توافق مصري - أوروبي على ترفيع العلاقات إلى «شراكة استراتيجية»

السيسي جدد رفض «التهجير» وحذر من عملية عسكرية في رفح

TT

توافق مصري - أوروبي على ترفيع العلاقات إلى «شراكة استراتيجية»

قمة مصرية أوروبية في القاهرة (الرئاسة المصرية)
قمة مصرية أوروبية في القاهرة (الرئاسة المصرية)

توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة». ووقّع الجانبان، (الأحد)، في ختام قمة مصرية - أوروبية، استضافتها القاهرة، «إعلاناً مشتركاً» بشأن شراكة استراتيجية شاملة.

وتناولت القمة، التي شارك فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيسة المفوضية الأوروبية، ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان، سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين على الأصعدة كافة، إضافة إلى مناقشة المستجدات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الحرب في غزة.

وعدّ الرئيس المصري زيارة القادة الأوروبيين للقاهرة «انعكاساً لعُمق العلاقات المصرية - الأوروبية الممتدة عبر التاريخ، وحالة الزخم التي تشهدها العلاقات خلال الفترة الأخيرة، على مختلف الأصعدة السياسية، والاقتصادية، والثقافية».

وقال السيسي، في كلمته خلال افتتاح القمة، إن «بلاده أولت دوماً أهمية خاصة للعلاقات المتميزة التي تربطها بالاتحاد الأوروبي، في ضوء اعتقادها الراسخ بمحورية الشراكة مع دول الاتحاد لتحقيق المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية المشتركة للجانبين، وبما يدعم تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة».

وأشار إلى أن «لقاء القمة يتزامن مع محطة شديدة الأهمية في العلاقات المصرية الأوروبية، وهي التوقيع على الإعلان السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي لترفيع العلاقات إلى مستوى (الشراكة الشاملة والاستراتيجية)».

السيسي ورئيسة المفوضية الأوروبية ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان (الرئاسة المصرية)

من جانبها، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، (الأحد)، عن «تقديم حزمة دعم مالي لمصر في مجالات التجارة والاستثمار بقيمة 7.4 مليار يورو تتوزع على مدى السنوات المقبلة». وقالت فون دير لاين، في كلمتها خلال القمة المصرية - الأوروبية، إنه سيتم رفع مستوى العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ومصر إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» .

وأضافت: «التكتل الأوروبي وافق على مجموعة من الحزم، تشمل التجارة والاستثمار والتعليم والثقافة والشباب».

ويهدف رفع علاقة الاتحاد الأوروبي مع مصر إلى مستوى «شراكة استراتيجية وشاملة»، إلى «تعزيز التعاون في مجالات تشمل الطاقة المتجددة والتجارة والأمن مع تقديم المنح والقروض وغيرها من التمويل على مدى السنوات المقبلة لدعم الاقتصاد المصري».

وتشمل حزمة التمويل التي يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى مصر 5 مليارات يورو في شكل مساعدات مالية كلية، و1.8 مليار يورو استثمارات، و600 مليون يورو منحاً. ومن المقرر أن تتسلم مصر هذا العام مليار يورو من المساعدات المالية الكلية، على أن تخضع المليارات الأربعة المتبقية لموافقة البرلمان الأوروبي.

وقبيل القمة عقد الرئيس المصري لقاءات ثنائية منفصلة مع كل القادة الأوروبيين، رحّب خلالها بترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية والشاملة»، بهدف الارتقاء بمستوى التعاون بين الجانبين، وهو ما «يؤكد تفهم الدور المحوري لمصر في العلاقات الأوروبية الأوسطية، فضلاً عن كونه يعكس العلاقات التاريخية التي تربط بين الجانبين ومصالحهما المشتركة»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، المستشار أحمد فهمي.

وكانت الحرب في غزة على أجندة مباحثات السيسي وقادة أوروبا، حيث شدّد الرئيس المصري خلال لقائه رئيسة المفوضية الأوروبية، على هامش القمة المصرية -الأوروبية، على «رفض بلاده التهجير القسري للفلسطينيين إلى أراضيها»، وقال إنها «لن تسمح به»، بحسب إفادة رسمية.

الرئيس المصري وقادة عدد من الدول الأوروبية بقصر الاتحادية (الرئاسة المصرية)

بينما أكد السيسي ورئيس وزراء اليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس، على «ضرورة العمل المكثف لإنهاء الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، والتي تصل إلى حد المجاعة، وذلك من خلال تكثيف الضغوط للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار».

وحذّر الرئيس المصري، ورئيس الوزراء البلجيكي رئيس الاتحاد الأوروبي ألكسندر دي كروو، من مخاطر «اجتياح مدينة رفح الفلسطينية لما سيترتب على ذلك من تداعيات إنسانية كارثية».

وقال المتحدث الرئاسي المصري إن «لقاءات السيسي والقادة المشاركين في القمة تطرقت إلى الأوضاع الإقليمية، وبالأخص الحرب في غزة»، حيث أكد الرئيس المصري «على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته في الدفع تجاه الوقف الفوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات بكميات كافية إلى القطاع لحمايته من الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها»، محذراً من أن «أي عمليات عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية ستكون لها تداعياتها الجسيمة على أمن المنطقة ككل، ومشدداً على ضرورة الالتزام بمسار حل الدولتين».

وأضاف المتحدث الرئاسي أنه «تم خلال اللقاءات مناقشة أوجه التعاون الاقتصادي والاستثماري، وكيفية بلورة خطوات محددة، بما يضمن الاستفادة من المزايا النسبية لكلا الطرفين بالشكل الأمثل». مشيرا إلى أن «اللقاءات تناولت التعاون في مجالات توطين الصناعة، ونقل التكنولوجيا والتدريب، والطاقة، وإنتاج الغاز الطبيعي، ولا سيما التعاون المصري - القبرصي في هذا المجال، فضلاً عن الاستفادة من الفرص الواعدة التي تقدمها مصر في مجالات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، وكثير من مشروعات التعاون القائمة، الجاري دراستها مع اليونان وبلجيكا والنمسا».

كما تم «بحث التعاون المشترك بين مصر وإيطاليا في قطاعات الأمن الغذائي والإنتاج الزراعي واستصلاح الأراضي، حيث تم التوافق على إقامة شراكة بين القاهرة وروما في إطار المشروعات القومية الكبرى، بحيث يتم نقل التكنولوجيا الإيطالية المتطورة لمصر في تلك المجالات، بما يعظم العائد ويزيد الصادرات الزراعية والغذائية المصرية لأوروبا»، بحسب المتحدث الرئاسي.

والاتحاد الأوروبي أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر، إذ بلغت صادرات مصر لدول الاتحاد نحو 11.8 مليار دولار عام 2023، بينما بلغت الواردات نحو 19.4 مليار دولار في نفس العام، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

وبلغ حجم استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر نحو 38 مليار يورو، وتستحوذ دول الاتحاد على نحو 30 بالمائة من حجم الاستثمارات الأجنبية في السوق المصرية.



مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة)، الواقعة في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)»، لتتمكن من تسلُّم أراضي المرحلة الأولى المخصصة للمشروع المشترك بين مصر والإمارات، الذي يستهدف تنمية وتطوير المنطقة.

ووجّه رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، السبت، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، شريف الشربيني، بمتابعة موقف تعويضات الأهالي والتعاون مع محافظة مرسى مطروح والجهات المعنية الأخرى «لسرعة الانتهاء من هذا الملف». وأكد مدبولي خلال جولة له بمدينة العلمين (شمال مصر)، السبت، أنه «لا بديل عن الالتزام بالمواعيد المحددة لبدء المرحلة الأولى من المشروع».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وذكر مدبولي خلال توقيع الاتفاق أن مدينة رأس الحكمة الجديدة ستقام على مساحة 170.8 مليون متر مربع، وستوفر كثيراً من فرص العمل، معتبراً أن مثل هذه النوعية من المشروعات «يمكنها المساهمة في تحقيق حلم مصر لجذب 40 أو 50 مليون سائح». ووفق إحصاءات سابقة لوزارة السياحة والآثار المصرية فإن «نحو 14.9 مليون سائح زاروا مصر العام الماضي».

وقال مدبولي في وقت سابق إن «مشروع تنمية وتطوير رأس الحكمة»، يعد أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر. وشدد حينها على أن المشروع «شراكة استثمارية وليس بيع أصول».

رئيس الوزراء المصري ووزير الإسكان خلال زيارة "العلمين الجديدة" (مجلس الوزراء المصري)

في غضون ذلك، عقد رئيس مجلس الوزراء المصري، السبت، عقب جولته بمدينة العلمين الجديدة، اجتماعاً مع عدد من المسؤولين، أكد خلاله «أهمية المشروعات الجاري تنفيذها في الساحل الشمالي». وقال إنها «تضع مصر على خريطة الاستثمار والسياحة العالمية»، مشيراً إلى أنه «إلى جانب المشروعات المهمة، التي يجري تنفيذها في مدينة العلمين الجديدة، فقد بدأ العمل الجاد تمهيداً للمرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة، الجاري تنفيذه بشراكة مصرية-إماراتية». ووصف مدبولي المشروع بأنه «متوقع أن يدر على الاقتصاد المصري موارد دولارية ضخمة خلال فترتي الإنشاء والتشغيل».

وكان المشروع قد جرى توقيعه في وقت شهدت مصر خلاله «فجوة دولارية». واعتبر خبراء ومراقبون وقتها (أي قبل تحرير سعر صرف الجنيه في مارس/ آذار الماضي) أن الحكومة تحتاج إلى «حلول عاجلة» لإحداث توازن بين السعر الحقيقي للجنيه، والسعر المتداول للدولار في «السوق السوداء».

مخطط مدينة "رأس الحكمة" (موقع خريطة مشروعات مصر)

من جانبه، استعرض وزير الإسكان المصري خلال الاجتماع مع مدبولي «ملف التعويضات» التي سيتم تقديمها للأهالي في منطقة رأس الحكمة، تمهيداً لتسليم أراضي المرحلة الأولى للجانب الإماراتي، لبدء تنفيذ المشروع. وأكد الوزير المصري أن التنسيق مع الجانب الإماراتي «يجري بشكل متسارع من أجل تسليم أراضي المرحلة الأولى». وعرض الوزير أيضاً الموقف التخطيطي لمشروع «السكن البديل لأهالي منطقة رأس الحكمة»، لافتاً إلى أن هذا المشروع «سيتم تنفيذه بما يلائم تطلعات سكان المنطقة».

وكانت الشركة «القابضة» الإماراتية (ADQ) قد ذكرت في وقت سابق أن مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة «يستهدف ترسيخ مكانة رأس الحكمة بوصفها وجهة رائدة لقضاء العطلات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومركزاً مالياً، ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية عالمية المستوى لتعزيز إمكانات النمو الاقتصادي والسياحي في مصر»، وفق بيان لـ«وكالة الأنباء الإماراتية».