لماذا فرضت إدارة قناة السويس رسوماً إضافية على السفن؟

سفينة بالقرب من جسر قناة السويس المعروف باسم «جسر السلام» (هيئة قناة السويس)
سفينة بالقرب من جسر قناة السويس المعروف باسم «جسر السلام» (هيئة قناة السويس)
TT

لماذا فرضت إدارة قناة السويس رسوماً إضافية على السفن؟

سفينة بالقرب من جسر قناة السويس المعروف باسم «جسر السلام» (هيئة قناة السويس)
سفينة بالقرب من جسر قناة السويس المعروف باسم «جسر السلام» (هيئة قناة السويس)

أعلنت هيئة قناة السويس المصرية تحصيل رسم إضافي بقيمة 5 آلاف دولار (الدولار يساوي 48.8 جنيه مصري) على السفن الرافضة لخدمات «الرباط»، وذلك اعتباراً من الأول من مايو (أيار) المُقبل، بدلاً من فرض قاطرة مصاحبة لها كما هو منصوص عليه في لائحة الملاحة الخاصة بالقناة.

وتتضمن خدمات «الرباط» تزويد السفن العابرة بقوارب ولنشات ترافقها أطقم بحرية متخصصة يمكنها التدخل السريع حال حدوث جنوح أو غيره. وأصدرت إدارة التحركات بقناة السويس منشوراً ملاحياً، الثلاثاء، ينص على أن يتم تزويد خدمة الرباط فقط لـ30 في المائة من سفن القافلة، طبقاً لعدة معايير تشمل: السفن ذات المسطح المعرَّض للهواء الأكبر، والسفن ذات الحمولة الأكبر، وذات الغاطس الأكبر، إلى جانب المسافات البينية للسفن (لا تزيد على سفينتين) وسفن أخرى حسبما تقرر هيئة قناة السويس. وسط تساؤلات بشأن أسباب فرض إدارة القناة الرسوم الإضافية على السفن.

وقال خبير الملاحة والمستشار السابق لهيئة قناة السويس، اللواء إيهاب البنان، إن خدمات «الرباط» تتضمن الكثير من الخدمات التي تقدمها أجهزة قناة السويس للسفن العابرة عند انتظارها لأي أسباب على جانبَي الممر الملاحي للقناة، وهي خدمات ضرورية لتأمين الملاحة وتأمين السفن نفسها. وأوضح البنان لـ«الشرق الأوسط» أن «تلك الرسوم جزء من زيادة إيرادات القناة»، مضيفاً أن الزيادة تعد «بسيطة ومقبولة» وفق اعتبارات عمليات الشحن البحري، معرباً عن توقعه ألا تؤثر تلك الزيادة في حركة الملاحة بالقناة أو إقبال الخطوط الملاحية الدولية على استخدام الممر الملاحي لقناة السويس.

وتضمَّن منشور هيئة قناة السويس، الثلاثاء، أنه في حالة رفض السفينة المختارة أو عدم قدرتها على استقبال خدمة الرباط يُوقَّع رسم إضافي عليها قيمته 5000 دولار بدلاً من فرض قاطرة عليها، كما هو منصوص عليها في المادة 20 صفحة 36 بلائحة الملاحة. وأشارت الهيئة إلى استثناء عدد من السفن نظراً لطبيعتها الخاصة ومنها أن تتم مصاحبة السفن الحربية الأميركية بقاطرة مفروضة لخدمة الرباط، طبقاً للبروتوكول الموقَّع مع الهيئة وأن تُصاحَب السفن الحربية من جميع الجنسيات بقاطرة مفروضة لخدمة الرباط في حالة عدم القدرة على الرفع أو رفض ربان السفينة صعود عمال الرباط عليها.

ويشمل المنشور تعريفة جديدة لتقديم خدمات الرباط والأنوار بالنظام الجديد تنصّ على أنه من المقرر أن تُحمَّل كل سفينة عابرة مبلغاً إجمالياً ثابتاً قدره 3500 دولار مقابل خدمات الرباط والأنوار بالنظام الجديد سواء كانت الخدمة على السفينة أو من محطة أرضية مع إجراء تقييم مالي سنوياً في حالة إذا تراءت الحاجة إلى تغييرها.

سفينة حاويات تُبحر عبر قناة السويس (رويترز)

وتكررت حوادث تعطل الملاحة في مجرى قناة السويس خلال الأعوام الأخيرة، حيث جنحت وتعطلت أربع سفن بأحجام مختلفة بالممر المائي الأبرز عالمياً خلال عام 2023 فقط، لأسباب مختلفة بعضها يتعلق بحجم السفن المارة بالقناة وحالة الطقس في أثناء العبور وعدم ازدواج المجرى الملاحي على كامل المسار الملاحي، إضافةً إلى الأخطاء البشرية التي قد يقع فيها طاقم الإرشاد البحري وقباطنة السفن. وكان حادث الجنوح الأبرز عام 2021 لسفينة الحاويات «إيفرغيفن»، التي كان يبلغ طولها نحو 400 متراً والتي استغرق تعويمها 6 أيام متواصلة من العمل. وتسبب جنوح «إيفرغيفن» في خسائر للهيئة وحدوث تلفيات بعدد من الوحدات البحرية المشاركة وغرق أحد اللنشات خلال أعمال الإنقاذ، وأدى إلى تأثر سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار النفط بشكل مؤقت.

من جانبه أشار المستشار السابق لهيئة قناة السويس إلى أن أي زيادات في رسوم عبور القناة أو في تكلفة الخدمات المقدَّمة للسفن العابرة «لا تمكن مقارنتها بما تقدمه القناة من وفر لحركة الملاحة الدولية»، إذ يمثل استخدام المسارات البديلة للقناة مثل رأس الرجاء الصالح «تكلفة مضاعَفة» على سفن الشحن. وأضاف أن السفن ذات الحمولة الكبيرة مثل سفن الحاويات لا تمثل بالنسبة لها أي زيادة في رسوم العبور والخدمات بقناة السويس «عبئاً يُذكر»، إذ تُوزَّع الزيادة على سعة الحاوية، ومن ثم تصبح تكلفة الزيادة «زهيدة للغاية».

وتتكون قناة السويس من مناطق عدة، بعضها به مجرى ملاحي منفرد تسلكه السفن المتجهة إلى الشمال أو الجنوب، وفي مناطق أخرى هناك مسار مزدوج، وتعمل السلطات المصرية حالياً على ازدواج كامل الممر الملاحي لتجنب تعطل الملاحة بسبب جنوح السفن أو تعطلها، غير أن هذا المشروع لا يُتوقع أن ينتهي قريباً.

وفي منتصف فبراير (شباط) الماضي، أوردت وكالة «بلومبرغ» أن حركة الملاحة في قناة السويس تراجعت بنسبة 44 في المائة عن ذروة عام 2023، وسط تصاعد التوترات جنوبي البحر الأحمر بسبب استهداف الحوثيين سفناً في إطار ما تقول إنه لـ«دعم غزة». وقدَّر تقرير حديث لوكالة «بلومبرغ إنتليجنس» أن تخسر مصر نحو 508 ملايين دولار من إيرادات قناة السويس بسبب التهديدات المستمرة لحركة الملاحة في البحر الأحمر.

كان رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، قد قال في تصريحات مطلع الشهر الماضي، إن «إيرادات القناة انخفضت في يناير (كانون الثاني) الماضي 46 في المائة على أساس سنوي، من 804 ملايين دولار إلى 428 مليوناً». وتُعد إيرادات القناة التي بلغت نحو 9 مليارات دولار في العام أحد المصادر الرئيسية للعملات الأجنبية في مصر، وذلك بعد زيادة رسوم العبور لجميع أنواع السفن بنسبة 15 في المائة أخيراً.


مقالات ذات صلة

تكرار حوادث مهاجمة أسماك القرش للبشر في البحر الأحمر يثير تساؤلات

يوميات الشرق أسماك القرش تتسبب في حوادث بالمياه العميقة (أ.ب)

تكرار حوادث مهاجمة أسماك القرش للبشر في البحر الأحمر يثير تساؤلات

أعاد حادث مقتل سائح وإصابة آخر في هجوم لأسماك القرش بالبحر الأحمر بمصر إثارة التساؤلات بشأن أسباب ظهورها بمياه البحر الأحمر ومهاجمتها للبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

نتنياهو: سنتذكّر دائماً دور الرئيس كارتر في اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر

غداة وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، بدور كارتر في إحلال السلام بين إسرائيل ومصر.

«الشرق الأوسط» (القدس)
العالم العربي السيسي يلتقي رئيس الوزراء ووزير الأوقاف (الرئاسة المصرية)

السيسي يشدد على مواصلة جهود تجديد الخطاب الديني في مصر

شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، على ضرورة مواصلة جهود تجديد الخطاب الديني، وتحسين أحوال الدعاة، وتأهيلهم علمياً وثقافياً، وفقاً لأحدث النظم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق لوحة عن أحداث دنشواي ورصد الخوف والفزع على الوجوه (الشرق الأوسط)

«شعبيات» مصرية وروحانيات الحج في معرض فني بالقاهرة

بمجرد الدخول إلى قاعة «أفق»، تتداخل الوجوه الشاحبة ذات الملامح المطموسة والروح الوارفة، في مشاهد متنوعة توحي بتفاصيل عدة ومفردات ثرية مأخوذة من الأحياء الشعبية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق الكاتب أحمد المسلماني  (حساب المركز الإعلامي للهيئة الوطنية للإعلام بفيسبوك)

مصر: ترحيب بإلغاء الإعلانات بإذاعة «القرآن الكريم»

حظي قرار «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر بإلغاء «الفواصل الإعلانية» من إذاعة «القرآن الكريم» بردود فعل إيجابية وترحيب واسع عبر تعليقات «سوشيالية».

داليا ماهر (القاهرة )

مواقف سودانية متناقضة من مبادرة تركيا لإزالة التوتر مع الإمارات

البرهان وحميدتي يحضران حفل تخريج عسكري للقوات الخاصة في الخرطوم 22 سبتمبر 2021 (غيتي)
البرهان وحميدتي يحضران حفل تخريج عسكري للقوات الخاصة في الخرطوم 22 سبتمبر 2021 (غيتي)
TT

مواقف سودانية متناقضة من مبادرة تركيا لإزالة التوتر مع الإمارات

البرهان وحميدتي يحضران حفل تخريج عسكري للقوات الخاصة في الخرطوم 22 سبتمبر 2021 (غيتي)
البرهان وحميدتي يحضران حفل تخريج عسكري للقوات الخاصة في الخرطوم 22 سبتمبر 2021 (غيتي)

تناقضت مواقف المسؤولين السودانيين من المبادرة التركية للوساطة بين السودان والإمارات. فبعد أسبوعين من ترحيب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، برز موقف مختلف من وزارة الخارجية السودانية حمل لهجة حادة في الرد على البيان الإماراتي بخصوص وساطة أنقرة.

وكانت تركيا قد توسّطت لإنهاء حالة التوتر بين السودان والإمارات خلال اتصال هاتفي أجراه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع قائد الجيش السوداني في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وأبدى البرهان موافقته على أي دور تركي يمكن أن يُسهم في وقف الحرب التي اتّهم ما وصفها بـ«ميليشيا الدعم السريع المتمردة» بالتسبب فيها، مؤكداً ثقته بمواقف الرئيس التركي وحكومته.

وعزّز رأس الدبلوماسية السودانية، علي يوسف الشريف، هذا الموقف، إذ قال في مقابلة أجرتها معه وكالة «الأناضول» التركية، الجمعة الماضي، إن «المبادرة التركية سيكون لها مردود إيجابي، ونأمل أن تنجح». وأكد أن السودان تربطه «علاقات طيبة جداً» مع الإمارات.

لكن «الخارجية» السودانية عادت ليلة الأحد لتوجيه اتهامات إلى الإمارات، رداً على بيان أصدرته نظيرتها الإماراتية التي أعلنت ترحيب دولة الإمارات العربية المتحدة بالوساطة التركية الرامية إلى إنهاء الحرب في السودان.

وأبدت «الخارجية» الإماراتية، الأحد، استعدادها للتنسيق والتعاون مع تركيا لإنهاء الصراع في السودان، مشددة على الوقف الفوري لإطلاق النار والاقتتال الداخلي في السودان بين القوات المسلحة و«قوات الدعم السريع».

وأكدت «الخارجية» الإماراتية، في البيان، أن الحوار والتفاوض هما السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، بما يؤدي إلى قيام عملية سياسية لتشكيل حكومة مدنية.

صورة من فيديو يُظهر آثار المعارك بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في مطار الخرطوم في 20 أبريل 2023 (أ.ف.ب)

بدورها، رحّبت «الخارجية» السودانية باستعداد تركيا «الصديقة» للتوسط بين السودان والإمارات، وقالت إن هذا الموقف يستحق التشجيع والتعاطي الإيجابي معه، مؤكدة أن تركيا محل ثقة وتقدير من السودان. وتضمّن البيان اتهامات جديدة للإمارات. كما رفض بيان «الخارجية» السودانية ما سماه «الاتهامات المبطنة» للجيش السوداني بشأن عدم مشاركته في محادثات جنيف التي جرت في أغسطس (آب) الماضي، مشيراً إلى «عدم جدوى وجدية هذه المحادثات» في وقت تواصل فيه «قوات الدعم السريع» تصعيد «مجازرها» ضد المدنيين. وأشار البيان في هذا الإطار إلى أن «الميليشيات الإرهابية» (في إشارة إلى «الدعم السريع») واصلت قصف معسكرات النازحين في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، مستخدمة المدفعية الثقيلة بعيدة المدى، بما يتوافر لها من دعم خارجي.

وقالت مصادر لــ«الشرق الأوسط» إن هذا الموقف ضد الإمارات يعبّر على الأرجح عن تيار من الإسلاميين بات يتحكم إلى حد كبير في القرارات التي تصدر عن وزارة الخارجية السودانية. وقالت المصادر التي فضّلت عدم كشف هويتها، إن هذا التيار له تأثير كبير في قيادة الجيش السوداني، ولديه أيضاً نفوذ واسع في كل مؤسسات الدولة، مضيفة أن هذا التيار لن يقبل بأي وساطة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وسيعمل على إفشال مبادرات الحوار والتفاوض السلمي؛ لأنه يريد الحسم العسكري ضد ما يعدها «ميليشيات متمردة».

واندلعت الحرب في السودان في أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أدت إلى مقتل الآلاف من المدنيين، ونزوح ملايين آخرين داخل البلاد وخارجها.