تقرير حقوقي يوثق قتل وجرح أكثر من 600 في ولاية الجزيرة بالسودان

هيئة «محامو الطوارئ»: الجيش و«الدعم السريع» مسؤولان عن الانتهاكات الواسعة

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان (حميدتي) أيام تحالفهما (أرشيفية)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان (حميدتي) أيام تحالفهما (أرشيفية)
TT

تقرير حقوقي يوثق قتل وجرح أكثر من 600 في ولاية الجزيرة بالسودان

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان (حميدتي) أيام تحالفهما (أرشيفية)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان (حميدتي) أيام تحالفهما (أرشيفية)

وثق تقرير حقوقي مقتل 248 وجرح 347 مدنياً في ولاية الجزيرة بوسط السودان، جراء هجمات «قوات الدعم السريع» وغارات جوية لطيران الجيش السوداني، وعدّها انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني من قبل طرفي الصراع في البلاد. وتعد هذه الأرقام إحصائيات أولية لا تغطي الحالات التي لم يتم التوصل إليها في ظل انقطاع الاتصالات الهاتفية والإنترنت وتعثر حركة المرور داخل الولاية.

وذكرت هيئة «محامو الطوارئ» أنه نتيجة للهجمات العنيفة التي شنّتها «قوات الدعم السريع»، نزح مئات الآلاف إلى ولايات مجاورة، مثل سنار والنيل الأبيض أو ولايات الشمال والشرق، وتم رصد حالات عنف مركزة في بلدات ريفية في الجزيرة بهدف تهجير الأهالي منها.

ووفق مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان، فقد «فرّ ما لا يقل عن 250 ألف شخص مؤخراً من ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني». وكانت وكالات الأمم المتحدة والمجموعات الإنسانية الرئيسية قد علقت عملها في مدينة ود مدني الاستراتيجية التي كانت ملاذاً لمئات الآلاف من النازحين من العاصمة الخرطوم.

«قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

وحذر التقرير الحقوقي من ارتفاع أعداد الضحايا في ظل انتشار «قوات الدعم السريع» وتوغلها في بلدات الجزيرة.

وأشار التقرير إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في المناطق المتضررة، مما يتطلب توفير مساعدات إنسانية عاجلة، وكذلك تفاقم الوضع الأمني في المناطق المتأثرة بالقتال.

ووثّقت الهيئة حملة اعتقالات منظمة على أساس عرقي، شنتها الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش في ولاية الجزيرة، مشيرة إلى أن هناك عدداً كبيراً من المفقودين الشباب الذين ينتمون إلى ولايتي دارفور وكردفان، ولا أحد يعلم شيئاً عن مصيرهم حتى الآن. كما رصدت الهيئة اتساع نطاق الاعتقالات وارتفاع حالات الإخفاء القسري بعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على ولاية الجزيرة وانسحاب الجيش منها، وحوّلت سجن المدينة إلى مركز احتجاز رئيسي.

آلية للجيش السوداني في الخرطوم (رويترز)

ورصد تقرير الهيئة عمليات اعتقال جماعية لعشرات الشباب في عدد من القرى، وفي بعض الحالات تمت المطالبة بفدية مقابل إطلاق سراحهم. وبحسب التقرير، زعم قائد «قوات الدعم السريع» في ولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكيل، أن قواته تقوم باتخاذ إجراءات لمواجهة المجموعات المتفلتة والحد من الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في بلدات وقرى الولاية، لكن الهيئة القانونية للمحامين تقول إن الأرقام في التقرير تبين الإخفاق المستمر لـ«قوات الدعم السريع» في الحد من هذه الانتهاكات.

ومنذ تمدد «قوات الدعم السريع» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي وإحكام سيطرتها على ولاية الجزيرة، ازدادت موجات النزوح والتهجير القسري للأهالي مع وقوع جرائم عنف جنسي واحتجاز غير مشروع. وأشار التقرير إلى الهجمات التي يشنها الطيران الحربي للجيش، قائلاً إنها كثيراً ما تفشل في استهداف تجمعات «الدعم السريع» وتتسبب في وقوع ضحايا وسط المدنيين، ما يُعد انتهاكاً لقوانين الحرب، لأنه لا يقتصر على قصف الأهداف العسكرية دون غيرها.

الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة في وسط السودان إلى ولايات مجاورة (أ.ف.ب)

ودعت هيئة «محامو الطوارئ» قوات الدعم السريع إلى التوقف فوراً عن اقتحام القرى التي لا توجد بها أهداف عسكرية، والتعدي على المدنيين العزل، كما دعت الجيش إلى إيقاف القصف الجوي العشوائي.

وطالبت الهيئة القانونية بالقبض والتحفظ على مرتكبي الجرائم والإفصاح عنهم وتحديد هوياتهم والاستعداد لتسليمهم مستقبلاً للجهات العدلية المعنية بمعالجة انتهاكات النزاع المسلح، وإطلاق سراح جميع المدنيين المعتقلين في مراكز الاعتقال بالولاية، والتوقف عن تهجير السكان من قراهم.

وأوصى التقرير بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية لجميع مناطق ولاية الجزيرة، دون عراقيل من الجيش و«الدعم السريع»، والسماح للمنظمات الدولية بإعادة تشغيل المرافق الصحية المتوقفة عن العمل.


مقالات ذات صلة

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

شمال افريقيا المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

ملف المساعدات الإنسانية في السودان شائك، وحجم الاحتياجات كبير جداً، وهذا التحدي يواجه المنظمات الإنسانية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، اليوم، على دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السودانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

وثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

 القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)
القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)
TT

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

 القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)
القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)

دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اليوم الأربعاء، للتحقيق في مقاطع فيديو متداولة، تُظهر تعذيب وسوء معاملة لعدد من المحتجزين في سجن قرنادة، التابع للجيش المتمركز بشرق البلاد. لكن القائد العام للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، تجاهل الرد على هذه الدعوة.

وكانت حكومة الدبيبة قد دخلت على خط مطالبة البعثة الأممية بشأن ما وصفته بـ«الجرائم التي تم توثيقها في مقاطع الفيديو من داخل سجن قرنادة العسكري التابع لحفتر»، وقالت إنها «تظهر ممارسات تعذيب بشعة، وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان».

اجتماع سابق بين حفتر وخوري في بنغازي (أرشيفية - الجيش الوطني)

وأعلنت «الوحدة» أنها سارعت إلى مطالبة الجهات المختصة، وعلى رأسها النائب العام، بفتح تحقيق عاجل وشامل في هذه الانتهاكات. وشددت، مساء الثلاثاء، على «ضرورة محاسبة جميع المتورطين فيها دون استثناء، لضمان تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، ومنع تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلاً».

كما دعت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لمتابعة هذه القضية، وتقديم الدعم اللازم لتعزيز حقوق الإنسان في ليبيا، وضمان مساءلة كل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجرائم.

في سياق ذلك، طالبت البعثة الأممية في بيان، الأربعاء، بمحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات، وقالت إن هذه المقاطع تتسق مع الأنماط المُوثَّقة لانتهاكات حقوق الإنسان في مرافق الاحتجاز في مختلف مناطق ليبيا.

وأعلنت البعثة «مواصلتها التحقق من ظروف المقاطع المتداولة»، وأوضحت أنها تنسق مع قيادة الجيش الوطني لتأمين وصول موظفي حقوق الإنسان، التابعين للبعثة، ومراقبين مستقلين آخرين إلى سجن قرنادة بشكل مستمر، وكذلك إلى مراكز الاحتجاز الأخرى.

ولم يعلق حفتر على هذه الدعوات، كما التزم الناطق الرسمي باسمه، اللواء أحمد المسماري، الصمت حيالها.

وُتظهر الفيديوهات المتداولة «العديد من المحتجزين، سواء من الليبيين أو الأجانب، وهم يتعرضون للضرب المبرح، ويُجبرون على اتخاذ أوضاع مجهدة على يد الحراس، الذين يرتدون الزي الرسمي». و«تتماشى التفاصيل المعمارية، التي ظهرت في المقاطع، بما في ذلك نوع البلاط على الأرض والرسوم على الجدران، وقضبان الزنازين، مع صور السجن من تقارير مؤكدة»، بحسب وكالة «رويترز».

إلى ذلك، قال عضو المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، إنه ناقش، مساء الثلاثاء، مع سفير المملكة المتحدة، مارتن لونغدن، تطورات العملية السياسية في ليبيا، ودعم التعاون المشترك بين البلدين، والعديد من القضايا والملفات المتعلقة بدعم السلام والاستقرار في ليبيا، من خلال مسار تقوده البعثة الأممية، وآخر تطورات مشروع المصالحة الوطنية.

ونقل اللافي عن لونغدن إشادته بجهود المجلس الرئاسي في ملف المصالحة الوطنية، وحرصه الدائم على مشاركة كل الأطراف الليبية، معرباً عن أمله بأن تعبر البلاد حالة الجمود السياسي، من خلال مصالحة وطنية شاملة، يتوافق فيها كل اللليبيين.

من جهة أخرى، أعرب القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمى بيرنت، خلال لقائه، الأربعاء، مدير المنطقة الحرة في مصراتة، محسن الساقورتي، عن تقديره لدور مصراتة بوصفها مركزاً اقتصادياً في ليبيا، وتعهد بمواصلة السعي لفتح المزيد من الفرص لتوسيع الشراكات الاقتصادية والتجارية، بين الولايات المتحدة والليبيين في جميع أنحاء البلاد.

في غضون ذلك، ورداً على إعلان مصرف ليبيا المركزي، تراجع الإيرادات النفطية خلال العام الماضي، عما كانت عليه عام 2023، عدّت المؤسسة الوطنية للنفط، هذا التراجع في الإيرادات، نتاجاً لظروف ومستجدات خارجة عن إرادة الجميع بكل المقاييس، ونفت كونه ناجماً عن سوء إدارة أو تقدير من المسؤولين فيها، وفي الشركات والحقول والمرافق التابعة لها.

وجددت المؤسسة، التزامها بمبدأ الشفافية والمكاشفة في كل وقت وحين، مشيرة إلى أنها لا ولن تعمد إلى إخفاء البيانات والمعلومات ذات العلاقة بثروات وأرزاق الشعب الليبي، مهما كانت الظروف.