كيف يقيّم الليبيون محاولات استهداف المسؤولين السياسيين؟

بعد الإعلان عن قصف منزل عائلة الدبيبة

عناصر أمنية تابعة لحكومة «الوحدة» وسط العاصمة طرابلس (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر أمنية تابعة لحكومة «الوحدة» وسط العاصمة طرابلس (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

كيف يقيّم الليبيون محاولات استهداف المسؤولين السياسيين؟

عناصر أمنية تابعة لحكومة «الوحدة» وسط العاصمة طرابلس (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر أمنية تابعة لحكومة «الوحدة» وسط العاصمة طرابلس (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعاد الإعلان عن استهداف منزل عائلة عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، الحديث عن وقائع مماثلة بحق مسؤولين سياسيين خلال العقد الماضي. ووسط تضارب الروايات بشأن تعرض منزل ومكتب إبراهيم الدبيبة، المستشار السياسي لرئيس «الوحدة» للهجوم بقذيفتين صاروخيتين، شكك خصوم الدبيبة في الواقعة.

فرئيس «الوحدة» من جهته التزم الصمت، لكن مقربين منه روّجوا صوراً لاستقباله محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، ونائبه موسى الكوني وعدد من وزرائه بمنزله بحي الأندلس بالعاصمة طرابلس، في زيارة استهدفت الاطمئنان عليه.

المنفي (يسار) يزور الدبيبة بعد استهداف منزل عائلته في طرابلس (مواقع التواصل)

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها استهداف الدبيبة، فسبق وتحدثت الحكومة عن تعرض سيارته لطلقات نارية في فبراير (شباط) 2022، ولم تعلن حتى الآن، أي نتائج عن تلك الحادثة، التي أحيلت حينذاك للتحقيق.

وشكك محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب الليبي، في أغلب ما أعلن من محاولات الاغتيال لشخصيات تنفيذية في السنوات الأخيرة، وأرجع ذلك إلى «التوافق الكبير بين تلك القيادات وبين التشكيلات المسلحة التي تتحكم بالعاصمة». ويعتقد العباني أن الإعلان عن تعرض مسؤول ما لمحاولة اغتيال الغرض منه «الحصول على التعاطف والدعم الشعبي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يريدون أن يظهروا كأنهم أبطال؛ ونتيجة لهذه البطولة تعرّضوا لمحاولة اغتيال، بالفعل يتحقق مرادهم فقد يتعاطف قطاع من الليبيين معهم، حتى ولو كان بشكل محدود».

عبد الحميد الدبيبة (حكومة الوحدة)

وعلى رغم ذلك، رأى بعض المراقبين أن حادث استهداف منزل أو مكتب إبراهيم الدبيبة الملاصق لمنزل رئيس «الوحدة»، رسالة من قِبل بعض التشكيلات المسلحة تعبّر عن رفضها تنفيذ القرار الذي أصدره عماد الطرابلسي، وزير داخلية الدبيبة، بإخلاء العاصمة من التشكيلات المسلحة بعد شهر رمضان.

إلا أن علي التكبالي، عضو مجلس النواب الليبي، وإن لم يستبعد حدوث هذا السيناريو، إلا أنه أشار إلى ما يعرفه الجميع من «توسع نفوذ» إبراهيم الدبيبة. ويرى التكبالي، أن العدد الأكبر من محاولات الاغتيال التي شهدتها ليبيا بعد «ثورة» 2011، جاءت على خلفية صفقات مالية أو لعدم الاستجابة لطلب ما، مقارنة بعدد محاولات الاستهداف لإزاحة منافس من الصراع الراهن على السلطة.

شارع «النصر» وجزيرة بومشماشة وسط العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)

ووفقاً لرؤيته، «فإن أغلب ما أعلن من محاولات اغتيال بالسنوات الأخيرة، بما في ذلك حادث استهداف منزل أو مقر إبراهيم الدبيبة، يمكن توصيفه برسائل تهديد وإنذار فقط». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «السلاح متوافر ومن يسعى لاغتيال شخصية ذات ثقل سياسي أو اقتصادي يراقبها ويعرف إذا كانت موجودة بالمقر المستهدف أم لا، وهذا يفسر نجاة شخصيات عديدة كان يسهل تصفيتها».

إلا أن التكبالي لفت، إلى «محاولات اغتيال جدية» جرت بالساحة، كالتي نفذها انتحاري بتفجير سيارة مفخخة قرب مقر إقامة خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني»، في يونيو (حزيران) عام 2014.

وسبق وتعرّض موكب فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة لإطلاق نار في فبراير (شباط) عام 2017 من دون وقوع إصابات، ولم يعرف من يقف وراء الحادث، وما إذا كان متعمدا أم لا.

وبالمثل، أفلت وزير الداخلية بالحكومة حينذاك، فتحي باشاغا، من استهداف سيارته من قِبل سيارة مصفحة في فبراير عام 2021.

إحدى الصور التي تداولتها وسائل إعلام ليبية لتحركات عسكرية في طرابلس

ولا يختلف الحال كثيراً بشرق البلاد، فقد نجا عبد الله الثني، رئيس الحكومة الليبية «المؤقتة»، التي كانت تدير المنطقة الشرقية من 2014 وحتى 2021 من حادث إطلاق نار من قِبل مجهولين على سيارته في مدينة طبرق، في مايو (أيار) 2015.

أما الليبي إبراهيم هيبة، أستاذ العلاقات الدولية، فذهب إلى أن غالبية محاولات الاغتيال التي نُفذت خلال فترة الفوضى الأمنية بالسنوات الأولى بعد «ثورة فبراير» وما بعدها، وطالت شخصيات مؤثرة «تراجعت بدرجة كبيرة جداً». وأضاف هيبة لـ«الشرق الأوسط»: أن «الجميع توقع تراجع تلك العمليات وربما اختفاؤها، ولكن مع الانسداد السياسي، وتأثير صراع أفرقاء الأزمة على الأوضاع الاقتصادية، يبدو أن هناك إمكانية لتطل برأسها من جديد».


مقالات ذات صلة

ليبيون يتساءلون حول جدوى «شرعنة» الميليشيات المسلحة

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)

ليبيون يتساءلون حول جدوى «شرعنة» الميليشيات المسلحة

رئيس «الوحدة» الليبية قال إن حكومته «لا تزال تعمل على معالجة الخلافات والاشتباكات بين المجموعات المسلحة».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء حفتر مع نائب وزير الدفاع الروسي في بنغازي (الجيش الوطني)

قتلى وجرحى في «اشتباكات مفاجئة» بالعاصمة الليبية

أسفرت اشتباكات مفاجئة، الأربعاء، في العاصمة الليبية طرابلس، عن سقوط قتلى وجرحى.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

يعتقد ليبيون بأن «نفوذاً روسياً يتمدد في جنوب البلاد ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند الأخيرة إلى سبها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

المزرعة الليبية في غينيا تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً ومخصصة لإنتاج المانجو والأناناس وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

توقفت الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية الليبية مخلفة 3 قتلى و5 جرحى.

خالد محمود (القاهرة)

وزير خارجية فرنسا: توقيف الكاتب صنصال في الجزائر «غير مقبول»

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

وزير خارجية فرنسا: توقيف الكاتب صنصال في الجزائر «غير مقبول»

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

عَدّ وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الأربعاء، أن الاعتقال «غير المبرر» للكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر «غير مقبول».

وقال بارو في تصريحات لقناة «فرانس إنفو تي في» الإخبارية: «إنه لا شيء في أنشطة بوعلام صنصال يعطي صدقية للاتهامات، التي أدت إلى سجنه» في الجزائر، إثر توقيفه في مطار العاصمة أواسط الشهر الحالي، مضيفاً أن «اعتقال كاتب فرنسي بشكل غير مبرر أمر غير مقبول».

كما أعلن بارو أن «خدمات الدولة في الجزائر وباريس على السواء في حالة استنفار كامل لمراقبة وضعه، والسماح له بنيل الحماية القنصلية». وقد استجوب المُدعي العام لمكافحة الإرهاب في الجزائر، الكاتب الفرنسي الجزائري، وأُصدر في حقه مذكرة توقيف، وفق ما أعلن محاميه فرنسوا زيمراي.

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (رويترز)

ووفق بيان زيمراي، فإن صنصال الذي «توجّه بثقة إلى الجزائر العاصمة، هو اليوم رهن الاحتجاز بموجب المادة (87 مكرر) من قانون العقوبات الجزائري، التي تُعاقب مجمل الاعتداءات على أمن الدولة». واعتُقل بوعلام صنصال، الذي انتقد القادة الجزائريين في مناسبات عدة، منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي لدى وصوله إلى وطنه قادماً من فرنسا.

وأكدت «وكالة الأنباء الجزائرية»، الجمعة، «توقيف» الكاتب، من دون أن تُحدد التاريخ ولا الأسباب.

وأضاف المحامي زيمراي أن «حرمان كاتب يبلغ من العمر 80 عاماً من حريّته بسبب كتاباته هو إجراء خطير». مضيفاً في تصريحات نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» أنه «مهما كانت الجراح التي جرى التذرع بها، والحساسيات التي أسيء إليها، فهي لا يمكن فصلها عن فكرة الحرية نفسها، التي تم دفع ثمن غال لنيلها في الجزائر... هناك تفاوت واضح هنا... وإذا كان لا بد من إجراء تحقيق، فهذا لا يبرر بأي حال من الأحوال تمديد احتجاز بوعلام صنصال».

ولدى استجوابها، الثلاثاء، في الجمعية الوطنية حول إمكانية معاقبة مسؤولين جزائريين في هذه القضية بالغة الحساسية، وفق مراقبين، قالت الوزيرة المكلفة بشؤون الفرنسيين في الخارج، صوفي بريما: «في هذه المرحلة لا أستطيع أن أقول لكم المزيد، لأن الدبلوماسية تحتاج إلى التصرف في صمت، وليس أن تصمت».

وأكدت الوزيرة أن «مصالح الدولة في حالة تعبئة كاملة لمتابعة قضية مواطننا، وتمكينه من الاستفادة من الحماية القنصلية التي ينص عليها القانون».