مبعوث بوتين يزور الجزائر وسط مخاوف من تعاظم نشاط «فاغنر» بالساحل

تعارض في مواقف الطرفين إزاء مالي والنيجر

وزير خارجية الجزائر مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي (الخارجية الجزائرية)
TT

مبعوث بوتين يزور الجزائر وسط مخاوف من تعاظم نشاط «فاغنر» بالساحل

وزير خارجية الجزائر مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي (الخارجية الجزائرية)

بحث نائب وزير الخارجية الروسي، المبعوث الخاص للرئيس فلاديمير بوتين للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، مع كبار المسؤولين الجزائريين، الأحد السبت، في متابعة تنفيذ الاتفاقات التي تم إبرامها خلال زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى موسكو، الصيف الماضي، والأوضاع الأمنية في منطقة الساحل خصوصاً في مالي والنيجر.

وبدأ بوغدانوف مباحثاته مع وزير الخارجية أحمد عطاف، مباشرة بعد وصوله إلى الجزائر، التي تناولت «علاقات التعاون والشراكة، وسبل تعزيزها وتوسيعها أكثر بما يستجيب لتطلعات البلدين الصديقين»، وفق ما أورده بيان للخارجية الجزائرية، الذي أكد أن المسؤولين الجزائري والروسي «تبادلا وجهات النظر حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما مستجدات الأوضاع في منطقة الساحل الصحراوي، إلى جانب التطورات الخطيرة التي تشهدها القضية الفلسطينية».

مباحثات جزائرية - روسية تناولت الأوضاع في الساحل (الخارجية الجزائرية)

من جهتها، ذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان، أن الجانبين «أشادا بالمستوى العالي للعلاقات الثنائية»، وبـ«درجة الحوار السياسي والتنسيق بين موسكو والجزائر، في مختلف المجالات متعددة الأطراف، بما في ذلك في مجلس الأمن الدولي، وفي إطار (أوبك بلس)، ومنتدى الدول المصدرة للغاز».

وأفادت بأن «الجانبين أكدا موقفهما الداعم لطلب فلسطين الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وأهمية توحيد الجهود الدولية للوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة... وأن موسكو والجزائر تشددان على موقفهما الداعم لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».

وتابع بيان الخارجية الروسية، أن بوغدانوف وعطاف «اتفقا على مواصلة الجهود المشتركة لتطبيع وتكثيف العلاقات العسكرية والسياسية، في بلدان منطقة الصحراء والساحل».

الحاكم العسكري في مالي مستقبلاً وفداً دبلوماسياً وأمنياً جزائرياً في أبريل 2023 (الخارجية الجزائرية)

وقالت مصادر سياسية مهتمة بالمباحثات التي يجريها المسؤول الروسي بالجزائر، إن مسؤوليها «لم يخفوا قلقهم من التدخلات الأجنبية في منطقة الساحل»، وتحديداً مالي والنيجر. وترى الجزائر، حسب المصادر ذاتها، أن «لبلدان المنطقة خصوصيات ثقافية ومجتمعية مختلفة عن أي منطقة أخرى»، وأن «محاولات فرض أجندات سياسية أجنبية عنها، ستزيد المشاكل التي تعيشها صعوبة، وفوق ذلك تعطي فرصاً للجماعات المتطرفة لتصعيد أعمالها المسلحة بالمنطقة، بداعي الجهاد».

وكانت الجزائر احتجت، بشكل غير مباشر، على الدعم الفني واللوجستي الذي قدمته مجموعات «فاغنر» الموالية لموسكو، للسلطة العسكرية بمالي، في تنفيذ هجوم على معاقل المعارضة المسلحة في شمال البلاد، شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والذي مهّد لإعلان باماكو وقف العمل بـ«اتفاق السلام» الذي وقعه طرفا الصراع بالجزائر في 2015.

كما أن رئيس السلطة الانتقالية العقيد عاصيمي غويتا اتهم الجزائر بـ«احتضان إرهابيين»، وهم قادة تنظيم «أزواد» المعارضون الموقعون على «اتفاق السلام»، وهددها بتقديم السند لعناصر تنظيم انفصالي من منطقة القبائل الجزائرية، إن لم تتوقف عن استقبالهم في أرضها.

الرئيسان الروسي والجزائري في الكرملين 17 يونيو 2023 (الرئاسة الجزائرية)

ويعتقد الجزائريون أن غويتا لم يكن ليقدم على هذه الخطوة، لولا شعوره بالقوة التي يستفيد منها بفضل تحالفه مع «فاغنر».

كما تتابع الجزائر بقلق، تحالفاً مشابهاً بين المجموعة شبه المسلحة التابعة لروسيا، والسلطة العسكرية في النيجر، التي استقبلت الأربعاء الماضي منظومة دفاع حديثة من موسكو، مرفقة بمدربين من «فاغنر».

وفي نظر مراقبين محليين، تعد الجزائر أن حليفها الاستراتيجي منذ عهد الاتحاد السوفياتي، «تصرّف بشكل غير ودي معها في مسائل مرتبطة بشكل مباشر بأمنها القومي في منطقة الساحل». ولفت هؤلاء إلى أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، كان اتفق مع الرئيس بوتين خلال زيارته إلى موسكو في يونيو الماضي، على «التشاور والتنسيق فيما يخص شؤون منطقة الساحل».


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
TT

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)
تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

هاجم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وجهاء النظام من فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من دون تسمية أحدهم، قائلاً إن «العصابة وأبواقها سممت الأوضاع على المسيرين النزهاء في الجزائر».

وكان الرئيس يتحدث إلى جمع من القضاة ورجال القانون، الاثنين، بمقر «المحكمة العليا» بالعاصمة، بمناسبة بدء «السنة القضائية»، حيث أكد أن «الجزائر استكملت بناء منظومة قضائية جمهورية، مُحصّنة بثقة الشعب»، في إشارة إلى مؤسسات جديدة جاء بها دستور سنة 2020، تتمثل أساساً في «المحكمة الدستورية» التي استخلفت «المجلس الدستوري»، وهي أعلى هيئة قضائية مكلفة بدارسة مدى مطابقة القوانين مع الدستور.

تبون أثناء خطابه في المحكمة العليا (الرئاسة)

وعندما أشار إلى «العصابة» و«المسيرين النزهاء»، فهو يقصد سجن عشرات الكوادر في الشركات والأجهزة الحكومية، بتهم «اختلاس مال عام»، و«استعمال النفوذ بغرض التربح غير المشروع»، وبأن ذلك تم بسبب «مؤامرات ودسائس»، كان وراءها مسؤولون في الحكم، بينما هم بريئون من هذه التهم، في تقدير الرئيس.

وأكد تبون بهذا الخصوص: «منذ سريان الدستور الجديد، تعززت مكانة العدالة وتجذرت بأحكامه استقلالية القضاء».

ويشار إلى أن كثيراً من المحامين والمنظمات الحقوقية، ترى عكس ما يقول تبون، فغالباً ما احتجت على «خضوع القضاة لإملاءات فوقية»، بشأن معالجة ملفات فساد وملاحقة مسؤولين بارزين من فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019). زيادة على التنديد بسجن نحو 200 ناشط من الحراك الشعبي، فهم في نظرهم سجناء رأي، بينما تبون نفسه يرفض التسليم لهم بهذه الصفة، وبأن التهم التي وجهتها لهم النيابة ليست سياسية، كما تقول أحزاب المعارضة.

وبحسب تبون، فإن «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة... فلكم مني أفضل تحية». وأضاف: «يمكنني التحدث باطمئنان عن الخطوات التي قطعناها، لاستعادة ثقة الدولة وتوطيد مقتضيات الحوكمة».

الرئيس أثناء إطلاقه السنة القضائية الجديدة (الرئاسة)

ويأتي حديث تبون عن أداء القضاء، في سياق جدل حول إطلاق متابعة قضائية ضد الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، بتهمة «سرقة قصة» امرأة جزائرية من ضحايا الإرهاب، وإسقاطها في روايته «حوريات» التي نال بها جائزة «غونكور» الفرنسية المرموقة.

وتناول تبون في خطابه، نصوصاً تشريعية كثيرة صدرت هذا العام، عددها 12، وأبرزها تعديل قانون العقوبات، فقال إنه «جسّد وعوده التي تعهد بها أمام الشعب بخصوص أخلقة الحياة العامة، ومكافحة الفساد والانحرافات بلا هوادة»، مشيداً «بالتزام المنتسبين لقطاع العدالة وبحرصهم على أداء الواجب الأخلاقي والمهني، وإدراكهم للأمانة الملقاة عليهم في سبيل إرساء دولة القانون».

ووفق تبون، فقد بذلت الحكومة «جهوداً من أجل تحديث ورقمنة قطاع العدالة»، وأن ذلك تجلى، حسبه، في «حسن مستوى الأداء، وتجاوز الأساليب التقليدية البيروقراطية... ويحذوني اليقين بمزيد من الإنجازات في قطاع العدالة بالفترة المقبلة، وبخاصة في مجالي التحديث والرقمنة». وتابع أنه يتعهد «بحل كل المشاكل الاجتماعية والشخصية والعائلية للقضاة، ليؤدوا مهامهم النبيلة على أكمل وجه».

وتطرق تبون إلى مذكرات الاعتقال التي أصدرتها حديثاً، المحكمة الجنائية الدولية، ضد مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، بناء على تهم تخص الجرائم التي ارتكبوها في غزة، مؤكداً أن «نداء الجزائر سمع من طرف قتلة الشعب الفلسطيني... فالشكر لهؤلاء الرجال النزهاء عبر العالم، ومنهم إخواننا في جنوب أفريقيا».