اشتباكات وقصف بالمدفعية في مناطق واسعة بالسودان

«الدعم السريع» تهاجم «سلاح الإشارة»... وموجة نزوح غرب كردفان

عناصر من «قوات الدعم السريع» السودانية في أم درمان 9 مارس الحالي (رويترز)
عناصر من «قوات الدعم السريع» السودانية في أم درمان 9 مارس الحالي (رويترز)
TT

اشتباكات وقصف بالمدفعية في مناطق واسعة بالسودان

عناصر من «قوات الدعم السريع» السودانية في أم درمان 9 مارس الحالي (رويترز)
عناصر من «قوات الدعم السريع» السودانية في أم درمان 9 مارس الحالي (رويترز)

عاودت «قوات الدعم السريع»، الأربعاء، الهجوم على مقر «سلاح الإشارة» شمال مدينة الخرطوم بحري (إحدى مدن العاصمة السودانية)، واشتبكت مع قوات الجيش المتمركزة حول المقر العسكري المطل على القيادة العامة للجيش على الضفة الأخرى لنهر النيل.

وقال شهود عيان لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إن «الدعم السريع» حشدت قوات كبيرة، وعاودت الهجوم على «سلاح الإشارة» من ثلاثة محاور بالتركيز على الجهة الشمالية.

وكانت قوات الجيش المتمركزة حول «سلاح الإشارة» تمكنت خلال اليومين الماضيين من صد هجوم لـ«الدعم السريع» التي تحاول السيطرة على الموقع المهم الذي يربط شمال الخرطوم بحري بمدينة الخرطوم عبر جسري: القوات المسلحة، وكوبر.

وأشار الشهود إلى أن الجيش استهدف بالمدفعية المكثفة تحركات وتمركزات «الدعم السريع» حول مقر «الإشارة»، فيما ردت «الدعم» بقصف مدفعي على ارتكازات الجيش.

وتشهد جبهات القتال في «الخرطوم، وأم درمان» اللتين تشكلان إلى جانب «الخرطوم بحري» العاصمة الكبرى، هدوءاً حذراً عدا التبادل المدفعي المتقطع من معسكرات الجيش في منطقة كرري العسكرية شمال أم درمان، ومواقع «الدعم» شمال بحري.

65 ألف نازح

في غضون ذلك، تتواصل معارك عنيفة منذ أيام بين الجيش و«الدعم السريع» حول مقر «الفرقة 22» مشاة التابعة للجيش في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، وأبلغ سكان «وكالة أنباء العالم العربي» أن «الفرقة 22» تمكنت من صد هجوم لـ«الدعم» هو «الأكبر من نوعه».

وقالت «غرفة طوارئ بابنوسة» إن «65 ألف نازح يواجهون خطر المجاعة ونقص الإمدادات الطبية بغرب كردفان فروا من جحيم الحرب الدائرة في بابنوسة».

وأبلغ المتحدث باسم «غرفة طوارئ بابنوسة»، معمر قذافي، «وكالة أنباء العالم العربي»، أن «جميع سكان بابنوسة أجبروا على ترك ديارهم والنزوح إلى معسكرات في مدن غرب كردفان»، مشيراً إلى أن «المدينة أصبحت جزيرة معزولة بسبب حصار (الدعم السريع)، ولا يوجد مسار آمن لإيصال المساعدات، مما أدى إلى ندرة السلع وارتفاع أسعارها، وأن النازحين لا يملكون المال وأجبروا على مغادرة ديارهم دون حمل أي شيء».

نازحون سودانيون فروا من دارفور جراء النزاع بين الجيش و«الدعم السريع» (رويترز)

وذكر أن قطاعات الزراعة والتجارة والرعي انهارت تماماً منذ بدء الاشتباكات في المدينة في يناير (كانون الثاني) الماضي، كما فشل الموسم الزراعي بنسبة 100 في المائة مما أثر على مهنة الرعي.

وفي مدينة الفاشر شمال دارفور، أفاد شهود بأن اشتباكات دارت بين الطرفين، صباح الأربعاء، في عدد من أحياء المدينة، مشيرين إلى أن «الطيران الحربي التابع للجيش أغار على مواقع (الدعم السريع) في منطقة الزُرق بالفاشر الليلة الماضية، فيما سمعت أصوات المضادات الأرضية».

«انتهاكات الدعم»

واتهمت «لجان مقاومة ود مدني» بولاية الجزيرة وسط البلاد، «قوات الدعم السريع» بمواصلة الانتهاكات ضد المواطنين والمدنيين بالقرى الآمنة في ولاية الجزيرة «عبر النهب والسلب والاغتصاب والابتزاز، وانتهاك حقوق الإنسان وإذلاله، وارتكاب جرائم الحرب».

وقالت، في بيان، إن كل «الانتهاكات التي مورست من قبل (ميليشيا الدعم السريع) في جميع قرى ومدن ولاية الجزيرة موثقة ومرصودة لدينا، ولن تسقط بالتقادم ولن تذهب طي النسيان».

ونفى البيان ما وصفها بشائعة تقدم قوات الجيش والأجهزة النظامية لتحرير ولاية الجزيرة من عدة محاور، حيث لا صحة لما يتم تداوله عن أي عملية تقدم للجيش تجاه ولاية الجزيرة، وأضاف: «بالأمس القريب حدثت مجزرة أم جريس، وتلاها اقتحام قريتي البرياب والربوة، من قبل مرتزقة ميليشيا الجنجويد (اسم يطلق على قوات الدعم)، وخلفت هذه الاقتحامات والهجوم عدداً من الضحايا والمصابين في صفوف الأهالي والمدنيين».

آثار الاشتباكات التي طالت مدينة أم درمان (رويترز)

وتابع البيان: «الآن يعيش مواطنو ولاية الجزيرة في ظل ظروف معقدة غير إنسانية، ومع انعدام كامل لوسائل ومسهلات الحياة الأساسية من عدم توفر العلاج والأكل والشرب والمواصلات، وانقطاع للتيار الكهربائي في أغلب الولاية مع استمرار انقطاع شبكات الاتصال المختلفة مما ينذر بشبح المجاعة في أكبر منطقة إنتاج زراعي وأرض لأكبر مشروع زراعي في أفريقيا والشرق الأوسط».

وسيطرت «الدعم السريع» على ولاية الجزيرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عقب انسحاب الجيش منها بعد اشتباكات استمرت أياماً.

واندلع القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» على نحو مفاجئ في منتصف أبريل (نيسان) بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».