«مؤتمر باريس» يعزز آمال السودانيين... ويتعهد بمساهمات مالية اقتربت من مليار يورو

السعودية: السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة يتمثل في «حلّ سياسي داخلي»

جانب من المؤتمر الصحافي لاجتماع باريس حول السودان في الذكرى الأولى لاندلاع الحرب (رويترز)
جانب من المؤتمر الصحافي لاجتماع باريس حول السودان في الذكرى الأولى لاندلاع الحرب (رويترز)
TT

«مؤتمر باريس» يعزز آمال السودانيين... ويتعهد بمساهمات مالية اقتربت من مليار يورو

جانب من المؤتمر الصحافي لاجتماع باريس حول السودان في الذكرى الأولى لاندلاع الحرب (رويترز)
جانب من المؤتمر الصحافي لاجتماع باريس حول السودان في الذكرى الأولى لاندلاع الحرب (رويترز)

للمرة الثانية، تسخر باريس جهازها الدبلوماسي من أجل مؤتمر لدعم السودان وتعزيز آماله في العودة إلى الاستقرار وإنهاء الحرب التي اندلعت قبل عام كامل، ولم تنجح الوساطات المتعددة في إطفائها حتى تاريخه. ولهذا الغرض استعانت فرنسا بألمانيا وبالاتحاد الأوروبي، من أجل تنظيم مؤتمر ثلاثي الأبعاد، سياسي وإنساني واجتماعي، بحيث دعت إليه عشرات الدول والمنظمات الدولية والإقليمية وممثلي المجتمع المدني السوداني، بعيداً عن الفريقين المتناحرين؛ أي الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، ما دفع الحكومة السودانية لرفع الصوت والاحتجاج على استبعادها.

وقالت باريس قبل انطلاق المؤتمر، إنه منذ بدء المؤتمر تواتر الإعلان عن مساعدات كبيرة، حيث اقتربت المساهمات من سقف 850 مليون يورو، (350 من الاتحاد الأوروبي و244 من ألمانيا و110 ملايين من فرنسا والولايات المتحدة 147 مليون دولار).

وفي الشق السياسي، استضافت وزارة الخارجية الفرنسية اجتماعاً ضم مجموعة واسعة من الوزراء، إلى جانب وزراء خارجية فرنسا وألمانيا، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وضمت المجموعة وزراء وممثلين لدول جوار السودان؛ مصر وجنوب السودان وإثيوبيا وتشاد وليبيا وكينيا وجيبوتي، ووزراء ومسؤولين من المملكة السعودية والإمارات، وممثلين لدول غربية؛ الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، إضافة إلى ممثلين للمنظمات الإقليمية؛ الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي و«إيغاد» ومجموعة دول شرق أفريقيا.

الاجتماع السياسي في مقر وزارة الخارجية صباح الاثنين بحضور ممثلي 20 دولة وعدد من المنظمات الإقليمية (إ.ب.أ)

السودان في طور الانهيار

في كلمته الافتتاحية التي سبقت الاجتماع السياسي المغلق، بمقر «الخارجية»، حدد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه 3 أهداف للمؤتمر: تعبئة الموارد المالية للاستجابة لحاجات السودان الإنسانية ولدول النزوح، مذكراً بأن الاستجابة لما طلبته الأمم المتحدة لم تتعدَّ سقف 5 في المائة، مشيراً إلى العوائق التي تحول دون وصول المساعدات.

وذكر سيجورنيه أن 27 مليون سوداني؛ أي ما يساوي نصف سكان البلاد؛ يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 15 مليون طفل. وأفضت الحرب إلى نزوح 1.8 مليون شخص خارج السودان، بينما النازحون في الداخل يصل عديدهم إلى 6.7 مليون شخص. أما أعداد القتلى والجرحى فتصل إلى عشرات الآلاف.

والهدف الثاني سياسي؛ وعنوانه دعم الوساطات القائمة لوضع حد للحرب وتحسين التنسيق بين الأطراف الدولية، مشيراً إلى أن بياناً سيصدر مع نهاية الاجتماع للتأكيد على 3 أهداف: إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، والتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار، وضمان العودة إلى مسار الانتقال الديمقراطي بقيادة حكومة مدنية.

والهدف الثالث العمل على إسماع صوت المدنيين ومنظمات المجتمع المدني الذين دعوا إلى معهد العالم العربي من أجل منتدى استمر طوال يوم الاثنين. وترى باريس، وهو ما حاز موافقة ودعم الأطراف الآخرين في المؤتمر، أنه تتعين «مواكبة» أنشطة المدنيين السودانيين المفترض أن تفضي إلى قيام بلد يتمتع بالحرية والسلام والعدالة، فضلاً عن دعم ومساندة الطموحات الديمقراطية للشعب السوداني.

وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا أنجلينا بيربوك وستيفان سيجورنيه ومسؤول السياسة الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل في استقبال وزير الدولة الإماراتي الشيخ شخبوط نهيان آل نهيان في مقر «الخارجية» الفرنسية (إ.ب.أ)

العبرة من المؤتمر

والعبرة من المؤتمر، وفق سيجورنيه، تكمن في «إعادة وضع السودان على الأجندة الدولية» بعد أن غيبته الحروب الأخرى، ومنها الحرب الأوكرانية وحرب غزة. وختم سيجورنيه قائلاً: «نريد كسر حاجز الصمت الذي يلف النواة وتعبئة الأسرة الدولية لدعم السودانيين»، الذين هم «ضحية النسيان واللامبالاة».

وكانت كلمة سيجورنيه مغرقة بالدبلوماسية، بعكس كلمتي ممثلي الاتحاد الأوروبي وكلمة نظيرته الألمانية. فمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل وجه سهامه للبرهان و«حميدتي» اللذين «دفعا السودان إلى حافة الهاوية» بسبب «حربهما للحيازة على السلطة»، داعياً إلى «ممارسة مزيد من الضغوط الدولية عليهما من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار».

وبحسب بوريل، وحدها هذه الضغوط يمكن أن تكون مفيدة من غير أن يستبعد «فرض عقوبات على معرقلي مسار السلام». وعدّ بوريل أن هناك كثيراً من المبادرات السلمية المتداخلة التي لا يحصل تنسيق بينها، ما يتيح لفريقي النزاع المماطلة والتهرب. فضلاً عن ذلك، فإن بوريل يستعجل التوصل إلى «هدنة إنسانيةّ» لإتاحة المجال أمام عمل الهيئات الإنسانية في السودان وخارجه، وخلاصته أنه حان الوقت لوضع حد لكثرة الكلام وتكثيف العمل الميداني.

أما المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيس لينارسيش، فقد ذهب أبعد من ذلك، إذ أكد أن الحرب الدائرة «سببها جنون رجلين (البرهان وحميدتي) إلا أنها تصيب 50 مليون سوداني». وأضاف أن اجتماع باريس غرضه «تذكير العالم بمآسي هؤلاء وإبراز أن أوروبا منخرطة في التخفيف من آلامهم ولدعم دول الجوار المتأثرة بالنزوح، ولوضع حد لهذا الجنون وللكارثة الإنسانية».

وحذر المسؤول الأوروبي من أن السودان «في طور الانهيار وهو يعاني من أكبر أزمة إنسانية عرفتها القارة الأفريقية، ويعاني أيضاً من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان». وبنظره، لا يمكن «وضع حد لهذا الوضع من غير انخراط الأسرة الدولية». وكبادرة، أعلن لينارسيش أن الاتحاد سيوفر 355 مليون يورو مساعدات للعام الحالي.

مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ووزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه يحضران مؤتمراً صحافياً كجزء من المؤتمر الإنساني الدولي للسودان والدول المجاورة (رويترز)

صراع على حساب الشعب

من جانبها، نددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، بـ«الصراع على السلطة على حساب الشعب السوداني»، وحثت على ممارسة الضغوط الدولية لحمل المتحاربين على العودة إلى طاولة المفاوضات. وتوقفت ملياً عند وصف معاناة السودانيين، حيث هناك مليون شخص يمكن أن يموتوا بسبب الجوع. بيد أن التأثر بدا جلياً على وجهها عند حديثها إلى ما تعانيه النساء اللائي يتعرضن لكل أنواع الإهانة، بما فيها الاغتصاب. وأكدت أن برلين ستقدم 244 مليون يورو مساعدات.

وكان وزير الخارجية الأميركي قد نبه، في كلمة على منصة «إكس»، إلى أن 220 ألف طفل قد يفقدون الحياة في الأشهر المقبلة بسبب سوء التغذية، مذكراً بأن الأمم المتحدة تعدّ السودان على شفا المجاعة. واتهم بلينكن الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» بعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في البلاد، و«نهب» المساعدات التي تصل إلى السودان وارتكاب «جرائم حرب» تشمل الاغتصاب والتعذيب والقتل خارج إطار القانون وانتهاك حقوق الإنسان.

وحذر من أن واشنطن «ستعزز الجهود من أجل محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والفظائع الأخرى من قوات (الدعم السريع) والجيش السوداني، بما في ذلك من خلال تشديد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الأفراد والمؤسسات والكيانات الأخرى المسؤولة عن الانتهاكات».

قائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان (رويترز)

حل داخلي

وفي كلمته باسم المملكة السعودية، أوضح نائب وزير الخارجية المهندس وليد بن عبد الكريم الخريجي، أن السبيل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة والمعاناة المتفاقمة هو عبر حلّ سياسي داخلي (سوداني - سوداني) يحترم سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، ويُفضي إلى وقف لإطلاق النار للحفاظ على مقدرات هذا البلد ومؤسساته الوطنية من الانهيار.

وجدد المسؤول السعودي ترحيب بلاده بجميع الجهود الإقليمية والدولية الرامية لحل الأزمة، وعزمها مواصلة الجهود لرعاية المباحثات، من خلال منبر جدة، من أجل تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية، لوقف إطلاق النار وعودة الحوار السياسي لتحقيق السلام والاستقرار في السودان. وشارك من السعودية أيضاً رئيس مركز الملك سلمان للإغاثة، عبد الله بن عبد العزيز الربيعي.

ومن جانبه، نبه الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، إلى أنه من غير توافر «الشروط السياسية والعسكرية لتحقيق وقف إطلاق نار شامل سيظل إنشاء منبر تفاوضي ناجح بين الأطراف السياسية أملاً صعب المنال»، مضيفاً أنه من غير هذه الشروط «ستتعمق معاناة الشعب السوداني وسيدخل السودان نفقاً سبقته إليه دول أخرى علت فيها مصالح أمراء الحرب وانتماءاتهم الجهوية والإثنية والقبلية على حساب الانتماء للدولة والمواطنة الرشيدة، لتصبح ساحة جذب لكل فكر متطرف أو أنشطة خارج القانون». بيد أن الدعوات الدولية استبقتها تصريحات لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، جاء فيها أنه لا سلم ولا مفاوضات مع وجود قوات «الدعم السريع»، مضيفاً أن «القوات المسلحة حلها واحد؛ دحر هذا التمرد، وهذا رأي الشعب السوداني، ونحن ننفذ تعليمات شعبنا العظيم».

المساعدات الإنسانية

تعكس تصريحات المديرة التنفيذية لـ«برنامج الأغذية العالمي» التابع للأمم المتحدة، سندي ماكين، الكارثة الإنسانية في السودان، إذ قالت على هامش أعمال المؤتمر في باريس، إن أزمة السودان هي «الأكبر والأقسى التي عرفها العالم إطلاقاً»، عادّة الوضع «كارثياً»، و«الجوع يعم في كل مكان»، وأنه «لو أعلنت حالة المجاعة، فإننا نكون قد تأخرنا كثيراً».

ومنذ بداية العام، طلبت الأمم المتحدة مساعدات إنسانية للسودان تبلغ 3.8 مليار يورو، لكن ما توفر منها حتى اليوم لا يزيد على 5 في المائة. وقبل انتهاء المؤتمر، أفاد مصدر دبلوماسي بأن المأمول أن يتعهد المانحون بتقديم «أكثر من مليار يورو»، ما يعني أن الاستجابة التامة لما طلبته الأمم المتحدة ما زالت بعيدة جداً. وتسعى المنظمة الدولية للحصول على 1.4 مليار دولار أخرى للمساعدات في البلدان المجاورة التي تؤوي مئات الآلاف من اللاجئين.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)
مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)
TT

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)
مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

في إطار الجهود المصرية لمكافحة «الهجرة غير المشروعة»، تنظم وزارة الخارجية والهجرة جولات ميدانية في المحافظات بهدف «تجفيف منابع الظاهرة».

وأجرى نائب وزير الخارجية والهجرة المصري، السفير نبيل حبشي، ورئيسة «اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير المشروعة والاتجار في البشر»، السفيرة نائلة جبر، زيارة إلى محافظة أسيوط (صعيد مصر)، الخميس والجمعة، بغرض «التوعية بمخاطر الظاهرة والتعريف بالبدائل الإيجابية الآمنة».

وتشير الحكومة المصرية، بشكل متكرر، إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين». وأكدت مصر في يونيو (حزيران) الماضي، «نجاحها في مواجهة الظاهرة؛ إذ لم يبحر أي مركب غير شرعي من سواحلها منذ 8 سنوات».

ووجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نهاية 2019 بإطلاق مبادرة «مراكب النجاة» للتوعية بمخاطر «الهجرة غير المشروعة» على الشواطئ المصدرة للهجرة. واستهدفت المبادرة حينها «تحقيق حياة كريمة للمواطن المصري والحفاظ على حياته».

ووفق إفادة لـ«الخارجية والهجرة المصرية»، فإن زيارة محافظة أسيوط تأتي ضمن الزيارات الميدانية التي تستهدف الوزارة خلالها المحافظات الأكثر تصديراً لـ«الهجرة غير المشروعة» في ربوع البلاد.

جانب من لقاءات وزارة الخارجية والهجرة المصرية مع قيادات محافظة أسيوط (الخارجية والهجرة المصرية)

والتقى حبشي وجبر، الخميس، محافظ أسيوط، هشام أبو النصر، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، والقيادات المؤثرة بالمحافظة، والأجهزة التنفيذية، فضلاً عن لقاء 1500 شخص من الشباب والأسر، حيث تم مناقشة أبعاد الظاهرة كافة.

وقال حبشي خلال ندوة بجامعة أسيوط، الجمعة، إن زيارة أسيوط تعد «أول زيارة ميدانية بعد ضم وزارتي الخارجية والهجرة، وتأتي لنشر التوعية بخطورة الظاهرة وعواقبها المأساوية على الأسر المصرية»، واستعرض أهم الأسباب التي تدعو الشباب إلى «الهجرة غير المشروعة»، التي من بينها «قلة فرص العمل وانخفاض الأجور، وسيطرة العصابات المنظمة لـ(الهجرة) على عقول الشباب».

فيما أشارت جبر إلى ضرورة تحقيق التنمية الشاملة باعتبارها حجر الأساس في التصدي للظاهرة، والتوسع في إنشاء المدارس الفنية والتكنولوجية نظراً لأهميتها في تخريج عمالة مُدربة ومؤهلة تدعم سوق العمل، والارتقاء بالمرأة وتمكينها اجتماعياً واقتصادياً وتعزيز دورها التوجيهي.

وأكدت أن «مصر كانت من أوائل الدول التي جرّمت الظاهرة بوضع الأطر القانونية لمكافحتها؛ حفاظاً على أرواح الشباب»، مضيفة أن المساعي المصرية أسهمت في خفض معدلات «الهجرة غير النظامية»، ودفعت الشباب إلى البحث عن «بدائل آمنة» لتحسين مستوى المعيشة داخل وطنهم.

وتطبّق مصر منذ عام 2016 قانوناً للحد من «الهجرة غير المشروعة»؛ إذ يُعاقب بـ«السجن المُشدد وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف جنيه، كل مَن ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في ذلك» (الدولار الأميركي يساوي 49.60 جنيه في البنوك المصرية).

حضور ندوة جامعة أسيوط عن «مخاطر الهجرة غير المشروعة» (المحافظة)

وحسب محافظ أسيوط، الجمعة، فإن المحافظة تسعى نحو تعزيز أطر التعاون مع الكثير من المؤسسات الصناعية لعقد ورش العمل والدورات التدريبية للشباب والفتيات للتدريب على المهن الحرفية والصناعات اليدوية لتكون مصدراً للدخل بما يسهم في تحسين مستوى المعيشة، ويقضي على أفكار «الهجرة غير المشروعة» لديهم.

ولفت إلى أن مكافحة الظاهرة هي أهم مستهدفات المبادرة الرئاسية «مراكب النجاة» والهادفة إلى توعية وتدريب الفئات الأكثر احتياجاً للتعريف بمخاطر الظاهرة وبدائلها الآمنة، وذلك وفق خطة موضوعة تشمل عدداً من المحافظات بجانب توفير برامج التدريب والتأهيل لسوق العمل.

رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أكد في تصريحات الشهر الماضي، أن «الهجرة غير المشروعة» تُعد قضية مشتركة، ولا يمكن لأي دولة أن تتصدى لها بمفردها، داعياً المجتمع الدولي إلى «تكثيف التعاون والعمل المشترك لدعم جهود الدول في مكافحة ومنع الظاهرة».

وتنسق مصر والاتحاد الأوروبي لمجابهة «الهجرة غير المشروعة». وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018، وقّعت مصر اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» وتهريب الأشخاص والاتجار بالبشر، تضمنت 7 مشروعات في 15 محافظة مصرية لمعالجة الأسباب الرئيسية المسببة للظاهرة.