تونس: إيقاف «تكفيريين» بينهم امرأة محاكَمة بـ48 عاماً سجناً

تابعت قوات الأمن التونسية حملة الإيقافات لمتهمين في ملفات إرهاب، بينهم عشرات ممن سبق للمحاكم أن أصدرت ضدهم أحكاماً غيابية بالسجن، بتهمة «الانتماء إلى تنظيم إرهابي أو إلى مجموعات من التكفيريين» الذين يُروّجون للتطرف والجماعات السلفية المتشددة.

في هذا السياق، أعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني، في بلاغات أمنية صدرت الخميس، أنها أوقفت مجموعة من المفتَّش عنهم من قِبل المصالح الأمنية والقضائية بسبب ملفات الإرهاب و«التكفيريين».

وأوضح المصدر نفسه أن مِن بين الموقوفين الجدد في محافظة بنزرت، 50 كيلومتراً شمال العاصمة تونس، امرأة كانت محل تفتيش من قِبل قوات أمنية وقضائية مختلفة، سبق أن صدر ضدها غيابياً أحكام بالسجن لمدة 48 عاماً من أجل «الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، وقضايا مماثلة.

وأضاف المصدر نفسه، الخميس، أن قوات الأمن في جهة هرقلة من محافظة سوسة في الساحل التونسي، 140 كم جنوب شرقي العاصمة، أوقفت متهماً بالإرهاب والتعاملِ مع «التكفيريين»، سبق أن حُوكم غيابياً بعامين سجناً.

أحكام غيابية بالسجن

وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت مصالح وزارة الداخلية عن إيقافات شملت متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، وبالتهريب وتهريب المهاجرين غير النظاميين التونسيين والأجانب وجرائم خطيرة أخرى متفرقة. وكان أغلب هؤلاء محل بطاقات تفتيش أمنية وقضائية.

لكن محامي قضايا التطرف والإرهاب والتآمر على أمن الدولة، سمير بن عمر، قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن كل هؤلاء المتهمين المحاكَمين غيابياً سيُحالون مجدداً إلى القضاء، ويسمح لهم بالاعتراض على الأحكام الغيابية الصادرة ضدهم.

وكثيراً ما تؤكد المحاكمة الجديدة الإدانة وتقضي بأحكام مماثلة، بينما تقرر تخفيف الأحكام أو البراءة بالنسبة لبقية الموقوفين.

قضية الاغتيالات... والإرهاب السياسي

كما أورد المحامي سمير بن عمر، في تصريحه، لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيسة الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب، بالمحكمة الابتدائية في تونس، قررت، الثلاثاء الماضي، تأجيل جلسة المحاكمة في قضية اغتيال المحامي والناشط السياسي اليساري شكري بلعيد، إلى جلسة صباح يوم الجمعة المقبل. وتعد هذه القضية من أبرز قضايا الإرهاب في البلاد منذ عشرة أعوام.

ومن المقرر أن تنطلق، اليوم، مرافعات المحامين عن المتهمين وعن «هيئة الدفاع عن شكري بلعيد»، صباح اليوم، بعد أن أكملت النيابة العمومية تقديم نتائج أبحاثها وتحقيقاتها، وبعد أن أكملت هيئة المحكمة استنطاق المتهمين الموقوفين، والذين أحيلوا في حالة سراح.

وكانت الجلسة الماضية أمام المحكمة التي فتحت ملف الاغتيالات السياسية، وتحديداً قضية المحامي اليساري شكري بلعيد، قد عُقدت يوم الجمعة الماضي، وخُصصت لاستنطاق المتهم محمد أمين القاسمي، سائق الدراجة النارية الذي نقل كمال القضقاضي، المتهم الرئيسي بإطلاق النار على شكري بلعيد يوم 6 فبراير (شباط) 2013 وقتله.

لكن كمال القضقاضي قُتل بدوره بعد نحو عام من هذه الحادثة من قِبل قوات الأمن التونسية بعد محاصرة بيت احتمى به ومتهمون آخرون بالإرهاب والمشاركة في الاغتيالات بمحافظة أريانة شمال العاصمة تونس، بعد تبادل للطلق الناري.

متابعة من أعلى مستوى

في سياق متصل أشرف الرئيس التونسي قيس سعيد مجدداً على جلسات خُصصت لبحث الملفات الأمنية والقضايا المعروضة على المحاكم، وبينها ملفات المتهمين بالإرهاب والاغتيالات والتآمر على أمن الدولة والفساد المالي والاحتكار.

وعقد سعيد جلسات عمل جديدة مع وزيرة العدل ليلى جفال، ووزير الداخلية كمال الفقي، ومدير عام الأمن الوطني مراد سعيدان، وآمر الحرس الوطني حسين الغربي، مطلع هذا الأسبوع.

كما استأنف سعيد زياراته غير المعلَنة مسبقاً لمؤسسات خدمات تابعة للدولة تحوم حول بعض القائمين عليها شبهاتُ انتهاك القوانين وسوء التصرف والفساد.

من جهة أخرى أورد المحامي العياشي الهمامي، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن الإعلامي زياد الهاني «وقع إدراجه رسمياً في قضية تهم 11 شخصية وجهت إليها 3 تهم إرهابية؛ بينها تشكيل وفاق إرهابي (أي تأسيس تنظيم إرهابي)».

ويتصدر هذه القائمة الطبيب ورئيس حركة النهضة بالنيابة سابقاً المنذر الونيسي.

وتضم القائمة شخصيات أخرى؛ من بينها الإعلامية الموجودة خارج تونس، شهرزاد عكاشة، وعدداً من أبرز السياسيين السابقين؛ بينهم وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، والوزير السابق للشباب والرياضة أحمد قعلول، والبرلماني السابق فتحي العيادي.

ووفق المحامي والحقوقي العياشي الهمامي، فإن «إدراج الإعلامي زياد الهاني في قضية إرهابية جاء بعد مقابلة عقدها مع رئيس حزب النهضة بالنيابة السابق المنذر الونيسي، بصفته الصحفية. وكشف عن فحوى تلك المقابلة في برنامج إذاعي تبثه قناة تونسية خاصة».

وأورد المحامي العياشي الهمامي أنه من المقرر أن يصدر قرار ختم البحث في القضية الكبرى «للتآمر على أمن الدولة»، التي انطلقت في فبراير العام الماضي، قبل أبريل (نيسان) المقبل؛ لأن القانون التونسي ينص على كون الأجل الأقصى لختم البحث في اتجاه تبرئة الموقوف، أو إدانته وإحالته إلى المحاكمة هو 14 شهراً بعد إصدار بطاقة الإيداع الأولى ضده في السجن.

وتشمل هذه القضية نحو 50 شخصية، سبع منهم في حالة إيقاف، والبقية في حالة سراح أو في حالة فرار. ووُجهت لهؤلاء اتهامات ذات صبغة إرهابية؛ بينها اتهامات بالتآمر على أمن الدولة.