طالب رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، ونائبه مرعي البرعصي، بتنفيذ حكم قضائي صدر الأسبوع الماضي بفرض الحراسة القضائية على إيرادات النفط. لكن هذا الحكم طرح تساؤلات جدية عن مدى إمكانية إقدام الكبير على تنفيذه، حيث عدّه البعض يمثل في حال تطبيقه حصاراً مالياً على حكومة الوحدة «المؤقتة»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة.
ويرى الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، جلال حرشاوي، أن هناك صعوبة كبيرة في تنفيذ الحكم، وقطع جميع التدفقات المالية عن حكومة الدبيبة المتمركزة بطرابلس. وعدّ حرشاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الكبير «في موقف صعب جداً، فقد تم رفض الاستشكال ضد الحكم وبات واجب التنفيذ».
وكانت محكمة أجدابيا الابتدائية قد قضت بوضع إيرادات النفط الليبي المحصلة والواردة إلى المصرف الليبي الخارجي، ومصرف ليبيا المركزي بطرابلس، تحت الحراسة القضائية، ومنع حكومة الدبيبة من التصرف فيها، بناء على طلب من غريمتها حكومة حماد.
من جانبه، توقع المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، أن يعلن محافظ المصرف المركزي موافقته بشكل واضح على تكليفه ونائبه البرعصي كأعضاء بلجنة الحراسة القضائية على إيرادات النفط، وذلك في ضوء تصاعد الخلاف بينه وبين حليفه السابق الدبيبة.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ذهب المهدوي إلى أن أغلب تصريحات الكبير حول توسع حكومة الدبيبة في الإنفاق العام، الذي قدره بـ420 مليار دينار خلال السنوات الثلاث الماضية، وكذلك مطالبته بتعديل سعر صرف الدينار، قد تصبّ في زيادة الغضب الشعبي تجاه حكومة «الوحدة».
ولفت عدد من المراقبين لموافقة رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، على المقترح الذي تقدم به الكبير بتعديل سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، وفرض ضريبة بـ27 في المائة على النقد الأجنبي، على الرغم من اعتراض وتحذير عدد من النواب من التداعيات السلبية لهذا القرار.
وتوقع المهدوي أنه مع إعلان المصرف تنفيذ حكم فرض الحراسة على الإيرادات النفطية «قد يفقد الدبيبة ما تبقى له من حلفاء داخل الساحة الداخلية، من رجال مال وأعمال وقادة تشكيلات مسلحة، وهو ما يقود لتحجيم قدرته على فرض أي شروط له بالبقاء لمدة أطول في منصبه في أي مفاوضات تعقد برعاية البعثة الأممية بشأن المسار السياسي».
ووفقاً لرؤية المهدوي، فإن أغلب القوى الدولية، باستثناء تركيا المستفيدة من بقاء الدبيبة، «قد لا تعارض توجه تولي الكبير الحراسة القضائية على الإيرادات النفطية». مشيراً إلى أن محافظ المركزي هو الشخصية المقربة للمملكة المتحدة، في ضوء ما تبديه من اهتمام كبير بالسياسة المالية للبلاد.
من جانبه، وصف عضو مجلس النواب الليبي، صلاح أبو شلبي، قبول الكبير والبرعصي مطالبة حماد «بالمسألة الاعتيادية تنفيذاً لقرار قضائي» أصدرته محكمة أجدابيا في يوليو (تموز) الماضي بتعيينهما ضمن أعضاء لجنة حراسة قضائية على إيرادات النفط. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الرجلين لم يبديا أي اعتراض على هذا القرار القضائي حينذاك، إلا أن حكومة الدبيبة «سارعت حينها بالاستشكال على قرار فرض الحراسة على إيرادات النفط، والآن مع رفض القضاء قبل أيام قليلة هذا الاستشكال، تجددت مطالب حكومة حماد لهما بتنفيذ الحكم».