استياء جزائري من «محاولات أجنبية لتعكير العلاقات» مع النيجر

إثر احتجاج نيامي على «هدر كرامة مهاجرين» أثناء ترحيلهم

السفير الجزائري لدى استدعائه بوزارة خارجية النيجر (الخارجية النيجرية)
السفير الجزائري لدى استدعائه بوزارة خارجية النيجر (الخارجية النيجرية)
TT

استياء جزائري من «محاولات أجنبية لتعكير العلاقات» مع النيجر

السفير الجزائري لدى استدعائه بوزارة خارجية النيجر (الخارجية النيجرية)
السفير الجزائري لدى استدعائه بوزارة خارجية النيجر (الخارجية النيجرية)

ندّد حزب جزائري، مشارك في الحكومة، بـ«حملة مغرضة تغذيها أطراف أجنبية تحاول تعكير العلاقات بين الجزائر والنيجر»، على إثر استدعاء نيامي سفير الجزائر لديها للاحتجاج على «الظروف غير الإنسانية» خلال عمليات ترحيل مهاجرين من دول الساحل إليها، ومن بينهم رعايا نيجريون.

وقال عبد القادر بن قرينة، رئيس «حركة البناء الوطني»، في بيان الجمعة، إن حزبه «يستنكر ما تم تداوله من افتراءات على الجزائر، بدعوى عمليات ترحيل مهاجرين غير شرعيين في ظروف غير مناسبة»، معبراً عن أسفه لـ«استدعاء سفير الجزائر في الجار النيجر على خلفية هذه الافتراءات». وأشار إلى «حملة مغرضة تغذيها أطراف خارجية، تريد تعكير العلاقات الأخوية بين الشعبين في ظل المحنة الصعبة التي تجتازها جمهورية النيجر الشقيقة، بعد الانقلاب الأخير في ظل غياب أي أفق للعودة إلى الشرعية الشعبية».

وفيما لم يذكر بن قرينة من هي «الأطراف الخارجية»، كان «المجلس الأعلى للأمن» في الجزائر، اتهم مطلع العام «بلداً شقيقاً» بـ«القيام بتصرفات عدائية ضدنا»، وكان يشير إلى تدهور مفاجئ لعلاقة الجزائر مع مالي، لكن من دون تسمية هذا البلد.

صورة أرشيفية لمهاجرين نيجريين خلال عبورهم الحدود الجزائرية (مواقع مهتمة بالهجرة السرية)

ووفق بن قرينة، وهو وزير سابق، تواجه الجزائر تحديات أمنية كبيرة فرضتها عليها «الهجرة غير الشرعية والنزوح القسري والاتجار بالبشر، مع الزيادة المذهلة لتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين في السنوات الأخيرة، على حدود خاصرتنا الجنوبية المحاذية لمنطقة الساحل، بسبب الاضطرابات والانقلابات والوضع الأمني المتردي ومحاولات زعزعة الاستقرار في هذه المنطقة»، محذراً من «تفاقم نشاط الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة، بما يبرر إجراءات احتياطية يمكن أن تتخذها الجزائر، لمواجهة هذه الظاهرة المقلقة التي تمس أمن كامل المنطقة، وليس أمننا فقط». كما حذّر الدول المجاورة من «ارتهانها لأي جهة أو محور خارجي أو كيانات وظيفية تدفعها لمغامرات أو استفزازات تمتحن بها حلم الجزائر».

استدعاء الخارجية النيجرية ممثلة المنظمة الدولية للهجرة (الخارجية النيجرية)

واستدعت الخارجية النيجرية، الأربعاء، سفير الجزائر لديها مهدي بخدة، بشأن «ترحيل الرعايا النيجريين المقيمين بطريقة غير نظامية من الجزائر»، حسب بيان لها أكدت فيه أن عمليات الترحيل «تمت في ظروف سادها عدم احترام للقواعد الإنسانية، وبما يمسّ بكرامة وسلامة الرعايا النيجريين».

وأوضح البيان أنه تم إبلاغ السفير بـ«حمل رسالة إلى سلطات بلاده، بشأن طريقة تعامل مصالح الأمن الجزائرية مع المهاجرين، وبأن تنفيذ عمليات ترحيل الرعايا والمهاجرين غير النظاميين، المقررة من قبل السلطات الجزائرية، يجب أن تتم في كنف الاحترام، وتأخذ بعين الاعتبار العلاقات الودية بين الشعبين».

وكذلك استدعت الخارجية، الخميس، مديرة مكتب «المنظمة الدولية للهجرة» في نيامي، ولفتت انتباهها إلى «المسّ بكرامة المهاجرين أثناء ترحيلهم من الجزائر».

رئيس النيجر محمد بازوم لدى زيارته الجزائر قبل عام من عزله في انقلاب عسكري (الرئاسة الجزائرية)

وشهدت الجزائر في السنوات الأخيرة موجات هجرة كبيرة من دول الساحل وغرب أفريقيا، خصوصاً من النيجر الحدودي، تفاقمت بعد الانقلاب العسكري الذي وقع الصيف الماضي في البلاد، حيث ألغى الانقلابيون العمل بقانون يجرّم الهجرة السرّية. وجاء في تقارير لوزارة الداخلية الجزائرية أنها رحّلت آلافاً منهم، في الأشهر الأخيرة، باتفاق مع سلطات النيجر. وأكدت في مناسبات أن عمليات الترحيل «جرت في إطار احترام الحقوق الإنسانية للأشخاص المرحلين، وطبقاً للالتزامات الدولية التي تعهدت بها الجزائر».

سفير النيجر لدى الجزائر أثناء تسلم أوراق اعتماده في 2020 (الرئاسة الجزائرية)

ولاحت بوادر أزمة بين الجزائر والنيجر، منذ 26 يوليو (تموز) الماضي، تاريخ الانقلاب على الرئيس محمد بازوم.

وقد أدانت يومها الانقلاب، وطالبت بـ«العودة إلى الشرعية». وفي وقت لاحق، كشفت عن وساطة عرضتها على السلطات العسكرية الانتقالية، والرئيس الذي كان محتجزاً، مؤكدة في أول الأمر أنها لقيت قبولاً. لكن عشية تنقل وزير خارجيتها أحمد عطاف إلى نيامي، للتقريب بين طرفي الصراع، جاءها قرار رفض مقترحها الذي كان يتضمن «فترة انتقالية تدوم 6 أشهر، تنتهي بتنظيم انتخابات عامة».

كما تواجه علاقات الجزائر بجارها الجنوبي الآخر مالي اختباراً صعباً، بعد أن قرّر الحاكم العسكري العقيد عاصيمي غويتا، في يناير (كانون الثاني) الماضي، وقف العمل بـ«اتفاق السلام» الداخلي، الذي تترأس الجزائر وساطته الدولية. جاء ذلك على إثر احتجاجه ضد استقبال سلطات الجزائر معارضين له، وصفهم بـ«الإرهابيين»، عادّاً ذلك «عملاً عدائياً ضد مالي».


مقالات ذات صلة

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي يُبقي على وزراء الحقائب السيادية والمقربين من تبون

ذكرت «وكالة الأنباء الجزائرية» أن رئيس الوزراء محمد النذير العرباوي قدّم، اليوم الاثنين، استقالة الحكومة إلى الرئيس عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.