البرلمان المصري على خط أزمة «بيع الطائرات»

الادعاء بعدم ملاءمتها لـ«الظروف المناخية» أثار اتهامات بـ«إهدار المال العام»

صورة لإحدى الطائرات التي تسلمتها الشركة (مصر للطيران - فيسبوك)
صورة لإحدى الطائرات التي تسلمتها الشركة (مصر للطيران - فيسبوك)
TT

البرلمان المصري على خط أزمة «بيع الطائرات»

صورة لإحدى الطائرات التي تسلمتها الشركة (مصر للطيران - فيسبوك)
صورة لإحدى الطائرات التي تسلمتها الشركة (مصر للطيران - فيسبوك)

دخل البرلمان المصري على خط أزمة «بيع الطائرات» التي أعلن عنها رئيس شركة «مصر للطيران» يحيي زكريا، في الأيام الماضية، وبرر فيها بيع 12 طائرة حديثة لـ«عدم ملاءمة الطائرات للظروف المناخية» بالبلاد، وهو ما أثار اتهامات بـ«إهدار المال العام» لمسؤولي الشركة.

وقدم عدد من النواب أسئلة برلمانية وطلبات إحاطة لرئيس الوزراء ووزير الطيران من أجل مناقشة أسباب بيع الطائرات، بعد وقت قصير من انضمامها لأسطول الشركة الوطنية.

ويعود تاريخ التعاقد على الطائرات «إير باص A220 - 300» إلى عام 2019، وهي الصفقة التي تسلمت مصر منها الطائرة الأخيرة في سبتمبر (أيلول) 2020، فيما أظهرت مواقع تتبع رحلات الطيران محدودية تحركات الطائرات خلال الشهور الماضية.

وقدمت عضو مجلس النواب، مها عبد الناصر، طلب إحاطة بشأن «وجود شبهة إهدار مال عام، لعدم قيام شركة مصر للطيران بإجراء دراسات اقتصادية وهندسية صحيحة قبل التعاقد على الصفقة».

قرار البيع ليس جديداً أو مفاجئاً، وفق وكيل لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب، النائب أحمد الطيبي، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن وزير الطيران الفريق محمد عباس حلمي عرض الأمر أمامهم قبل شهور، مؤكداً أن الصفقة والخطأ الذي حدث بها هما مسؤولية الإدارة السابقة.

وأضاف: «الخطأ حدث بسبب عدم مراعاة الجوانب الفنية المرتبطة بتشغيل الطائرات في مقابل النظر للسعر المناسب وطريقة سداد تكلفتها»، مشيراً إلى أن «الطائرات المبيعة جرى شراؤها من أجل استخدامها في الرحلات الداخلية ضمن خطة تحديث أسطول مصر للطيران».

ولتحقيق الاستفادة المثالية من الطائرات المبيعة يفترض أن تستغرق رحلتها أكثر من 90 دقيقة، وهو زمن لا يتوافر في الرحلات الداخلية للطائرات التي لا تزيد على 60 دقيقة حال الوصول لأبعد نقطة، وفق الطيبي الذي يؤكد عدم مناسبتها للرحلات الدولية بسبب محدودية مقاعدها.

وستسلم «مصر للطيران»، شركة الطيران الروسية «أزور» الطائرات على دفعات بدءاً من الشهر المقبل وحتى مارس (آذار) 2025، وفق تصريحات زكريا، الذي أكد أن أموال الصفقة ستستغل في سداد ثمن قرض شراء الطائرات.

يشير الطيبي إلى أن جزءاً من عائدات صفقة البيع ستمول شراء طائرات بسعة أكبر من طرازي «إير باص إيه 350» و«بوينغ 737 ماكس» لتحل محل الطائرات المبيعة، وبما يناسب السعة المطلوبة للطائرات التي ستستخدم في الرحلات الداخلية ويستوعب زيادة الركاب في السنوات المقبلة.

ومن المقرر أن تبدأ شركة «مصر للطيران» في تسلم 18 طائرة بوينغ من طراز «737 ماكس 8» بداية من 2025، بموجب الصفقة التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو الوقت نفسه الذي وقعت فيه الشركة المصرية صفقة شراء 10 طائرات من طراز A350 - 900 التابعة لشركة «إير باص».

تبدي النائبة مها عبد الناصر في حديث لـ«الشرق الأوسط» استغرابها من تجاهل محاسبة مسؤولي «مصر للطيران» على الصفقة التي تجزم بأنها أدت لخسائر مالية، مع الأخذ في الاعتبار عدم حساب قيمة الشراء والبيع بالجنيه المصري؛ نظراً لتغير سعر الصرف وسداد المبالغ الخاصة بالطائرات بالدولار وليس بالجنيه.

وأضافت أن هذا الأمر يستوجب وجود تحقيقات من الرقابة الإدارية، ويتطلب من الوزير المسؤول أن يعرض الخسائر التي حدثت نتيجة الصفقة، وهو الرأي الذي يدعمه النائب محمود قاسم الذي قدم سؤالاً برلمانياً حول تصريحات رئيس «مصر للطيران» ومدى دقتها، مطالباً في حديث لـ«الشرق الأوسط» بضرورة إيضاح الأمر بشكل تفصيلي أمام الرأي العام.

يؤكد وكيل لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب وجود تحقيقات داخلية بشأن التعاقد على الصفقة، وهي التحقيقات التي يكون استكمال مسارها أمام النيابة العامة فور الانتهاء منها، على غرار ما حدث في قضايا مشابهة.


مقالات ذات صلة

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

شمال افريقيا أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

وافق مجلس الشيوخ المصري على رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا شعار تطبيق «تيك توك» (د.ب.أ)

«يهدد الأمن القومي»... تحرك برلماني مصري لحجب الـ«تيك توك»

بداعي «تهديده للأمن القومي» ومخالفة «الأعراف والتقاليد» المصرية، قدم عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، عصام دياب، «طلب إحاطة»، لحجب استخدام تطبيق «تيك توك».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

البرلمان المصري يقرُّ قانون اللاجئين

أقر مجلس النواب المصري (البرلمان)، الثلاثاء، وبشكل نهائي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن «لجوء الأجانب»، الذي يتضمن 39 مادة «تنظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من جلسات مجلس النواب (الحكومة المصرية)

البرلمان المصري يفتح باب تعديل مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»

فتح مجلس النواب المصري (البرلمان) الباب أمام إدخال تعديلات على مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» المعروض للمناقشة في الجلسات العامة.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا وزراء حضروا المناقشات حول قانون «الإجراءات الجنائية» (مجلس الوزراء المصري)

البرلمان المصري يبحث في «الإجراءات الجنائية» وسط تباين «حقوقي»

واصل مجلس النواب المصري، الاثنين، مناقشة مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»، على وقع تباين حقوقي لنصوص المشروع الجديد.

أحمد عدلي (القاهرة)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
TT

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

قال رئيس منظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، إن كثيراً من النساء وأطفالهن يعانون من صدمات نفسية سيئة جراء الحرب الدائرة في السودان، مشيراً إلى أن بعض الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم بضعة أشهر تعرضوا لإصابات بالذخيرة الحية في مناطق الرأس والصدر.

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أننا إزاء أسوأ أزمة إنسانية شهدتها المنظمة على الإطلاق... آلاف الأسر تفرقت، خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً، أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم، ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية، يبدو هذا الأمر مستحيلاً في بعض أجزاء البلد.

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم زمزم للنازحين (أ.ف.ب)

ورأى أن «الحرب تعد مشكلة حقيقية للنساء والأطفال تحديداً... أجرينا في أحد المستشفيات العاملة بالعاصمة الخرطوم فحوصات لنحو 4200 امرأة وطفل، ووجدنا أن ثلثهم يعاني من سوء التغذية الحاد، وهذا القياس يدل على أن كل الذين أجريت لهم فحوصات، يعانون من سوء التغذية المتوسط والحاد بدرجات متفاوتة».

وأوضح أن «واحداً من كل 6 جرحى يعالجون في المستشفى ذاته، يعاني من أمراض مصاحبة... لدينا أطفال لا تتعدى أعمارهم شهوراً تعرضوا لإصابات بالرصاص في الرأس أو الصدر، وللأسف في بعض الأحيان لا تتوفر المواد الطبية اللازمة لعلاجهم، في ظل حالة الحصار على المستشفى، ومنع وصول المعونات الطبية إليه».

الوضع في دارفور

وكشف الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، عن ارتفاع نسبة حالات الإصابة بسوء التغذية وسط النساء الحوامل والمرضعات والأطفال الرضع في إقليم دارفور (غرب البلاد)، «وهو ما يتسبب في الوفيات لأسباب بسيطة يمكن علاجها لو توفرت الإمدادات الطبية».

امرأة وطفلها في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وقال إن «نسبة انتشار أمراض سوء التغذية وفقر الدم أعلى بكثير من قدرة فرقنا على علاجها».

وأضاف كريستو: «في أغسطس (آب) الماضي، أجرينا فحوصات لنحو 30 ألف طفل في عمر سنتين وأقل، حيث أثبتت أن ثلث هذا العدد يعاني من سوء تغذية حاد».

وكشف تقرير سابق لمنظمة «أطباء بلا حدود» في فبراير (شباط) الماضي عن وفاة طفل كل ساعتين في «مخيم زمزم» للنازحين في ولاية شمال دارفور.

ووفقاً للمنظمة، فإن الصراع في إقليم دارفور «أخذ طابعاً عرقياً، وعلى وجه الخصوص أحداث العنف التي جرت في ولاية غرب دارفور، وأدت إلى مقتل الآلاف ولجوء أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد».

وتجاوزت نسبة وفيات الأمهات في جنوب دارفور منذ مطلع العام الحالي التي سجلتها مرافق «أطباء بلا حدود»، 7 في المائة، وبينت الفحوصات التي أُجريت لرصد سوء التغذية بين الأطفال، معدلات هائلة تتجاوز عتبات الطوارئ.

وحض كريستو المجتمع الدولي «على بذل مزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة للسماح بمرور المساعدات الإنسانية العاجلة؛ لتوفير الغذاء والدواء للآلاف من المدنيين في السودان».

وعالجت فرق «أطباء بلا حدود» أكثر من 4214 إصابة ناجمة عن العنف، بما في ذلك الأعيرة النارية وانفجارات القنابل، وشكلت نسبة الأطفال دون سن الخامسة عشرة، 16 في المائة منهم.