سعيد يدعو إلى تطهير تونس من «العملاء والفاسدين» في عيد استقلالها

اتهم سياسيين بـ«الارتماء في أحضان قوى أجنبية»

الرئيس سعيد يأمر بإزالة الحواجز من الشارع الرئيسي للعاصمة (موقع الرئاسة)
الرئيس سعيد يأمر بإزالة الحواجز من الشارع الرئيسي للعاصمة (موقع الرئاسة)
TT

سعيد يدعو إلى تطهير تونس من «العملاء والفاسدين» في عيد استقلالها

الرئيس سعيد يأمر بإزالة الحواجز من الشارع الرئيسي للعاصمة (موقع الرئاسة)
الرئيس سعيد يأمر بإزالة الحواجز من الشارع الرئيسي للعاصمة (موقع الرئاسة)

جدد الرئيس التونسي قيس سعيد، بمناسبة احتفال تونس، اليوم الأربعاء، بالذكرى 68 للاستقلال، دعوته لتطهير البلاد من الخونة والعملاء، وتحرير الوطن من الفاسدين والمفسدين، على حد تعبيره، بينما دعت في المقابل عدة منظمات حقوقية وأحزاب سياسية معارضة إلى تنقية المناخ السياسي خلال سنة الانتخابات الرئاسية، والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، الذين مر أكثر من عام على اعتقالهم، دون أن يخضعوا للمحاكمة.

وتزامن احتفال تونس بذكرى الاستقلال مع إقرار الرئيس سعيد رفع الحواجز الأمنية أمام مقر الوزارة الداخلية، وفتح شارع الحبيب بورقيبة، الشارع الرئيسي للعاصمة، أمام الجولات وعبور السيارات، وهو ما عُدّ من قبل عدد من المراقبين «دخول مرحلة جديدة بعد إعلان التدابير الاستثنائية لسنة 2021، والنجاح في تنفيذ مسار سياسي جديد».

وعلى إثر هذا القرار، أزالت السلطات الحواجز المنتشرة بكثافة في شارع الحبيب بورقيبة، التي أعاقت على مدار عدة سنوات الحياة الاقتصادية في الشارع الرمز بعد أحداث «ثورة الياسمين»، وتم فسح المجال لعبور السيارات والمارة بسلاسة لأول مرة منذ عام 2011.

وخلال زيارته لمقر وزارة الداخلية التونسية، عشية الاحتفال بعيد الاستقلال، دعا الرئيس التونسي مجدداً إلى ضرورة تفكيك «اللوبيات‏» في كل القطاعات، التي تجد امتداداً لها في جل الهياكل الإدارية، وطالب بالتصدي بقوة لظاهرة الرشوة قائلاً: «عديد هم الذين يُحوّلون السلطة التي خوّلها لهم القانون إلى بضاعة تُباع وتُشترى، وأعظم خيانة للحقّ هو السكوت عن الباطل».

وفي الملف السياسي، اتهم الرئيس سعيد سياسيين، لم يسمهم، بالارتماء في أحضان قوى أجنبية، وقال إنهم «يدّعون زوراً وبهتاناً أنهم وطنيون، بل أكثر من ذلك، هنالك من هم مدعومون من الصهاينة، ولذلك من الواجب تطبيق القانون عليهم، بناء على الفصل 60 وما بعده من القانون الجزائي، وهو فصل يعالج مسألة الخيانة العظمى».

وأضاف سعيد موضحاً أن «هذا الوطن العزيز الذي زكّته دماء الشهداء ليس مجرد أرض نعيش فوقها، بل هو الدم الذي يجري في عروقنا، والهواء الذي نستنشقه والذي نريده نقياً... مطهّراً من اللوبيات ومن الخونة والعملاء»، على حد تعبيره.

على صعيد آخر، نظمت مجموعة من عائلات شهداء وجرحى الثورة التونسية، عشية احتفال تونس بالذكرى 68 لاستقلالها، احتجاجاً أمام مقر مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في تونس العاصمة، وذلك بمناسبة مرور ثلاث سنوات على صدور القائمة النهائية لشهداء الثورة وجرحاها بتاريخ 19 مارس (آذار) 2021، وتجديد التأكيد على تمسكها بموقفها المبدئي، الرافض للمرسوم الرئاسي عدد 20 لسنة 2022، المحدث لمؤسسة فداء التي أطلقها الرئيس التونسي، والتي تعنى بملفات الشهداء والجرحى من المدنيين أثناء ثورة 2011، بالتوازي مع المتضررين من قوات الأمن والجيش في العمليات الإرهابية.

وفي هذا الشأن، قال عبد الحميد الصغير، منسق مجموعة ما يعرف بـ«فك الارتباط» بين المدنيين والقوات الحاملة للسلاح (أمن وجيش)، إن المجموعة تطالب بحذف كل ما يتعلق بشهداء الثورة وجرحاها من المدنيين، وإحالة ملفاتهم خلال شهر من نشر القانون بعد المصادقة عليه في البرلمان من «مؤسسة فداء» إلى «الهيئة العامة للمقاومين ولشهداء وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية» برئاسة الحكومة، بعد تعديل تسميتها بحذف عبارة «العمليات الإرهابية».

وعبّر الصغير عن تمسك المجموعة بموقفها المبدئي الرافض لأحكام المرسوم الرئاسي عدد 20 لسنة 2022، لأنه «يشكل تعويماً للحقيقة بجمعه بين ضحايا الاعتداءات الإرهابية وضحايا الثورة، والتفافاً على حق عائلات شهداء الثورة وجرحاها في التعويض»، على حد تعبيره.



مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»
TT

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حمّلت مصر مجدداً «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب (مصر والسودان). وقال وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، إن «التصرفات الأحادية الإثيوبية تتسبب في تخبط كبير في منظومة إدارة المياه بنظام النهر، وارتباك في منظومة إدارة السدود».

واستعرض سويلم، خلال لقائه عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج، رؤية مصر للتعامل مع قضية «سد النهضة»، وتاريخ المفاوضات، ونقاط الاختلاف مع إثيوبيا، مع «إبراز أوجه التعنت الإثيوبي خلال العملية التفاوضية، وخطورة التصرفات الإثيوبية الأحادية».

سويلم يلتقي عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج (وزارة الري المصرية)

وفشلت آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي دون التوصل لاتفاق.

وقال الوزير المصري إن «دول منابع حوض النيل تتمتع بوفرة في مواردها المائية، إذ يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالى 1600 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يصل حجم الأمطار المتساقطة على دول حوض النيل - داخل حوض نهر النيل أو غيره من الأحواض بهذه الدول - إلى حوالي 7000 مليار متر مكعب سنوياً، في وقت تصل حصة مصر من المياه إلى 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تعتمد عليها مصر بنسبة 98 في المائة لتوفير مواردها المائية».

وحذر خبراء مصريون من عدم التوصل لاتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» يضمن حقوق دولتي المصب، وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطورة عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة لا تتوقف عند ما يثيره السد من مخاوف، إذ إنه قد يتحول لسابقة تدفع دولاً أخرى من دول المصب إلى إنشاء سدود دون اتفاقيات ودون التشاور مع دولتي المصب».

وأكد شراقي أن «النهج الإثيوبي في بناء سد النهضة في كل مراحله ينطوي على قدر كبير من التخبط وعدم الوضوح، ففي الوقت الراهن مثلاً لا نعرف متى تعمل توربينات توليد الكهرباء ومتى تتوقف». وحسب شراقي، فإن «الممارسات الإثيوبية بشأن سد النهضة تعمق الخلافات بين دول حوض النيل وتتسبب في توترات».

وتحرص مصر، وفق وزير الري، على دعم جهود التنمية المستدامة في دول حوض النيل بتنفيذ «العديد من المشروعات في مجال المياه لخدمة المواطنين في هذه الدول مثل مشروعات تطهير المجاري المائية من الحشائش، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وآبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية بالمناطق النائية، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه بتكلفة إجمالية 100 مليون دولار لكافة المشروعات».

وزير الموارد المائية والري المصري يلقي كلمة عن التحديات المائية لبلاده (وزارة الري المصرية)

ويرى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب أن «استمرار السياسات الإثيوبية الأحادية يزيد مخاطر توتر العلاقات بين دول حوض النيل، ويحول قضية المياه إلى أداة للصراع، خصوصاً مع ازدياد متطلبات التنمية بالعديد من دول الحوض»، وحسب تصريحات عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «لا يمكن إدارة ملف المياه بين دول حوض النيل دون اتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

بدورها، أشارت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، إلى خلاف آخر بين مصر وإثيوبيا يتعلق بما يعرف بـ«اتفاقية عنتيبي»، وهي الاتفاقية التي أبرمت عام 2010، وتعارضها مصر والسودان، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون التوافق مع دولتي المصب.

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية أحدثت شرخاً في العلاقات بين دول المنابع والمصب، وهو ما سيؤدي إلى عرقلة أي جهود تنموية أو مشروعات مائية بدول حوض النيل، لأن الشرط الأساسي للمؤسسات الدولية المانحة هو وجود توافق وإجماع بين دول الحوض حول هذه المشروعات».

ووفق الطويل، فإن «السياسات الإثيوبية الإقليمية في مجملها تؤثر سلباً على العلاقات بين دول حوض النيل».