في الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور يسلّمون مسوّدته للسراج رئيس حكومة «الوفاق» السابقة (أرشيفية- حساب الحكومة على فيسبوك)

ورأت الصيد -وهي أكاديمية ليبية وحاصلة على دكتوراه في القانون الدولي- أن «ظهور ما أُطلق عليها (القوة القاهرة)، وتعثر الانتخابات العامة، والصراع على الحكم في ليبيا، قد ينتهي بعودة النظام الملكي... ومن ثم تنتهي معه صراعات السلطة المتعاقبة».

وسبق أن تأجلت الانتخابات الرئاسية والنيابية التي كانت مقررة قبل نهاية عام 2021، وذلك عندما أعلن عماد السائح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، أن عقبات أمنية وقضائية وسياسية شكّلت «قوة قاهرة» منعت عقدها في موعدها، مشترطاً زوالها، ومصادقة مجلس النواب، لإجرائها. ولكن، بعد قرابة 8 أشهر من تأجيل الاستحقاق، أعلن السائح في نهاية أغسطس (آب) عام 2022، زوال هذه «القوة القاهرة»؛ لكن من دون تحرك باتجاه هذا المسار، حتى الآن، لعدم التوافق على قوانين الاستحقاق بين مجلسي: «النواب» و«الأعلى للدولة».

صالح رئيس مجلس النواب الليبي ملتقياً السائح رئيس مفوضية الانتخابات الليبية (مكتب صالح)

وكلما تجددت الدعوات المطالبة بالعودة لدستور 1951، ومن ثم إلى «الملكية الدستورية»، علت أصوات الرافضين لهذا الاتجاه، من بينهم أنصار القذافي الذين يعدّون هذه الدعوات «محاولة فاشلة»، تستهدف «إقصاء الشعب عن تقرير مصيره واختيار النظام الذي يناسبه، وفق التطور والتقدم الذي يشهده العالم».

غير أن الصيد -رداً على من يقولون بأن التاريخ لا يعود للخلف- تابعت: «عدنا بعد ثورة 17 فبراير (شباط) لعَلم ونشيد المملكة، وتركنا دستور الاستقلال الذي يقترن صدوره باستقلال ليبيا وسيادتها»، معبرة عن اعتقادها بأن «الخيار الوحيد الممكن لإنقاذ البلاد، هو العودة لدستورها الشرعي المعترف به من الأمم المتحدة».

وسبق أن أطلق مئات الليبيات مبادرة تستهدف «إنقاذ البلاد من التخبط السياسي»، من خلال العودة إلى النظام الملكي الذي سبق أن حكم ليبيا قبل مجيء القذافي إلى سدة الحكم عام 1969.

ومع بداية الأسبوع الجاري، دعا عمر النعاس، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، المدن الليبية، إلى «التمسك بالحق في الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أقرته هيئته التأسيسية المنتخبة من الشعب الليبي، أو اعتماده كدستور نافذ مؤقت لمدة 5 سنوات، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وفق أحكامه، وإنهاء المرحلة الانتقالية نهائياً».

وشدد النعاس -عبر حسابه على موقع «فيسبوك»- على أن «كل مواطن ليبي له حق الترشح إلى أي منصب وفق أحكام الدستور، ويكون خاضعاً للمساءلة والمحاسبة والمحاكمة والعزل».

رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي مستقبِلاً في لقاء سابق وفداً من قبيلة «المقارحة» المنتمي إليها السنوسي (أرشيفية- المجلس الرئاسي)

ودافعت الصيد عن وجهة نظرها، وقالت إن الليبيين «يميلون إلى النظام الأبوي الواحد. والعودة للملكية تتماشى مع التركيبة القبلية والاجتماعية في البلاد، مع عدم المساس بحرية المواطنين في ممارسة حقهم الديمقراطي، من خلال الانتخابات التشريعية لمجلسي النواب والشيوخ».

وانتهت الصيد إلى أنه «يمكن وضع ليبيا أمام خيار العودة للملكية الدستورية، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشتات والفرقة، خصوصاً أن ليبيا بدأت تشهد في الآونة الأخيرة قبولاً كبيراً لدى كثيرين لفكرة العودة لدستور الاستقلال، والحفاظ على وحدة الوطن واستقلاله وسيادته».

وعلى مدار شهر مارس (آذار) الماضي، التقى الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي شخصيات ليبية كثيرة في إسطنبول، بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

ومحمد الحسن هو نجل الحسن الرضا السنوسي الذي عينه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1956، وتوفي في 28 أبريل (نيسان) 1992، والأول الذي يطالب بعض الليبيين بـ«إعادة استحقاق ولاية العهد له لتوليه مُلك البلاد، وتحمّل مسؤولياته الدستورية كاملة»، وهو يكثّف لقاءاته في الخارج مع شخصيات ليبية مختلفة.

وتعيش ليبيا انقساماً واسعاً بين حكومتَي: «الوحدة» في طرابلس العاصمة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وغريمتها في شرق ليبيا برئاسة أسامة حمّاد، والمدعومة من مجلس النواب و«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.


مقالات ذات صلة

محكمة ليبية تقضي بإدانة 12 مسؤولاً في كارثة انهيار سَدّي درنة

شمال افريقيا أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)

محكمة ليبية تقضي بإدانة 12 مسؤولاً في كارثة انهيار سَدّي درنة

قضت محكمة ليبية بإدانة 12 مسؤولاً بعقوبات بالسجن تتراوح بين 15 و30 عاماً بتهمة التقصير وسوء إدارة السدود بعد كارثة سد درنة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

وجه عبد الحميد الدبيبة بسرعة فتح تحقيق في الانفجارات التي شهدتها مدينة زليتن بوقت تحوّل العتاد المخزّن لدى التشكيلات المسلحة خارج إطار الدولة إلى مصدر قلق.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.


وزير جزائري سابق يحتج بشدة على «إقصائه غير القانوني» من الترشح للرئاسة

أحد شوارع العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
أحد شوارع العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
TT

وزير جزائري سابق يحتج بشدة على «إقصائه غير القانوني» من الترشح للرئاسة

أحد شوارع العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
أحد شوارع العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

احتج وزير الجالية الجزائرية بالخارج، سابقاً، بلقاسم ساحلي، بشدة، على قرار رفض ترشحه لانتخابات الرئاسة المقررة يوم 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، مطالباً «المحكمة الدستورية» بإبطاله، بناء على طعن رفعه إليها، ويفترض أن تدرسه في غضون 7 أيام وفق قانون الانتخابات.

وظهر ساحلي في قمة التذمر وهو يشرح في مؤتمر صحفي، ليل السبت - الأحد، «بطلان قرار السلطة الوطنية للانتخابات» رفض ملف ترشحه. وكان رئيس هذه الهيئة، وزير العدل سابقاً، محمد شرفي، أعلن، الخميس الماضي، رفض 13 مرشحاً، والموافقة على 3 مرشحين فقط، هم: الرئيس عبد المجيد تبون، وعبد العالي حساني، رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، ويوسف أوشيش، السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، وهي أقدم حزب معارض.

محمد شرفي رئيس سلطة مراقبة الانتخابات (الشرق الأوسط)

وأكد ساحلي أن قرار رفض ترشحه، الذي تسلمه من «سلطة الانتخابات»، كتب فيه أن أعضاءها طلبوا من رئيسها «التحري حول مسألة إقامة المرشح في العاصمة لمدة 10 سنوات على الأقل (وفق شروط القانون)، ومن احتمال وجود سوابق قضائية في حقه». مشيراً في هذا الخصوص إلى أن «المحكمة الدستورية عليها أن ترفض هذه الملاحظة، لأن سلطة الانتخابات ما كان ينبغي أن تشير إلى ذلك قبل أن تتحرى حول هذا الأمر، بحكم أنني لست معنياً بما ذكرته».

وأبرز ساحلي أن قرار رفض ترشحه، تضمن حديثاً لـ«سلطة الانتخابات» عن «أخلقة الحياة السياسية»، فتساءل باستياء بالغ: «هل أنا من المافيا، أم أنا سارق أم ماذا؟! هل أقع تحت طائلة أحكام قضائية بالسجن؟ طبعا هذا غير صحيح». وأردف: «طالب سنة أولى قانون لا يمكنه أن يرتكب خطأ كهذا».

وأوضح ساحلي، الذي كان وزيراً بين عامي 2012 و2013، أن السلطة كتبت في قرارها أنه قدم 635 استمارة توقيع خاصة بمنتخبين في ملف ترشحه، «في حين الحقيقة أنني أودعت 649 استمارة، فما مصير 14 استمارة؟ أين ذهبت؟!».

بلقاسم ساحلي وزير سابق (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وأضاف: «إذا كان هذا العدد مرفوضاً، يجب على السلطة أن تبلغني بالأسباب». مشيراً إلى أن الهيئة رفضت له 96 استمارة من 635 بذريعة أنها «مكررة مع مرشحين آخرين». وقال بهذا الخصوص: «فرضا أن ذلك صحيح، كيف لي أن أعلم أن منتخباً منح توقيعه لمرشح آخر بعد أن منحه لي؟ وحتى لو علمت بذلك، لا أملك سلطة منع هذا التصرف. القانون يقول مَن يقدم توقيعه لمرشحين يتعرض لغرامة. فما ذنبي أنا؟».

ويشترط قانون الانتخابات على مَن يرغب في تولي رئاسة الجمهورية أن يجمع 50 ألف توقيع فردي لناخبين، أو 600 توقيع منتخب في 29 ولاية على الأقل من 58 ولاية في كلا الحالتين. على ألا يقل عدد التوقيعات عن 1200 في كل ولاية.

وبحسب ساحلي، «لا يحق لسلطة الانتخابات إلغاء استمارات توقيعات الناخبين»، على أساس أن المادة 254 من قانون الانتخابات «تتحدث عن إلغاء الاستمارات المكررة عندما يتعلق الأمر فقط بالناخب الذي يمنحها للمترشح، في حين أنا وضعت لدى السلطة توقيعات المنتخبين وليس الناخبين. ألهذه الدرجة بلغ جهلهم بالقانون؟!».

سيدة الأعمال سعيدة نغزة (الشرق الأوسط)

كما احتجت سيدة الأعمال سعيدة نغزة، بشدة، على «إقصائها المجحف» من الترشح للرئاسة، معلنة في فيديو نشرته على حسابها بـ«فيسبوك»، عزمها «استعادة حقها بأي شكل». وقالت إنها أودعت طعوناً لدى المحكمة الدستورية.

وكانت لويزة حنون، زعيمة «حزب العمال»، أعلنت في 11 من الشهر الحالي، سحب ترشحها واتهمت جهات في السلطة، لم تحددها، بـ«افتعال عراقيل»، حالت حسبها، دون جمعها العدد المطلوب من التوقيعات.