الجيش السوداني يقصف «الدعم» شرق الخرطوم

تحذيرات أممية من تدهور الأوضاع شمال دارفور

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرقي البلاد (أرشيفية- سونا)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرقي البلاد (أرشيفية- سونا)
TT

الجيش السوداني يقصف «الدعم» شرق الخرطوم

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرقي البلاد (أرشيفية- سونا)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرقي البلاد (أرشيفية- سونا)

قصف الجيش السوداني بالطائرات المُسيرة مواقع «قوات الدعم السريع» في منطقة شرق النيل، وأحياء المعمورة، والمنشية، والجريف بشرق الخرطوم، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية، في وقت تصاعدت التحذيرات الأممية من تدهور الأوضاع الإنسانية شمال دارفور (غرب البلاد).

ويترقب المتابعون للشأن السوداني، انطلاقة قريبة لجولة جديدة من «مباحثات جدة» بين طرفي الحرب في السودان، والتي قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو، مساء (الاثنين) إن «السعودية ستستضيفها خلال 3 أسابيع».

وقال بيريليو، عبر حسابه في منصة «إكس» بعد اجتماعه بنائب وزير الخارجية السعودي وليد بن عبد الكريم الخريجي، إن «الحرب على الشعب السوداني يجب أن تنتهي الآن». وأضاف: «نظراً للحاجة الملحّة إلى السلام فإننا نرحب بقرار المملكة العربية السعودية باستئناف محادثات جدة في غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة».

واندلع القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخامس عشر من أبريل (نيسان) 2023 بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين بسبب خلافات حول خطط لدمج «الدعم السريع»، في وقت كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.

دارفور

وفي سياق متصل، أكد نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية للسودان طوبي هارورد، (الثلاثاء)، أن «الأوضاع الإنسانية تتدهور في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، والمدينة بحاجة عاجلة إلى مساعدات إنسانية في ظل معاناة سكانها من الجوع وانعدام الأمن الغذائي والتشرد وانعدام الحماية».

وقال هارورد لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إنه «يجب توفير مساعدات إنسانية بأسرع وقت ممكن لأن الوضع الإنساني يتدهور والناس في الفاشر يعانون انعدام الغذاء والجوعَ والمأوى والحماية».

لاجئون سودانيون يتجمعون بينما تساعد فرق من «أطباء بلا حدود» جرحى الحرب من غرب دارفور بالسودان في مستشفى أدري بدولة تشاد 16 يونيو 2023 (رويترز)

وأضاف: «زرت الفاشر قبل أسبوع، وكانت زيارة مهمة ومثمرة جداً، وتحدثنا مع كل السلطات... وكان مهماً جداً للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والأطراف الإنسانية أن تتكلم مع كل الأطراف المتحاربة في دارفور وفي السودان».

وأردف: «يجب بذل كل الجهود لتوفير المساعدات من كل المسارات، لدينا مسار مهم جداً من بورتسودان إلى الدبة إلى الفاشر، ولدينا مسار مهم جداً من الطينة إلى مليط إلى الفاشر، ولدينا مسار من عطبرة إلى الجنينة وزالنجي ونيالا».

وشدد هارورد على ضرورة التنسيق مع الأطراف السودانية المتحاربة، وقال: «نحن في الأمم المتحدة ملتزمون توفير المساعدات الإنسانية ولكن لا نستطيع توفيرها من دون وصول كامل (إلى هذه المساعدات)، مع التنسيق والتعاون مع الأطراف، كالقوات السودانية و(قوات الدعم السريع) والقوات المشتركة وبالتأكيد مع الحكومة في بورتسودان»

تمويل ونازحون

واستعرض هارورد بعض التحديات أمام العمل الإنساني في السودان، وقال: «نحن بحاجة أكثر إلى موارد مالية، حيث -للأسف الشديد- يوجّه المجتمع الدولي انتباهه إلى أوكرانيا وإلى قطاع غزة والشرق الأوسط، ولا يوجد اهتمام كافٍ بالوضع في السودان».

وأضاف: «بكل صراحة، الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ليس لديها التمويل الكافي للاستجابة للأزمة الحالية في السودان، ولذلك، وبعد مرور عام واحد على اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان)، ندعو المجتمع الدولي لزيادة مبلغ التمويل وكمية المساعدات لتمكين الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية للاستجابة للأزمة الإنسانية في دارفور وفي السودان».

مشاركون في اجتماع باريس حول السودان خلال مؤتمر صحافي الاثنين (رويترز)

كان عباس محمد مفوض العون الإنساني بولاية شمال دارفور، قد حذّر (الاثنين) من أن الأوضاع الإنسانية في الولاية صعبة للغاية، وقال إن «عدد النازحين يفوق المليون و400 ألف فرد. فهذه الولاية استضافت نازحين من ولايات أخرى، جنوب وغرب ووسط وشرق دارفور، ومدن السودان المختلفة».

وقالت «نقابة أطباء السودان»، (الاثنين)، إن عدد القتلى جراء الاشتباكات بمدينة الفاشر التي تدور منذ ظهر الأحد الماضي، بلغ 6 فيما أُصيب 61 شخصاً بولاية شمال دارفور غرب البلاد.


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».