سجن ناشطة جزائرية بسبب أغنية هاجمت فيها الرئيس والجيش

متابعة بـ«الانخراط في جماعة إرهابية تنشط بالداخل والخارج»

عبد الغني بادي محامي الناشطة بن طويس (الشرق الأوسط)
عبد الغني بادي محامي الناشطة بن طويس (الشرق الأوسط)
TT

سجن ناشطة جزائرية بسبب أغنية هاجمت فيها الرئيس والجيش

عبد الغني بادي محامي الناشطة بن طويس (الشرق الأوسط)
عبد الغني بادي محامي الناشطة بن طويس (الشرق الأوسط)

رفضت محكمة بالجزائر العاصمة طلب محامين الإفراج مؤقتاً عن ناشطة سياسية مسجونة بتهم عدة مرتبطة بالإرهاب، وذلك بسبب مشاركتها في مظاهرات معارضة للسلطة، وأغانٍ لها أذاعتها بفرنسا، حيث تقيم، هاجمت فيها بشدة الجيش وقادته، ورئيس البلاد عبد المجيد تبون.

تعرضت جميلة بن طويس يوم 25 من فبراير (شباط) الماضي للتوقيف بمطار العاصمة الجزائرية على أيدي رجال أمن بزي مدني، وكانت يومها قادمة من فرنسا لحضور جنازة والدتها. وقال حقوقيون إنه تم التحقيق معها لساعات طويلة بمقر الأمن قرب المطار، قبل أن يفرج عنها في اليوم نفسه بعد أن سحب منها الأمن وثائق السفر، وتم تبليغها بأنها متابعة بسبب نشاطها السياسي ضمن «حراك الجالية الجزائرية بباريس»، وهو امتداد لمظاهرات الحراك المعادية للنظام، التي قامت في 2019.

وفي 28 من الشهر نفسه استدعت الشرطة القضائية لمدينة الدار البيضاء، بالضاحية الشرقية للعاصمة، بن طويس التي تملك الجنسية الفرنسية أيضاً، حيث استجوبها محققون حول «مشاركاتها المتعددة في نشاطات الجالية المساندة للحراك الشعبي، وآرائها بخصوص دعم التغيير الديمقراطي والسلمي في الجزائر، كما طال الاستجواب أغنية كانت قد كتبت كلماتها وغنتها، تندد فيها بالاعتقالات والقمع، الذي يتعرض له ناشطو الحراك، بسبب مطالبهم بالديمقراطية»، وفق ما جاء في بيان لتنظيم «شعاع» الحقوقي، اليوم السبت.

وفي الثالث من مارس (آذار) الحالي، عرضت الشرطة الناشطة الستينية على النيابة بـ«محكمة الدار البيضاء»، التي أحالتها بدورها بعد استجوابها على قاضي التحقيق، الذي وجه لها تهم «الانخراط في جماعة إرهابية تنشط داخل الوطن وخارجه، والمس بسلامة ووحدة الوطن، والتحريض على التجمهر غير المسلح». واستند القضاء في بناء هذه التهم إلى كلمات أغنيتها التي حملت بشدة على القيادة العسكرية والرئيس تبون.

الناشطة المعتقلة أثناء مشاركتها في مظاهرة للحراك (حسابات حقوقيين)

وأفاد المحامي الشهير عبد الغني بادي، الذي تولى الدفاع عنها، بأن قاضي التحقيق «أنزل كل التهم التي تتضمنها المادة 87 مكرر من قانون العقوبات ضد السيدة بن طويس».

وتثير هذه المادة جدلاً كبيراً منذ إدراجها في القانون عام 2021، وتنص على أن «السعي بأي وسيلة للوصول إلى السلطة، أو تغيير نظام الحكم بالطرق غير الدستورية أو التحريض على ذلك، يعد فعلاً إرهابياً». وكانت مقررة حقوقية أممية طالبت السلطات بإلغاء هذه المادة، عندما زارت البلاد نهاية العام الماضي.

وفي ملف الناشطة بن طويس، عدَّ القضاء انخراطها في أنشطة سياسية وكلمات أغنيتها بمثابة «مسعى لتغيير الحكم خارج القانون»، وبالتالي فهو لا يختلف عن «أفعال الإرهاب»، حسب تفسير القانون.

ونصت هذه المادة على إنشاء «قائمة وطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية»، ضمت التنظيم الانفصالي «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، و«حركة رشاد» الإسلامية. وسجنت السلطات العشرات من الأشخاص بتهمة الانتماء إلى أحد التنظيمين، بعضهم حصل على البراءة أثناء المحاكمة، لكن بعد أن أمضوا شهوراً طويلةً في الحبس الاحتياطي.

وأكد محامون أنهم استأنفوا قرار قاضي التحقيق أمر إيداع بن طويس الحبس الاحتياطي، غير أن «غرفة الاتهام» بمحكمة الاستئناف لم تأخذ به في اجتماع عقدته يوم 13 من الشهر الحالي لدرسه.


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».