توقف خط نفطي يهدد الاستقرار الهشّ في جنوب السودان

قد تبلغ الخسائر وفق ماغايا 100 مليون دولار في الشهر الواحد

جندي بأحد حقول النفط في جنوب السودان (أرشيفية - رويترز)
جندي بأحد حقول النفط في جنوب السودان (أرشيفية - رويترز)
TT

توقف خط نفطي يهدد الاستقرار الهشّ في جنوب السودان

جندي بأحد حقول النفط في جنوب السودان (أرشيفية - رويترز)
جندي بأحد حقول النفط في جنوب السودان (أرشيفية - رويترز)

توقف العمل في خط أنابيب نفط استراتيجي بالسودان، ما يهدد بزعزعة الوضع في جنوب السودان المحروم من العائدات النفطية الحيوية لإدارة هذا البلد، وهو من أفقر دول العالم ويعاني انعدام الاستقرار وأعمال عنف إثنية مزمنة، وفق ما يفيد خبراء.

وتسرّب النبأ على أثر الكشف عن رسالة مؤرّخة في 16 مارس (آذار) موجّهة من وزير الطاقة والنفط السوداني إلى نظيريه الصيني والماليزي مفادها أن «انقطاعاً شديداً» لُوحظ في خطّ أنابيب ينقل النفط الخام من جنوب السودان إلى مدينة بورتسودان بالجارة الشمالية.

وحصل هذا «الانقطاع»، الذي يعود تاريخه إلى فبراير (شباط)، في «منطقة عمليات عسكرية» من النزاع الدائر منذ 15 أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، وفق الرسالة التي اطلعت «وكالة الصحافة الفرنسية» على نسخة منها.

وختم الوزير بأن «حلّ هذه المشاكل معقّد نظراً لظروف الحرب الراهنة»، و«بناء عليه، تعلن حكومة جنوب السودان حالة القوّة القاهرة التي تحُول دون إيفائنا بواجب تسليم النفط الخام في وعبر» خطّ الأنابيب.

وتقضي حالة القوّة القاهرة بظرف استثنائي خارج عن سيطرة الجهة المعنية يحول دون إيفائها بتعهّداتها.

وتلتزم حكومة جنوب السودان الصمت راهناً إزاء هذه التطوّرات التي من شأنها زعزعة الاستقرار الهشّ بالبلد.

ويسهم القطاع النفطي في عائدات جنوب السودان بنسبة 90 في المائة، ويمثل تقريباً كل صادراته، وفق البنك الدولي.

أزمة اقتصادية وشيكة

والثلاثاء، دقّ النائب بطرس ماغايا، رئيس اللجنة الفرعية البرلمانية للنفط، ناقوس الخطر.

وصرّح، في بيان: «نحن بصدد مواجهة أزمة اقتصادية وشيكة من جرّاء إعلان حالة الطوارئ مؤخّراً وتوقّف عمل خط الأنابيب»، مستنداً إلى معلومات تفيد بأن «هذا الإغلاق قد يمتدّ على فترة سنة».

وأردف النائب: «مع خسارة الجزء الأكبر من عائداتنا الوطنية، نواجه آفاقاً قاتمة لكارثة إنسانية وانعدام الأمن واضطرابات أمنية في دولتنا الهشّة أصلاً».

وقد تبلغ الخسائر، وفق ماغايا، 100 مليون دولار، في الشهر الواحد على أقل تقدير.

ولفت النائب إلى أن «ذلك سيؤدي إلى خسائر فادحة في الإيرادات، وارتفاع أسعار السوق، ونقص في الوقود، وانقطاع التيار الكهربائي على فترات طويلة، فضلاً عن اضطرابات في المواصلات وخدمات أساسية أخرى هي ضرورية لرفاه مواطنينا».

كما قد يتسبب بانخفاض قيمة العملة المحلية، وفق ما أشار أكول مادووك، مدير فرع الاقتصاد بجامعة جوبا، الذي توقّع أن «يتفاقم الوضع في الأشهر الثلاثة المقبلة، لأن احتياطي العملات الأجنبية قد ينقص في البنك المركزي الذي قد يتعذّر عليه تزويد السوق بالعملات القوية».

وهذه المستجدّات هي أحدث التداعيات الناجمة عن النزاع في السودان، والذي أودى بالآلاف ودفع 8 ملايين شخص إلى الفرار منذ سنة.

ولجأ أكثر من 500 ألف منهم إلى جنوب السودان، ما يفاقم من وضع إنساني مأساوي أصلاً.

فنحو 9 ملايين شخص بحاجة إلى المساعدة في البلد، وفق الأمم المتحدة.

الانتخابات على المحكّ

على صعيد عام، يبدو أن استقرار البلد بات مهدّداً، وفق بوبويا جيمس إديموند، المدير التنفيذي لمعهد السياسة والأبحاث في الميدان الاقتصادي، ومقرّه جوبا.

وقال إديموند إن «الحكومة لم تكن قادرة على دفع رواتب الموظفين العموميين منذ نحو تسعة أشهر، عندما كان النفط متداولاً»، محذّراً من فرضية قاتمة مفادها «أنه في حال جرى التوقف عن تداول النفط، ستنهار الحكومة، ما قد يؤدي إلى احتجاجات للمواطنين ينضمّ إليها العسكريون (الذين لم يتلقوا هم أيضاً رواتبهم منذ أشهر)».

وتُستغل العائدات النفطية بدرجة كبيرة لمآرب سياسية وبغرض الإثراء في هذا البلد الذي يعدّ من الأكثر فساداً في العالم، وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية (المرتبة 177 من أصل 180).

وفي وقت يستعدّ جنوب السودان فيه لإجراء انتخابات في ديسمبر (كانون الأول) أُرجئت مرات عدّة، قد تصبح فرضية تأجيلها مرّة أخرى «واردة جداً» بسبب نقص الموارد اللازمة لتنظيم هذا الاستحقاق، وفق أندرو سميث، المحلّل المعنيّ بالشؤون الأفريقية في مكتب الاستشارات الخاصة بتقييم المخاطر «فيريسك مبلكروفت».

ورأى المحلّل أن «كلّ الموارد التي ستتلقاها (الحكومة) لسدّ العجز الناجم عن العائدات النفطية ستخصّص لتهدئة النخبة السياسية وليس للتحضيرات الانتخابية التي كانت تنقصها الموارد أصلاً».


مقالات ذات صلة

السعودية وروسيا وكازاخستان تشدد على الالتزام الكامل بالتخفيضات الطوعية لـ«أوبك بلس»

الاقتصاد نموذج لحفار نفط وفي الخلفية شعار «أوبك» (رويترز)

السعودية وروسيا وكازاخستان تشدد على الالتزام الكامل بالتخفيضات الطوعية لـ«أوبك بلس»

أكدت السعودية وروسيا وكازاخستان، يوم الأربعاء، أهمية الالتزام الكامل بتخفيضات إنتاج النفط الطوعية، التي اتفق عليها تحالف «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مضخات في حقل نفط لدى ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

محللان: سعر النفط أدنى من قيمته الحقيقية

قال رئيسا أبحاث السلع الأولية في «غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي»، إن أسعار النفط مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية، مع وجود عجز في السوق ومخاطر تحيط بالإمدادات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد برميل نفط يحمل شعار منظمة الدول المصدرة للنفط (رويترز)

«غولدمان ساكس»: تخفيضات إنتاج النفط قد تستمر حتى أبريل 2025

قال بنك «غولدمان ساكس» إن إنتاج الخام من العراق وكازاخستان وروسيا انخفض، امتثالاً لتخفيضات إنتاج «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ناقلة نفط راسية في ميناء نيويورك (رويترز)

النفط يستقر مع إعلان وقف إطلاق النار وترقباً لاجتماع «أوبك بلس»

استقرت أسعار النفط خلال التعاملات المبكرة، الأربعاء، مع تقييم الأسواق للتأثير المحتمل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، وقبل اجتماع «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مصفاة لتكرير النفط في فادينار بولاية غوجارات الغربية بالهند (رويترز)

«مؤسسة النفط الهندية» تبقي على اتفاقها مع العراق

قال مسؤول تنفيذي كبير بـ«مؤسسة النفط الهندية»، كبرى شركات التكرير بالهند، إن المؤسسة أبقت على اتفاقها السنوي لاستيراد الخام من العراق عند 21 مليون طن لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

مصر ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

رجل يُلوح بعلم لبنان في مدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)
رجل يُلوح بعلم لبنان في مدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)
TT

مصر ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

رجل يُلوح بعلم لبنان في مدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)
رجل يُلوح بعلم لبنان في مدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، الأربعاء، بأن القاهرة تُرحب بوقف إطلاق النار في لبنان، مشيرة إلى أنه «سيسهم في بدء مرحلة خفض التصعيد بالمنطقة».

وأكد البيان أهمية احترام سيادة لبنان، وضرورة العمل على استكمال بقية مؤسسات الدولة، بما فيها الرئاسة، دون أي إملاءات خارجية.

وأضاف أن اتفاق وقف إطلاق النار بلبنان ينبغي أن يكون توطئة لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والنفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية دون عراقيل.

ودعت مصر في البيان «لعملية سياسية جادة، وفي إطار زمني محدد، يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وإنهاء الاحتلال».

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية حيز التنفيذ، في الساعة الرابعة من فجر الأربعاء بالتوقيت المحلي.

وقد وسَّعت إسرائيل حربها التي تشنّها على قطاع غزة، لتشمل لبنان في الفترة الماضية، وقتلت كثيراً من كبار قادة جماعة «حزب الله»، التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.