صعّدت حكومة «الاستقرار» الليبية، برئاسة أسامة حمّاد، من تحركها قضائياً بقصد غلّ يد غريمتها في طرابلس، مالياً، وذلك بعد حصولها على حكم جديد يمنع رئيس «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، من «فتح اعتمادات مالية مؤقتة».
ودعا حمّاد المصرف المركزي بالعاصمة إلى «الامتناع عن تنفيذ أي أوامر بدفع أموال» صادرة عن حكومة الدبيبة، استناداً إلى هذا الحكم القضائي، في حين أعلنت حكومته أن دائرة بمحكمة استئناف بنغازي قضت مساء الخميس بوقف تنفيذ قرار الدبيبة، بشأن منح الإذن بفتح اعتمادات مالية مؤقتة، بعدما طعنت عليه «الاستقرار».
وعدّ حمّاد الحكم «إضافة إلى الأحكام المماثلة، الصادرة أخيراً عن القضاء الليبي، لوقف قرارات حكومة الدبيبة (منتهية الولاية) بصرف المال العام دون وجه حق»، مؤكداً أن الحكم يعني أن «إجراء أي مدفوعات يكون باطلاً»، مشيراً إلى أن «كل من يمتنع عن تنفيذ هذه الأحكام القضائية، ويوافق على الصرف المالي لهذه الحكومة، فإن ذلك يشكل جرماً جنائياً»، ومؤكداً أن الحكم الصادر عن محكمة بنغازي «واجب النفاذ».
كما ناشد رئيس حكومة «الاستقرار» الجهات المعنية في ليبيا كافة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد حكومة الدبيبة، داعياً مكتب النائب العام لاتخاذ كل ما يلزم، وتحمل المسؤولية اللازمة، لتنفيذ هذا الحكم القضائي.
وكانت محكمة أجدابيا الابتدائية قد أيدت في العاشر من الشهر الماضي تعيين حارس قضائي على إيرادات النفط، استجابة لطلب حكومة حماد، ورفضت طعن حكومة الدبيبة على الحكم.
من جهة ثانية، وبينما تجري الاستعدادات الاستباقية قبيل إعادة تشغيله، تفقد معاون رئيس الأركان العامة بحكومة «الوحدة»، صلاح الدين النمروش، معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس، مساء (الخميس)، للوقوف على مدى التقيّد بالتعليمات الصادرة لكافة الوحدات العسكرية المشكلة لتأمينه.
وقالت رئاسة الأركان إن النمروش اجتمع مع رئيس «القوة العسكرية المشكّلة»، وآمري الكتائب، للاستماع لكافة الصعوبات والعراقيل «من أجل العمل على حلحلتها»، مشدداً على «ضمان عودة حركة المعبر بكل سلاسة، وتأمين كافة المسافرين، وتوفير المتطلبات اللازمة لتسليم المعبر للجهات ذات الاختصاص من الأجهزة الأمنية المختصة، ومساندتها لإيقاف التهريب والفوضى من الأطراف الخارجة عن القانون».
وبُذلت جهود واسعة لنزع فتيل الاقتتال بين قوة حكومة «الوحدة» والقوة التابعة للمجلس العسكري بزوارة، رعاها المجلس الرئاسي، بالإضافة إلى حكماء وأعيان المنطقة الغربية، انتهت إلى الاتفاق على وجود قوة عسكرية، مشكلة من رئاسة الأركان العامة التابعة لـ«الوحدة»، تتولى تأمين المعبر مع قوات زوارة.
وكانت تنسيقية الأحزاب والتكتلات السياسية في ليبيا قد دعت إلى «احترام سيادة الدولة، وضرورة بسط سلطتها على كامل تراب الوطن»، في إشارة إلى معبر «رأس جدير»، منتقدة ما أسمته «بطء» حكومة الدبيبة في التعامل مع أزمة المعبر خلال الأسبوع الماضي، ما أدى إلى إغلاقه، و«إلحاق الضرر بمصالح المواطنين».
وأكدت التنسيقية في بيان مساء (الخميس) على «ضرورة الالتزام بتوفير أعلى قدر من معايير الحرفية والنزاهة في من يتم تكليفهم بمسؤوليات إدارة الأموال العامة، والمنافذ البرية والبحرية والجوية»، معبرة عن إدانتها لـ«أشكال الفساد ونهب المال العام كافة، سواء بالتهريب أو الرشوة، أو الاختلاسات والتلاعب المالي»، مشيرة إلى أن الأوضاع الأمنية المتردية «تفاقمت وصاحبتها تداعيات اجتماعية خطيرة أصبحت تهدد وحدة النسيج الوطني بمناطق مختلفة»، ومؤكدة أن «الفساد المستشري في البلاد أدى إلى سوء إدارة ومعالجة الملف الاقتصادي على المستويات كافة، ما تسبب في اتخاذ قرارات غير مدروسة ومنفردة».
ورأت التنسيقية، التي تضم 9 أحزاب، من بينها «تحالف القوى الوطني»، و«المدني الديمقراطي»، أن «الانسداد السياسي المزمن رمى بليبيا في أتون الصراعات والحسابات الشخصية والقبلية والجهوية»، وأوضحت أن «سيادة ليبيا وحاضرها باتت مرتهنة لقوى دولية وإقليمية، نتيجة تشبث المتصدرين للمشهد السياسي بمناصبهم دون وجه حق»، قائلة إن «تغليب طرف ليبي على آخر يؤزم الأوضاع الحالية في البلاد، ويؤدي لنتائج لا تحمد عقباها»، وحذرت في هذا السياق «من مغبة تسخير أدوات الدولة وسلطاتها في حسابات شخصية أو سياسية أو جهوية أو قبلية لتغليب طرف ليبي على آخر».
في غضون ذلك، بحث وزير المواصلات بحكومة «الوحدة» محمد الشهوبي، مع رئيس مؤسسة «بيكر» العالمية دوغلاس بيكر، والوفد المرافق له، فرص التعاون والاستثمار بين البلدين.
وبحسب منصة «حكومتنا»، استعرض ممثلو الشركة الأميركية مجالات العمل والتعاون المقترحة مع وزارة المواصلات، مؤكدين رغبتهم في «العمل بعد تحقق الاستقرار والجدية التي تشهدها البلاد»، بحسب المنصة.
وبالعودة إلى الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أجرى رئيسها حماد، رفقة مدير عام «صندوق التنمية وإعادة الإعمار» بلقاسم حفتر، ورئيس لجنة «إعادة الإعمار والاستقرار» حاتم العريبي، ووكيل وزارة الحكم المحلي أبو بكر مصادف، جولةً تفقدية على أعمال جسر الباكور في بلدية توكرة.
ويعاني الجسر الرابط بين بنغازي وتوكرة والمرج عبر الجبل الأخضر منذ عقود من تشققات، «باتت تشكل خطراً كبيراً على حياة المواطنين»، بحسب الحكومة، التي قالت إن حماد تابع عمل الشركة الأجنبية العاملة في الجسر، تحت إشراف وزارة المواصلات والنقل بالحكومة الليبية.