«حركة توبة» في صفوف تنظيم «رشاد» الإسلامي الجزائري

إبطال المتابعة بتهمة «الإرهاب» لثلاثة من نشطائه البارزين

الرئيس الجزائري تعهّد بوقف المتابعة بحق المنشقين عن تنظيمَي «رشاد» و«ماك» (الرئاسة)
الرئيس الجزائري تعهّد بوقف المتابعة بحق المنشقين عن تنظيمَي «رشاد» و«ماك» (الرئاسة)
TT

«حركة توبة» في صفوف تنظيم «رشاد» الإسلامي الجزائري

الرئيس الجزائري تعهّد بوقف المتابعة بحق المنشقين عن تنظيمَي «رشاد» و«ماك» (الرئاسة)
الرئيس الجزائري تعهّد بوقف المتابعة بحق المنشقين عن تنظيمَي «رشاد» و«ماك» (الرئاسة)

حضّ 3 ناشطين جزائريين، استفادوا من إبطال المتابعات من تهمة «الإرهاب»، أعضاء تنظيم «رشاد» المحظور محلياً، على مغادرته بذريعة أنه «يسعى إلى تقويض أمن الدولة» وأن «ادعاءه معارضة السلطة غير صحيح».

ويقود التنظيم، المحسوب على الإسلاميين، الدبلوماسي السابق المعارض محمد العربي زيتوت، المقيم في بريطانيا لاجئاً سياسياً.

وبثت القنوات التلفزيونية العمومية، مساء السبت، «وثائقياً» يتضمن «شهادات» لثلاثة من أعضاء تنظيم «رشاد»، انشقوا عنه بعد سنوات طويلة من النشاط في صفوفه، مؤكدين أنهم «اكتشفوا حقيقة قيادته».

محمد العربي زيتوت زعيم تنظيم «رشاد» (من حسابه بالإعلام الاجتماعي)

واستفاد عبد الرزاق صخري، ويحيى مخيوبة، وحبيب عشي، الذين يقيمون بدول أوروبية بوصفهم لاجئين سياسيين معارضين للسلطة في الجزائر، من إجراءات انقضاء الدعوى العمومية والملاحقات بتهمة «الإرهاب»، بعد أن أعلنوا طلاقهم مع التنظيم وقائده زيتوت. ومما جاء في تصريحاتهم في الشريط التلفزيوني، أن التنظيم «بات يتبنى نهج العنف والعصيان المدني»، وأنه «يملك خططاً تخريبية». فضلاً عن اتهام قيادته بـ«الارتباط بتنظيمات إرهابية دولية، ومع مخابرات دول أجنبية معادية، بهدف ضرب استقرار الجزائر وإحداث الفوضى فيها».

وأكد «الوثائقي» أن الناشطين الثلاثة «استفادوا من إجراءات لم الشمل، وسياسة اليد الممدودة للذين ضلّوا الطريق، التي أقرها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون»، في إشارة إلى تدابير «تهدئة» تحدّث عنها تبون قبل عامين، موجهة لـ«مغرر بهم» ينتمون لجماعات «تسعى لتقويض الأمن في البلاد»، بحسب ما يرد في الخطاب الرسمي. والمعروف، أن صخري ومخيوبة وعشي، وضعتهم السلطات عام 2021، في «لائحة للإرهاب» تتضمن أسماء أخرى من تنظيمين هما: «رشاد» و«حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروفة اختصاراً بـ«ماك».

حبيب عشي ناشط سابق في «رشاد» (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وهاجم الناشطون الثلاثة من يقفون «وراء شعارات رنانة برزت بشكل لافت خلال الحراك الشعبي بالجزائر سنة 2019، تطالب بالديمقراطية وبشرعية الحكم».

وكانت السلطات منعت مظاهرات الحراك عام 2021، بحجة أن «تيارات اخترقته لإبعاده عن أهدافه السامية»، وكانت تشير أساساً إلى «رشاد» و«ماك». وتم سجن عدد كبير من أعضائهما، بعضهم برأته المحاكم لاحقاً من تهم «الانخراط في جماعة إرهابية» و«الإشادة بالإرهاب» و«عدم التبليغ عن مخططات إرهابية تستهدف أمن البلاد».

وجاء في «الوثائقي» أن «رشاد تأسس على أنقاض الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، التي حلّتها السلطات عام 1992 بعد اتهامها بـ«الجنوح للإرهاب». وتم ذلك في سياق أحداث عاصفة، تمثلت في إلغاء الجيش نتائج انتخابات برلمانية حققت «الجبهة» فوزاً ساحقاً في دورها الأول نهاية 1991، وكانت على عتبة اكتساح دورها الثاني مطلع 1992.

يحيى مخيوبة منشق عن تنظيم «رشاد» (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

ومن بين أبرز مؤسسي «رشاد»، حسب الشريط الذي بثته «قناة الجزائر الدولية» والقناة العامة، عباس عروة، ومراد دهينة، وهما ناشطان معروفان يقيمان بسويسرا منذ تسعينات القرن الماضي، ومحل مذكرات اعتقال دولية. وقد تعرّضا لمحاولات ترحيلهما في مناسبات عديدة، لكنهما كانا يلجآن للقضاء المحلي في كل مرة لإبطال هذه المحاولات.

ويُقدّم عشي على أنه «قاضي تحقيق سابق، كانت له تعاملات مع أعضاء حركة رشاد»، وعاد إلى أرض الوطن أخيراً، والذي أكد أن «الحركة تحاول إغراء الشباب وتضليلهم واستدراجهم إلى أغراضها السيئة». أما مخيوبة، فقال إن زيتوت «مرتبط بدوائر مخابراتية لدول معادية للجزائر». وأشار إلى أن «أغلب مصادر معلوماته، التي يذكرها في مقاطع الفيديو التي يبثها، يستقيها من برنامج التجسس بيغاسوس»، الإسرائيلي.

من جهته، قال صخري إن قيادة التنظيم «حرّضت على اختراق الحراك الشعبي في بداياته، والحضّ على ترديد شعارات لضرب مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الجيش».


مقالات ذات صلة

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)

سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

محكمة في الجزائر العاصمة تضع الرجل الثاني بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي بن حاج في الإقامة الجبرية بعد توجيه تهم له، تتعلق بموقفه الرافض لانتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فتحي غراس رئيس حزب الحركة الديمقراطية رفقة زوجته (حسابه الشخصي على «فيسبوك»)

وضع المعارض الجزائري فتحي غراس تحت الرقابة القضائية

أمر قاضي تحقيق، الخميس، بوضع المعارض الجزائري فتحي غراس وزوجته تحت الرقابة القضائية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أشخاص اعتقلهم الجيش بشبهة التهريب (وزارة الدفاع الجزائرية)

اعتقال 5 جزائريين بشبهة «دعم الإرهاب»

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، عن اعتقال خمسة أشخاص بشبهة «دعم الجماعات الإرهابية»، وذلك خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني نفذتها قوات الجيش.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».