هل تهدئ جولة بلينكن المخاوف المصرية من اجتياح رفح؟

وسط أنباء عن طرح البيت الأبيض «بدائل» على إسرائيل

دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح (أ.ف.ب)
TT

هل تهدئ جولة بلينكن المخاوف المصرية من اجتياح رفح؟

دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح (أ.ف.ب)

يبدأ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الخميس، زيارة إلى القاهرة، في وقت تتصاعد فيه وتيرة المخاوف من اجتياح إسرائيلي لمدينة رفح الفلسطينية، بينما كشفت تقارير إعلامية أميركية نقلاً عن مسؤولين أن إدارة الرئيس جو بايدن تدرس «عدة بدائل» للعملية العسكرية البرية التي تريد إسرائيل تنفيذها جنوبي قطاع غزة، وسط تساؤلات عما إذا كانت جولة بلينكن ستهدئ المخاوف المصرية من اجتياح «رفح».

وقلل خبراء من فرص نجاح جولة بلينكن إلى المنطقة في إحداث اختراق أو «بث رسائل طمأنة بشأن العملية الإسرائيلية المرتقبة في رفح». وأكدوا أن الولايات المتحدة «لا تبدي حسماً واضحاً» في رفضها اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدينة المحاذية للحدود المصرية، بل تريد ضمانات بشأن عدم الإضرار بشكل واسع بالمدنيين خلال تنفيذ ذلك الاجتياح.

فلسطينيون يطبخون بمخيم مؤقت في منطقة المواصي (أ.ب)

في غضون ذلك، نقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن مسؤولين، الأربعاء، أن إدارة بايدن ستقترح بدائل على وفد إسرائيلي رفيع المستوى، من المقرر أن يزور واشنطن الأسبوع المقبل.

وناقشت الإدارة الأميركية خلال الأيام الأخيرة «عدة بدائل» للاجتياح البري الإسرائيلي لرفح، حسب «أكسيوس». وقال مسؤولون أميركيون للموقع، إن أحد المقترحات «يدور حول تأجيل العملية العسكرية في المدينة، والتركيز على استقرار الوضع الإنساني في شمال غزة»، حيث المجاعة «وشيكة»، وفقاً لتقارير أممية. وأكد المسؤولون أن هناك «فكرة أخرى»، تركز في «المرحلة الأولى على تأمين الجانب المصري من الحدود مع غزة، كجزء من خطة مشتركة بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل»، وذلك من خلال «تدمير الأنفاق الموجودة تحت الحدود وإنشاء بنية تحتية لمنع تهريب الأسلحة إلى غزة»، حسبما أشار الموقع الأميركي.

وتعارض إدارة بايدن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، وقالت إنها تشعر بالقلق من عدم وجود خطة قابلة للتنفيذ من شأنها حماية الفلسطينيين. وجدد الرئيس الأميركي في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، التعبير عن «قلقه العميق» بشأن تنفيذ إسرائيل عملية برية في رفح، بحسب بيان للبيت الأبيض. وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، الاثنين، إن «العملية يمكن أن تمنع دخول المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها من مصر إلى غزة، وتعزل إسرائيل دولياً، وتضر بمعاهدة السلام الإسرائيلية المصرية».

في المقابل، يُصر نتنياهو على تنفيذ عملية عسكرية في رفح «للقضاء على حركة (حماس)»، حيث قال في مناقشة سرية في لجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست إنه «لا سبيل لتدمير (حماس) إلا باجتياح بري للمدينة الحدودية في جنوب قطاع غزة».

ونقلت قناة «24» الإسرائيلية عن نتنياهو قوله: «الأميركيون طلبوا منا عدم التحرك في رفح، ولكن ليس هناك خيار آخر، نحن بحاجة للسيطرة على محور فيلادلفيا».

من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بمصر وجامعة القاهرة، والمتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، أن زيارة بلينكن إلى المنطقة جزء من حراك متسارع تشهده المنطقة لاستباق عملية إسرائيلية في رفح، مشيراً إلى أن تلك العملية «تمثل تهديداً حقيقياً للعلاقات المصرية - الإسرائيلية».

وأضاف فهمي لـ«الشرق الأوسط» أن القاهرة لديها العديد من الأسئلة للوزير الأميركي تتعلق بالإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى فرض «ترتيبات أمنية انفرادية» في قطاع غزة، من بينها شق محور بوسط القطاع لاستخدامه في التوغل العسكري بحرية في أي وقت، إضافة إلى طبيعة الميناء المؤقت في غزة، وإذا ما كان يرتبط بإجراءات دائمة بعد انتهاء الحرب. ولفت إلى محورية التحركات الأميركية في التوقيت الراهن الذي بات فيه التوتر عنواناً للعلاقة بين القاهرة وحكومة نتنياهو، خاصة مع تكثيف التحركات الإسرائيلية بشأن عملية برية رفح، رغم التحذيرات المصرية والرفض الدولي.

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح في وقت سابق (أ.ب)

وحذرت مصر أكثر من مرة من خطورة إقدام إسرائيل على تنفيذ عملية عسكرية برية في مدينة رفح التي يتكدس فيها نحو 1.5 مليون فلسطيني، معظمهم نزحوا إلى المدينة الملاصقة للحدود المصرية نتيجة استمرار الاستهداف الإسرائيلي المتواصل لجميع مناطق القطاع على مدى الأشهر الست الماضية، مؤكدة أن عواقب ذلك «ستكون وخيمة».

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الاثنين الماضي، إنه يتعين على الولايات المتحدة أن توضح لإسرائيل عواقب القيام بعملية عسكرية في رفح بجنوب قطاع غزة، بعدما عبرت واشنطن عن معارضتها لمثل هذه الخطوة. وسبق لمصر أن حذرت من أن أي إجراءات إسرائيلية تقود إلى تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها ستكون بمثابة «تهديد جدي وخطير» لاتفاقية السلام بين البلدين الموقعة منذ عام 1979.

من جهته، وصف مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، زيارة بلينكن الراهنة إلى المنطقة بأنها «لكسب الوقت»، لافتاً إلى أن هدفها «التهدئة وليس الحل»، في محاولة لترضية الرأي العام الداخلي في الولايات المتحدة، وكذلك الرأي العام العربي، إلا أنه أشار إلى أن تلك التحركات «لا تبدو مقنعة». وأوضح حسن لـ«الشرق الأوسط» أن تهدئة المخاوف المصرية بشأن عملية إسرائيلية لاجتياح رفح «ربما تكون ضمن الأهداف»، لكنه قلل من احتمالات تحقيق الزيارة نجاحاً في هذا الصدد، بالنظر إلى الأولويات التي أعلنتها الخارجية الأميركية قبل زيارة بلينكن إلى المنطقة، فضلاً عن أن المواقف الأميركية من عملية رفح «ليست حاسمة بالقدر الكافي».

ولفت مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إلى أن التصريحات الأميركية تنصب على مسألة توافر خطط بشأن كيفية التعامل مع المدنيين، إلا أنها لا تصل إلى مرحلة رفض العملية، مشدداً على أن الولايات المتحدة لديها القدرة على إلزام إسرائيل بوقف الحرب وإدخال المساعدات إلى غزة، لكنها «تواصل ممارسة إضاعة الوقت ومنح إسرائيل فرصاً لإنجاز مهمتها في القطاع».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 3 جنود في شمال غزة

شؤون إقليمية تصاعد الدخان جراء غارات إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 3 جنود في شمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، مقتل 3 جنود في معارك في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا قمة ثلاثية لقادة مصر وقبرص واليونان في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)

قمة مصرية - قبرصية - يونانية تطالب بوقف «حرب غزة» وعملية سياسية في سوريا

دعت قمة ثلاثية جمعت قادة مصر وقبرص واليونان، في القاهرة، الأربعاء، إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق عملية سياسية في سوريا.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي دخان متصاعد في شمال قطاع غزة خلال القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:33

مقتل 14 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على غزة

قُتل 14 مواطناً على الأقل في سلسلة غارات جوية إسرائيلية على قطاع غزة المدمر جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من 15 شهراً.

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

بلينكن يأمل في «سلام مستدام» بلبنان

أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الأربعاء)، عن أمله بـ«سلام مستدام» في لبنان مع بدء الجيش الإسرائيلي الانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس»، و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع» وذلك بعد رعاية مصرية لـ3 جولات من المحادثات خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

تلك المساعي المصرية للتوافق بين الحركتين في ظل تسارع الجهود لإبرام هدنة قريبة بالقطاع، تعد بحسب تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لإنهاء أي خلافات حالية بخاصة مع حديث أميركي عن وجود خطة لليوم التالي، مؤكدين أن «مصر حريصة على تقريب وجهات النظر للخروج بتوافق قريب».

وأفاد مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» بأن «المعلومات المتوفرة حتى الآن أن وفد (فتح) وصل قبل يومين للاجتماع مع (حماس) وهو لا يقبل المقترح القديم الذي قبلته الأخيرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بشأن تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة القطاع تحت اسم لجنة الإسناد المجتمعي».

ووفق المصدر ذاته، «سيقدم وفد (فتح) خلال اجتماع القاهرة مقترحاً جديداً يتضمن تشكيل لجنة الإسناد برئاسة وزير من الحكومة الفلسطينية وتتبعها»، موضحاً أن هذا «نوقش من قبل لكن الجديد أن وزيراً بالحكومة الفلسطينية يترأس اللجنة».

وكانت صحيفة «الأهرام» المصرية (حكومية)، أفادت الأربعاء، بأنه في «إطار المساعي المصرية الحثيثة، انطلقت، الثلاثاء، بالقاهرة المباحثات بين حركتي (فتح) و(حماس)، بشأن اللجنة التي ستتولى إدارة قطاع غزة بعد الحرب، بهدف التوصل لاتفاق حول آليات إدارة القطاع».

وكانت «حماس» تحدثت في بيان صحافي، في 3 يناير (كانون الثاني) الحالي، عن أنها «خلال الأشهر الأخيرة تعاملت بإيجابية مع مبادرة الأشقاء في مصر المدعومة عربياً وإسلامياً لتشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) لإدارة شؤون قطاع غزة بشكل مؤقت، وقطعت شوطاً مهما مع (فتح) وتواصلت مع عدد من القوى والفصائل لأسماء مقترحة وسلمتها للقاهرة»، معربة عن أملها في تجاوب «(فتح) والسلطة مع جهود تشكيل اللجنة».

وفي اليوم التالي تحفظ المتحدث باسم «فتح»، منذر الحايك، على بيان «حماس»، في تصريحات نقلها إعلام فلسطيني، متسائلاً: «لماذا لا تخرج (حماس) ببيان وتقول إن الحكومة الفلسطينية هي التي تمثل الكل الفلسطيني؟ ولماذا نشكل لجاناً لا تخدم الكل الفلسطيني؟ وتُفرق الضفة عن القطاع في وقت توجد حكومة فلسطينية معترف بها فلسطينياً وعربياً ودولياً؟».

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

هذا الاجتماع الجديد بالقاهرة، يراه المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، محاولة جديدة من القاهرة لاستكمال جهودها للإسراع نحو توافق بشأن تشكيل تلك «اللجنة» التي من المعروف مسبقاً أنها ستتبع السلطة، وصدورها سيكون بمرسوم رئاسي، مؤكداً أن «القاهرة تسعى لتجاوز لاءات إسرائيل بشأن رفض تسلم غزة من قبل السلطة أو من (حماس)، ومحاولة فتح آفاق جديدة لوقف الحرب».

وباعتقاد المحلل السياسي الفلسطيني، إبراهيم المدهون، فإن وفد حركة «فتح» سيعمل على «توضيح موقف السلطة بعد إدراكها حجم الانزعاج المصري من تحركاتها ضد اللجنة»، معتقداً أن «(حماس) قدمت كل ما يمكن لتسهيل جهود مصر في إنجاح لجنة الإسناد المجتمعي وأظهرت مرونة عالية، وطرحت أسماء مرشحة على أساس الكفاءة والوطنية والمهنية والقبول الدولي، مع استشارة الفصائل الفلسطينية في هذا الشأن».

ويتوقع المدهون أن يكون «هناك تفاهم ضمني بين (حماس) والقاهرة على أهمية إشراك حركة (فتح) في لجنة الإسناد بعدّها جزءاً فاعلاً ومسؤولاً»، موضحاً: «لكن غياب (فتح) أو رفضها المشاركة لن يُعيق المضي قدماً في تشكيل هذه اللجنة».

فيما يعتقد الرقب، أن المقترح سواء القديم أو الجديد سيخضع لمناقشات مكثفة وخاصة مع احتمال قرب الاتفاق على هدنة في قطاع غزة، وحديث دوائر عديدة، لا سيما أميركية، عن اليوم التالي للحرب.

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

ويرى الرقب أهمية أن يسارع الفلسطينيون لترتيب أوراقهم والاستجابة للمساعي المصرية للتوافق بشأن اليوم التالي للحرب وإدارة القطاع، مشدداً على أن القاهرة داعمة كبرى لفلسطين وتعد قضيتها قضية أمن قومي، ومن ثمّ يتوقع أن تبذل جهوداً كبيرة لإنهاء أي خلافات والذهاب لإعلان تشكيل اللجنة خلال تلك الجولة.

وفي تقدير المدهون فإن دور «لجنة الإسناد»، «يعد ذا أهمية قصوى في حال توقف العدوان على غزة، حيث يمكن أن تلعب دوراً محورياً في إعادة الإعمار وتنسيق الجهود العربية والدولية».

ومع ذلك، فإن «عدم إقرارها وعرقلتها من قبل السلطة الفلسطينية لن يُغلقا الباب أمام إيجاد بدائل مبتكرة».