عدد المتهمين في ملف «التآمر ضد أمن تونس» تجاوز 50 شخصاً

تمّ توجيه التهم لـ40 منهم وحفظها في حق 12 آخرين

جوهر بن مبارك أحد المتهمين في ملف التآمر ضد أمن تونس (الشرق الأوسط)
جوهر بن مبارك أحد المتهمين في ملف التآمر ضد أمن تونس (الشرق الأوسط)
TT
20

عدد المتهمين في ملف «التآمر ضد أمن تونس» تجاوز 50 شخصاً

جوهر بن مبارك أحد المتهمين في ملف التآمر ضد أمن تونس (الشرق الأوسط)
جوهر بن مبارك أحد المتهمين في ملف التآمر ضد أمن تونس (الشرق الأوسط)

كشفت حنان قداس، المتحدثة باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، عن آخر حصيلة لعدد المتهمين في قضية «التآمر على أمن الدولة»، وقالت إنه بات في حدود 52 متهماً، موضحة أنه تمّ توجيه التهم ضدّ 40 منهم، بينما تم حفظ التهم في حق 12 آخرين.

ولئن تم تداول معلومات وتقارير إعلامية حول ستة متهمين من قيادات الصف الأول في عدد من الأحزاب السياسية، التي أقصيت من المشهد السياسي بعد إقرار مسار 25 من يوليو (تموز) من طرف الرئيس قيس سعيد، وهم غازي الشواشي، وخيام التركي، وعصام الشابي، وجوهر بن مبارك، وعبد الحميد الجلاصي، ورضا بالحاج، فإن عدد المتهمين يتجاوز هؤلاء بكثير بحسب مراقبين.

وفي ردها على اتهامات هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في قضية التآمر، أكدت المصادر ذاتها أن قاضي التحقيق أصدر قراراً بختم البحث في الملف في 12 من أبريل (نيسان) الحالي، أي قبل أن يتم تداول مسألة انقضاء مدة الاعتقال التحفظي المقدرة بـ14 شهراً، والتي تنتهي حسابياً بعد غد الجمعة.

وبشأن طول الإجراءات، وعدم إخضاع المتهمين إلى مواجهات وجلسات قضائية للدفاع عن أنفسهم، ودحض التهم الموجهة إليهم، أوضحت قداس أنّ النيابة العامة مارست حقها في استئناف هذا الحكم، لافتة إلى تضمين ما نسب إلى كل متهم من تهم مفصّلة في قرار ختم البحث المنجز من قبل قاضي التحقيق. وقالت في تصريح إذاعي إن النيابة العامة «احترمت كافة الإجراءات القانونية داخل الآجال المنصوص عليها في القانون الجزائي التونسي، وذلك على خلاف ما تم تداوله من قبل بعض الأطراف بغاية التأثير في الرأي العام»، مشيرة إلى أن تلك الضغوط وصلت حد تهديد القضاة المكلفين بالملف، علاوة على أن الإجراءات المتبعة لم تكن بأي حال إجراءات استثنائية، كما أبرزت قداس أن قاضي التحقيق المتعهد بالقضية نص على بقاء القرارات الاحترازية، بما في ذلك قرار منع التداول الإعلامي، سارية إلى حين تعهد المحكمة، ونظرها في أصل تلك الاتهامات.



تراجع قيمة الدينار ينهك الليبيين في ظل تواصل الانقسام السياسي

بات جل الليبيين المنهكين من الفوضى المستمرة منذ عقد يعانون من تدهور خطير في قدرتهم الشرائية (أ.ف.ب)
بات جل الليبيين المنهكين من الفوضى المستمرة منذ عقد يعانون من تدهور خطير في قدرتهم الشرائية (أ.ف.ب)
TT
20

تراجع قيمة الدينار ينهك الليبيين في ظل تواصل الانقسام السياسي

بات جل الليبيين المنهكين من الفوضى المستمرة منذ عقد يعانون من تدهور خطير في قدرتهم الشرائية (أ.ف.ب)
بات جل الليبيين المنهكين من الفوضى المستمرة منذ عقد يعانون من تدهور خطير في قدرتهم الشرائية (أ.ف.ب)

يعاني الليبيون المنهكون من الفوضى المستمرة منذ عقد من تدهور خطير في قدرتهم الشرائية، بعد خفض في قيمة الدينار، يحمّل الخبراء مسؤوليته إلى الإنفاق المفرط للحكومتين المتنافستين في شرق البلاد وغربها.

انخفض سعر صرف الدينار بنسبة 13.3% لتصبح قيمته في مقابل الدولار الأميركي 5.56 دينار بعدما كانت عند 4.48 دينار للدولار الواحد (أ.ف.ب)
انخفض سعر صرف الدينار بنسبة 13.3% لتصبح قيمته في مقابل الدولار الأميركي 5.56 دينار بعدما كانت عند 4.48 دينار للدولار الواحد (أ.ف.ب)

وأعلن مصرف ليبيا المركزي في السادس من أبريل (نيسان) الجاري خفض سعر صرف الدينار بنسبة 13.3 في المائة، لتصبح قيمته في مقابل الدولار الأميركي 5.56 دينار، بعدما كانت عند 4.48 دينار للدولار الواحد. وتسبب هذا التعديل الثاني لسعر الصرف خلال خمسة أعوام في تراجع سعر العملة الوطنية، في مقابل الدولار في السوق الموازية إلى 7.8 دينار، بعدما كان لا يتجاوز 6.9 دينار في مقابل الدولار.

انعكاسات انخفاض قيمة الدينار

تأثر على الفور تجار الجملة الذين يحتاجون العملة الأجنبية لدفع ثمن البضائع المستوردة. ففي حين أن ليبيا غنية بالمحروقات، إلا أنها تفتقر إلى البنية الأساسية الصناعية والزراعية والغذائية، وتضطر إلى استيراد جلّ ما تحتاج إليه من السلع الاستهلاكية اليومية والمعدات.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة (الوحدة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة (الوحدة)

ويقول كريم أشرف، وهو مهندس يبلغ 27 عاماً وأب لثلاثة أطفال، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه «مع انخفاض قيمة العملة سيكون من الصعب تلبية احتياجاتنا من الغذاء، ومنتجات النظافة والأدوية والنقل»، خصوصاً مع ضعف خدمات الصحة والتعليم في ليبيا، حيث يوجد أيضاً نقص في فرص العمل. كذلك يؤثر انخفاض قيمة الدينار على الليبيين الذين يحتاجون إلى العملة الأجنبية للسفر إلى الدول المجاورة، مثل تونس، للسياحة أو العلاج الطبي.

ميزانية وطنيّة موحدة

منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، تواجه ليبيا صعوبات لتجاوز عقد من الفوضى والانقسامات بين حكومة معترف بها من الأمم المتحدة، ومقرها في طرابلس، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى في الشرق برئاسة أسامة حمّاد، ويدعمها المشير خليفة حفتر. ودعت بعثة الأمم المتحدة للدعم السلطات إلى اتخاذ «تدابير عاجلة من أجل استقرار الاقتصاد الوطني»، مبدية «قلقها» من خطورة الوضع، ومشددة على أنه «يتعين اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من وطأة الآثار السلبية التي تمس الليبيين»، بما في ذلك «غلاء المعيشة وانخفاض القدرة الشرائية، وتراجع الثقة بمؤسسات الدولة». كما دانت البعثة «تبادل الاتهامات» بين المعسكرين المتنافسين، وحضّت على «الاتفاق على ميزانية وطنية موحدة»، بما يضمن إدارة «مالية شفافة»، وتعزيز المساءلة في «هياكل الحوكمة».

في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي الليبي، محمود التيجاني، أن البنك المركزي «ضحية فشل وانقسام السلطة التنفيذية. وكونه مؤسسة مالية ضامنة للأصول المالية؛ اضطر لاتخاذ قراره بحماية ما تبقى من قوة الدينار». ويضيف التيجاني في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن خفض قيمة الدينار في هذا التوقيت «محاولة إنعاش سريرية؛ لأن انخفاض أسعار النفط، وتأكُّل الاحتياطات الأجنبية لدى (المركزي)، جعلاه يرى أن التحرك الآن فرصة أخيرة للنجاة من الطريق نحو الإفلاس، والاتجاه نحو الاستدانة خارجياً».

محادثات وإصلاحات

عقد محافظ البنك المركزي الليبي، ناجي عيسى، مباحثات مشتركة مع رئيسَي الحكومة في طرابلس وبنغازي، للبحث في إصلاحات اقتصادية، وإطلاق سياسات مالية لمعالجة الأزمة.

محافظ البنك المركزي الليبي ناجي عيسى (حكومة حماد)
محافظ البنك المركزي الليبي ناجي عيسى (حكومة حماد)

وأكد البنك المركزي في بيان صحافي، الخميس، أن «المحافظ ناجي عيسى عقد اجتماعاً في بنغازي مع رئيس الحكومة أسامة حماد لمناقشة الإصلاحات الاقتصادية، والسياسات المتعلقة بسعر الصرف، لتحقيق الاستقرار المالي». كما أشار «المركزي» إلى عقد المحافظ لقاء مع عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة في طرابلس، وناقشا «إطلاق حزمة إصلاحات مالية ونقدية وتجارية عاجلة».

وبحسب البنك المركزي، فإن رئيس الحكومة الموازية، أسامة حماد، رحّب بعقد لقاء مشترك مع رئيس حكومة طرابلس لدعم الإصلاحات الاقتصادية المقترحة. وبحسب البنك المركزي أيضاً، فقد بلغ «التوسع في الإنفاق العام» للحكومتين في طرابلس (غرب) وبنغازي (شرق) مستويات قياسية، وصلت إلى 270 مليار دينار (قرابة 50 مليار دولار)، متوقعاً بلوغه 330 مليار دينار نهاية العام الحالي.

وفي هذا الخصوص، يقول الخبير في الشؤون الليبية، جلال حرشاوي، إنه «من خلال الكشف في السادس من الشهر الجاري عن النطاق المثير للقلق للإنفاق العام في عام 2024 في طرابلس وبنغازي، ثم خفضه قيمة الدينار، فإن بنك ليبيا المركزي لا يواجه سوى العواقب الحتمية للاختيارات السياسية للمعسكرين الحاكمين في ليبيا». ويضيف حرشاوي في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «هذه النفقات الضخمة سياسية، وعشوائية وغير مستدامة إلى حد كبير؛ فهي لا يتم تحديدها من قبل مصرف ليبيا المركزي، وهو مؤسسة تكنوقراطية لا تتمتع بالنفوذ العسكري والاجتماعي والسياسي الذي يتمتع به القادة الليبيون».

وإثر إعلانه خفض قيمة العملة، تعرض المصرف المركزي لانتقادات شديدة من الحكومتين، وكذلك من المواطنين؛ إذ تظاهر في طرابلس عشرات الليبيين هذا الأسبوع أمام مقره للتعبير عن استيائهم.

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية (الاستقرار)
أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية (الاستقرار)

ويعتقد المصرفي السابق، أنور التركي، أن البنك المركزي يواصل تلقي الضربات من الحكومتين المتنازعتين، عبر قيامهما بأكبر «عملية إنفاق مالي في تاريخ ليبيا، لا تراعي الحوكمة الرشيدة، ولا الامتثال (المالي) و(مكافحة) الفساد». ويلفت إلى أن تدخل البنك المركزي قد يبدو للبعض «كارثياً»، لكنه حاسم لـ«إنقاذ الأصول والاحتياطات النقدية، والإنفاق الحكومي الذي يتجه لإفراغ (المركزي) وسقوطه». ويرى حرشاوي أن «انخفاض قيمة الدينار هو نتيجة حتمية للإنفاق غير المعقول؛ ما ينعكس في الواقع على التضخم الذي يواجهه الليبيون». ويحذّر من أنه «مع الانخفاض الحالي في أسعار النفط، فإن البنك المركزي الليبي مهدد بأن يصبح كبش فداء مرة أخرى»، في حين أنه من الضروري «معالجة الأسباب الكامنة وراء الاختلالات الاقتصادية بشكل مباشر».